أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بوعبيد عبد اللطيف - ارهاصات فلسفية: العمل والابداع














المزيد.....

ارهاصات فلسفية: العمل والابداع


بوعبيد عبد اللطيف

الحوار المتمدن-العدد: 1955 - 2007 / 6 / 23 - 06:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يرنو الإنسان بطبعه إلى الراحة والكسل,لأنه كائن محافظ بامتياز , فهو يعمل دائما على الحفاظ على نمط عيشه وقيمه وتفكيره, ولا يسعى إلى تغييرها على المستوى العملي والسلوكي, ولو كانت رغبته دائما وعلى مستوى التفكير فقط تدفعه إلى الاهتمام بالانتقال للأفضل, لكن تبقى تلك الرغبة مرتبطة فقط بأفكاره ولا يحاول تفعيلها على المستوى السلوكي, حتى في الحالات التي تستدعيه ذلك أحيانا. هذه الحالة هي التي تحدد الغالبية القصوى من البشر, لذلك فالطبيعة الجماعية البشرية هي طبيعة محافظة, ولذلك يبقى الإبداع خاصية استثنائية فردية وليست جماعية, لكن لماذا حالة المحافظة هاته؟, الإنسان يخاف المجهول والسقوط في خطر نكوص مستواه وحالته الراهنة, وربما ذلك له علاقة بعقدة الخوف. وعقدة الخوف تتأصل من عقدة الخوف من الموت, ينشئها لديه الثقافي والاجتماعي والنفسي والبيولوجي. لأن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعيي موته ومنه نشأت عقدة الخوف, فإن أي تغيير يرتبط لديه ليس بالضرورة على مستوى الوعي فهو غالبا ما يحدث على مستوى اللاوعي, بخطر الوقوع في الموت, لذلك يضل التغيير مرتبط بدرجات متفاوتة من القلق والصراع الداخلي, قد لا يعييها الإنسان أحيانا, القلق من مجهول سيكونه الفرد بالنسبة لقيم وتصورات سائدة وصراع بين معنيين مختلفتين معنى يحاول تغييره ومعنى يسعى لتحقيقه, لذلك تبقى الرغبة في التغيير مرتبطة فقط بمجال الأفكار ولا ترقى لديه إلى مستوى الفعل السلوكي, هذا الركون لعدم التغيير يجعل طبيعة الإنسان محافظة ومعيقة في الآن نفسه للوصول لحدود حرية الإنسان وقدراته, لذلك يصبح العرف والتقاليد والقيم والسلوك المصاحب لها معيقات خلقها الإنسان نفسه ليوفق بين قلقه الداخلي ومجال تفكيره و مجال الوجود الخارجي عنه, ما علاقة ذلك إذن بصيرورة العمل والإبداع؟, العمل هو ضرورة للحياة وللاستمرارية, حتى في حالة اللاّ عمل أي غياب أي نشاط بدني أو عقلي يساعد في عملية الإنتاج, تكون هناك صيرورة لعميلة العمل السابقة سارية المفعول في ذات الفرد لأنه لا يمكن تصور حياة بدون نشاط وحركية, ولو على المستوى الذهني, لكن العمل هو صيرورة لمجهود يبدله الفرد, نشاط عضلي أو فكري يفرض استهلاكا للطاقة على المستوى البيولوجي لديه, هذا المجهود يحقق تعبا, والإنسان يعمل على محاولة تخفيف هذا التعب, من خلال بحثه عن منافذ لللذة في العمل الذي يقوم به عبر دفع ذلك الإحساس خارجه, بانتظار نتائجه و بإشراك الآخر عبر نظرته وتقييمه لذلك العمل, الذي لا يتحقق إلا داخل جماعة تعيي ماهية العمل,و بموازاة ذلك يدفع تلك الأحاسيس أحيانا إلى الداخل ولا يشعر بلذتها إلا من خلال عميلة القلق التي تحققه لديه والتي يحاول أن يسيطر عليها أو يتجاوزها والتي تصل أحيانا إلى درجة الصراع الداخلي. من هنا يمكن أن نتسائل هل عمل النمل أو النحل, يعتبر عملا أم هو إسقاط بشري تصوري على سلوك غريزي لدى كائن آخر يسمى نملة؟. إن النشاط الذي تقوم به النملة لا يمكن أن نسميه عملا, لأنه يفتقد لخاصية التصور العقلي الذاتي والانفعالات النفسية المصاحبة للعمل وتمثل مفهوم التعب والإرهاق والقلق والنجاح والفشل... إلخ.

طول التاريخ,الإنسان, حاول أن يخفف من التعب الذي يحدثه العمل, ويظل كل ابتكار جديد في حياته هو محاولة على تحقيق تلك الرغبة المتأصلة لبحث دائم على التخفيف من تعبه, رغبة منه في تحقيق الرفاهية والراحة, منذ ابتكار العجلة إلى ابتكار الكهرباء, والعمل هو الذي يمكن أن يحقق هذا الانتقال من حالة المحافظة إلى التغيير, لكن أمام صيرورة التقليد التي تعمل على الحفاظ على طاقة الفرد من إبدال جهد سواء فكري أو عضلي وللوصول إلى نفس النتيجة و الخضوع لمجموع العوائق التي حددناها في القيم والأعراف والتقاليد ومجموع التصورات والادراكات التي تنتجها والتي تكون سابقة لوجود الفرد الفيزيقي هي التي تحد من عميلة الإبداع وتجعله خاصية استثنائية وليس عامة إن هذا الخضوع اللامشروط هو الذي أعاق ولقرون عديدة أي عملية إبداع في الفكر العربي, وخاصة في العصر الحديث والمعاصر. العمل, يعمل على الحفاظ على نسق عام قائم سواء من الأفكار أو القيم وهو بذلك يحافظ على طبيعة التنظيم القائمة التي انخرط فيها الكائن, لذلك جميع الأديان حثت على العمل وتأصيله, والفلسفات كذلك. مما يجعلها هي الأخرى محافظة رغم ثوريتها, لذلك فلإبداع لا يتـأتى إلا في ظروف القلق الدائم والفوضى والإحساس بالخطر أو في حالة الإحساس بالمتعة المصحوبة في الإنجاز, ورغم الجهد والتعب الذي يسفر عنه ذلك الإنجاز.



#بوعبيد_عبد_اللطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتصار الجهل
- أنا, أنا وأنت, أية علاقة؟
- الموت: الوجود الذي لا ننتمي إليه
- مشاهد


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بوعبيد عبد اللطيف - ارهاصات فلسفية: العمل والابداع