|
ايلان بابيه والتغيير المستحيل من الداخل.. موسم الهجرة من اسرائيل
نائل الطوخي
الحوار المتمدن-العدد: 1964 - 2007 / 7 / 2 - 10:32
المحور:
الصحافة والاعلام
هي حمى مغادرة إسرائيل إذن. ولكن، على خلاف عزمي بشارة الذي اتخذ هذا القرار منذ أسابيع، فالطرف الأساسي هذه المرة لم يكن عربيا وإنما أكاديمي يهودي إسرائيلي يقرر الإقامة في بريطانيا. عد دوما الأستاذ الجامعي إيلان بابيه واحدا من أبرز المؤرخين الجدد في إسرائيل ومن أهم من وثقوا لوقائع النكبة وتصدوا للرواية الصهيونية حولها، والآن يقرر مغادرة إسرائيل احتجاجا على عدم حرية البحث الأكاديمي في الدولة التي طالما نظرت بشك إلى بحوثه. "لا أستطيع تحديد الوقت الذي سأعود فيه بالضبط، ولكنني لن أهاجر. يؤسفني أن أخيب أمل هؤلاء اليمينيين الذين فتحوا زجاجات الشمبانيا." هكذا يقول بابيه في حوار مع صحيفة معاريف أجري معه مؤخرا ردا على التكهنات التي شاعت بكونه سيغادر من إسرائيل إلى الأبد. كانت لبابيه عدة أسباب جيدة لتركه قسم علوم السياسية بجامعة حيفا وقبوله الأستاذية بجامعة "أكستر" في بريطانيا، كما قال في حواره مع معاريف: "من يواجه الحقائق التي تربى عليها مجتمعه يتحمل الكثير من العداوة والحسد والكراهية. يجب على الإنسان أن يأخذ مهلة من هذا، يؤسفني أنني كنت كبش فداء للمجتمع الإسرائيلي. لن أتنازل عن الحقيقة ولكن ليس من اللطيف تحمل هذه العداوة. السبب الثاني هو الترقية الأكاديمية، أنا شخص أكاديمي ويستحيل بالنسبة لي العمل كمؤرخ محترف في إسرائيل. أقوم بدراسة أمور يصعب على المجتمع الإسرائيلي تقبلها. هم لا يقومون بترقيتي بسبب أرائي. كل من نشر 12 كتابا تتم ترقيته إلى درجة بروفيسور في أي مكان آخر بالعالم، وقد عرضوا على منصب "بروفيسور" في جامعة أكستر". أما السبب الثالث لمغادرته إسرائيل كما صرح فهو اعتقاده بأنه من الأسهل دفع عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين من الخارج وليس من داخل إسرائيل. كان بابيه في زيارة لقطر، في إطار مؤتمر نظمته إحدى الجماعات الفلسطينية ودعي إليه زعيم حزب ميريتس يوسي بيلين والناشط الحقوقي الفلسطيني باسم عيد، وأعلن هناك عن نيته للمغادرة: "لقد قاطعوني في جامعتي وكانت ثمة محاولات لإبعادي عن مكان عملي. أتلقي كل يوم تهديدات ضد حياتي. يعتبروننني تهديدا للمجتمع الإسرائيلي ويعتقد شعبي أنني مجنون او أن أرائي غير ذات موضوع. إسرائيليون كثيرون يعتقدون أنني عميل للعرب." كما قال أنه ليس من فرصة لحل الصراع في الشرق الأوسط بواسطة حل الدولتين –إسرائيل وفلسطين - وإنما الحل الوحيد هو إقامة دولة واحدة مشتركة للعرب واليهود والأقليات الأخرى. أضاف بابيه أنه فقط الضغط الدولي على إسرائيل هو ما يمكنه حل المشكلة: "في السنوات الست الأخيرة أصبحت حكومة إسرائيل أكثر عدائية وقمعا بسبب الدعم الذي تحظى به من إدارة بوش. الآن يشعرون أنه بإمكانهم فعل أي شيء يخطر على بالهم." قضيتان ساخنتان أعيد إثارتهما مع قرار المغادرة لتشكلا جزءا من الحملة الشرسة التي واجهته داخل إسرائيل. كانت هناك قضية الطالب تيدي كاتس الذي قدم رسالة بجامعة حيفا حول مذبحة قامت بها وحدة عسكرية إسرائيلية عام 48 في قرية طنطورة العربية، وأجازها بابيه، مما حدا بالجامعة إلى أن تهدده بالفصل، وهو ما دفعه إلى كتابة مقال في الجارديان عنوانه "المضي بشجاعة" داعما مقاطعة المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية من قبل المجتمع الدولي. كان هذا المقال، كما رأى إسرائيليون كثيرون، هو واحد من أسباب قرار المقاطعة الذي اتخذه بالفعل الشهر الماضي اتحاد أساتذة الجامعات في بريطانيا ضد جامعتي حيفا وبر إيلان. جاءت مقاطعة جامعة بر إيلان على خلفية امتلاكها معملا في مدينة آريئيل بالضفة الغربية، وبالتالي دعمها للاحتلال الإسرائيلي، أما مقاطعة جامعة حيفا فجاءت بسبب التهديد الذي وجهته لبابيه بالفصل. يقول بابيه في مقاله بصحيفة الجارديان والمنشور منذ عامين: "المقاطعة والضغط الخارجي لم يستعملا أبدا في حالة إسرائيل، وهي دولة تطمع لأن تكون جزءا في العالم المتحضر الديمقراطي. تمتعت إسرائيل بالفعل بوضع كهذا منذ أن تم خلقها في 1948 ونجحت في مقاومة قرارات الأمم المتحدة العديدة التي أدانت سياساتها، و اكثر من هذا، خططت للحصول على وضع متميز داخل الاتحاد الأوروبي. تجسد المكانة المرتفعة للمؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية في المجتمع البحثي العالمي هذا الدعم الغربي لإسرائيل باعتبارها "الديمقراطية الوحيدة" في الشرق الأوسط. يمكن للجيش الإسرائيلي والشاباك المضي، وسوف يمضيان، في تدمير البيوت، طرد العائلات، إهانة المواطنين والقتل اليومي للنساء والأطفال بدون أن تتم محاسبتهما محليا أو دوليا، محميين بهذا الدعم الخاص للمؤسسة الأكاديمية وبوسائل الإعلام الثقافية الأخرى." قضيتا مذبحة طنطورة والمقاطعة كانتا الأساس في الحملة الإسرائيلية المقامة ضد بابيه. الأوصاف التي تطلق عليه هي من عينة "أكبر المعادين للسامية"، التي وصفه بها بن درور يميني رئيس تحرير صحيفة معاريف، كما يدعو الكاتب الصحفي أريئيل سيجيل إلى مقاطعته أكاديميا. ليس هذا فقط، بل يمتد الأمر ليصل الخلاف معه إلى داخل اليسار غير الصهيوني في إسرائيل. الأديب والصحفي أوري أفنيري وهو واحد من أنشط رجال اليسار في إسرائيل يرفض فكرة مقاطعة إسرائيل. يكتب في موقع "الضفة اليسارية" غامزا بابيه: "كل من يريدون بنية مخلصة في مساعدة الشعب الفلسطيني ينبغي عليهم الابتعاد عن فكرة فرض الحظر الشامل على إسرائيل. سوف يدفع هذا الحظر كل الإسرائيليين إلى اليمين الأكثر تطرفا، لأنه سيدعم الفكرة اليمينية بأن العالم كله ضدنا." وأضاف: "ربما كان هناك حق مع مئيير كاهانا عندما زعم أن التطلع للتطهير العرقي ولإقامة دولة يهودية من البحر حتى النهر هو الرغبة الكامنة لكل إسرائيلي، ولكن على خلاف د. بابيه فأنا مقتنع بأنه يمكننا تغيير اتجاه تاريخ دولة إسرائيل". كذلك يؤمن أفنيري بحل الدولتين، واحدة للشعب الفلسطيني والأخرى للشعب الإسرائيلي، على خلاف حل الدولة الواحد للعرب واليهود بشكل متساو الذي طرحه بابيه. يقول أفنيري: "من البديهي أن الدولة الواحدة لن تقوم. ليس فقط أن الإسرائيليين لن يتنازلوا عن دولة خاصة بهم وسوف يعارضوا كل ما هو غير ذلك بالإجماع تقريبا ولكن أغلب الفلسطينيين أيضا لن يتنازلوا عن دولتهم الخاصة. قد يكون من الممكن التصفيق لدكتور إسرائيلي يدعو لتفكيك دولة إسرائيل ولكن ليس لدى الفلسطينيين وقت للحلول اليوتوبية والتي قد تتحقق بعد مئة عام." أما بابيه فلقد قال في مقال آخر بأن أوري أفنيري غير مستعد للاعتراف بفشله: "كلنا أعضاء قدامى في اليسار، ومن يأسنا نخطئ في المزج غير الناجح بين ما هو كائن وما يجب أن يكون. صيغة الدولتين مر عليها ستون عاما. هي صيغة فاشلة وخطرة مكنت وتمكن إسرائيل من مواصلة الاحتلال بوسائل أخرى. الحقائق على الأرض صارخة: حل الدولتين فشل فشلا ذريعا وليس لدينا وقت للانتظار لجولة دبلوماسية وهمية ما تبدو وكأنها هي التي ستأخذنا إلى المكان الذي نريده. الدعوة إلى حل الدولة الواحدة، مثل الدعوة إلى ممارسة المقاطعة على إسرائيل، ولدت على خلفية فشل الاستراتيجيات السابقة"
#نائل_الطوخي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عبد الناصر سعى لعقد سلام مع اسرائيل قبل عام سبعة وستين
-
ادباء اسرائيل يحتجون. الفنانون يتذمرون والاوتوبيسات تسخر، ان
...
-
سبعة أسباب تجعلني أعشق التراب الذي تمشي عليه حماس
-
وزير الثقافة الاسرائيلي، غالب مجادلة: دولتي تحارب شعبي
-
في مديح أهل النار
-
بعد أن فشل في العثور علي حلم وردي واحد يرفع الرأس، محمد الكف
...
-
معنى أن يكون الكاتب يهوديا
-
النوبة بين التوطين والتطوير: عودة الجنوبي إلى أرضه
-
أوروبا .. ولاية عثمانية
-
صنع الله إبراهيم: أحلم بالكتابة عن الجنس
-
المدير الجديد لمعهد جوتة بالقاهرة، هايكو سيفرس: غياب الماضي
...
-
في بينالي الشارقة: تضميد الواقع بيد وخدشه بالأخرى
-
مسعد أبو فجر ورواية البدو: الديكتاتورية أسوأ من الاحتلال
-
يوميات الكتاب في أبو ظبي
-
في مديح العنصرية: النقاء المطلق لكراهية الآخر
-
لمسة من عالم ميت
-
جاليري آرت اللوا: محاولة لاختراق مركزية وسط البلد
-
الاحداث الكاملة لفيلم روح شاكيد الاسرائيلي
-
قضية الأسرى المصريين: جنون الذبح الإسرائيلي
-
فيلم بوفور بعد فوزه في مهرجان برلين: العقدة الإسرائيلية من ل
...
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|