أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ربحان رمضان - مرايا السجن - 5














المزيد.....


مرايا السجن - 5


ربحان رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 1955 - 2007 / 6 / 23 - 06:12
المحور: سيرة ذاتية
    


عصبة الاختلاس
جمعتني بالسيد جريس ألتون * المجامع ، والمستر الذي له ولبقية أفراد عصبته امتياز خاص من بين كل نزلء الفرع – المداني حتى تثبت برائتهم – بعكس ماقال الرئيس الأسد : " المتهم برئ حتى يدان " .
و المقبوض عليهم إمّـا لتقريير ، أو اتباه ، أو لصلة رحم مع متهم مطارد أو سياسي مهدد بالإعتقال توارى داخل أو خارج البلاد .
بقدوم عصبة الاختلاس هذه تغير النظام اليومي الذي اعتدنا عليه فيما سبق ، حيث بدأت الصحف الناطقة بلسان الحزب الحاكم تتوارد غلينا ، بدأنا نستطيع التحدث ، وأصبح السجان بدخوله علينا يؤدي التحية للسيد المذكور الذي بدت عليه إمارات الغنى والرفاه بعد حياة مضنية قضاها برتبة عريف متطوع في الجيش .
إن البلاك الذي كان يزين معصمه ، وأزرار القميص ، والخواتم الذهبية الجميلة رأيناها في اليومين الأولين فقط لدخوله غرفتنا المضيافة ، وذلك قبل إهدائها " للبعض " عن طيب خاطر أو بالإكراه مما َطمـّع البعض من التزلف إليه ، وأصبحوا ينادونه يوميا ً لينفث سيجارة تفرج همه عنـّا نحن الثرثارين .
وكثيرا ً ماكانوا يدعونه لأخذ حمام ساخن يعود بعدها لينشف جسمه المترهل بمناف ملونة تنبعث منها رائحة الصابون الزكية ، على حين أن مناشفنا كانت قمصاننا الداخلية ذاتها ، ولشـدّ ماحلمنا بمنشفة ملونة وجميلة ، كما حلمنا بالفراش الوثير ، وفنجان القهوة الصباحي .
جريمتنا هي الفكر الذي لالون له ولا رائحة مما حدى بسجانينا أن يعتقلوا كل من جعل الفكر شكلا ّ على الورق ، أو رائحة في الهواء .
حاولوا أن يكمّـوا أفواهنا ، ويسـدّوا أنوفنا ، ويحـلّوا عقدهم النفسية الناتجة عن أوضاعهم الاجتماعية السيئة من خلال ممارسة أساليب مبتكرة من التعذيب لمن في غرفتنا ( وغرف لايعلم عددها إلا الله) التي لا يُعرف فيها وقتا ً او تاريخ .

السيد ألتون يملك حصة في بواخر تمخر عبر البحار ، و أسهم (حصة) في معمل للحديد في جزيرة قبرص .
اتفق مع ضابط برتبة عميد (بيرم) على استيراد الحديد لحساب مؤسسة الاسكان العسكري ، غير أن إضافة بضعة أصفار على كل فاتورة أضافت أرباحا ً طائلة لكل الشركاء والمتعاونين معهم ، ابتداء من حرس المستودعات وإنتهاء ً بمدراء الفروع ، سجلت خسارة فادحة للوطن لم يحدث مثلها منذ أن أعلنت حالة الطوارئ ..
لم نكن نستطيع التعرف على العميد لأنه كان في زنزانة خارج غرفتنا ، أما أخوه (صلاح) فقد صرح ولأكثر من مرّة بأنه يخرج إلى الحديقة يأخذ حماما ً شمسيا ً ، وأنهما يتناولا الطعام على مائدة السيد العميد مدير جميع سجاني الفرع .
أما زملائهما فقد أسرّوا و (على ذمة الراوي) بأنهما والسيد ألتون يزوروا عوائلهم في بيوتهم المتنائرة في أحياء دمشق وباستمرار .
زملائهم كانوا يحوّلوا ماتبـّقى من الفواتير إلى مستودعات المؤسسة ليصار إلى بيعها في السوق المحلية لحسابهم الخاص ، ويقبضوا عمولتهم من البائع والمشتري ، والخاسر طبعا ً هو العب الذي أعيته كثرة الضرائب وارتفاع الأسعار المستمر .

****************
العم محمد ديب عليان ( ديبو محمد ديب عليـّان من مواليد حارم /1914 / ) ٌأعتقل كرهينة عن ابنه الموجود منذ سنوات خارج البلاد ) عاش ولفترة طويلة بجانبي في زاوية الغرفة اليمنى المقابلة للباب ، كهل عمره اثنان وسبعون عام ، رجل بكل معنى الكلمة ، صبور أكثر من النبي أيـوب .
كان واحدا ً من الثوار السوريين الذين قارعوا الاستعمار الفرنسي ، ومن المحاربين القدامى الذين ٌأفتتح بأسمائهم رابطة قرب حديقة السبكي بدمشق وذلك في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد اسمها رابطة المحاربين القدماء .
طويل القامة ، أهدج الصوت ، ٌحفرت الأخاديد في وجهه ، وأحنت له ظهره ، يمتاز بذاكرة لاتخونه أبدا ً .
كان يحفظ الكثير من آيات القرآن ، والشعر ، حتى أنه كان يشاركنا مباريات العر التي كنا نمضي بها الوقت الطويل ، ويقص علينا مايعرفه من الحكايا والأمثال الشعبية ، حفظت من محفوظاته بيتا ً مشهورا ً لأبي الطيب المتنبي حيث يقول :

ع عزيزا ً أو مت وأنت كريم
بين طعن القنا وخفق البنود

بعد تسعة أشهر ونيف من اعتقاله سقط على رض الحمام لكثرة مااستعجله السـجّـان على الخروج منه ، أصبح يعرج في مشيته عند ذهابه وإيابه إلى المرحاض ، ويئن من الألم جرّاء إصابته بكسـر في الحوض ، بقي دون علاج ، ولم يكن له مكان يتمدد فيه .

***************

كانت عصبة الإختلاس متأكدة من إنصافها ، ومن النزاهة والعدالة التي ستنفذ بحق أفرادها .
وكنّـا نحلم بمحكمة علنية يشهد فيها الناس والتاريخ على برائتنا من جريمة لم نفعلها .
كنا نحلم باليوم الذي سيحاسب فيه المجرمون الحقيقيون .
حلمنا ولا زلنا بالديمقراطية وبمســـاواة .. وعدالة .. وغد ٌ مشــرق .. ومستقبل سعيد .. ومفاهيم أخرى كثيرة ..
ربما .. ربما يتحول الحلم إلى حقيقة ..

*********
* ورد اسمه في القائمة السوداء بعد سقوط النظام الديكتاتوري المقبور في بغداد .



#ربحان_رمضان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرايا السجن - 4
- مرايا السجن 3
- مرايا السجن - 2
- مرايا السجن - 1 -
- خير جليس .. (كتاب) !!
- من يوميات لاجئ سياسي أو منفي رغما ً عن أنفه
- العمل في بطن الخزان - قصة قصيرة بمناسبة يوم العمال العالمي
- العمل في مؤخرة المدينة
- السابع عشر من نيسان – اليوم الوطني لسوريا
- تعقيبا ً على محاورة الزملاء في صحيفة ولاته مه مع السيد فرهاد ...
- سأحتفي وأنتم معي بالنوروز
- نم قرير العين ففي بقية الرفاق أمل مهداة إلى الرفيق الشيوعي س ...
- رئيس الجمهورية يعفو
- !!كلام معسول ، كلام مسؤول يمكن التراجع عنه
- اعتقادات خاطئة
- تهانيَّ القلبية للأستاذ محمد غانم (الحر) المطلق السراح
- الحرب غير المتوازية للكاتب السوري مازن بلال
- اريد أن أموت في فلسطين للروائية هدى حنا
- قراءة في كتاب الأكراد للدكتور أرشاك بولاديان
- قراءة في كتاب - سقط سهوا ً مجموعة قصصية للروائية السورية حسي ...


المزيد.....




- -أسوأ معاملة إنسانية-.. قائد شرطة يتحدث عن رجل زُعم أنه كان ...
- مباشر: كييف تبدأ بتشكيل فريق لمراقبة هدنة محتملة وويتكوف ينق ...
- حماس توافق على الإفراج عن جندي إسرائيلي-أميركي وجثامين 4 من ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير 29 بلدة في كورسك و4 بلدات في دونيت ...
- مهرجان الألوان الهندوسي يجذب الملايين
- مصر.. الأمن يلقي القبض على مسن بتهمة التحرش بطفلة
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في كورسك
- -حماس- تعلن موافقتها على مقترح تسلمته من الوسطاء لاستئناف ال ...
- حاسوب أمريكي يحل مشكلة معقدة أسرع بمليون سنة من الحواسيب الع ...
- سوريا.. أهالي السويداء يرفعون علم الموحدين الدروز في ساحة تش ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ربحان رمضان - مرايا السجن - 5