|
إحتفالات للالهاء والتعمية
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 1962 - 2007 / 6 / 30 - 11:43
المحور:
القضية الكردية
لا تزال وسائل الاعلام للسلطات الكردية تبث التهاني لنفسها و لضحايا جرائم الأنفال و القصف الكيمياوي لحلبجة بمناسبة إصدار محكمة الجنايات العراقية أحكام الإعدام بحق مسؤولي النظام البعثي السابق المتهمين بارتكاب تلك الجرائم . واعتبرت الميديا الحاكمة و المنابر التابعة لها هذا اليوم يوما تاريخيا، تحققت فيه العدالة وأن أبناء الضحايا في عمليات الأنفال وحلبجة قد " أثلجت" صدورهم ، لذا أوجب عليهم الفرح والرقص ، والأهم من كل شيء للسلطات و أتباعها هو وجوب نسيان الجماهير المحرومة لكل مطالبها المشروعة من توفير وسائل المعيشة من ماء وكهرباء و خبز و خدمات بسيطة تليق بإنسان هذه العصر. وقد نقلت الأخبار الواردة من السليمانية أن الجماهير لم تستجب لدعوات الحزبين الحاكمين في كردستان للاحتفال بصدور قرار أحكام الاعدام من محكمة الجنايات العراقية بحق علي كيمياوي و بضعة من رفاق دربه البعثي. و حسب ما تتحدث به أهالي السليمانية أن المحتفلين أمام مقر المركز الحزبي لتنظيمات أوك في السليمانية، وبعد كل الدعوات و النداءات من وسائل إعلام السلطات، واحضار جوقة طبالين ومزمرين ، لم يتجاوز عديدهم 25 شخصا، كما لم يلبي أحد دعوات الديمقراطي الكردستاني رغم احضار 50 حافلة كوستر لنقل المحتفلين إلى أمام مقر الفرع الحزبي و المضحك أن تلك الباصات كانت فارغة من الركاب سوى من السواق ، و بعض المساعدين. ليست ثمة من دولة في العراق رغم مرور أكثر من أربع سنوات على احتلاله واسقاط النظام البعثي ، ومقتل مئات الآلاف من أهالي العراق، و أكثر من 3 آلاف من الجنود الأمريكيين ، أي ضعف ضحايا كارثة 11 سبتمبر. فالحكومة العراقية ، حتى على الورقة، نظام ثيوقراطي بطرياركي ، و هي يكاد ان يكون لها وجود في المنطقة الخضراء فقط، وذلك بعون القوات الأمريكية المحتلة. ففي وقت تمكن مشاهدة عمليات البناء والتعمير في كردستان ( وخاصة المباني و الطرق ... و ) و هناك مشاريع اقتصادية أيضا، لكن كل هذه العمليات لا تخص الجماهير الكادحة و المحرومين. ولا شك أن النظام البعثي السابق دمّر 4 آلاف قرية في كردستان ، منذ اقرار المنطقة الآمنة عام 1991 و تشكيل الحكومة المحلية لم تقم السلطات الحاكمة باعادة بناء أية قرية ، و ان أعيد بناء أية قرية فقد كان بجهود أبنائها ، وهمتهم ، وبمساعدة مادية من ناس يقيمون في الخارج . وقد أمسى التهريب و الفوضى الاقتصادية الرأسمالية سياسة اقتصادية " تنميوية" تتبناها السلطات الكردية. و اصبح الاقتصاد يعتمد كليا على الاستيراد من الخارج ، وخاصة تركيا وإيران و الصين و أمريكا، وهذه السياسة باتت كارثة و دمارا لاقتصاد الريف الكردي. فإن أحكام الإعدام الصادرة بحق أولئك المجرمين لن تؤدي إلى انغلاق هذا الملف. ربما يُغلق الموضوع قانونيا ولكن جروح الضحايا وأسرهم لم تندمل. وهذه الأسر من ضحايا الأنفال و القصف الكيمياوي يعيشون في أوضاع معيشية و نفسية بائسة و سيئة للغاية. وفي هذه الظروف القاسية للمواطنين ، أمست شقة التضاد والتناقض بين الجماهير و السلطات الحاكمة واسعة بسكل خطير.
وإن ما يجعل هذه الجروح تلتهب دوما أن الحكومة العراقية، في بغداد، وحكومة إقليم كردستان لم تفعلا شيئا لمساعدة المتضررين. فلم تقدم لهم أية مساعدات لإعادة تأهيلهم نفسيا واجتماعيا واقتصاديا، و إعادة بناء قراهم وديارهم المهدمة . فهم مهملون. والسلطات الكردية جعلت من الضحايا بضاعة مربحة ماديا ، وسياسيا. ولو كان عند الحكام قسط بسيط من الذمة والضمير، و لو خصصوا جزء من الأموال التي كسبوها بأخس الطرق اللا شريفة واللا إنسانية ، لشاهدنا اليوم حلبجة معمرة ، وأهالها يعيشون في كرامة ورفاه و حريةـ ولرأينا قرى الأنفال جنانا . ورغم أنني أرفض شخصيا مبدأ الإعدام لأسباب إنسانية، وحضارية ، لكن يجب أن لا تكون هذه الأحكام نهاية المطاف ، فهناك كثيرون ، سواء من الأكراد أو غيرهم ، شاركوا النظام السابق في جريمة الأنفال وما زلوا طلقاء ، أو يتبوؤن مناصب مهمة في حكومة الإقليم أو الحكومة المركزية لا بد أن تطال العدالة هؤلاء. أيضا. من المؤكد أن ما حدث في الأنفال جريمة بكل المقاييس ضد الإنسانية ويحق للضحايا وأهليهم أن يروا العدالة، ولا بد لهم أن يأخذوا حقوقهم ، ويعرفوا أين اختفى أبناؤهم ولماذا قتلوا بهذه الطريقة، ومن هم بقية المجرمين ومساعدوهم ، من كانوا.
ولكن الجماهير في العراق اليوم تطلب أن تطبق نفس هذه الأحكام على كل مسؤول عراقي أيا كان انتماؤه من الحكومة التي تلت الاحتلال وإسقاط النظام البعثي ، وانتهز الفرصة لسرقة أموال الشعب أو المشاركة في عمليات الإرهاب أو تجويع أطفال العراق كما حدث في دار حنان للأيتام ، ونهب أموال وزارة الدفاع من قبل المسوؤلين . 29/06/2007
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-أسوار الحد ّ- للشاعرة التحررية فروغ فرخزاد
-
قلبي يسبق خطاك
-
قرّت عين عكرمة لإنتصارات أحفاده المجاهدين!
-
إنّ الشاعرَ لنافذة
-
جريجور سامسا
-
قمة المجموعة 8 ومأساة جماهير العراق
-
الورد الأحمر
-
ثلاث قصائد للشاعر الإيراني سهراب سبهري ( 1928- 1980)
-
برتولت برشت: إلى الذين يولدون بعدنا
-
مناطحات الجمهورية الإسلامية والشيطان الأكبر
-
فيكتور خارا
-
الواقعية الاشتراكية المدرسة الأدبية المغدورة
-
شبح دعاء يخيم على كردستان
-
مهرجان بربري لسحق وردة
-
لماذا الهجوم على الحوار المتمدن؟
-
قرابين إلى إلهة الحريّة
-
أربع سنوات على الحرب الديمقراطية: الجزء 6
-
الجذور
-
أربع سنوات على الحرب الديمقراطية: الجزء5
-
أين جناحك الآخر؟
المزيد.....
-
الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لت
...
-
الجامعة العربية ترحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت
-
اعتقال حارس أمن السفارة الأميركية بالنرويج بتهمة التجسس
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
-
عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي
...
-
غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب
...
-
أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
-
جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|