أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نزار خالد - ما هي طبيعة السلطة الحاكمة في العراق ؟وما هي ضرورة تشخيصها ؟















المزيد.....



ما هي طبيعة السلطة الحاكمة في العراق ؟وما هي ضرورة تشخيصها ؟


نزار خالد

الحوار المتمدن-العدد: 75 - 2002 / 2 / 26 - 19:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



مقدمة

ان كل سلطة ، مهما كانت شعاراتها او ادعاءاتها ، هي قوة تتحكم بمصالح الناس وتؤثر عميقا

في حياتهم اليومية والمستقبلية على جميع الاصعدة الاجتماعية وبالدرجة الاولى في حياتهم المعيشية .

ولايمكن لاية سلطة ان تكون فوق الطبقات والفئات الاجتماعية التي تفرض حكمها عليها او بمعزل عن الحاجة الى تاييدها واسنادها . وجميع حكومات العالم تستهدف الحصول على اوسع واكبر دعم لها بين الناس وكل سلطة تدعي تمثيلها للشعب كله او غالبيته المطلقة .

ان دعم الناس للسلطة ، اية سلطة ، يشكل المنهل الرئيسي لقوتها ويمنحها القدرة علىتسيير امور المجتمع والدولة بطريقتها وسياستها الخاصة .

ان الحكم السليم على طبيعة السلطة وهويتها الاجتماعية الحقيقية يتأتى من معرفة الفئات الاجتماعية الرئيسية المستفيدة منها من بين ابناء الشعب ، وبالدرجة الاولى المصالح والمنافع الاقتصادية وكيفية توزيع الدخل او الموارد على الناس .

وعلى هذا الاساس يمكن تحديد الطبقات او الفئات الاجتماعية المستفيدة اكثر من غيرها من السلطة

وبالتالي القوى التي تدعم هذه السلطة وتدافع عنها وتمدها بالقوة اللازمة لبقائها وديمومتها في حكم وتسيير المجتمع .

وبقدر ما تؤمن السلطة مصالح هذه الشرائح الاجتماعية وتدافع عنها تلقى التاييد والاسناد منها .

ان فاعلية ذلك الدعم ومردوداته العملية على السلطة تتسع او تتقلص تبعا لدور ووزن تلك الشرائح داخل المجتمع من ناحية العدد من جانب ونوع المشاركة في الحياة الاجتماعية من الجانب الاخر .

ان القوة التي تتمتع بها السلطة ، كي تستمد منها القدرة على الحكم ، تنبع اساساً وبالدرجة الاولى من الداخل ، أي من القوى الاجتماعية المستفيدة منها والمؤيدة لها . ذلك هو الرافد الاساسي الذي

يقرر مصير السلطة وحكمها طال الزمن ام قصر .

ان الرافد الرئيسي لقوة السلطة من الداخل ، على اهميته الحاسمة ، ليس هو الرافد الوحيد لقوتها في عالم اليوم ، خاصة في الدول التي شهدت حكماً اجنبياً خلق داخلها قوى اجتماعية كركائز لسلطته فى تسيير شؤون المجتمع وضمانة لتحقيق مصالحه .

ان جميع الحكومات ، المستقلة سياسياً في عالم اليوم ، تستمد قوة اضافية لها من التحالفات الخارجية والصداقات والتعاون المشترك مع الدول الاخرى مبنية اساساً على المصلحة المشتركة .

وهذا رافد آخر يلعب دوره ايضاً في بقاء الحكم وديمومته وقدرته على ادارة شؤون المجتمع .

تلك جميعها حقائق بديهية وشاخصة ومعروفة لدى الناس والقوى السياسية ، لكن الكثير من التحليلات السياسية تتجاهل ، عن قصد او بدونه ، هذه الحقيقة البسيطة والشاخصة للعيان مما يقودها الى التوصل الى استنتاجات خاطئة وغير واقعية .

ان مخاطر ومضار تلك الاستنتاجات كبيرة عندما تجد انعكاساً لها في مواقف وسياسات القوى المختلفة من السلطة تأييداً ام معارضة .

ان البوصلة الهادية الى تقييم صائب لسياسة السلطة ، اية سلطة ، وشعاراتها واهدافها المعلنة ومدى تطابقها مع الواقع او مصداقيتها ، هي في الركون الى تشخيص الجذر الاجتماعي لهذه السلطة ، أي معرفة الرافد الداخلي لقوتها من الناس اصلاً ، والتي تخقلها الطبقات والفئات الاجتماعية ذات المصلحة الحقيقية في بقاء وديمومة السلطة واستقرار نشاطها . وهوما يطلق عليه الطبيعة او الهوية الاجتماعية للسلطة السياسية .

ان مثل هذا التقييم للسلطة ، حسب قناعتي ، هو الاسلوب الاكثر دقة وقرباً الى الواقع بعيداً عن الشعارات والادعاءات التي تجيد الحكومات وتتفنن في استخداماتها لاخفاء النوايا والاهداف الحقيقية

من ورائها بهدف " استغفال " الفئات الاجتماعية المتضررة منها في الداخل بالدرجة الاولى والاعداء او المنافسين الخارجيين بالدرجة الموالية .

طبيعة السلطة .

من اجل معرفة طبيعة السلطة على حقيقتها لابد من الكشف عن قضيتين رئيسيتين هما :

اولا ـ موقع الطبقات والفئات الاجتماعية من السلطة وسياسة السلطة في تامين حياتها وفي المقدمة منها حياتها المعيشية .

وثانياً ـ البعد الزمني لتكون السلطة او جذرها الاجتماعي تأريخياً .

هذان العاملان هما اهم العوامل في معرفة كنه وحقيقة السلطة وسياساتها وعلى معرفتهما وتحديدهما بدقة يمكن ، فقط ، رسم سياسة هي الاكثر صواباً والافضل مردوداً في التعامل معها .

وتحتل ، مهمة تشخيص وتحديد طبيعة السلطة الحاكمة في العراق حالياً ، الاولوية القصوى من الاهمية من بين المهام التي تواجه قوى المعارضة ومن اكثرها الحاحاً .

فعلى ضوء ذلك التشخيص يمكن رسم الصورة او الخارطة الاكثر صواباً لتحركها من حيث معرفة القوى الاجتماعية التي ترفدها بالقوة اللازمة لها لمقاومة السلطة ، وكذلك تحديد قوى العدو ومساحة وامكانيات تحركاته وقواه الرئيسية في الداخل ، الميدان الاساسي في الصراع .

ان القسم الاكبر والاهم من التناقضات والصراعات الفكرية الجانبية ، داخل صفوف القوى المعارضة للسلطة الحالية في العراق على الصعيدين الخارجي والداخلي ، ناتج بالاساس ، حسب تصوري ، من الاختلاف في تقييم طبيعة السلطة او من التغاضي عن هوية جذرها الاجتماعي وموقعها الحقيقي داخل المجتمع العراقي والذي تستمد منه مبادئها السياسية والاخلاقية واساليب تعاملها مع الشعب ومع الدول والمصالح الوطنية والقومية والاجنبية ، وكذلك في الاجتهادات المتعددة حول مصادر قوتها الاساسية التي اهلتها وتؤهلها للبقاء في الحكم خلال ما يقارب من ثلث قرن من الزمن .

فمن تمثل السلطة الحاكمة في العراق في الوقت الحاضر ؟

لفائدة من نفذت وتنفذ السلطة الحاكمة في العراق سياساتها ونشاطاتها على مختلف الاصعدة الخارجية والداخلية ؟ وكيف ولمن وزعت وتوزع موارد الدولة من النفط وغيره من الثروات الهائلة طيلة فترة حكمها خلال اكثر من ثلاث عقود ؟

وكيف انعكست تلك السياسة على تطور البلد ؟

و من المستفيد منها من بين ابناء الشعب العراقي بطبقاته وشرائحه الاجتماعية المختلفة ؟

من تخدم هذه السلطة ومن اين استقت وتستقي قوتها وقدرتها على الصمود والمقاومة ؟

وبدأً كيف تسنى لها الاستحواذ على السلطة وما هو مصدر قوتها داخل المجتمع العراقي تاريخيياً

والذي اهلها الى حكم العراق ؟

واخيراً وليس آخراً ، لماذا ضرورة معارضتها واسقاطها ومدى مشروعية ذلك ؟

ثمّ كيف وباية قوى يمكن تحقيق ذلك وما هو البديل ؟

وهل هناك امكانية فعلية لاسقاطها ومن اين لها ان تستقي قوتها الاساسية ؟

اسئلة رئيسية واساسية تقف بحدة امام المواطن العادي ويبحث عن اجابات معقولة لها لدى القوى السياسية الواعية والمعارضة .

وهذه القوى مدعوة للاجابة عليها بوضوح ينعكس من خلال نشاطها الفعلي على الساحة السياسية وفي العلاقات والتحالفات فيما بينها وفي اعلامها ، لاكساب كفاحها قوة وزخما من شانه كسب المعركة القاسية ضد السلطة .

ان سلاح المعارضة الرئيسي والامضى هم الناس داخل العراق ومهما اختلفت الاجتهادات حول اساليب الاطاحة بنظام الحكم القائم يبقى الاهم هومشاركة الناس فيها وقناعاتها ومنها تستقي جميع تلك الاساليب ، على تعارضاتها ، قدرتها الرئيسية على النجاح وحظها فيه .

لنتفحص سوية وبسرعة واقع الشعب العراقي الحالي بعيداً عن الاتهامات او المزايدات والمواقف غير الموضوعية .

ما هي الخارطة الاجتماعية في العراق وما مواقف مكوناتها الاساسية من السلطة ؟ وما هي مواقف السلطة منها ؟

نستعرض حال العمال والفلاحين ، وهم الغالبية ، ونتسائل ما هو الواقع المعيشي لهذه الطبقات الاجتماعية بالمقارنة مع الموارد الضخمة التي دخلت العراق منذ وصول حكام العراق الحاليين الى السلطة ؟

ولا ضير في ان تقتصر المقارنة على حالتهم المعيشية مع الواقع القائم في دول عربية اخرى مجاورة من الناحية الاقتصادية فقط لاغير بعيداً عن " ترف الفكر والسياسة !".

ماذا يقول هذا الواقع ؟ . هل خدم ويخدم هذا النظام هذه الشرائح الاجتماعية الواسعة ؟

لناخذ الفئات الوسطى من المجتمع صناعيين وتجار وملاكين متوسطين وصغار واصحاب المهن المختلفة ونعاين وضعها المعاشي فقط بعيداً عن الترف ايضا ! ما هو موقعها ومستواها المعيشي ؟

وهل هي راضية بحصتها ونصيبها من الموارد او تعيش بالمستوى المناسب حسب حصتها الحقيقية والواقعية من تلك الموارد ؟

ونعرج على فئات المجتمع الاخرى من المثقفين والعلماء والادباء والفنانين والصحفيين والموظفين

والاطباء والمهندسين وغيرهم من صفوة المتعلمين والدارسين .

ما هو موقع هؤلاء من موارد الدولة خلال العقود الثلاث من حكم السلطة ؟ وما هو مصيرهم ؟ وما هو موقفهم من الحكم ؟

ان جميع الطبقات والفئات الاجتماعية المشار اليها قد تضررت ونهبت حصتها من الموارد وهي تشكل الاكثرية الغالبة من الشعب العراقي او في الحقيقة هذا هو الشعب العراقي برمته تقريباً .

اما اذا استعرضنا الفئات الاخرى فسوف نجد امامنا حالة فريدة من نوعها في تاريخ العراق الحديث

من حيث ضيق مساحة الفئات الاجتماعية المستفيدة من السلطة ، فحتى التجار والراسماليون والصناعيون والملاكون الكبار وشيوخ العشائر يجدون انفسهم في وضع لايحسدون عليه ويعانون من التمييز في التعامل ومن القلق وعدم الاطمئنان الذي يشل الكثير من قدراتهم وطاقاتهم ويحرمهم من نعمة السعادة والامان ومن المشاركة في الحياة الاقتصادية ( فقط ! ) وهي الاخرى باكثريتها غير راضية عن الوضع وتلك الفئات في الغالب هي الاكثر بعداً عن معارضة السلطات .

تلك هي الخارطة التقريبية لمواقف واوضاع الطبقات والفئات الاجتماعية المكونة للشعب العراقي .

والصورة توضح بجلاء المساحة الواسعة للقوى الاجتماعية المتضررة ، بهذا القدر او ذاك ، من نظام الحكم في العراق وفي تلك الساحة تلتقي ، من الناحية الموضوعية ، جميع القوى السياسية الممثلة لمختلف طبقات وفئات الشعب العراقي .

ذلك هو الاساس المادي لوحدة جميع قوى المعارضة من اقصى اليمين الى اقصى اليسار .

ولغرض اكمال رسم الخارطة الاجتماعية نجد ان المساحة الضيقة المتبقية منها تشغلها قوى اجتماعية ليست لها ، أي دور انتاجي نافع تقريباً في المجتمع ، وهي التي تشكل القاعدة الاجتماعية الرئيسية للسلطة والمساندة والداعمة لها والمستفيدة الاساسية من الموارد ، أي ان الجذر والسند الاجتماعي للسلطة هو الفئة والعناصر الطفيلية والانتهازية التي لاتفهم شيئا من الوطن والامة والشعب والمبادئ القومية والاخلاق الانسانية بقدر فهمها لمصالحها الانانية والقذرة التي يؤمنها لها الحكم .

ان تلك الحقيقة المرة والقاسية والمؤلمة نجدها شاخصة امامنا في العراق ، بكل وضوح ، من خلال السياسات التي انتهجتها وتنتهجها السلطة الحاكمة طيلة فترة حكمها .

ان الاعتراف بتلك الحقيقة المرة لا يجلب الرضى لدى المعارضة العراقية وليس فخراً تتباهى به ، بل

هو ضرورة ، مفروضة عليها ، ولا بد منها لازالة الحالة الشاذة من تاريخ الحكم في العراق الحديث ولايقاف نزيف الوطن والامة والناس .

ولكن ما هو مقدار قوتها ؟ وهل تلك القوة ، الضئيلة العدد ، كافية لوحدها في الابقاء على الحكم والدفاع عنه ضد القوى الاجتماعية الغالبة عددياً في الداخل ؟

واخيراً كيف وباية قدرة استطاعت تلك الاقلية الضئيلة من ممارسة الحكم على الاغلبية وان تجبرها على خوض حروب طاحنة ومدمرة وان تحافظ على سلطتها رغم الهزائم والخسائر الجسيمة التي لحقت بالشعب واحرقت الوطن ؟

هل تملك هذه السلطة " فانوس علاء الدين " الذي يعينها على مقارعة غالبية الناس وقهرها والخروج سالمة من

تلك الحروب المدمرة ؟

الجذر التاريخي الاجتماعي للسلطة .



ان طبيعة السلطة القائمة في العراق حالياً ، بغض النظر عن دور هذا او ذاك من عناصرها وتشكيلاتها القيادية ومسمياتها وشعاراتها هي سلطة تمثل فئة اجتماعية لها جذورها التاريخية العميقة في المجتمع العراقي .

وهي كأية فئة اجتماعية اخرى تتغير في الشكل وتحافظ على المحتوى ولها ايضاً امتدادها التاريخي .

لقد عرف تاريخ العراق السياسي الحديث قبل وبعد اقامة الحكم الملكي فيه ظهور وتطور في الفئات الاجتماعية الطفيلية بدعم واسناد من الانكليز وبرعايتهم ، تم اختيار عناصرها من بين الشرائح والطبقات الاجتماعية المختلفة ومن العشائر والقبائل المتنوعة كاستجابة لمتطلبات الحكم غير المباشر وعلى غرار ماقام به كل مستعبدي الشعوب في كل مكان وزمان واصبحت تلك الفئات الاستغلالية والطفيلية الانتهازية ركيزة لكل القوى الاجنبية والطامعة واداتها في الحفاظ على مصالحها وفي تنفيذ مخططاتها المختلفة وكانت تلك الفئات الركيزة الاجتماعية الاساسية التي تركن اليها السلطة في كل زمان ومكان عندما تريد تنفيذ سياسة معادية لمصالح الاكثرية من ابناء الوطن .

كما اصبحت الاداة الرئيسية بيد القوى الاجنبية تستخدمها في صراعاتها فيما بينها حول مناطق النفوذ ، حتى اصبحت كل قوة منها تمتلك " حصتها " الخاصة بها من داخل هذه الشريحة الاجتماعية الطفيلية تستخدمها وفقاً لمشيئتها وحسبما تتطلبه مصالحها ومتطلبات الصراع مع القوى الاخرى المعادية او المنافسة لها على مناطق النفوذ في العراق والمنطقة وضمن حساباتها الدولية ايضاً .

لقد ازدادت وتصاعدت حاجة القوى الاجنبية لهذه الشرائح الطفيلية داخل العراق بعد التطورات العاصفة التي شهدتها المنطقة والعراق في المنتصف الثاني من القرن العشرين ، خاصة بعد اقامة النظام الجمهوري في كل من مصر والعراق والاحداث الدرامية التي رافقتهما واعقبتهما واشتداد الصراع الدولي عليهما وعلى النفوذ في المنطقة الغنية بمصادر الطاقة .

ومنذ ذلك الحين اصبح دور هذه الفئات هاماً واساسيا في صنع الاحداث السياسية في المنطقة

كالانقلابات والمؤامرات والحروب المختلفة التي شهدتها وتشهدها المنطقة لحد الان .

ان السلطة الحاكمة في العراق حالياً قد انبتقت وولدت وعاشت وتعيش حالياً ضمن هذه الظروف والاوضاع السياسية ولم تكن بمعزل عنها بتاتاً .

ان طبيعنها الطبقية والاجتماعية الطفيلية وسياساتها هي الدليل القاطع على تلك الحقيقة المرة والقاسية جداً على العراقيين والعرب جميعاً .

ومن هذا الاساس واعتماداً عليه فقط ، يمكن الوصول الى تحليلات واقعية وصحيحة ولرسم سياسة صحيحة وصائبة تكون نتائجها لصالح الشعب العراقي والامة العربية وترفع الاضرار الجسيمة التي الحقها النظام الطفيلي بالحركة الوطنية والقومية والمسيرة التنموية في المنطقة .

وعلى ذلك الاساس الصائب في تشخيص طبيعة السلطة ، يمكن ايضا تحديد القوى الاجتماعية العريضة ذات المصلحة في تغيير وازالة النظام العراقي وبالتالي تعيين الاهداف الانية وقوى التحالفات الواقعية والممكنة ومنه تستقي وحدة المعارضة قوتها ومتانتها وموطن انتصارها الاكيد .

تلك من الحقائق المعروفة والشاخصة امام الناس وتواجهها يومياً من خلال سلوك السلطة وسياساتها في مختلف المجالات والاصعدة من خلال معالجاتها للقضايا الوطنية والقومية المختلفة وعلاقاتها بالدول الشقيقة والمجاورة ، لكن تلك الفئات الطفيلية لاتزال تمتلك القدرة على ستر طبيعتها والتخفي وراء شعارات كاذبة ومرائية .

ما هي ابرز خصائص وسمات السلطة الطفيلية ؟



ان الطبيعة الاجتماعية للسلطة تتضح بجلاء من خلال نشاطاتها العامة ومردوداتها الفعلية على ارض الواقع بمعزل عن الدعاية والشعارات والاتهامات والمزايدات . ان الواقع له حق النطق بقوة

وباعلى صوت ، فما هي خصائص وسمات السلطة الطفيلية بصورة عامة ؟

ان خصائص السلطة ، اية سلطة ، تستمدها بالاساس من الطبقات او الفئات الاجتماعية التي تمثلها

وتدافع عن مصالحها بالدرجة الرئيسية ، كما ان سلوكها وسياساتها واخلاقياتها هي نفسها تنبثق من صلب تلك القوى الاجتماعية وتتصف بها دون فكاك اطلاقاً .

وعلى هذا الاساس يمكن تحديد ابرز ، وليس كل ، الخصائص والسمات الرئيسية للسلطة .

1- في التعامل مع الشعب .

في المجال الإقتصادي .

من ابرز الصفات واهم الخصائص هي نهب اموال الدولة والمجتمع بشراهة منقطعة النظير واستهتار بكل القوانين والاعراف والانظمة الحسابية وتصبح الميزانية العامة من اسرار الدولة الاولى في الاهمية على جميع القضايا الاخرى بما فيها الاسرار والمعلومات العسكرية والسياسية المتعلقة بالامن الخارجي وغيرها ، وتاتي بعدها في الاهمية الاسرار الخاصة بامنها الخاص وامن رموزها . ويحظر بشكل قاطع مناقشتها علناً ، باي شكل كان ، وفي أية هيئة رسمية مشكلة من قبلها نفسها ك (مجلس قيادة الثورة مثلاً ) أو القيادات القومية والقطرية (!) وغيرها ، وتنحصر فقط ضمن اضيق دائرة ممكنة من الانصار والاعوان المقربين جداً جداً .

ان ماهو شاخص على ارض الواقع هو لجوء السلطة وبشكل محموم ومتواصل ومتصاعد باستمرار الى تنمية الفئات الطفيلية البعيدة عن كل اشكال النشاط الانتاجي وتوسيعيها واغنائها بصورة سريعة او فلكية لاعطائها دوراً اساسياً في الحياة الاقتصادية في البلد ونفوذاً على الناس .

ان نشاط من هذا النوع يمكن تسميته بسياسة " إعادة تصنيع وتنمية المجتمع " لصالح الطفيلين وهو مظهر وسمة رئيسية للسلطة الطفيلية كونها تستقي الدعم والاسناد الرئيسي لها داخلياً من هذه الفئات وهي التي تسهل لها تمرير سياساتها في جميع المجالات .

في المجال السياسي .



اما على الصعيد التعامل مع الناس سياسياً فالاسلوب المفضل والشائع هو الارهاب والدكتاتورية المطلقة واستخدام اساليب العصابات الهمجية لارعاب واسكات المعارضة مهما كانت بسيطة ولابقاء الناس في خوف دائم من جبروتها بالتعمد في استخدام اساليب متجددة في الارهاب الجماهيري والتفنن والتلذذ به علناً .



ان سياسة السلطة في الارهاب العام والشامل هو سمة من سمات الطفيلية كونها تشكل اقلية ضئيلة جدا من المجتمع تنهب اموال الناس بشراهة ووقاحة وتجلب لها بالضرورة الحقد والاستنكار والاحتقار الشامل تقريباً .









2- في التعامل مع القضايا الوطنية



ان نظرة السلطة للوطن هي ذاتها نظرتها الى الشعب ، ساكنة الوطن نفسه واهم مكوناته .

ان الوطن والاستقلال الوطني بالنسبة لها ، هي حريتها المطلقة في نهبه ، وما دامت السلطة تؤمن لها تلك الامكانية فهي اذن بحد ذاتها الوطن وسلامته في سلامتها هي لاغير ولهذا فان شعارها الرئيسي هو عدم تسليم السلطة لاحد الا على اشلاء وطن لا حياة فيه ولا تجد ضيراً او حرجاً بالتصريح بذلك علناً على رؤوس الاشهاد ومن اعلى المستويات .

ان تلك النظرة للوطن مستمدة هي الاخرى من خاصية الفئات الطفيلية التي تعيش من وراء النهب والاستغلال بعيداً عن الانتاج وبناء الوطن بالكدح والعمل والتي لاتملك تاريخاً في انشائه فهي افرازات هجينة وفاشلة من جميع طبقات وفئات المجتمع .

وبطبيعة الحال فهي تعامل الامة وقضاياها القومية بنفس طريقة التعامل مع الوطن وقضاياه .



3 - في التعامل مع القوى الخارجية .



ان افتقاد السلطة الطفيلية للتاييد الداخلي ، بسبب سياستها المعادية لمصالح الاغلبية يدفعها ، بالضرورة ، الى البحث عن مصادر للقوة من الخارج وهو ما تجده في الواقع لدى المؤسسات والشركات والدول الطامعة في ثروات البلد والراغبة في تسيير مصالحها الخاصة في المنطقة .

ان التعاون والتنسيق مع القوى الخارجية امر حتمي وملازم لعمل جميع السلط في العالم ، لكنه لدى السلطة الطفيلية هوتعاون للحفاظ على السلطة اولا وأخيراً ، حتى وان تعارض مع مصالح الوطن والامة وذلك متاتي بالضرورة من فهمها الخاص للوطن وللامة ولمصالحهما الخاضعة اساساً لمصلحتها الخاصة لاغير .

ولهذا لانجد غريباً على سلوك السلطة الطفيلية ان تزج الشعب والوطن في اتون حرب مدمرة تكبد الناس مئات الآلاف من الخسائر في الارواح وتحرق الوطن وثرواته وممتلكاته بحجة الدفاع عن حقه في شط العرب ولا تجد حرجاً في التنازل عن تلك الحجة وترى انتصارها في البقاء في السلطة هو انتصار للوطن وان جميع الخسائر ، بالنسبة لها ، لا شئ يذكر ومجرد فداء لحكمها .

والسلطة الطفيلية لا تجد حدوداً اخلاقية او مشاعر قومية او انسانية او حتى عشائرية امام رغبتها في البقاء في السلطة مهما كان الثمن فتلجأ الى سحق بلد شقيق ، بكل معنى الكلمة شعباً ودولةً ، وتجبرها باساليب الارهاب والهمجية على اللجوء الى القوات الاجنبية لمساعدتها في حمايتها من بطش قواتها الغازية وتساهم في تحقيق وتنفيذ مصالح ونوايا الاجنبي وجلب قواته المباشرة الى المنطقة دون رغبة من الحكومات والشعوب وتبدد اموال الامة وتفرض سابقة في تاريخهالم ترغب بها ابداً وهو الدخول في معركة مشتركة مع الاجانب ضد قوات عربية هي اصلاً لاترغب في قتال الاشقاء او احتلال اراضيهم ونهبها .

ان الكبائر في الاجرام هي خاصية بالسلطة الطفيلية وسمة لها وحدها لاغير ، ورغما عن كل ذلك تواصل التغني بالانتصارات كونها بقيت محافظة على سلطتها وفي ذلك فقط جل انتصاراتها المقرفة كطبيعتها نفسها .

تلك حقائق دامغة وشاخصة امام كل الناس ، ولكن ، ورغم كل ذلك ، تستطيع السلطة البقاء والعيش ومواصلة التخريب والنهب وتكبيد الناس خسائر فادحة ليس لها افق نهائي .

ما هو سر القوة الرئيسية للحكم الطفيلي ؟

في الداخل

ان وراء تلك الامكانيات في التستر والتخفي قلة الوعي والادراك ، لطبيعتها الاجتماعية ، لدى اوساط من الناس وبعض من قواها السياسية مما يجعلها او قسما منها ادوات لتمرير مخططاتها ومصالحها المعادية للناس انفسها .

ان نظام الحكم في العراق منذ نجاح الانقلاب المشبوه في 17 تموز "يوليو " 1968 ولحد الان هو في جوهره نظام للحكم يمثل تلك الفئات الاجتماعية الطفيلية ويخدم مصالحها وينميها ويطورها ومنها يستقي القوة الداخلية ويلقى الدعم والمساندة غير المحدودة وغير المشروطة من القوى الاجنبية العالمية كونها تجد فيه وفي بقائه ما يؤمن لها هيمنتها ونفوذها في المنطقة.

ان التبدل في الاشخاص والاشكال والشعارات والاساليب ماهي الا اردية لستر العورات لاغير .

وعلى هذا الاساس لايمكن الركون الى استنتاجات اوتحاليل سياسية لهذا الموقف اوذاك تتخذه السلطة والقوى الاجنبية بمعزل عن فهم الهوية الطبقية للنظام مهما كان شكل واسلوب تجليات الاحداث السياسية .

ان التحليل الطبقي للسلطة هو بمثابة البوصلة الهادية والتي لاتخطئ ابدا في فهم جميع مواقف السلطة وسياستها الداخلية اوالخارجية ونواياها الحقيقية دائما وعلى الاطلاق .

ان افكارا من قبيل القول بان السلطة في العراق قد قدمت للامبريالية فوائدا اكثر مما قدمه اى نظام عميل هو قول صائب في شكله فقط ولكنه ناقص ومشوش كونه لايحتم تطابق وتلازم المصالح بينه وبين القوى الاجنبية على طول الخط وهو ما يؤكده التحليل العلمي الذي ياخذ معيارا اساسيا له في الجذر الطبقي للسلطة وليس لهذ الفرد او ذاك او للمواقف المتباينة اوالمتناقضة احيانا التي تتخذها السلطة والقوى الحليفة لها ستراتيجيا في الظروف المختلفة .

ويستخدم هذا الاسلوب احيانا ، من قبل البعض ، للتهرب من تحديد الطبيعة الحقيقية للسلطة لتمرير مواقف وسياسات " تكتيكية !" تصب اخيراً في خدمة السلطة نفسها عن طريق افتعال الخلافات والخصومات حول هذا الموقف او ذاك من مناورات السلطة .

في الخارج

إن استمرارية الزمرة في الحكم ما كان لها ان تدوم ، حوالي ثلث قرن من الزمان ، في ظل المأسي الرهيبة التي جلبتها للشعب لولا ذلك الدعم المطلق الذي تبديه لها القوى الخارجية ، بهذا الشكل او ذاك ، فعزلتها عن الناس هي عزلة قاتلة لم يشهد لها أي حكم من قبل مثيلا وجرائمها بلغت حداً يعجز انصار الحكم والمستفيدين منه الدفاع عنه بصورة مباشرة وذلك هو من اهم المؤشرات على توافق مصالح الفئات الطفيلية الحاكمة في الداخل مع مصالح القوى الاجنبية وربيبتها اسرائيل .

ولم يكن بامكان الحكم مطلقاً ، دون ذلك الدعم ، التجروء على شن حرب شرسة بالنيابة عن الامريكان وتحت مظلتهم الجوية والاستخباراتية المفضوحة للناس ولرجال الجيش وحزب السلطة والكثير منهم لايمتلك مشاعر حسنة تجاه الامبريالين وفيهم من يمتلا حقدا عليهم لمساندتهم اسرائيل والصهاينة ويمارسون الحرب ضد ايران الجارة بالضد من رغباتهم وقناعاتهم ومنهم من كان يريد العكس تماما بالتعاون والوقوف مع ايران الاسلامية ضد الصهاينة واسيادهم . يضاف الى ذلك ان تلك الحرب الظالمة قد دامت ثمان سنوات في ظل معارضة شعبية واسعة ومقاومة عنيدة وعنيفة ، باساليب مختلفة مباشرة او غير مباشرة ، ودفع عشرات الاف من الضحايا في هذا النضال المرير والقاسي في قتال ضار ضدها خاضه الانصار البواسل في كوردستان وفي قتال الشباب المتمرد في الاهوار والنواحي والارياف وفي المدن مما دفع السلطة الى نصب المشانق في الساحات العامة في بغداد والمدن لتعليق المتمردين على الحرب بهمجية هى من اختصاص الزمرة وحدها .

وبعدها " يتجرأ "! هذا النظام على تنفيذ غزو ظالم ضد الكويت الشقيق ، باساليب منحطّة ، لاتجروء اية قوة امبريالية ، بقضها وقضيضها ، ان تنفذه ، حتى باساليبها " المتحضرة " خوفاً من شعوبها ومن الرأي العام الانساني .

واخيراً وليس آخراً تنفذ السلطة مجازر وجرائم لم يشهد لها العالم مثيلا فيبيد الالاف المؤلفة من ابناء الشعب العراقي بالسلاح الكيمياوي في حلبجة الشهيدة وفي ربوع كوردستان وفي الاهوار الشامخة بصمودها ومقاومتها الباسلة وتقصف بالمدفعية البعيدة المدى مدن العراق واهاليها العزل ويصلي بالرصاص العشوائي احياء بغداد المنكوبة والمتمردة و .. مما لاحصر له من الجرائم والامثلة عليها التي اشابت وتشيب الاطفال وهجرت الملايين من خيرة ابناء الشعب حتى اصبح نظام الحكم في العراق " نموذجاً مأفوناً " للحكم الهمجي الحديث والقديم تقرفه وتشمئز منه الناس في كل الامصار .

كل ذلك وغيره من المأسي يجري تنفيذه وتحقيقه على أرض الواقع ، في عالم اليوم ، بقدرة قادر وبمعزل عن قوى الاستغلال العالمي الشرهة في بلد هو في حقيقته عائم على مصادر الطاقة وفي داخل منطقة هي عصب الاقتصاد العالمي وهوبالاضافة الى كل ذلك يناطح الامبريالية العالمية جميعها ! " لتحرير القدس ! من إسرائيل ربيبة النظام الرأسمالي العالمي !.

في حين تجد الدول الكبرى والاقوى في العالم نفسها ، وفي مقدمتها أمريكا ، عاجزةً عن تغيير هذا النظام المعزول والمكروه داخلياً

وعربياً وإقليمياً ، بل وتراه يمتلك القدرة على إرهابها وتهديد أمنها وإستقرارها ومصالحها الحيوية دون أن تستطيع إجباره على إحترام قرارات أعلى سلطة عالمية " الأمم المتحدة " بقبول إستقبال أبسط هيئة دولية للإشراف على تسلحه " المرعب والخطير جداً ! " عليها وعلى العالم كله حاضراً ومستقبلاً !!

ان اعتماد التحليل الطبقي العلمي هو النهج الوحيد الذي يغني الناس عن النقاشات التي لاطائل من ورائها عن عمالة النظام او الاشخاص والافراد مهما كان تاريخهم فالاعداء يجيدون اخفاء ركائزهم المختلفة ويغيرون عملائهم ويستبدلون العناصر المتعاونة معهم وفقا لمصالحهم وان الركض وراء تجميع الادلة والمستمسكات عن هذا العنصر او تلك القوة السياسية او غيرها مهما كان مفيدا فهو لايرقى في اهميته الى استخدام البوصلة الهادية التي لاتخطا ابدا في البحث عن الجذر الاجتماعي للسلطة من خلال سلوكها ومواقفها وقراراتها وقوانيها والفئات المنتفعة منها في الداخل ، اى من الشعب وحرياته ومصالحه وحقوقه قبل وفوق كل شئ آخر .



لماذا هو ضروري تحديد طبيعة السلطة الطبقية ؟



هل هو مجرد ترف فكري ؟ اوكما يقال عندنا بسخرية " فلسفة زايدة " ؟ وما اهمية ذلك على عملنا ونضال شعبنا ضد الزمرة ، فالناس لا تحتاج للتنظير بقدر حاجتها الملحة للمقترحات العملية والملموسة للتخلص من الكابوس المرعب الجاثم عليها ؟

كلا انه ليس ترفاً فكرياً ، بل ضرورة ملحة وآنية ، فلتشخيص طبيعة وهوية السلطة الطبقية الاولوية في الوصول الى ما هو عملي وواقعي بعيداً عن الرغبات والاماني والمتاهات السياسية والفكرية .

ولنأخذ بعضاً من الامثلة العملية التي تواجهنا اليوم قبل الغد .

من هي قوى التغيير الرئيسية ؟

ان تحديد طبيعة السلطة يحسم قضية اساسية تنحصر في الاجابة على السؤال التالي ؟

من هي القوى والعناصر الاجتماعية والسياسية المعارضة للزمرة ، وبالتالي القوى التي تختزن طاقات وامكانيات يمكن لها ان تساهم ، بهذا القدر او ذاك ، في عملية التغيير والى أي مدى ؟

ان تشخيص القوى والطاقات هو الخطوى الاولى على طريق تحديد اساليب زجها في المعركة ، أي استنفاذها الى المدى الاكثر ايلاماً للعدو ، الزمرة الحاكمة وحلفائها .

ان فرص نجاح النضال ، الى أي مدىً ممكن ، لاضعاف الحكم هو في توسيع دائرة القوى المعادية له من بين جميع القوى والعناصر الاجتماعية الخارجة عن دائرة الفئة الطفيلية الحاكمة بغض النظر عن كل انواع الخلافات والاجتهادات السياسية والفكرية . ان مثل هذه النظرة توضح لنا بجلاء تام لا لبس فيه المساحة الواسعة جداً التي تحتلها القوى الاجتماعية المعارضة وبالتالي ممثليها السياسين والناشطين الاجتماعيين من اقصى اليمين البرجوازي الى اقصى اليسار الاصولي .

ان تحديد طبيعة السلطة بوضوح افرز خارطة واسعة للقوى السياسية المؤهلة للتغير وذات المصلحة فيه وهي مساحة واسعة جداً .

وعلى هذا الاساس تتوفر الارضية المشتركة للتعاون فيما بينها من خلال ممثلييها السياسين والاجتماعيين والشخصيات والوجوه الوطنية المختلفة .

ان هذا الاستنتاج يبدو للكثيرين واضحاً جداً ، وفعلاً ليس هناك من جديد في هذا الكلام ، ولكن القضية او المشكلة الاساسية هي في التطبيق والتنفيذ .

وعلى سبيل المثال ، كيف يمكننا تقييم سياسة القوى الوطنية المعارضة لحكم الزمرة التي تراهن ، بهذا القدر او ذاك ، على القوى الخارجية ومنها قوى الامبريالية الحليفة من الناحية العملية للسلطة الحاكمة ؟ هل تعتبر هذه القوى ، في مثل هذه الحالة حليفاً لنظام الحكم وانها قد اصبحت بالضرورة من القوى المعادية للحركة الوطنية ؟ وبالتالي ألا تفرض نفسها ضرورة اخرى ، بحكم ذلك المنطق ، وهي ضرورة محاربتها والعزوف عن التعاون معها ؟

ان المنطق الذي يعتمد التحليل الطبقي لطبيعة السلطة الحاكمة حالياً يخطئ موقفاً كهذا ، كونه يحشر قوىً متضررة من نظام الزمرة ضمن القوى المستفيدة منه خلافاً للواقع الفعلي ويؤدي الى الاضرار بنضال جميع القوى المعارضة من خلال اهدار طاقات ذات تأثير معين في الوضع السياسي الحالي وفي تطوراته اللاحقة بجميع احتمالاتها المتعددة .

ان اعتماد التحليل الطبقي قد يساعد هذه القوى نفسها لتلمس ومعرفة النوايا الحقيقية لتحركات القوى الخارجية وفي ذلك قوة لها وللحركة الوطنية كلها وان من شان التعاون معها ، بهذا الشكل او ذاك ، ان يزيدها قوة ومنعة وحصانة .

اما المواقف المتشنجة والمعادية لهذه القوى ، فهي تؤدي ، بالضرورة ، الى اضعافها وتوهنها دون ان تستطيع قطعاً من إلغاء دورها في الاحداث السياسية الآنية واللاحقة على حد سواء أو في تغيير قناعاتها ومواقفها في الظرف الراهن على الأقل وهي الأهم .

ذلك واقع موضوعي وفي الغاء ادراكه تفريط بالقوى لايخدم المعارضة الجادة والمسؤولة .

مثال عملي آخر على اهمية الركون للتحليل العلمي لطبيعة السلطة الحاكمة .

تواجه قوى المعارضة العراقية في الوقت الراهن قضية آنية وملحة تفرض نفسها كناتج طبيعي لوضع السلطة وسياساتها شكلا ومضمونا وهي كيفية تقييم العناصر والاشخاص الذين يهجرون الزمرة الحاكمة ، او الراغبين في هجرها والتبروء منها ، ومنهم من شغل او يشغل مناصب مرموقة وبارزة في الحكم وتلك طاقة كبيرة يفقدها النظام باستمرار وتواصل لاينقطع بحكم طبيعته تلك التي يتزايد عدد الناس في ادراكها ويجد ، ذلك الادراك ، بالضرورة ، انعكاسا له في مواقفها .

ان الركون الى التحليل العلمي لطبيعة السلطة يساعد كثيرا في اتخاذ الموقف الصائب من هؤلاء الوطنيين الذين اتضحت لهم ، ولو مؤخراً ، حقيقة السلطة ونواياها ومسؤوليتها في احراق الوطن وتدميره لاغراضها الانانية الضيقة والقاتلة ، فذلك المنطق يشير الى حتمية ظاهرة " الانسلاخ " وتواصلها باستمرار كون السلطة تمثل شريحة طفيلية لا تهمها مصلحة الوطن ابداً وهي من الجرائم الكبرى التي لا تجد سندا لها الا ضمن اقلية ضئيلة ناشزة هجينة على الشعب العراقي الاصيل .

ان القوى الشريفة والوطنية تشغل المساحة الاكبر ضمن ابناء الشعب بما فيهم كبار من المسؤولين في السلطة وداخل حزب البعث نفسه وهي تعارض نهج الزمرة ، حسب ظروفها القاسية والمريرة ، ووفقا لامكانياتها واساليبها وهي تشكل في الوقت الحاضر " حاجزاً " معتماً امام الزمرة يقي الناس ، بصورة ما وبقدر ما ، من بطشها الدموي .

ان التحليل العلمي لطبيعة السلطة يؤكد صحة وجود هذه الظاهرة وحتميتها ولهذا لابد من التعامل معها بصورة تؤدي الى الاستفادة من هذه الطاقة وتوظيفها ، أو تحييدها على الأقل ، لصالح المعارضة والوطن وهؤلاء الناس انفسهم .

2001 نزار خااـد



#نزار_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة في قراءة الوضع السياسي الراهن في العراق
- حول إنتفاضة الشعب العراقي في آذار 1991


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نزار خالد - ما هي طبيعة السلطة الحاكمة في العراق ؟وما هي ضرورة تشخيصها ؟