أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - خيانة كامب ديفيد















المزيد.....

خيانة كامب ديفيد


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 596 - 2003 / 9 / 19 - 02:17
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



 
     حدث ذلك في اليوم الأول من المحادثات الإسرائيلية – المصرية. بعد زيارة الرئيس أنور السادات التاريخية إلى القدس. فقد عقدت المحادثات في "مينا هاوس" وهو فندق أجلّه التاريخ ويتواجد مقابل الاهرامات.
     وقد رفع المصريون أمام المبنى أعلام  جميع الدول العربية التي دعيت للمشاركة في المحادثات (وبالطبع لم تحضر أي دولة من هذه الدول). وقد رفرف على أحد الأعمدة العلم الفلسطيني.
     بينما كنت في طريقي إلى المبنى متسلقا أدراجه، قابلت فجأة رئيس هيئة الاستخبارات الإسرائيلية، وهو في طريقه يخرج مسرعا من المبنى. ولأننا كنا عدوين لذوذين، فوجئت به يتوجه إلي  قائلا: "أوري هل يمكنك مساعدتي؟ ما هو شكل علم منظمة التحرير الفلسطينية؟".
    فأجبته "هذا ليس علم منظمة التحرير الفلسطنية، بل هو العلم الوطني الفلسطيني"، ورسمت صورة العلم على قطعة من الورق.
     "يا للهول!" صرخ رئيس الاستخبارات, "لقد رفع المصريون هذا العلم أيضا!"
     عاد مسرعا إلى قاعة المؤتمر، وبعد بضع دقائق أنزل المصريون فجأة كل الأعلام، واختفى العلم الفلسطيني أيضا.
     هذه الحادثة الصغيرة ترمز إلى كل ما حدث في المفاوضات السلمية الإسرائيلية-الفلسطينية، والتي كان أوجها مؤتمر القمة (الأول) في كامب ديفيد، في الخامس من أيلول من عام 1978.
    في هذا الأسبوع، ومع مرور 25 عاما على ذلك المؤتمر، نشرت في الولايات المتحدة وثائق سرية من تلك الفترة. أما ما يثير الاهتمام من بين هذه الوثائق، فهي وثيقة تحتوي على قائمة بالنصائح التي أسدتها وزارة الخارجية الأمريكية إلى الرئيس جيمي كارتر، عشية خروجه إلى مؤتمر كامب ديفيد.
    يحتوي هذا المستند على بعض التفاصيل الطريفة، التي تشهد على الأعمال التحضيرية الدقيقة التي قام بها الأمريكيون. فعلى سبيل المثال، جاء هناك أن بيغن يأوي إلى النوم الساعة الحادية عشرة ليلا، ويستيقظ من نومه الساعة الخامسة صباحا.
     وقد جهز الأمريكيون مسبقا، قبل بدء المؤتمر، نصا كاملا للاتفاقية المرغوب فيها. دون استشارة الطرفين. يشبه هذا النص، إلى حد كبير، النص الذي تم التوصل إليه في نهاية الأمر. كارتر كان رجلا يحب حسم الأمور.
     وقد كان الشعب الفلسطيني، بالطبع، هو الضحية الرئيسية لمعاهدة كامب ديفد. فالامريكيون كانوا قد قرروا مسبقا بأن لا مكان لدولة فلسطينية مستقلة، بل نوع من الحكم الذاتي الذي سيتيح استمرار الاحتلال الإسرائيلي بشكل عملي. وقد اهتم بيغين بألا يرد في المعاهدة أي ذكر لحكم ذاتي في المناطق المحتلة، بل حكم ذاتي "للسكان" فقط. أي أن يسمح لهم بحل مشاكلهم بنفسهم فيما يتعلق بمشاكل الصرف الصحي وربما بالتعليم والصحة أيضا.
    لقد تجسد التنازل الوحيد الذي قدمه بيغن في أن تذكر الاتفاقية احتياجات "الشعب الفلسطيني" العادلة. ولكن هذا الذكر عقبه إنكار فوري: فقد تم إرفاق المعاهدة بوثيقة تقضي بأن أي ذكر "للشعب الفلسطيني" يُقصد به "عرب أرض إسرائيل".
     الشعب الفلسطيني لم يكن ممثلا طبعا، في مؤتمر كان سوف يحدد مصيره. فهذا الشعب لم يسأل عن أي شيء ابدا. وقد قرر كارتر وبيغن والسادات مصير الفلسطينيين وكأنهم قبيلة من قبائل الهنود الحمر.
     والسؤال هو: هل قرر السادات أن يقدم مسبقا الشعب الفلسطيني ضحية على مذبح المصالح المصرية. أو أنه قد تم توجيهه إلى هذا الموقف خلافا لإرادته؟ ولأنني كنت اقدر وأحب هذا الرجل، كنت أميل دائما إلى الاعتقاد الثاني. إلا أن الأمريكيين اعتقدوا مسبقا بأن السادات يهتم بالمصالح المصرية فقط، وليس بالمصالح العربية عامة. أي أنه كان على استعداد للقذف بالفلسطينيين إلى الجحيم بهدف التوقيع على معاهدة سلام منفردة مع إسرائيل والفوز بنبل الأمريكيين (وأموالهم).
     منذ البداية، تخوف السادات من قدرة الأمريكيين على عرقلة مبادرته. لذلك، لم يبلغهم أبدا بنيته في التوجه إلى القدس. وقد روى لي السفير الأمريكي في القاهرة، في تلك الأيام، أنه قد فوجئ كما فوجئ جميع قراء الصحف.
     ويبدو الطرف الفلسطيني في هذه القضية كما يلي: ياسر عرفات يعمل في تلك الآونة كوسيط على حل نزاع نشب بين مصر وليبيا. وفجأة أبلغ بأن السادات ينوي إلقاء خطاب في البرلمان المصري، ويطلب حضوره بشكل خاص. وفي هذا الخطاب ألقى السادات قنبلته بشأن نيته إلقاء خطاب في الكنيست. وقد تم تصوير عرفات وهو يصفق بشكل عادي، كما صفق كل الحاضرين. وفجأة استوعب بأنه سقط في فخ نصب له. وكان وقع المفاجئة عليه شديدا.
     من الممكن أن يكون عرفات قد فكر لبضع لحظات في التعاون مع السادات، آملا في أن يناضل الرئيس المصري من أجل قيام دولة فلسطينية، ولكن عند وصوله غداة ذلك اليوم إلى بيروت، وجد أن الشعب الفلسطيني يغلي غضبا على السادات. فلأول مرة، طيلة مسيرته، يقف عرفات أمام تهديد يعترض مكانته. لم يكن لأي إنسان أن يصدق بأن السادات لم يحدث عرفات عن نيته، ولذلك اتهموا عرفات بالتعاون معه. ولم يتم ردم هوّة الشكوك القائمة بين الفلسطينيين والمصريين حتى يومنا هذا.
     تفيد الوثائق بأن المستويات الرفيعة في الإدارة الأمريكية قد آمنت بأنه من الممكن حل المشكلة دون إقامة دولة فلسطينية حقيقية. قبل سنتين من ذلك الوقت، كان قد أقيم "المجلس الإسرائيلي من أجل السلام الإسرائيلي-الفلسطيني" وقد شرعنا بعقد لقاءات مع زعامة منظمة التحرير الفلسطينية. كنا على قناعة تامة بأنه لا يمكن التوصل إلى سلام حقيقي دون إقامة دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل.
     هل كنا نحن - كمجموعة قليلة من الإسرائيليين – اكثر ذكاء من تلك الإدارة الهائلة في الولايات المتحدة، بآلاف خبرائها وعملائها، حتى الرئيس نفسه؟
     على أية حال، تم إهدار 25 سنة أخرى حتى تقبلت الإدارة الأمريكية (على الأقل من الناحية النظرية) مبدأ "دولتين لشعبين". خمس وعشرون سنة من سفك الدماء والحروب والانتفاضات. آلاف القتلى من الجانبين، ولا تلوح في الأفق أي بارقة أمل.
     كان من الممكن تحاشي كل هذا لو ترأس أهم مجلس في العالم أناس أكثر ذكاء، ولو كان الزعماء الإسرائيليون والمصريون ذوي قدرة على النظر إلى ما هو أبعد من أنوفهم، ولو لم يتملصوا من المسئولية التاريخية التي كانت ملقاة على عاتقهم  – بيغين عن طريق الاهتمام "بالتفاصيل الدقيقة" والسادات عن طريق الاهتمام "بالأفكار الكبيرة".
 

 



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بطل الحرب والسلام
- ثورة الضباط
- من سينقذ أبا مازن؟
- صوت لأسيادهم
- نحن الوطنيون
- افضل مسرحية في المدينة
- هم يُقتلون
- الآباء يأكلون الحصرم
- زيارة عرفات؟ عجبا
- الجدار السيئ
- لا تحسدوا أبا مازن
- يقرعون الباب في منتصف الليل
- بعد انقضاء الليل
- تصورات أخرى حول الحرب - أين الخطأ؟
- الأرز المُر - التصورات حول الحرب
- هجم الذئب؟
- أين الورقة إذن؟
- لا عليكم، كلوا الشوكولاطة
- رجل يواجه العالم بأسره
- حرب ذات رائحة لا صلة لهذه الحرب بالإرهاب


المزيد.....




- الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر ...
- لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع ...
- -حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم ...
- هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
- فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون ...
- ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن ...
- محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - خيانة كامب ديفيد