|
كلمة السر هي زواج العلم والصناعة والمجتمع
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1960 - 2007 / 6 / 28 - 12:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حسب المعايير العالمية يجب أن يكون لكل مليون شخص جامعة. اي ان مصر - وفقاً لهذه المعايير - تحتاج إلي 75 جامعة، أي إنها بحسابات »الكم« متأخرة جداً في هذا المضمار وتحتاج إلي أكثر من خمسين جامعة الآن .. وفوراً. وبحسابات »الكيف« فإن هذه الجامعات يجب أن تتوافر لها شروط الجودة بالمعني العلمي والتكنولوجي ومناهج البحث والحرية الأكاديمية والاتصال بالمؤسسات الاكاديمية العالمية والانفتاح علي أحدث منجزات البحث العلمي. أي إننا - باختصار ودون لف أو دوران - نعاني من أزمة حقيقية، بحسابات الكم والكيف، فيما يتعلق بتعليمنا الجامعي. وليس إلا أحد تجليات هذه الأزمة عدم وجود جامعة مصرية واحدة ضمن قائمة أفضل خمسمائة جامعة في العالم، بينما توجد لإسرائيل - التي لا يمكن مقارنة نشأتها المصطنعة منذ نصف قرن بتاريخنا العريق وحضارتنا العظيمة - سبع جامعات ضمن هذه القائمة. وعندما تم إقحام اسم إحدي جامعاتنا في هذه القائمة مؤخراً فإنما جاء ذلك استناداً إلي أن اثنين من خريجيها حصلا علي جائزة نوبل، هما نجيب محفوظ ومحمد البرادعي. وهذه الجامعة بأوضاعها الحالية ليس لها فضل في ذلك لأنهما تخرجا منها عندما كانت جامعة بالمعني الصحيح في الأيام الخوالي ولم تعد كذلك الآن بأي حال من الأحوال. وكاتب هذه السطور من أولئك الذين يؤمنون إيمانا راسخاً بأن التعليم الجيد والديموقراطية هما سر النهضة، وبدونهما لا امل في أي اصلاحات ولا جدوي من أي سياسات لا تقوم علي هاتين الركيزتين. وليس من العجيب أنه رغم الحديث الذي لا أول له ولا آخر عن الاصلاح حالياً فإن مؤسسة الخرافة تبقي أقوي مؤسسات المجتمع، والسبب الرئيسي لذلك هو تدهور التعليم بشقيه الجامعي وما قبل الجامعي، ناهيك عن انسداد شرايين عملية التطور الديموقراطي. ولذلك فان بصيص الأمل في غد أفضل لا يتراءي لنا إلا مع ظهور بوادر جدية علي تحسن حقيقي في أحوال المؤسسة التعليمية والأكاديمية كما وكيفاً. وقد تراءي لي - بالفعل - شعاع من الأمل أثناء مرافقتي للبعثة المصرية الكبيرة التي رأسها وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور طارق كامل إلي كندا بالتنسيق مع مجلس الأعمال المصري الكندي برئاسة المهندس معتز رسلان، ثم إلي العاصمة الأمريكية واشنطن بالتنسيق مع غرفة التجارة الأمريكية في مصر برئاسة عمر مهنا. ورغم أن لغة »البيزنس« كانت هي اللغة الغالبة والمسيطرة علي حركات وسكنات هذه البعثة في كل من تورنتو واوتاوا ومونتريال ثم في واشنطن.. ورغم ان رجال الأعمال كانوا هم الأكثر تصدراً للمشهد.. ورغم أن الحديث عن الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قد استولي حتي علي الأثير.. رغم ذلك كله .. فإن أكثر ما شد انتباهي اثنان من كبار علمائنا وهما يحاولان جذب الاهتمام إلي صرح اكاديمي أشبه بالحلم اسمه »جامعة النيل«، ويبذلان جهوداً مستميتة في محاولة اقناع المصريين والأجانب علي حد سواء بأهمية مساندة تحويل هذا الحلم إلي حقيقة. العالمان الجليلان هما الدكتور طارق خليل القائم بعمل رئيس هذه الجامعة وهو أستاذ له سجل حافل في التعليم الجامعي علي مدار أكثر من أربعين عاماً في عدة جامعات، منها جامعة تكساس التكنولوجية، وجامعة فلوريدا، وجامعة ميامي. كما قام بالتدريس في جامعات أخري في فرنسا، وشارك في تكوين برامج علمية في بلاد مختلفة كأستاذ في الهندسة الصناعية وأستاذ في الهندسة الطبية، وحاصل علي الاستاذية في كلية الطب في الاحصاء والصحة العامة، والأستاذية في جراحة الأعصاب. كما رأس قسم الهندسة الصناعية في جامعة ميامي وتبوأ منصب عميد كلية الدراسات العليا في جامعة ميامي. وبعد هذا السجل الحافل حصل علي اجازة بدون مرتب من جامعة ميامي وجاء إلي مصر للمساهمة في إنشاء جامعة النيل. والثاني هو الدكتور أسامة مصيلحي نائب رئيس هذه الجامعة الوليدة وهو أستاذ بجامعة كونكورديا بمونتريال، وعمل أربعة وثلاثين عاماً في كندا في التعليم والصناعة معا. وعمل مدتين متتاليتين رئيساً لقسم الهندسة المدنية وهندسة البناء والبيئة في جامعة كونكورديا. وتخصصه الدقيق هو هندسة التشييد وإدارة المشروعات. وحاضر في جامعات مختلفة منها جامعة ملبورن في أستراليا وثلاث جامعات في انجلترا، كما عمل استاذا زائراً في الجامعة الأمريكية، وجامعة العين بالإمارات، وساهم في برنامج هندسة التشييد وإدارة المشروعات في كلية الهندسة بجامعة القاهرة. وعمل استشارياً للكود المصري في التشييد وإدارة المشروعات، وأشرف علي العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، وعمل كذلك لمدة أربع سنوات في تصميم المفاعلات الذرية الكندية مع شركة عملاقة زارها وقتها المهندس ماهر أباظة عندما كان وزيراً للكهرباء في أواخر ثمانينات القرن الماضي. كما أنه عضو في هيئة استشارية خاصة مع هايدور كيبيك لعمل دراسة احتمالات المخاطر في المفاعل الذري الحالي G2. ويحسب للدكتور طارق كامل أنه لم يفعل مثل الكثير من المسئولين الذين يحبون احتكار الأضواء والحديث عن كل كبيرة وصغيرة في مجال مسئوليتهم وحتي خارجها، وإنما اصطحب معه عدداً من مساعديه في تخصصات مختلفة، وأعطاهم الفرصة للحديث كل فيما يفهم فيه. وكان من الممكن أن يتحدث عن جامعة النيل التي تدعمها وزارته وترعاها، لكنه حسنا فعل باصطحابه لهذين العالمين الجليلين اللذين تحدثا في المدن الأربعة عن جامعتهما الأمل والحلم بتواضع وثقة. وكانت صحبتي لهما في كندا ثم في واشنطن متعة لي، ومن خلال حوار بدأ في تورنتو وانتهي في مقهي بواشنطن في يوم مشمس جميل توافرت لي معلومات كثيرة عن هذه الجامعة التي لم أسمع بها - للأسف - قبل سفري من القاهرة رغم أنها أنشئت رسمياً في يناير 2007، لكنها بدأت بأفكار راودت كثيرين منذ سنوات طويلة، لأن الجامعات الحكومية - كما يقول الدكتور طارق خليل - لا تعطي الخدمة الكافية للمجتمع، ولا تحقق هدف ربط العلم باحتياجات الناس. وكان هناك دائماً حلم بأن تكون هناك تكنولوجيا في مصر، لأن التكنولوجيا تعبر عن قوة المجتمع .. وعلي سبيل المثال فان ما جعل الفراعنة عظماء هو تكنولوجيا الزراعة والطب والبناء فاستطاعوا بهذه التكنولوجيا المتقدمة وقتها بناء إمبراطورية عظمي. وهو نفس حال كل الشعوب التي بنت امبراطوريات مثل الأغريق والرومان والفرس. ورغم أن مصر كانت سباقة رائدة في احتضان التكنولوجيا إبان عصرها الذهبي، فإنها لم تدخل عصر التكنولوجيا الحديث. لماذا ؟! كانت هناك في السنوات الأخيرة ضغوط كثيرة علي مصر، كما أن هناك من لم يكن لهم مصلحة في تقدم مصر. وتزامن ذلك مع الحروب وانشغالنا في أمور أخري غير تحسين العلم والتكنولوجيا، بينما الدول التي تقدمت دخلت من هذا الباب ونجحت. ويضيف الدكتور خليل والدكتور مصيلحي أن مصر فكرت وحاولت .. وضمن هذه المحاولات العديدة جاءت محاولة دخول الحكومة هذه الثورة من باب تكنولوجيا المعلومات. وهذا أدي إلي خلق مجموعة من الشباب منهم الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء وطارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وزملاؤهما الذين وجدوا مدخلاً إلي التكنولوجيا. وتبلورت بالتدريج فكرة خلاصتها ضرورة خلق بؤرة للتكنولوجيا. ويقول الدكتور طارق خليل أنه حضر اجتماعات بهذا الصدد في أروقة مصرية متعددة في سبعينيات القرن الماضي. لكن لم يأخذ أحد زمام المبادرة. وظهرت بعدها فكرة الجامعات الخاصة كمخرج من أزمة التعليم الجامعي. لكنها للأسف الشديد ظلت جامعات تستهدف الربح في المقام الأول. وينسب الدكتور خليل والدكتور مصيلحي الفضل للدكتور أحمد نظيف - عندما كان وزيرا للاتصالات - في تحريك هذه الأفكار عام 2001، 2002، ثم الدكتور طارق كامل عندما خلف نظيف في الوزارة. وبدأت الفكرة تتبلور رويداً رويداً، وملامحها الرئيسية هي أن التكنولوجيا هي العلم التطبيقي الموجه لحل مشاكل المجتمع والسوق، ومع انحطاط مستوي التعليم وغياب البحث العلمي بصورة فعلية، بدأ التفكير في البحث عن مخرج جديد يساهم في حل المشكلة وإيجاد أحد الحلول البديلة. وظهرت فكرة إنشاء جامعة، لا تكون جامعة »عامة«، وإنما تكون »متخصصة«، ويكون لها تأثير علي النمو الاقتصادي، بما يوفر عمالة ماهرة تحصل علي أجور محترمة. وحدث مسح شامل لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وزيارات ميدانية واستقصاءات لآراء رجال الصناعة والشركات لمدة سنة. وأثبتت الدراسات ضعف القيادات الوسيطة، وعدم وجود خريج جامعي يصلح لإدارة البيزنس، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق دون زواج الهندسة والبيزنس. فظهرت فكرة »التكنوبوليس« أو المدينة التكنولوجية، علي غرار وادي السيلكون في كاليفورنيا، وبوسطن كوريدور، وصوفيا دي بوليس في فرنسا وغيرها. وكلها قائمة علي زواج العلم والصناعة والمجتمع مع مساعدة الحكومات أو الحكومة المحلية بحيث يحدث تفاعل بين أطراف هذا المثلث. وفكرة القرية الذكية المصرية تحقق جزءاً من هذه المعادلة، لكن ينقصها الجزء التعليمي. ومن هنا نشأت فكرة جامعة النيل من أجل حل مشكلة الحلقة المفقودة. سألت العالمين الجليلين عن تفرد هذه الجامعة الذي يميزها عن باقي الجامعات. أجابا بأربع أفكار وليست فكرة واحدة: 1- لا تهدف جامعة النيل إلي الربح، بل تهدف إلي تحسين التعليم. 2- تعتمد أساسا علي الجاليات المصرية في الخارج باعتبارها »الرافعة« التي تجذب الكفاءات الاكاديمية المصرية الموجودة في الخارج إلي جامعة النيل. 3- ترتبط ارتباطا عضويا بالصناعة والقطاع الخاص، وأرقام المساهمات المالية في الصدد شهادة بالغة الدلالة. 4- تتداخل فيها الفروع والتخصصات بصورة أساسية وعلي سبيل المثال فإن كليات الهندسة وكليات التجارة في الجامعات »العادية« متخاصمة، ومعزولة عن بعضها البعض، وممنوع التداخل بين تخصصات هذه وتلك عملياً وقانونياً. وهذه مسألة غريبة ولا وجود لها في أي مكان في العالم لأن العلوم التقدمية تقوم علي تداخل التخصصات المختلفة. حتي في الكلية الواحدة، مثل كلية الهندسة، لابد من تداخل التخصصات وهو ما لا يحدث في مصر. سألتهما عن معايير اختيار الطلاب وهل يختلف عن المعايير الشائعة؟ قالا أن هناك أربعة شروط: 1- تمتع الطالب المتقدم للالتحاق بالجامعة بانجاز أكاديمي جيد، والتحقق من ذلك من خلال مقابلة شخصية لا تقل عن ساعة مع كل طالب. وهذه المقابلة الشخصية أساسية لأن الجامعة تهدف إلي تخريج »قيادات« في المقام الأول، وهذا يعني تكامل الشخصية. 2- لأن الدراسة بالجامعة ستكون باللغة الإنجليزية فإن الطالب يجب أن تكون لديه معرفة جيدة بالإنجليزية. ويمكن أن نساعده في تحسين اللغة إذا كان مستواه العلمي ممتازاً. 3- النجاح في امتحانين أحدهما Graduate record examination والثاني Graduate Managment admission test وفق المعايير المعمول بها في الجامعات المحترمة مثل هارفارد وستانفورد. 4- من يستوفي هذه الشروط السابقة تتم مقابلة شخصية موسعة ومدققة معه لأن الاستاذ يريد طالبا يتجاوب معه. لكن ماذا عن الرسوم؟! ستون ألف جنيه تقريباً في السنة (أي مثل الجامعة الأمريكية) . هل هذا يعني أنها للأغنياء فقط؟ يمكن أن تكون للأذكياء غير القادرين أيضاً عن طريق المنح الدراسية. وماذا عن التخصصات والكليات؟ تصميم الجامعة أن يكون لها ثلاث كليات للهندسة 1- كلية لهندسة الاتصالات 2- كلية لهندسة البترول والتعدين 3- كلية للعوم التطبيقية والهندسة. وان يكون بها كلية لإدارة الأعمال والتخصصات الحالية هي كلية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (مع التركيز علي هندسة البرمجيات) ويدرس بها حالياً 13 طالباً. وكلية إدارة الاعمال التنفيذية التي تمنح درجة الماجستير في إدارة الاعمال للمديرين التنفيذيين. ويدرس بها حالياً 30 طالباً. وكلية إدارة التكنولوجيا. وهذا تخصص مهم جداً وجديد في مصر ويدرس به 19 طالباً. لكن من الذي يقوم بالتدريس لهؤلاء الطلبة؟ يقول الدكتور خليل والدكتور مصيلحي: لا نريد أن نفعل مثل الجامعات الخاصة، التي تستعين بما يسمي بـ »الأستاذ القشاش« الذي يقوم بالتدريس في أكثر من جامعة في نفس الوقت. ولذلك نعتمد علي إبرام اتفاقات مع جامعات أجنبية واجتذاب الخبرات الأكاديمية المصرية الموجودة بالخارج. وكم ستعطونهم كمرتبات؟ نفس مستوي الجامعة الأمريكية تقريباً. اي أن بداية المدرس لن تقل عن 15 ألف جنيه، تزيد مع الاستاذ المساعد، ثم الأستاذ، وهكذا دواليك. سألتهما: لماذا لم يسمع معظم المصريين شيئاً عن هذه الجامعة؟ قالاً: فضلنا أن نعمل أولاً .. ويكون هناك شئ واقعي يتحدث عن نفسه. باختصار .. الصورة التي رسم خطوطها العريضة الدكتور طارق خليل والدكتور علي مصيلحي عبر حوار طويل بدأ في كندا وانتهي في واشنطن، صورة مثيرةً وتبعث علي الأمل في وجود جامعة حقيقية، خاصة وأنها لم تعد فكرة وإنما بدأت العمل فعلاً علي مستوي الدراسات العليا، وخصصت لها الحكومة 126 فداناً في مدينة الشيخ زايد، وجار حالياً تشييد مباني الجامعة وتم إنفاق ثلث مليار جنيه حتي الآن علي هذه الإنشاءات، كما أن هناك مؤسسة تابعة للمجتمع المدني، هي المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي ، ترعي هذه الجامعة. وكان أول رئيس لهذه المؤسسة هو العالم الجليل الدكتور إبراهيم بدران، ورئيسها الحالي هو المهندس عقيل بشير رئيس الشركة المصرية للاتصالات، وتضم كوكبة من سيدات ورجال الأعمال والصناعة يقومون حالياً بعمل مجلس أمناء الجامعة، وهي حسب القرار الجمهوري لإنشائها جامعة مستقلة تدير أموالها بنفسها. ولأن من لسعته الشوربة ينفخ في الزبادي كما يقول المثل المصري، فإن هناك تخوفات مشروعة رغم هذه الصورة الوردية. وقبل مكاشفة رئيس جامعة النيل ونائبه بهذه المخاوف سألتهما: لماذا عدتما إلي مصر وأنتما تحققان نجاحا كبيراً خارجها؟ قال الدكتور طارق خليل: لم يعد هناك ما أريد اثباته في الخارج. فقد أنجزت 300 ورقة بحثية؟ وماذا بعد؟! ثم أني رأيت لأول مرة أن هناك شيئاً جدياً في مصر يمكنني المشاركة فيه، وقد جئت إلي مصر في الثمانينيات ولي خلفية في أعمال كثيرة حدثت في مصر لكني لم أر شيئاً بجدية هذا المشروع. الدكتور مصيلحي إجابته قريبة من ذلك وأضاف إليها بعداً آخر هو »متعة العطاء«، فالدافع في قبول هذه الوظيفة ليس المال.. لأن المال في الخارج أكثر وأيسر. لكن ماذا عن التخوفات؟ التخوفات كثيرة أولها وأهمها البيروقراطية المصرية القاتلة، وأبسط صورها المتوقعة أن المجلس الأعلي للجامعات لن يقبل ببساطة فكرة تداخل الاختصاصات المشار إليها وسيعتبر هذا التداخل »بدعة« مرفوضة. فاذا ما تم رفض هذا التوجه فان هذا سيهدم منطق الجامعة الجديدة من أساسه. التخوف الثاني أن هذه البيروقراطية هي نفسها التي جعلت الدكتور أحمد زويل يلعن اليوم الذي فكر فيه في بناء جامعة علمية وتكنولوجية في مصر، وبالمناسبة فان نفس الأرض التي يقام عليها الحرم الجامعي لجامعة النيل هي نفس الأرض التي تم تخصيصها من قبل لجامعة الدكتور زويل. (ولو أن الدكتور خليل والدكتور مصيلحي يريان أسبابا أخري لفشل مبادرة زويل، منها أن الطرفين - أي الحكومة وزويل- كانت توقعاتهما مبالغ فيها، وأن زويل عالم والعلم مختلف عن التكنولوجيا، ففي المؤسسة العلمية تنفق علي العلم كثيراً وتحصد الثمار متأخراً، أما جامعة النيل فتقوم علي التكنولوجيا أكثر، والثورة التي حققها بيل جيتس مثلا لم تكن نتيجة بحث علمي بقدر ما كانت تكنولوجياً. ولهذه متطلبات ولتلك متطلبات أخر). التخوف الثالث هو أن الجامعة الجيدة ليست تخصصات جيدة وحديثة فقط وإنما هي أيضاً روح أكاديمية، والروح الأكاديمية لا توجد إلا بوجود الحرية الأكاديمية، وبالاستقلال الحقيقي للجامعة. فإلي أي مدي يمكن ان تحقق هذه الجامعة الحرية الاكاديمية والاستقلال الحقيقي اللذان لا نكاد نجد لهما أثراً في المؤسسات الجامعية القائمة؟! التخوف الرابع هو أن هذه الجامعة ظهرت إلي حيز الوجود في عهد الدكتور نظيف وبفضل تشجيع فريق تكنولوجيا المعلومات وثيق الصلة به. فماذا سيحدث لها بعد أن ينتهي تاريخ صلاحية حكومة نظيف في يوم سيأتي عاجلاً أو آجلاً؟ (خاصة وان الخبرة المصرية تقول لنا أنه ما من حكومة حافظت علي مشروع كبير بدأته الحكومة السابقة عليها رغم أن كلها حكومات الحزب الوطني؟!) لكن رغم هذه التخوفات .. دعونا نأمل أن تكون جامعة النيل إضافة نوعية إلي التعليم الجامعي المثقل بالهموم والسلبيات، وأن تكون هذه الجامعة الجديدة بمثابة إعادة اعتبار لمفهوم الجامعة الأهلية، المرتبط بمفهوم النهضة، وأن يشعر كل مصري يضع جنيها أو بضعة جنيهات في هذه الجامعة بأنه يشارك في بناء نهضة مصر.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صدق أو لا تصدق : عدد المستهلكين الغاضبين 65 فى عموم مصر!
-
أكاديمية السادات.. الابن
-
دولة -القانون -.. وإمارة - الفتوى -
-
الحكومة تخالف القانون مع سبق الإصرار والترصد
-
بكوات .. وهوانم جاردن سيتى 2
-
نقش معاصر علي جدارية عريقة
-
بكوات و.. هوانم جاردن سيتى (1)
-
محنة المسيرى
-
القطن المصرى .. عزيز قوم ذل!
-
كربلاء المصريين!
-
تعليق أخير على الثقافة المحاصرة
-
من الأوّلى بالدفاع: ثقافة مصر .. أم وزير الثقافة؟!
-
الجبهة الديموقراطية.. أمل جديد
-
حتى لا تكون حماية المستهلك مجرد شعار
-
العِبَارة .. فى العبَّارة!
-
انتبهوا أيها السادة: مؤامرة لاغتيال عقل مصر!
-
تعارض المصالح .. للمرة الألف
-
البيئة .. والسياسة
-
نهاية الرئيس العاشر للبنك الدولى
-
إلا رغيف العيش
المزيد.....
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|