أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - سامي حسن - المتمركسون والأيديولوجيا















المزيد.....

المتمركسون والأيديولوجيا


سامي حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1959 - 2007 / 6 / 27 - 12:17
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


لم تعرف الأيديولوجيا على تنوعها قومية كانت أم ماركسية أم دينية أم...خطاً صاعداً مستمراً في قوتها والتفاف الناس حولها، فلطالما تحولت من مهيمنة في المجتمع إلى مهمشة وبالعكس، ويعود السبب في تذبذب موقع الأيدولوجيا إلى عوامل موضوعية وذاتية، فتأثيرها يكون قوياً وانتشارها واسعاً عندما تكون استجابة أو انعكاساً لواقع بعينه يطلبها ويجد الناس فيها أجوبة لأسئلتهم واشكالياتهم واحتياجاتهم. وخلاف ذلك يؤدي إلى انتكاسها، ويدفع بالناس غالباً إلى تغيير قناعتهم بها والبحث عن بديل لها، بينما يرفض البعض التخلي عنها مؤكدين قناعتهم بصحتها، ويستمرون في الدفاع عنها، والمثال على ذلك ما نلاحظه لدى الأحزاب القومية ومناصريها، الذين وبالرغم من الهزات العنيفة التي تعرض لها فكرهم إلا أنهم استمروا في طرح أفكارهم والترويج لها، والتغني بأمجاد الماضي، مستندين في تفسير أسباب تراجعهم وهزيمة تجاربهم إلى منطق المؤامرة، متنفسين الصعداء مع أي هزة تتعرض لها أيديولوجيا وتجارب خصومهم (انهيار المعسكر الاشتراكي وبروز النزعات القومية) معلنين استعادة بريق أيديولوجيتهم.
ولا يختلف الأمر مع الأحزاب والحركات الدينية، التي لم يمنعها صعود الأيديولوجيات الأخرى في فترات سابقة من الاستمرار في الترويج للأيديولوجية الدينية مذكرين كما القوميين بأمجاد الماضي مؤكدين على أن الخلل في التطبيق وفي الناس وليس بأفكارهم التي يطرحونها بوضوح ومثابرة كما هي دون كلل أو ملل، موجهين نقدهم بكل جرأة للأفكار التي يختلفون معها.
أما الماركسيون فقد كان تعاملهم مع أيديولوجيتهم مختلفاً- لا أقصد الذين تغيرت قناعتهم بالماركسية، بل الذين أعلنوا استمرار تمسكهم بها بالرغم من الهزات العنيفة التي تعرضت لها نتيجة سقوط التجربة " الاشتراكية"-. حيث انبرى الكثيرون منهم للبحث عن صيغ توليفية توفيقية جمعت المتناقضات أحياناً، وذلك بحجة الواقع وضرورات التكيف والحكمة في حني الرؤوس عند هبوب العواصف، وغيرها من المبررات التي تدل على عدم المصداقية مع أنفسهم ومع الآخرين بادعائهم تبني الماركسية؟! والماركسية المقصودة هنا ليست نصوصاً بعينها هي أبعد ما تكون عن ادعاء الكمال والقدسية كما يحلوا للبعض أن يتبنى بقصد أم بغير قصد، بل هي محصلة كل ما أنتجته البشرية في سياق سعيها من أجل تحقيق انسانية الانسان، وهي منهجية لتحليل الواقع وظواهر المجتمع المختلفة تستند إلى الحقائق العلمية والتاريخية حول انقسام المجتمع إلى طبقات متناقضة، شكل الصراع فيما بينها أساس حركة التاريخ وتطور المجتمعات. وهي الأيديولوجية التي ترى في الطبقة العاملة الحامل الوحيد القادر على قيادة البشرية نحو عالم ينتفي فيه الظلم والفقر والاستغلال والقمع ليحل مكانها الحرية والمساواة والعدالة والرفاه.
إن الخطورة في هذه الطريقة الانتهازية التبريرية من تعاطي المتمركسين مع فكرهم تكمن في تغييبها لأهمية واستراتيجية مراكمة الأفكار الماركسية في المجتمع الذي يدعي هؤلاء أنهم يريدون تغييره. والتناقض لدى هؤلاء المتمركسين يكمن في إدعائهم القناعة بأن التراكمات الكمية تؤدي إلى تحولات نوعية؟!. لذلك لا بد من طرح الأفكار الماركسية في المجتمع بكليتها وكما هي واضحة كالشمس دون رتوش وبلا لف ولا دوران ، بل إن من واجب الماركسيين أن يمارسوا كغيرهم وبكل ديموقراطية وعزيمة وجرأة حقهم في نقد وتفنيد وكشف عيوب وأخطاء وتناقضات الأفكار التي يختلفون ويتصارعون معها ، وإن غياب هذا الفهم والممارسة لدى من يدعون بأنهم ماركسيون يعني بوضوح إنكارهم كون الأيديولوجيا واحدة من مستويات الصراع الطبقي الذي يشكل جوهر الماركسية. وإن هذا الانكار والانسحاب من ميدان أساسي من ميادين الصراع الطبقي يعني ترك الأيديولوجية البرجوازية بأشكالها المتعددة تفعل فعلها في تشويه الواقع والوقائع، وإعاقة نمو وتطور وعي الطبقات الشعبية بالاتجاهات الصحيحة.
في هذا السياق كيف يمكن فهم لجوء عدد من الأحزاب الشيوعية العربية إلى تغيير اسمها واستبدال كلمة الشيوعي بكلمات مثل: الشعب،... ؟ هل يعتقدون أن مشكلتهم تكمن باسمهم، وأن الناس ربما انفضت عنهم بسبب ذلك وتغيير الاسم هو من سيعيدهم للناس ويعيد الناس " الشعب" لهم؟ وهل نسوا أن الأحزاب الماركسية كانت ولفترة طويلة هي الأحزاب الجماهيرية بالرغم من كلمة الشيوعي الموجودة في اسمها" السودان، العراق،...).
أم أن تغيير الاسم يجد أساسه في حصول تحولات جوهرية في فكرهم، تشكل انسحاباً من مواقع الماركسية إلى مواقع البرجوازية ، وفي أحسن الأحوال الصغيرة منها؟ طبعاً هذا لا يعني أن جميع الأحزاب التي تمسكت بكلمة الشيوعي في اسمها هي فعلاً أحزاب ماركسية فكراً وممارسة ، ولعل حال العديد من الأحزاب الشيوعية العربية الكلاسيكية خير دليل على ذلك، أي على تمسها بالاسم لفظاً، وغياب ذلك عنها مضموناً ( الحزب الشيوعي العراقي الذي ساند الاحتلال الأمريكي للعراق) والحزب الشيوعي السوري الذي افتقد على مدى عقود ولا زال اللون والطعم والرائحة الماركسية التي نتحدث عنها لصالح أطروحات ديماغوجية وممارسات انتهازية هي أبعد ما تكون عن مصالح الطبقات الشعبية)
ومن القضايا الأخرى التي تظهر تشوه فهم بعض الماركسيين لأيديولوجيتهم وممارسة نقيضها هو موقفهم من التيارات الدينية. وهنا وبداية لا بد من الاشارة إلى الموقف الماركسي الصحيح من الدين. حيث بينت الماركسية كيف تستخدم الطبقات الحاكمة الدين كغلاف ومخمد ومشوه للصراع الطبقي ، وكذريعة تبرر الاستغلال والنهب والحروب، وإن نقد التيارات السياسية الدينية ينطلق من كونها في معظمها تحمل الأيديولوجية البرجوازية، وتتبنى سواء بشكل علني وواضح أو بممارساتها موقفاً إقصائياً من التيارات الفكرية التي تخالفها. وفي نفس الوقت فإن الماركسيين ومن منطلق نضالهم من أجل حرية التعبير وعلى قاعدة الدين لله والوطن للجميع فإنهم يحترمون بل ويدافعون عن حق المتدينين في ممارسة قناعاتهم وشعائرهم.
استمراراً لنفس المنطق التبريري والديماغوجي فقد انسحب العديد من القوى الشيوعية من هذه المعركة ، وغضوا النظر عن الطبيعة الطبقية البرجوازية لمشروع التيارات الدينية، وألبسوها ثياباً لا تدعي تلك التيارات نفسها ارتدائها، بل وذهبوا أبعد من ذلك عندما بدؤوا باستعارة وتبني مقولاتها وشعاراتها؟!.
إذا كان صحيحاً أن " النظرية رمادية اللون وشجرة الحياة خضراء" فإن هؤلاء المتمركسين لم يتعلموا- بوضوح أكثر لا يريدون التعلم؟!- من خضار الحياة ما يجعلهم يعملون كي تكون النظرية الماركسية أكثر وضوحاً وبريقاً.









#سامي_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتح وحماس واليسار /كل الجمال بتعارك إلا جملنا بارك
- العدوان الاسرائيلي على لبنان ... حماس.. والتاريخ الذي يعيد ن ...
- الصراع على سلطة الحكم الذاتي؟!
- حق العودة وخيار الدولة الواحدة الديموقراطية العلمانية
- لبننة العراق استنساخ على الطريقة الأمريكية
- فيلم أمريكي طويل*
- تعليق على بلاغ الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين
- مؤسسات المجتمع المدني وإشكالية مصادر التمويل
- حول انتخابات التشريعي الجبهة الشعبية واليسار الفلسطيني..إلى ...
- شباب بلا عمل
- في الخصوصية الفلسطينية
- التسوية... ووهم الدولتين
- كرمة وكيفيتاس..مرة أخرى
- مشروع سيفيتاس مرآة لواقع الشتات
- حول حق العودة ومشروع كيفيتاس نقاش مع بلال الحسن
- البطالة في سورية .. واقعها .. أسبابها .. آليات الحد منها
- نصف الحقيقة - تعقيب على جورج كتن
- الوجه الغائب لبيروت
- في تهميش الدور السياسي للمرأة
- لا زيوان البلد… ولا الحنطة الجلب


المزيد.....




- -لا تراجع عن حافة الهاوية-.. ما الخطوة التالية لحزب الله وإس ...
- شاهد كيف علق مسؤول في الجيش الإسرائيلي لـCNN على اغتيال نصرا ...
- بـ48 كلمة.. كيف جاء أول تعليق رسمي من سوريا على مقتل نصرالله ...
- خامنئي مُعلنًا الحداد 5 أيام على حسن نصرالله: -صولات المقاوم ...
- إسرائيل تغتال نصر الله.. ماذا بعد؟
- لافروف: هناك إشارات على تواطؤ واشنطن أو علمها بالهجمات الإسر ...
- لافروف: روسيا ترحب بمبادرات تسوية الأزمة الأوكرانية إذا حلت ...
- دول تُدين وأخرى تلتزم الصمت: أبرز ردود الأفعال على مقتل نصر ...
- ما الفجوة التي يتركها مقتل زعيم حزب الله بعد ثلاثين عاما من ...
- دول الاتحاد الأوروبي تدعو مواطنيها لمغادرة لبنان بعد اغتيال ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - سامي حسن - المتمركسون والأيديولوجيا