انه السادس عشر من ايلول، ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وذكرى استشهاد وأسر الكثيرين من ابطال هذا الوطن، الذين تملكهم الحماس والاندفاع لكي يقوموا بأبرز الملاحم البطولية، على مرور الواحد والعشرين عاماً الماضية.
انه عيد الجبهة، تلك المنارة التي اضيئت في سماء بيروت فجر ذلك اليوم، عام 1982، معلنة بدء النضال، ومفسحة المجال امام المئات من الوطنيين للانخراط في صفوفها ومقاومة الاحتلال حتى طرده. أما الآن فليس لنا سوى الذكرى، وهي تمر مؤلمة هذه السنة، حيث اننا نمر بأصعب الظروف، حيث ان الاحتلال كبرت وتكاثرت اشكاله، وتزايدت همجيته، فمن وحوش الاحتلال العسكري، الى الاحتلال الثقافي، الى الاحتلال الاقتصادي، أشكال تعددت والضحية واحدة، هو ذلك "المعتر بكل الأرض دايمن هوي زاتو" على حسب مقولة زياد الرحباني.
اكتب مقالتي موجهاً التحية لمن استشهد ولمن أسر ولمن هو منسي في بقاع الأرض من شهداء احياء منفيين عن ارضهم، لا يعرفهم أحد، سواهم، ومن يعرفهم يخاف ذكراهم، لكي لا يلاحقه شبح بطولتهم ويقض مضجعه.
أكتب والحسرة كبيرة، حيث ان الكثيرين إن لم ينسوا الذكرى قد تناسوا معانيها، وعبرها، فيأتي شبح الانقسام والتفتت، لكي يفتك بنا، ويفرقنا اشلاء داخل الوطن، وخارجه.
فكل يغني على ليلاه، والحزب الشيوعي، مطلق المقاومة، بات يؤيد الوراثة السياسية، وبعضه يؤيد الاقطاع السياسي، وبعضه يؤيد مروجي الطائفية، وباقي الوطنيين، بت لا اعرف ان هم ما زالو موجودين، أو انهم أصبحوا من مؤيدي الواقع، وربما من المدافعين عنه!
انه لزمن عفن، تناثرت فيه الأفكار السامية، وأصبحت تخجل من ان تكون حبراً على ورق، زمن الانهيار، زمن النسيان، زمن من لا يخجلوا من التبجح بالأكاذيب، والاحتيال على المجتمع، من اجل منصب معين، أو من أجل نرجسية شخصية، كانت تذوب في السابق بين بنادق المقاومين.
لك التحية أيها المقاوم، فثق انك لم تستشهد لأجل هؤلاء الحكام، وانك لم تضحي بحياتك حتى يصطف آلاف الشباب على ابواب السفارات، ولم تأسر لكي تبقى عائلتك مشردة من دون سقف يأويها.
لن أوجه الدعوات ولن اطلق الشعارات، ولن اتحسر على الماضي، وابكي على الحاضر، بل كل ما وددت ان اقوله بأي حال عدت يا عيد.
16 أيلول 2003
شيوعي لبناني