أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل حبه - كوراث وزراء المحاصصة















المزيد.....

كوراث وزراء المحاصصة


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 1964 - 2007 / 7 / 2 - 10:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع كل تحول عاصف في المجتمعات الإنسانية بدون إستثناء، تبرز ظواهر متناقضة وتتصارع عوامل متباينة. فمن ناحية تنكشف بشكل حاد كل المظاهر السلبية وعيوب النظام السابق بكل قيمه وأخلاقياته البالية والتي شاخت وعاف عليها الزمن , اضافة الى انكشاف ماورثه معارضي هذا النظام من تلك العيوب و الامراض. كما تبدأ عناصر الجديد بالتبلور وسط مقاومة عنيفة من القديم من أجل عرقلة وقوف الجديد على قدميه وشق طريقه. وبين هذا وذاك يطل أيضاً المظهر الإنتهازي واللاعبين على الحبال والذين يضعون قدمهم في النهار عند عتبة الجديد، ولكنهم في الليل يعقدون الصفقات مع من يعرقل إستقرار الجديد ويحيكون المؤامرات ضده ولعرقلة التخلص من آثار الماضي بكل قيمه ،أو دق الأسافين بوجه تطور المجتمعات البشرية.
و حالنا اليوم في العراق وبعد خلاص العراقيين من النظام السابق وآثامه لا يختلف عن حال شعوب أخرى مرت بنفس ظروف التحولات العاصفة وإن تغيرت الأساليب والممارسات. وهنا تقع على عاتق الأطراف السياسية الساعية الى إخراج البلاد من آثار النظام السابق أن تحسن الخروج من دوامة الفوضى والعبث وتختصر الوقت بإتباع أفضل السبل لتوفير الظروف لإحياء البلد وتأمين الأمن والسلام للشعب، وصولاً الى إقامة نظام مستقر ضمن إطار من رقابة الشعب وإحترام رأيه. لقد ضيعت النخب السياسية العراقية خلال السنوات الأربع الماضية الفرصة تلو الأخرى لتحقيق هذا الهدف. وكانت النتائج بطابعها العام سلبية من حيث تنامي قوى الدمار والارهاب والعبث والإيغال في قتل المواطنين الأبرياء والسعي لتحويل العراق الى ساحة لحرب مذهبية طائفية قذرة تحرق الأخضر واليابس. ولعل أحد أسباب إشتداد ظاهرة التدمير والقتل وعدم تحقيق الإستقرار يعود الى أن واجهة الصراع إتخذت منحى طائفي مذهبي، مما خلق أجواء كي تلهث غالبية القوى السياسية، وبمباركة من مراكز مذهبية طائفية، الى التمسك بالواجهة المذهبية الطائفية في العمل السياسي وما تبعها من مسعى لمحاصصة طائفية مذهبية لحل مشكلة الحكم وإدارة البلاد. هذا الخيار برهن خلال السنوات الماضية على أنه لم يكن عقيماً فحسب، بل مدمراً وسد الأبواب أمام كل فرص سيادة الأمن والإستقرار وبناء هذا البلد المدّمر ونجاح العملية الدستورية في العراق.
إن أبرز أضرار نهج المحاصصة البائس الذي أعتمد في بناء الدولة وأجهزتها هو تحول التشكيلة الوزارية مثلاً الى ميدان نزاعات حادة بدل ان تكون كما اريد لها حكومة وحدة وطنية. فالوزراء بغالبيتهم حولوا وزاراتهم الى " ضيعات طائفية " لا علاقة لها بالعراق والوطن بل بالعشيرة والطائفة. ويفاجأ العراقي عند ذهابه الى أية وزارة عراقية ليجد أنها مرتع طائفي وغير عراقي الى حد أن بعض الوزراء يدعو صراحة وببيانات رسمية أفراد طائفته الى الإسراع بتقديم طلباتهم للعمل في وزارته بعيداً عن المهنية والكفاءة، وما يعني ذلك من هبوط في مستوى الأداء الحكومي وفساد تخطى فساد الأجهزة الحكومية في العهد المظلم السابق. هذه المحاصصة اللعينة أصبحت مظهراً كاريكاتورياً، حيث تسمع تصريحاً لرئيس الجمهورية سرعان ما يرّد عليه على لسان نائبيه، أو إعلان من رئيس الوزراء سرعان ما يدان من قبل أحد وزرائه. في ظل هذه الفوضى لا يبقى للحكومة وأجهزتها أية حرمة ولا مكانة وثقة بها وهو ما يوفر أرضية خصبة للأرهاب كي يتنامي ويطحن العراقيين. وياريت أن تبقى الأمور الى هذا الحد من "التناحر" الديمقراطي بين أطراف الحكومة. فالخيار المحاصصاتي الطائفي قادنا خلال السنوات الأربع الماضية الى تبوأ رموز من السراق وفلول الأجهزة الصدامية أو من له علاقة بالإرهاب والإرهابيين مراكز مرموقة في أجهزة الدولة وهو ما تكشف لاحقاً وهرب من هرب وأختفى من إختفى وفي معيته أكداس من المال العام.
إن الأنكى من كل هذا وذاك هو أن يحول هذا "الغزل الطائفي" ومحاصصته بعض القتلة الى وزراء .. نعم وزراء. ولعل خير مثال على ذلك هو ما أنكشف أخيراً من ضَلوع وزير ثقافتنا الممثل لمؤتمر أهل العراق - من قائمة التوافق الطائفية والمطارد حالياً من قبل الأجهزة القضائية في أفعال إرهابية وأعمال قتل طالت عائلة النائب مثال الآلوسي في عام 2005. إن لملوم المحاصصة الطائفية العقيم لا يستوزر أحد العراقيين البارزين في ميدان الثقافة والمختصين وما أكثرهم في العراق، بل إستوزر أمام جامع تدور حوله الكثير من الشكوك في سيرته الذاتية. وعلى طريقة العبث الطائفي الجاري حالياً، لا ينتظر بعض الساسة العراقيون من حَمَلة "الشهادات" الطائفية القاء كلمة انتقاد ضدهم حتى يسارعوا الى تعليق مشاركتهم في الحكومة كما أعلنت جبهة التوافق و نفت الاتهامات الموجهة إلى وزير الثقافة، واصفة إياها بـ«بالباطلة والملفقة» وتم إملاؤها على معتقلين بعد تعذيبهم بطرق وحشية. وقال بيان للجبهة أصدرته في وقت متأخر من مساء اول من امس، عقب اجتماع عقدته لمناقشة تداعيات القضية، «إن هذه الاتهامات لم تكن وليدة الساعة، فقد نما إلينا، قبل عدة أيام خبر إصدار مذكرة التوقيف ضد الهاشمي المستندة الى تلك الاعترافات الباطلة". ولنا مثال غريب آخر هو وزير الصحة السابق علي الشمري من التيار الصدري والذي لاذ بالفرار الى الولايات المتحدة. إن هذا الوزير فصل من مستشفى النجف التعليمي بسبب بيعه لأسئلة الإمتحانات الى الطلبة العرب في كلية الطب، مما دفعه الى الهرب الى الأردن ثم الإنتقال الى قطر، مقر قناة الجزيرة، حيث عمل حتى عام 2006 في مؤسسة حمد الطبية. وفي ظل وزارته كان مسؤول الطب العدلي يبيع الجثث الى أسر ضحايا القتل الارهابي الطائفي بأسعار خيالية الى أن فاحت الرائحة لهذه التجارة المريعة. وحول هذا الوزير وزارته الى وكر لفريق الإرهاب الطائفي شأن زميله أسعد الهاشمي. وتتعدد "مفاخر" بعض الوزراء في حكومة المحاصصة لتشمل وزراء ما أن يتم إكتشاف ممارسات مشينة في وزارتهم، كما حدث في المشاهدات المرعبة لأحد بيوت الأطفال المعاقين في وزارة العمل والشؤون الإجتماعية، حتى ينبري الوزير لا بالتحقيق وكشف العيوب ومساءلة المسؤولين بل لحرف القضية ضد "مؤامرة" للأمريكان للإطاحة بحكومة المالكي. والأمثلة على المشاكل العويصة للمحاصصة تطول ولا نريد الحديث عن رئيس مجلس النواب السابق ومشاكله الى جانب البعض الآخر ممن تقلد منصبه لا عن كفاءته بل عن إنتمائه الطائفي.
إن العراق أمام محنة حقيقية لا يمكنه أن يتجاوزها بدون التخلي عن هذا الإسلوب الفاشل في إدارة الدولة. فعلى السيد المالكي وهو يبحث الآن في تشكيل إدارة جديدة أن يتخذ قراراً مسؤولاً وشجاعاً في إستيزار وزراء من النخبة المتعلمة ولها الخبرة والمعرفة الرفيعة في فروع إدارة إعمار البلاد, وليس من حملة "الشهادات الطائفية". فوزارة الثقافة تحتاج الى وزير مثقف رفيع المستوى لكي يرمم ما دمر في العهد السابق وبعده في أروقة الثقافة المختلفة. وينطبق الأمر على الوزارات المختلفة من وزارة الداخلية الى وزارة المالية والشؤون الإجتماعية وغيرها التي يجب أن تبنى من جديد على أسس عراقية وليست طائفية أو مناطقية عن طريق إختيار الأفضل والأعلم والأكثر نزاهة من العراقيين ونبذ مبدأ المحاصصة السئ الصيت والمدمر. فالعراق يمر بمرحلة حرجة لم يشهدها من قبل حيث توظف أطراف عديدة إقليمية ودولية مراكز تدريب وتمويل لتدمير العراق وقتل شعبه. وعلى حد تعبير السيد عادل عبد المهدي فهناك 5000 مركز يدرب القتلة والإرهابيين خارج العراق لتحويل العراق الى أنقاض. ولا تستطيع المحاصصة الراهنة البائسة أن تواجه هذه الموجة الهمجية بوزراء فاشلين ممن أشير لهم في هذا المقال. وعلى السيد المالكي أن يأخذ العبرة من تجربتنا الفاشلة السابقة ويتمتع بالحزم والحرص على مصير العراق الذي يقاد الى مصير مجهول ويقف بوجه الأسلوب المحاصصاتي الفاشل. وعلى رئيس الوزراء أن يأخذ العبرة والمثل من أمثلة راهنة ومن رؤساء جدد تعيش بلدانهم في ظروف مستقرة ويبحثون عن الطريق الأفضل لإدارة شؤون البلاد. فالسيد "غوردن براون" على سبيل المثال وهو الرئيس الجديد لمجلس وزراء بريطانيا، والذي خلف توني بلير عمد في تشكيلته الوزارية الى تعيين الكثير من ذوي الخبرة في جميع المجالات ممن هم خارج حزب العمل البريطاني الحاكم، وبعضهم ممن عارض سياسة حزب العمال، بهدف توحيد الشعب والاستفادة من الخبرة الأفضل بعيداً عن التحزب السياسي أو الطائفة أو العشيرة. ليتعض رئيس وزرائنا من هذه التجارب وتجارب شعوب أخرى وقعت في المحن، ولكنها إستفادت من خيرة خبرات أبنائها لإعادة ترميم البلاد وليس إستيزار من يعبثون ويدمرون البلاد من أمثال أسعد الهاشمي أو علي الشمري. إزالة المحاصصة الطائفية تعني الشروع بتصفية الفساد الإداري الذي فاق ما كان موجوداً في ظل النظام السابق بحيث أن المواطن العراقي لا يستطيع ، على سبيل المثال، أن يحصل على جواز سفر .. مجرد جواز سفر الا بعد أن يدفع رشوة قد تزيد على نصف مليون دينار عراقي وقد ينتهي به الأمر ألا يحصل عليه اطلاقا؟؟. ليس أمام السيد نوري المالكي سوى طريق واحد وهو تشكيل وزارة طوارئ من ذوي الخبرات الرفيعة ومن ذوي النزاهة ومن ذوي الولاء للعراق...وليس لطوائف ومناطق وقوميات وعشائر.



#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب واحد، والموقف منه ينبغي أن يكون واحداً أيضاً
- هل -أشرف- مدينة عراقية؟
- مقاومون أم سفلة وصعاليك؟
- دراما قراقوشية
- مناقشة لمسودة ورقة العمل المقدمة الى المؤتمر الوطني الثامن ل ...
- هل هناك حاجة لأسس جديدة للتشكيلة الوزارية في العراق؟
- الإرهاب سرطان مدمر ينبغي إجتثاثه
- رفيقاتي ورفاقي الاحبة مندوبوا المؤتمر الوطني الثامن للحزب ال ...
- سيبقى تموز وعبد الكريم قاسم يحيان في وجدان العراقيين
- ما هو سر هذا التوقيت في الهجوم على الحزب الشيوعي العراقي
- الصين : التخلي عن نهج حرق المراحل
- الذكرى الرابعة لإنهيار الديكتاتورية والغزو الأمريكي وحلفائه ...
- إصابة بداء عمى الالوان، أم تصدع في القيم والضمير والوجدان
- خامنئي - أحمدي نژاد على خطى صدام حسين
- العراقيون بيدهم مفتاح الخروج من نفق القتل والدمار - 2
- العراقيون بيدهم مفتاح الخروج من نفق القتل والدمار
- يوميات ايرانية 25
- مآل البلطجة السياسية
- يوميات ايرانية 24
- محكمة من طراز رفيع


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل حبه - كوراث وزراء المحاصصة