أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - انت في القلب يا غزة














المزيد.....


انت في القلب يا غزة


خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 1955 - 2007 / 6 / 23 - 07:04
المحور: القضية الفلسطينية
    


كنا نتحلق حول التلفاز كدأبنا كل ليلة- وكدأب كل فلسطيني على هذه الأرض.. كان الصمت يخيم علينا.. منفعلين بشكل لافت.. وأعصابنا مشدودة.. وكنت شخصيا مهيأ لألطم وجه أي فرد من أفراد أسرتي لو تكلم أو احدث ضوضاء وشوش علينا الهدوء.. الحزن كان باديا على الجميع.. والعيون متحجرة لهول ما كنا نرى من مناظر تقشعر لها الأبدان في ارض قطاعنا الحبيب.. جثث في الممرات ودماء على الأرض والجدران.. جرحى يئنون في الطرقات وتدوسهم نعال أولئك المسلحين المقنعين-- شديدي السواد-- وكأنهم الغربان.. يطلقون النار في كل الاتجاهات-- على الأبواب والشبابيك.. على السيارات وعلى كل شيء يتحرك.. وأصواتهم تتعالى، وقهقهاتهم المجنونة تصدح في كل الأرجاء.. وفي لحظة ما ولبشاعة المشهد فكرت أنني أشاهد احد أفلام الاكشن الأمريكية.. أفلام الرعب وعصابات المجرمين.. لكن الجريمة كانت ساطعة، فالصورة بالمكان والشخوص واضحة.. وموضوع الشريط كان اقتحام قوات التنفيذية وكتائب القسام لمقر الأمن الوقائي الفلسطيني في مدينة غزة، وليس اقتحام موقع عسكري صهيوني.. والمذهل حقا أن المقتحمين سجدوا على الأرض.. وصلوا عندما أنجزوا مهمتهم.. وأجهزوا على كل من كان من عناصر الأمن الوقائي في المقر ..
وزادنا ألما صوت سامي أبو زهري القائد الحمساوي الكبير، الذي جاء ليعلن بعد ذلك انتصار حركته المحقق.. ويقول: لقد حررنا غزة للمرة الثانية ممن نعتهم بقطعان الفتحاويين والأجهزة الأمنية.. عندها انحبست الكلمات في أفواهنا، وانحبست الدموع في أعيننا.. وأطرقنا برؤوسنا جميعا-- أنا وزوجتي وأبنائي الأربعة-- وسيطر الوجوم علينا، وألف سؤال وسؤال كادت تفجر أدمغتنا.. أمعقول ما نرى ونشاهد أم أن ما نراه ونسمعه خيال بخيال ..؟؟ وهل هذا يجري حقا في غزة الفلسطينية أم انه في العراق أو في الصومال..؟؟ هل هذه هي حماس الإصلاح والتغيير التي حصدت أصوات الناخبين حصدا..؟؟ وهل هذه هي كتائب القسام التي وعدت شعبها بالتحرير وقدمت الشهداء قوافل على طريق الحرية..؟؟ ألهذه الدرجة كان المقاتلون محتقنين بالحقد على إخوانهم ورفاق دربهم..؟؟ ألهذا المستوى تمكنت الكراهية من نفوسهم وولدت لديهم الاستعداد لاهراق دم الآخر الفلسطيني..؟؟ ماذا تريد حماس وأي مشروع تنفذ..؟؟ هل أنجزت المشروع الوطني التحرري الذي وعدت به.. وحانت اللحظة التي كانت تنتظرها وتخطط لها منذ ولدت لتقيم إمارتها ومملكتها الخاصة..؟؟ وأي إسلام هذا الذي يبيح القتل والحرق والتدمير وإرهاب الناس..؟؟ وأي صورة سيحملها عنا العالم بعد أن رآنا كالوحوش نوغل بدماء بعضنا البعض..؟؟
وما أن انتهى عرض المشاهد المفزعة حتى انهال علي أبنائي بالأسئلة.. هل ما نشاهده يعني أننا لن نتمكن من الدخول إلى غزة مستقبلا إلا بتأشيرة دخول-- وكأننا سنصبح مواطنين من دولة أخرى..؟؟ وهل حلمنا بالتحرير وإقامة الدولة الواحدة الموحدة قد تبخر..؟؟ وهل سيكون لشعبنا الفلسطيني دولتان واحدة لحماس وأخرى لفتح..؟؟
أسئلة كثيرة أثارتها تلك المشاهد المرعبة الآتية من غزة، ولم يكن بمقدوري تقديم الإجابات الشافية على الكثير منها، فاستنجدت بكل ما اعرفه عن تاريخ فلسطين-- وغزة بالتحديد-- وبكل ما أكنه لغزة من الحب.. استنجدت بما اعرفه من تاريخ الحقب السوداء في تاريخنا العربي القديم والمعاصر، وبسير الطغاة والغزاة الذين مروا على هذه الأرض، وبتاريخ الحركات الأصولية والمتعصبين.. وحاولت أن اخفف قدر المستطاع من شدة الصدمة التي أصابتهم، وتسببت في زعزعة قناعاتهم بكل ما تعلموه عن وحدة الوطن ووحدة الشعب ووحدة الفصائل ووحدة المصير والهدف..
تحدثت عن غزة هاشم عن الشجاعية والرمال.. عن عمر المختار والوحدة.. عن القلعة التي حلم عتاة الصهاينة وقادتهم يوما أن يبتلعها البحر-- كي يرتاحوا منها لأنهم عجزوا عن ترويضها وارضاخها-- وكيف كانت وظلت جذوة الثورة التي لا تنطفئ، واستمرت تقاوم وتصمد وتتصدى وتصبر على الماسي، رغم فقرها وبؤسها وجوعها، وحصارها الممتد عبر كل الأزمان.. تحدثت عن الفدائيين وعن جيش التحرير ، وعن معجزة جباليا ومخيمات اللاجئين حصون الثوار.. تحدثت عن أسطورة رفح الصامدة وعن خانيونس ودير البلح وبيت حانون وبيت لاهيا وعبسان عن الشاطئ والمغازي والبريج والنصيرات والشبورة.. وكيف كل موقع وموطئ قدم في تلك الأراضي ظل يقاوم ويدفع ضريبة الدم كي تتحرر فلسطين.. تحدثت عن محمد الدرة وفارس عودة وهدى أبو غالية.. عن معين بسيسو وجيفارا غزة وعن أبو جهاد والشيخ احمد ياسين.. وعن آلاف الشهداء والقادة الذين استبسلوا وقاوموا الطغاة.. وسقطوا على ارض غزة ليخضبوا ثراها الطاهر بدمائهم الزكية..
وقلت لهم والدمع يكاد ينهمر من عيوني.. يا أبنائي إنها غمامة صيف سوداء، وحتما ستزول من سمائنا، وغزة باقية فينا كما نحن سنبقى فيها.. غزة لنا ارض فلسطينية وشعب فلسطيني.. جزء عزيز من حلمنا الكبير، الذي رسمناه كلنا منذ زمن بعيدا، وسيتحد جناحا الوطن-- قطاعه وضفته-- ليشكلا البداية للحلم الأكبر.. فلسطين.. يا أبنائي غزة ستصمد وستهدأ أمواج الشر وتتكسر على صخور شواطئها.. وسينحسر الطوفان الذي أراد ابتلاعها.. فشواطئ غزة أقوى واشد من كل العواصف.. ورجال غزة أحرار ميامين، وهم لم ولن يطاطئوا هاماتهم، ونساء غزة كما عهدناهن في بيت حانون-- لن يلدن إلا أبطالا أحرار.. وأطفال غزة كلهم فوارس على صورة فارس عودة-- ومن يكن قدوته فارس عودة فهو حتما سيظل مثل الحصان البري من الصعب ترويضه.. غزة ستلفظ الانقلابيين وستجبرهم على الاعتذار عما اقترفته أيديهم، وما سنوه من سنن تتناقض مع ما يتفق عليه الجميع في بلادنا.. ولن تقبل منهم أي تبرير لما حصل على أرضها من جرائم وانتهاكات.. والى أن يحصل ذلك.. لابد لنا-- بل وعلينا دين-- أن نقف مع أهلنا إخوتنا الغزيين.. وقفة صلبة متينة نساعدهم فيها على تجاوز المحنة.. ومنع تجويعهم وإغراقهم بالدم.. وهو ما يخطط ويعد العدة له أعداء شعبنا ومحتلي بلادنا الغزاة الإسرائيليين.



#خالد_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلمنا الذي تحول الى كابوس
- نداء من الشبكة الدولية للشباب الفلسطيني من أجل السلام والحيا ...
- واخيرا فعلها ابو مازن
- شعارات وهتافات لمظاهرة في ذكرى حرب حزيران
- هتافات لمظاهرة عمالية في رام الله أمام رئاسة الوزراء 29/5/20 ...
- الخمسة الكبار .. ذنوبهم اكبر
- العمال الزراعيين في فلسطين والاستغلال الفظيع
- في الحنين للديار الفلسطينية الاولى - ليلة من ليالي ام الزينا ...
- في ذكرى النكبة الكبرى للشعب الفلسطيني - مخاوف وثوابت اللاجئي ...
- في ذكرى النكبة الفلسطينية - من مفكرة لاجئ - يوم صمتت مدافع ا ...
- قصة كفاح ومعاناة عامل فلسطيني - من اجل لقمة عيش
- وزير يحترم نفسه
- حكومة للوحدة ام حكومة للفلتان
- في عيد الام - اه يا امي .. ما احوجني اليك
- لا صوت يعلو فوق صوت المحاصصة
- ليسمح لنا الاستاذ حافظ البرغوثي
- لا بد من إسماع رايس كلمة لا كبيرة
- الرفاق حائرون
- الشعب يتهم
- أشكال الاحتجاج الحالية ضد الاقتتال الداخلي لم تعد كافية


المزيد.....




- هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل ...
- في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو- ...
- الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م ...
- البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
- الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
- السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز ...
- دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
- ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد ...
- تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
- مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - انت في القلب يا غزة