أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وضاح المقطري - ندوة العدالة الإنتقالية وانتهاء حرب صعدة















المزيد.....

ندوة العدالة الإنتقالية وانتهاء حرب صعدة


وضاح المقطري

الحوار المتمدن-العدد: 1964 - 2007 / 7 / 2 - 04:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبقى دائماً في خروج بلد ما من الحرب ما يعني بالضرورة احتمال دخوله في حرب أخرى مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالحرب السابقة؛ ما لم يتم بتر أسباب هذه الحروب وتحقيق سلام قائم. على ثقة تامة بنتائج الإصلاحات السياسية والاجتماعية التي تم بها إنهاء الصراعات، بتحديد أسبابها وإيجاد بدائلها المنصفة للفئات والطوائف المختلفة داخل المجتمعات المحلية كخطة مثلى لتحقيق العدالة الانتقالية؛ ذلك أن هذه العدالة لا يمكن تحققها بغير إنهاء أسباب الحروب المرتكزة بشكل أساسي في الظلم الاجتماعي الناتج عن سوء التوزيع، واستغلال الموارد الاقتصادية، والهبات الدولية لصالح الجهات والعشائر التي تحسب رموز الانظمة السياسية عليها.
في الندوة الإقليمية عن العدالة الانتقالية والنوع الإجتماعي التي نظمها منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان بالتعاون مع المركز الدولي للعدالة الانتقالية، قُدم الكثير من الأوراق التي تحدثت في مجملها عن العدالة الانتقالية، وإجراءات تنفيذها، وطرق تحقيقها من جوانب حقوقية بحتة، ولم يتم الحديث عن إصلاحات سياسية وديمقراطية واجتماعية لتحقيق هذه العدالة سوى في لمحات ولقطات متفرقة منها ما جاء في الكلمة الافتتاحية لرئيسة منتدى الشقائق أمل الباشا، وأهمها وأوضحها ما قدمه الأخ سامي غالب في مداخلته عن تاريخ اليمن الذي هو تاريخ جماعات وليس تاريخ وطن، يزخر بالمصالحات التي تتم بين هذه الجماعات التي يحتكر زعماؤها تمثيلها، فتقوم المصالحات على أسس غير حقوقية تنتقص حقوق الأفراد داخل هذه الجماعات، ما يعني أن مثل هذه المصالحات لا تحقق عدالة من أي نوع، لأنها لا تؤدي إلى التطهر من حمولة ماضي القمع والإلغاء.
قد ينطبق ما قاله سامي غالب على وضع المصالحة الحادثة الآن في صعدة بعد أربع سنوات من حرب لم يكن لها معنى واضح أو محدد، وانتهت مؤخراً باتفاق لم تتضح بنوده الحقيقية بعد، وإن كان على ما يبدو لا يحفظ للضحايا المدنيين قتلى وجرحى ومشردين حقوقهم أو يعيد لهم الاعتبار.
يتطلب الأمر دائماً إعادة البناء الاجتماعي، وتحقيق العدالة التوزيعية في كافة جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية، وصناعة وعي شامل بحقوق الإنسان والمواطنة والحريات وحركة تنقلات الأفراد والجماعات وحرياتهم الشخصية والجمعية وقناعاتهم الفكرية، ومساهمة كافة الفئات والطوائف والأجيال والأنواع في مشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وحينها فقط يمكن الحديث عن قيام ثقافة سلام بديلة لثقافة الحرب.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن إلغاء الانقسامات الداخلية، وإيجاد وحدة حقيقية من خلال مشاريع التنمية ونشر ثقافة و طنية وعلمانية تتجاوز الانتماءات القبلية والدينية أو تلغيها، ما يؤدي بالضرورة إلى إصلاحات قضائية وقانونية تكفل تحقيق المواطنية الخالية من التمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو ا لطائفة أو الدين، وأضع خطاً تحت كلمة «الدين» هنا، كي نتذكر أنه تم ويتم إفراغه من الحزن الإنساني ، واستخدامه في حروب الإبادة؛ لأن كل طائفة ترى أحقيتها المطلقة في احتكار الحقيقة في وجود دافع اقتصادي غالباً ما يدفعهما بالتالي إلى إلغاء الآخر وحقه في التفكير والوجود.
وعن أطر تحقيق عدالة انتقالية، فإنه ينبغي الانتباه إلى أنه لا بد من معادلة إنصاف تراعي خصوصية كل مجتمع على حدة، من أجل إيجاد تكافؤ بين طريقتي العدالة الانتقالية، وهما المعاقبة القانونية والمصالحة، حيث ان معالجة آثار الحروب في نفسيات الأفراد والمجتمعات المتخلفة قد لا تكون ممكن بالمصالحة وحدها، نتيجة للعديد من الموروثات القبلية والدينية، وتعقد البنيات الاجتماعية والنفسية في المجتمعات المحلية، وبالتالي لا بد من العمل بطريقتي العدالة مجتمعتين مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة توفير كافة الإمكانات التي تحقق الأمان المستقبلي للجناة الراغبين في الإعتراف بخطاياهم من ثارات أو عمليات انتقام قد تحدث لهم من قبل ضحايا مفترضين. وفي رأيي الشخصي أن جيلين على الأقل يتأثران بالحروب ومآسيها، أحدهما هو الذي شهد المآسي بنفسه وعايشها عن قرب، وتأثر بها بعمق، ولهذا فمن الصعوبة إقناعه بمسألة العدالة دون أن يشهد بنفسه عقاباً قانونياً للجناة. فيم يكون الجيل الآخر غير شاهد على مآسي الحرب مباشرة، وإنما جاء على إثرها وطالته آثارها، ما يجعل من الممكن جداً إقناعه بالمصالحة وخلق روح التسامح لديه بواسطة الإجراءات الممكنة على المستويين الحقوقي والاجتماعي السياسي.
ولأنه معلوم أن المجتمعات النامية ما زالت تعطي الدين مساحة واسعة لتحديد قراراتها المصيرية، وبالتالي فإن ثقافة التسامح في المجتمعات الطائفية تواجه بصعوبات بالغة تتمثل في عدم القبول بالتسامح والتصالح مع الطوائف الأخرى، ويتم الاحتكام فيها إلى شرائع تُطبق أحكاماً قضائية غير إنسانية أو عصرية، تتمثل في العقوبات البدنية التي أبرزها الإعدام، كما يحدث في القضاء الإسلامي مثلاً.
إلى ذلك ينبغي أيضاً السرعة في تأهيل مشاريع العدالة الانتقالية سواءً القائمة على المعاقبة القانونية، أو المصالحات وجبر الضرر بالتعويضات المادية والمعنوية، فكلما تأخرت العدالة في الحضور كان حضورها أصعب، إذ تتعمق الآثار النفسية، وربما تمكن الجناة من الهرب، أو قد يموت الشهود أو الضحايا أو الجناة، وفي تأخر تحقيق العدالة تهيئة لصراعات جديدة.
إن استمرار الأنظمة العسكرية والقبلية السياسية الحاكمة المتسببة أصلاً في النزاعات، والمساهمة في حروب الإبادة، يعطل إمكانية تحقيق عدالة انتقالية إلا على هيئة مكرمات تقدمها هذه الأنظمة للشعوب والجماعات، أو بطريقة مصالحات بين الزعماء، على الطريقة التي ذكرها الأخ سامي غالب، تلغي دور الأفراد وتنتقص حقوقهم. وعليه لا بد من الضغط على هذه الأنظمة وإجبارها -بشتى السبل- على القبول بديمقراطية حقيقية تحترم اختيارات الشعوب.
يبقى القول إنه يصعب علينا التفاؤل بإمكانية مصالحة وطنية حقيقية في اليمن، تلغي كل أحقاد وصراعات الماضي، وتعيد عتبار للضحايا، وتكفل حقوقهم، وتعطي للجناة فرصة الاعتراف بخطاياهم والاعتذار عنها، والاندماج في المجتمع دون خوف من ثأر أو قصاص، فالسلطة دأبت على فتح ملفات منتقاة من الماضي للتشهير بخصومها، أو تأجيج الكراهية، متغافلة عن ملفات كثيرة، وقضايا لا تحصى، ومستمرة في سياسات تنتهك الحقوق في كل مكان كأنها تحرص الناس ضدها، غير عابئة بمطالب شعبية تنشد مصالحة وطنية لا تنتصر للأقوياء وحدهم.



#وضاح_المقطري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
- مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية ...
- بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما ...
- سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا ...
- مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك ...
- خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض ...
- -إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا ...
- بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ ...
- وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
- إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وضاح المقطري - ندوة العدالة الإنتقالية وانتهاء حرب صعدة