أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - صراع على السلطة أم قلبٌ لمعناها؟!!!















المزيد.....

صراع على السلطة أم قلبٌ لمعناها؟!!!


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1965 - 2007 / 7 / 3 - 09:43
المحور: القضية الفلسطينية
    


على مدار عام ونيِّف، جرى تصوير الاقتتال الداخلي بين القطبين الرئيسيين للسياسة الفلسطينية، على أنه صراع على "السلطة" الوهمية للحكم الذاتي. وهذا على ما فيه مِن صحة، إلا أنني اعتقد أن فيه اختزال، لا يأخذ بعين الاعتبار أن الصراع يدور على قيادة الشعب وتمثيله والتحدث باسمه، ويتجاهل الجذر الأبعد والأعمق لهذا الصراع، يتلخص كما أراه في التغييب الذاتي المقصود والواعي لمعنى "السلطة" الموضوعي في الواقع الفلسطيني، وما يفرضه هذا المعنى على مَن يتنطع للعب دور مركزي في هذه "السلطة" مِن استحقاقات والتزامات.
بهذا المعنى يمكن القول إن النخبة القيادية الفلسطينية السائدة، منذ عام ونصف العام تقريباً، عاشت ومارست أشد حالات الضياع والتيه وفقدان الاتجاه والصواب وقلب الحقائق وتزييفها. فقد بلغ التناول المقلوب لمعنى "السلطة" في الواقع الفلسطيني حداً لا يصدق، ما ينذر بانتحار وطني يهدد المشروع الوطني برمته، ويساهم بجهالة في تسهيل الطريق أمام مخططات تصفية القضية الوطنية.
هذا الاستخلاص لا مبالغة فيه، ولا غرابة في أن يردده كل المراقبين والمحللين والمتابعين، محلياً واقليميا ودولياً، لما يجري مِن جنون غير مسبوق في الساحة الفلسطينية، ما يستدعي ضرورة إعادة الأمور إلى نصابها قبل فوات الأوان، علماً أن الأمور لا تحتمل التأخير لمدى زمني بالسنوات. فالقيادة الإسرائيلية لا تنتظر، ومرة أخرى هي ليست هيئة صليب أحمر، ولا "بابا نويل" لتوزيع الهدايا، ولن تضيع هذه الفرصة الذهبية، التي أجزم أنها لم تتوقعها في أسعد أحلامها، بعد أن فشلت في خلق مثيلها على مدار سني الصراع الطويلة. والرؤية الأمريكية الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية، ليست بحاجة للكثير مِن الوقت لإعداد مشروع الاستثمار وخطته، لأنهما جاهزتان في الأدراج، كما أن تل أبيب بدعمٍ مِن واشنطن، ليست بحاجة لتعديل ميزان القوى بالمعنى الشامل حتى تنقض بضربتها القاضية، فالميزان ما زال مختلاً بثقل لصالحها، رغم أزمة سياستها ومصاعبها، ورغم انتكاسات سياسة الإدارة الأمريكية في المنطقة ومصاعبها.
قرار الحسم العسكري لإزدواجية "السلطة" في غزة، بكل ما ترتب، وسيترتب عليه مِن تداعيات، لم نرَ إلا أذن الجمل منها، أوصل انقلاب فهم المعنى الموضوعي "للسلطة" في الواقع الفلسطيني إلى ذروته، حيث اعطى انطباعا بأن الفلسطينيين ليسوا في مرحلة تحرر وطني، بل أنجزوا مهماتها، وانتزعوا حقهم في العودة وتقرير المصير، وأصبحوا يعيشون بالتمام والكمال تحت "سلطة" دولة مستقلة سيادية بالقدس عاصمة، وانه لم يعد ينقصهم سوى اختيار اللون الأيدولوجي لـ"سلطة" دولتهم. وبالتالي فإن بامكانهم والحالة هذه أن لا يخشوا ادخال قضيتهم أو وضعها في وجه العاصفة وتعقيدات الصراعات الاقليمية والدولية التي تقودها الإدارة الأمريكية عبر استراتيجية "الفوضى الخلاقة" لكل صنوف الحروب والفتن، تستهدف أول ما تستهدف وضع حدٍ للقضية الفلسطينية وتصفيتها، وتعزيز تفوق ربيبتها إسرائيل على ما عداها مِن دول وقوى المنطقة.
ازاء هذه الحالة، والتداعي الذهني معها، تذكرت ما كنت قرأته يوماً حول مقياس التقييم بـ"الينبغيات" المنطقية الأربع، وهي: يحصل ما ينبغي أن يحصل، مِن قِبلِ الذي ينبغي أن يفعل، في المكان والزمان اللذان ينبغي أن يكونا، في الكيفية وبالكمية اللتان ينبغي أن تكونا.
بنظرة واقعية، تأتي على النخب القيادية في أيِّ بقعة مِن العالم، بفعلٍ ظرفٍ ما، او لسببٍ ما، لحظةً تُغيِّبُ فيها واحدة مِن هذه "الينبغيات" في رؤية واقعها وتقييمه، أما أن يجري تغييبها كلها، فهو بالضبط ما تقوم به النخب القيادية الفلسطينية، وهو، وإن بدأ خطواته الأولى بالسقوط في جريمة لعبة الدم الانتحارية، إلا أنه بلغ طوراً نوعياً بقرار قيادة "حماس" اللجوء إلى خيار الحسم العسكري لازدواجية "السلطة" في غزة، بكل ما ترتب وسيترتب على هذه الخطوة مِن تداعيات وطنية وقومية واقليمية ودولية.
بهذا الطور الجنوني مِن حالات فرض الفكر على الواقع، وكأنه الواقع، بلغ الوعي القيادي الفلسطيني اعلى درجات طفوليته، لا لجهة تزييف التقييم الموضوعي لما بين يديه مِن "سلطة" فقط، بل ايضا لجهة التغييب الكلي للمعنى الموضوعي "للسلطة" (القيادة) في الواقع الفلسطيني. وهو المعنى الذي تحدد بصورة موضوعية منذ قرابة قرنٍ مِن الزمان، او على الاقل منذ واقعة "النكبة" قبل ستين عاماً.
في مواجهة هذا الوعي القيادي الطفولي القافز في الهواء عن حقائق واقعه وتاريخه، وأملاً في اعادته، ولو للحد الأدنى مِن علاقته بها، حريُّ التذكير بما هو بدهي مِن حقائق التاريخ الفلسطيني.
على علاقة بالمخطط الصهيوني واحلامه واستهدافاته، وترجمة لإحدى بنود إتفاقية سايكس بيكو التمزيقية لأرض العرب ووحدتهم السياسية، مهَّد وعد بلفور لإقامة "كيان قومي لليهود" في فلسطين، على حساب الفلسطينيين واقتلاعهم وإبتلاع أرضهم، وتمزيق وحدتهم، واغتصاب حقوقهم، وتشتيت وجودهم، وطمس هويتهم وكينونتهم القومية والوطنية.
بتجسيد ذاك المخطط، ووضع إستهدافاته موضع التطبيق على الأرض بواقعة (النكبة)، الحدث المفصلي في حياة الفلسطينيين ومستقبلهم، تحددت "السلطة"، أي القيادة، في فلسطين، واتخذت معنىً موضوعياً خاصاً، تلخص في الحاجة لنشوء "سلطة" كيانية وطنية معنوية تحفظ وجودهم المستهدف وتصون بالسياسة وحدتهم المشتتة في أركان المعمورة الأربعة.
بفعل ما جرى مِن الحاق لما تبقى مِن الأرض الفلسطينية بعد النكبة، تأخرت تلبية تلك الحاجة لمدة عقد ونصف العقد مِن الزمان، إلى أن إستجابت جامعة الدول العربية لمبادرة الراحل عبد الناصر، وإتخذت قراراً بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964.
شكل ذاك القرار الحلقة الأولى في الرد السياسي القومي والوطني الأهم على واقعة النكبة وما تلاها مِن الحاق، بينما شكل إستئناف الثورة الفلسطينية، وإندلاع طورها المعاصر عشية وبعد هزيمة 1967 الحلقة الثانية في هذا الرد. فباندلاع شرارة ذاك الطور مِن الثورة الفلسطينية تم حقن منظمة التحرير الفلسطينية، بجهد وطني فلسطيني شعبي مقاوم، شكل رأس حربة لتفعيل البعد القومي للقضية الفلسطينية وتثويره.
منذ ذلك التاريخ، خاض الفلسطينيون، وبما تيسر مِن دعم قومي وإسناد دولي تحرري، نضالاً وطنياً مشروعاًً دفاعياً مديداً، ومعاركَ طاحنة، وقدموا تضحيات جسيمة، وتقلبت ظروفهم الوطنية والقومية والاقليمية والدولية، غير أنهم في كل الأحوال والظروف والتقلبات، وبالرغم منها، وفي مواجهتها، ظلوا منضبطين بوعي، وبصورة طوعية، وعن طيب خاطر، "لسلطة" منظمة التحرير الفلسطينية، ليس محبة في "سواد عيون" قيادتها الحزبية، بل بفعل إستجابتها لخصائص واقعهم، وتجسيدها لمعنى "السلطة" (القيادة) الموضوعي في مرحلة تحرر وطني، أي بكونها، ولأنها يجب أن تبقى:
أولاً: "سلطة" شعبية تعبر عن رفضهم لافرازات النكبة ومِن بعدها "النكسة"، وتقود نضالهم الوطني، لأجل العودة إلى أرضهم المبتلعة، وإسترداد حقوقهم الوطنية والتاريخية المغتصبة.
ثانيا:"سلطة" جبهة وطنية ائتلافية (بقواسم مشتركة) لألوان طيفهم الفكري والسياسي.
ثالثاً: "سلطة" صيغة ديموقراطية لإدارة تناقضاتهم الداخلية في مرحلة تحرر وطني، يبقى التناقض الرئيسي فيها مع المحتلين.
رابعاً: "سلطة" لتنظيم جهودهم وإمكانياتهم ومضاعفتها وتركيزها للتعويض عن اختلال ميزان القوى، ولمنع اختراق نسيجهم الوطني السياسي والمجتمعي، والحيلولة دون خلق التطلعات والأجندات المتباينة في صفوفهم.
خامساً: "سلطة" قادرة على إستيعاب الناشيء من القوى الفاعلة في صفوفهم.
سادساً: "سلطة" عليا لإتخاذ القرارات المصيرية في حياتهم في الوطن والشتات.
ذاك هو المعنى الموضوعي "للسلطة" في الواقع الفلسطيني، ويخطيء مَن يظن أنه انتفى بنشوء "سلطة" الحكم الذاتي وإعادة تموضع الجيش الإسرائيلي وجهاز "الإدارة المدنية" أو بفك الارتباط احاديا مع غزة. تلك هي الحقيقة التي على ضوئها يجب أن يتصرف كل مَن يريد الوطن، أما مَن يريد "حُكم" الناس بدون وطن فله شأن آخر. وبالتالي، فإن ما يجري في فلسطين هو ليس صراعاً على "السلطة" فقط، بل وقلباً لمعناها الموضوعي في الواقع الفلسطيني أيضاً.



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلقة الخلاص الوطني المركزية
- ًكي يبقى النهر لمجراه أمينا
- العبرة في النتائج
- خطوة إضطرارية أم إنتحارية؟!!!
- موانع إجتياح غزة سياسية
- 5 حزيران تطرف النصر والإنهزام
- تجليات الفوضى الخلاقة
- تجاوز لكل الخطوط
- لماذا يستباح الدم الفلسطيني؟!!!
- دعوة لإستعادة الوعي
- الحكم أم الوطن؟
- رهان النسيان والذاكرة الجمعية
- الطغيان الأمريكي....مصاعب وإنتكاسات
- أين فينوغراد العرب؟!!!
- إتجاه الإنفجار المرتقب
- القصف العسكري والسياسي الإسرائيلي عن بُعد
- تقتحم القلعة من داخلها
- حتى لو لم أكن فلسطينيا
- الاتفعيل بالتعديل
- رأفة بالأسرى وعائلاتهم


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - صراع على السلطة أم قلبٌ لمعناها؟!!!