عبد العزيز محمود
الحوار المتمدن-العدد: 1964 - 2007 / 7 / 2 - 04:29
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
أما آن لهذه الأمة أن تستفيق من سباتها ، هذه الأمة التي تأبى الاستقامة على طريق الحق والدين إلا بدمائنا كما قال الحسين عليه السلام ( إن لم يستقم دين محمد إلا بقتلي فيا سيوف خذيني ) ، هذه الأمة التي كانت تعيش بحق معنى قول الله تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) ، وكان خليفتها يخاطب السحابة قائلا " أمطري حيث شئت فإن خراجك آت إلي " وقال قائلها " لنا الصدر دون العالمين أو القبر " وقال آخر " ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا " ، أمة القيادة والريادة ما بالها اليوم تعيش كالأيتام على موائد اللئام ، ما الذي أصابها حتى أصبحت توصف بأقبح الأوصاف فقبل خمسمائة عام وصفها أبو الطيب المتنبي فقال ( يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ) ولكنها لم تستفيق وانحدرت إلى إن جاء نزار قباني بعد خمسمائة عام ووصفها قائلاً يا أمة تبول على نفسها كالماشية ( أكرمكم الله وأكرم كل قاريء لهذه العبارة ) ، فلماذا وصف كل منهما أمته بهذه الأوصاف التي لا تليق بأي أمة ، فكيف بأمة القرآن وخير أمة أخرجت للناس هل تقبل بأن يكون هذا وصفها بعد مجدها وعزها وكرامتها وسطوتها في شرق البلاد وغربها ، وهل هذه الأمة تتجه إلى الانحدار والسقوط منذ أن وصفها المتنبي (بالجهل) إلى أن شبهها نزار (بالماشية) ؟!
وهل من المعقول أن تظل هذه الأمة أكثر من خمسمائة عام دون أن تتطور ودون أن تجد علاجا وحلا لمعاناتها ؟ والحل بين يديها وكما يقول الشاعر ( كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول ) ، وربما نعلم سبب وصف نزار لها حيث انه يعبر عن عصرنا الحاضر ولكن ما بال المتنبي وصفها بهذا الوصف ، وهنا أذكر ما قاله جبران خليل جبران ( إن الشجرة التي تنبت في الكهف لا تعطي ثمرا .. والبلبل لا يحوك عشاً في القفص كيلا يورث العبودية لفراخه ) ، هذه الأمة ما كان لها أن تصل إلى ما وصلت إليه لولا أنها نسيت قرآن ربها وتركت سنة نبيه عليه الصلاة والسلام الذي قال ( تركت فيكم ما أن تمسكت به لن تضلوا بعدي أبداً ) .
ما أروع نشوة الانتصار وكما قال الشاعر .. موردنت .. إن لحظة من المجد تساوي عمراً بأكمله عاطل عن المجد ، وما أسوأ أن تعود كالملك المغلوب فالتاريخ يقول أن الملك المسلم إلب أرسلان لبس الكفن وتقدم الجيوش ليشعلها نارا على الكفر والطغيان في موقعة ملاذ كرد ليهزم الملك الرومي ( رومانوس ) ومن ثم يقع ( رومانوس ) في الأسر ليفتديه إلب أرسلان ويعود ( رومانوس ) إلى وطنه ملكاً مغلوباً .. يستقبله الشعب استقبالا مراً وأزالوا اسمه من سجلات الملك وعينوا إمبراطوراً آخر بدلاً منه وزادوا على ذلك بفقأ عينيه وإلقائه في السجن .
من منا لا يذكر انتصارات المسلمين الأوائل ومنها انتصار موسى بن نصير وطارق بن زياد والفتح المبين وصيحات الله اكبر تدوي في فضاء العالم لتصل إلى أعنان السماء ، ويذعن غرب أوربا إلى الإسلام .
ومن لا يذكر أيضاً أبي عبد الله الصغير ، وهو يقف عند الشاطيء ليودع ملكاً مضاعاً وقصوراً ومآذن وتلالاً ، فيجهش بالبكاء ، فتأتيه أمه وتقول له أبك مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال .
ما أصعب سقوط الفارس من على جواده في الميدان فقد سقط أبو فراس الحمداني من على جواده يوماً فمكث في سجن الروم أعواماً ، عانى مرارة الأسر والغربة والألم ، وسقط الزير سالم أبو ليلى المهلهل فضاع من بعده ملك بني تغلب ، وسقط الرئيس صدام حسين من على جواده ليبقى رهينة في يد الامريكان .
من الذي لم يبك لحال المعتمد بن عباد وهو يسير مكبلاً في أغلاله إلى أغمات في المغرب وتأتيه زوجته وأطفاله وهم حفاة كأن أقدامهم لم تمس كافوراً أو مسكاً ، وحينما نادوا بالصلاة عليه عند وفاته اكتفوا بالصلاة على الغريب ، كل ذلك لأنه قال لئن أرعى الغنم عند ابن تاشفين خير لي من أن أرعى الخنازير عند الفونسو ، ولكنهم اليوم يرعون الخنازير عند جورج بوش وتوني بلير .
وهنا أذكر بعضاً من أبيات قالها الشاعر محمود غنيم في قصيدته الرائعة " وقفة على طلل " يقول فيها :
مالي وللنجــم يرعاني وأرعاه .... أمسى كلانا يعاف الغمض جفناه
لي فيـك يا ليل آهـات أرددها .... أواه لو أجدت المحــزون أواه
لا تحسبني محباً أشتكي وصـباً .... أهون بما في سبيل الحـب ألقاه
إني تذكرت والذكــرى مؤرقة .... مجـداً تليـداً بأيدينا أضعنــاه
ويح العروبة كان الكون مسرحها .... فأصبحت تتـوارى في زوايـاه
أنى أتجهت إلى الإسلام في بلـد .... تجده كالطير مقصوصاً جناحـاه
ويقول في ختامها :
لا هم قد أصبحت أهواؤنا شيعاً .... فامنن علينا براع أنت ترضـاه
راع يعيد إلى الإسلام سيرتـه .... يرعى بنيه وعين الله ترعـاه
أما آن لنا أن نراجع أنفسنا ونحاسب أنفسنا ونعود إلى ديننا ومصدر عزتنا وكرامتنا ، لنعيد إلى أمتنا كرمتها وعزتها ومجدها الذي فقدته منذ زمن بعيد .
#عبد_العزيز_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟