سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 1954 - 2007 / 6 / 22 - 11:18
المحور:
القضية الفلسطينية
((مابين السطور))
منذ عامين على اندحار الاحتلال الإسرائيلي عن غزة, وفي تلك المحطة توقفنا لقراءة مابين سطور الأسباب, والتداعيات الحقيقية,لذلك الاندحار الخبيث, وكتبت حينها((هزيمة عسكرية أم مناورة سياسية)) وخرجت بنتيجة مفادها,أن ذلك الاندحار,مزيجا من الهزيمة والمناورة, وقد جاء القرار السياسي لقيادة الكيان,في ظل تقديرات شيطانية دقيقة, وفق خطة محكمة ,وذلك لتفادي تعاظم هجمة المقاومة الفلسطينية على مغتصبات غزة من كل الاتجاهات, وإمطارها بآلاف قذائف الهاون,فكان قرار الاندحار من طرف واحد, وذلك لتسويق ذلك الاندحار على أساسين, الأول: عدم وجود شريك فلسطيني للعملية السياسية, والثاني: من اجل تلميع قناع الوجه النازي للظهور بمظهر دعاة السلام, والحقيقة من وراء ذلك التوجه يكمن في محاولة مفضوحة وفاشلة,لعزل غزة عن باقي الجسد الفلسطيني, ومن ثم حصار غزة واستنزاف قواها الوطنية في حرب فصائلية ,من اجل التنافس على السيطرة والخروج بنصيب الأسد من مخلفات الاحتلال, والانشغال عن الأهداف السياسية الوطنية المصيرية.
عندها كتبت من اجل المساهمة في كشف المخطط والمؤامرة,تحت عنوان((لانقبل بفصل غزة عن الضفة الغربية)) ونشرت المقالة في وكالة وفا والقدس العربي, ومعظم الصحف الفلسطينية,بل كتبت استباقا لأي مخططات تلوح في دهاليز التسويات السوداء((دولة فلسطينية,, لاشرقية ولا غربية)) , وذلك ردا على بعض توصيات مراكز الأبحاث الصهيونية, باردنة الضفة الغربية, ومصرنة قطاع غزة, وبفضل وعي المقاومة الوطنية, والقوى السياسية بتلك المخططات السوداء, سقط الرهان الأول,على أول محك اختبار عملي, حيث قامت عصابات الاحتلال الصهيوني,بعمليات الاغتيال والعدوان الإجرامي ,على رموز المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية, وسقط رهان الفصل والعزل والتفرد, وردت المقاومة من غزة, بكل إمكانياتها الصاروخية والعمليات الحدودية, كصرخة غضب وتكريس لوحدة الهم والدم والمصير, لا للتفرد بشعبنا في الضفة الحبيبة, وكانت تلك الردود المباركة, بمثابة إرهاصات أولى وفاعلة,لسقوط المخطط الشيطاني الصهيوني بعد الاندحار.
وبدأت حملة دولية من قبل الكيان الصهيوني, احتجاجا على هجمة المقاومة من غزة, على أساس أن غزة أصبحت محررة, فما الداعي لمواجهة الانسحاب والتحرر على حد ادعائهم بالعدوان؟؟؟!!!
وقبل الأحداث الدموية المأساوية في غزة,فقد تركز الصدام السياسي مابين قوى المقاومة والقيادة السياسية, حول استمرار هجمة المقاومة بالصواريخ,من قبل كل فصائل وقوى المقاومة الوطنية والإسلامية, واعتراض القيادة السياسية على إطلاق الصواريخ, دون توافق مع المسار السياسي, وأصبح الشعار , إيجاد المبررات للعدوان الصهيوني جراء هجمة المقاومة, وعدم إعطاء المسار السياسي أي فرصة للتقدم ,وقد بلغ الصدام الخطابي إلى ذروته, فوصفت القيادة السياسية تلك الصواريخ,بالعبثية, والحقيرة, وألاعيب الأطفال, ولم تعير قوى المقاومة تلك الانتقادات الخطابية أي أهمية, واستمرت بتطوير هجومها وتكثيفه,فازدادت الفجوة بين القيادة السياسية وقيادات المقاومة لوطنية والإسلامية.
وقد لخصت حينهـا قراءتي لذلك المُنغلـق الوطنـي, بمقالة وتوصيات تحـت عنـوان(( عجز السلطة الشرعية والمقاومة الشرعية, عن إيجاد آليات للتعايش, وتوزيع الأدوار)) بل وما استرعى انتباهي أن ذلك الرفض والإصرار بدأ يأخذ منحى التحدي والعناد, فكتبت قبل الانفجار(( زمام المبادرة الإستراتيجية)) كخارطة وطنية للتوافق السياسي والعسكري من واقع خبرات الحروب وإدارة العمل العسكري وفق رؤيا سياسية تؤدي إلى بلوغ الأهداف الوطنية, والنتيجة عدم توافق وانفصام, وتنافر,مابين طرفي المعادلة السياسية والعسكرية, مما ينبئ بمزيد من التدهور والتصعيد الوطني كتحصيل حاصل لذلك الانغلاق والتحدي الأغبر.
واستمرت المقاومة الفلسطينية في توجيه جام نيرانها للعدو الصهيوني , حتى أثناء الهدنة التي اتخذتها حركة حماس من طرف واحد,نتيجة توليها زمام الأمور,بعد وصولها لسدة الحكم, نتيجة فوزها بالأغلبية البرلمانية,في الانتخابات التشريعية, وتشكيل الحكومة.
فلم تتوقف حينها كتائب الأقصى, وألوية الناصر, والسرايا,وكتائب أبو علي, وكتائب أبو الريش , عن القصف الصاروخي, وبدعم غير مباشر من حركة حماس,فتطورت المقاومة الحدودية والصاروخية, من حيث مدى تلك الصواريخ ودقة إصابتها الأهداف نسبيا,وبعد حصار حكومة حماس مؤخرا عادت كتائب القسام لخندق الصواريخ, مما زاد من تفاقم الوضع,بين القيادة السياسية, ومجموع قوى المقاومة الوطنية والإسلامية, بما فيها كتائب المقاومة التي تحمل اسم فتح((كتائب شهداء الأقصى)) المدعومة من حركة حماس, والتي لاتلقى أي دعم مركزي من الحركة, ووصول طرفي المعادلة الوطنية إلى النفور والانفصام الشبه مطلق, فطرف يطالب بوقف كامل للعمل السياسي,على اعتبار أن الدولة العبرية لا تتوقف عن عمليات الاغتيال الإجرامية, والمماطلة في التسويات السياسية, وعدم حاجة الكيان الصهيوني لمبررات كي يقوم بجرائمه, وبالمقابل الطرف السياسي يطالب بالمطلق, وقف عمليات المقاومة,خاصة الصواريخ, وفقد الطرفان أرضية لقاء التوافق الوسطي الوطني ,وعدم القناعة بانتهاج خطة توزيع الأدوار لتفادي الانغلاق والصدام,وذهب كل قطب في اتجاهه المغناطيسي المتنافر والمعاكس, مما عطل انسجام النسيج الوطني المطلوب بالمزج بين الخط السياسي وخط المقاومة من اجل الانجاز الوطني.
وبعد المنعطف الدموي والذي كان نتيجته سيطرة حركة حماس عنوة,على كامل المؤسسة المدنية والأمنية والعسكرية في قطاع غزة, تحت مبررات قمع التمرد, وعدم امتثال الأجهزة الأمنية لتعليمات القيادة السياسية المتمثلة بحكومة حماس,ومن ثم حكومة الوحدة الوطنية, ولسنا هنا في مجال الخوض في أحقية أو هزلية المبررات, فالمحصلة ونتيجة اختيار القوة العسكرية للحسم, كانت الكارثة الوطنية, التي أحدثت شرخا وطنيا يصعب التنبؤ بعواقبه.
وهنا وحسب النظرية والممارسة السابقة, من حيث تفعيل المقاومة ضد مغتصبات عمق الدولة العبرية, وادعاء قوى المقاومة سابقا بالعوائق والعراقيل ,التي تسببها القيادة السياسية, فقد اختلفت المعادلة بالمطلق,فبعد سيطرة حركة حماس بالقوة العسكرية,على مقاليد الأمور في غزة بالكامل, وسيطرتها على كميات ضخمة من الأسلحة والعتاد ,الخاصة بالسلطة الوطنية الفلسطينية, مما يدفعنا حسب معادلة الرفض والعناد والانفصام السابقة, إلى توقع تصعيد المقاومة,انطلاقا من النظرية والممارسة,على اعتبار تحررها من منغلق التنافر السياسي العسكري,فقد أصبحت المعادلة في غزة بشقيها, تحت سيطرة حركة حماس.
والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه, هل ستشهد المرحلة القادمة, تصعيدا في عمليات المقاومة, بحجم امتلاك زمام الأمور في غزة؟؟ وامتلاك وسائل ومواد قتالية وأمنية, تمكن حركة حماس, من إحداث نقلة نوعية على صعيد جبهة القتال مع العدو الصهيوني؟؟؟؟
أم ستخشى حركة حماس من أي تصعيد, قد يخلق مبررات, تعجل في عملية اجتياح صهيونية واسعة لقطاع غزة؟؟؟؟ وذلك من اجل انتزاع سيطرتها, وضرب قوتها العسكرية المتعاظمة؟؟؟؟
والسؤال الأهم:
هل ستعترض حركة حماس, التي سيطرت بالكامل على قطاع غزة, على إقدام باقي الفصائل والوحدات المقاومة, من الاستمرار بعمليات المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني؟؟؟؟ وتوفر لها الغطاء في أجواء أكثر حرية من ذي قبل ودعمها بالإمكانيات المتوفرة؟؟؟ أم ستعترض وتحاول منع المقاومة من أداء واجبها الوطني وفي هذا الوقت بالذات؟؟؟؟
وما يثير دهشتنا ولم يتم تأكيده أو نفيه, ماتناقلته وسائل الإعلام, عن قيام كتائب القسام باعتراض مجموعة من كتائب شهداء الأقصى, بعد قيامهم بقصف المغتصبات الصهيونية بثلاث صواريخ, وحدوث اشتباك , وعودة كتائب الأقصى إلى قواعدها!!!بل مايزيد استغرابنا الأخبار المتسارعة والمتناقلة عبر وسائل الإعلام , والتي تفيد اليوم,قيام مسلحون من القسام بالاعتداء على مجموعة من مجاهدي سرايا القدس شرق غزة, أثناء توجههم للقيام بعملية عسكرية ضد العدو الصهيوني, وحسب المصدر نفسه, أنهم ابلغوا من قبل القسام, أن المقاومة ضد العدو حكر على كتائب القسام!!! رغم أن حركة حماس لم ترد على تلك الأخبار حتى الآن بالإيجاب أو النفي,لذا فان التصعيد المتوقع يبقى ضبابيا,حتى نشهد انطلاقة فعلية,من قبل كتائب الأقصى, والقسام, والألوية, والسرايا, وكتائب أبو علي, وكتائب أبو الريش, أو نشهد جبهة هادئة على غير المعتاد,كي نستطيع قراءة مابين سطور المرحلة القادمة سياسيا وعسكريا.
وإذا كان المتوقع مزيدا من الهدوء على الجبهة, خشية الاصطدام مع القوة الأكثر سطوة وقوة في قطاع غزة؟؟؟ أم يكون الهدوء نتيجة توافق واتفاق بين مجموع قوى المقاومة؟؟؟ والى متى يتم انتهاج سياسة تبريد الجبهة؟؟؟؟؟؟
وهنا ننهي بما بدئنا به,ماهو مصير المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني ,في هذه المرحلة بالذات وفي مدى المنظور القريب؟؟؟؟
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟