أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طارق حربي - محنة الدينار العراقي















المزيد.....

محنة الدينار العراقي


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 595 - 2003 / 9 / 18 - 04:39
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


كلمات
-32-


ماطبك أيها الوطن مادواؤك:
اين دينارنا الأزرق!؟
تركع له آلهة البنوك
حبره يزغلل العيون وتركع له آلهة البنوك
الى عين الشمس يرفعه المرابي
الى عين الشمس
فيرى خيطاً رفيعاً
من دماء العراقيين لم يُزوَّرْ بعد
مقطع من نص (أيها الوطن) من مجموعة حرب 80


اصدرت العملة العراقية عام 1931 الدينار وكان قبلها الروبية، وهي العملة الهندية التي وضعت للتداول في العراق، بعد الإحتلال البريطاني عام 1917، وبقيت متداولة حتى العام1931.
 تعرض الدينار في العهدين الملكي والجمهوري إلى مد وجزر مثل سائر العملات، لكن لم يشهد محنة كاالتي شهدها خلال حكم الطاغية صدام.
 كمحنة الشعب العراقي محنة الدينار العراقي: الإثنان تعرضا للهتك وضعف الأرصدة والتهميش!
 رغم أن إنتاج النفط الفعلي وصناعته وتصديره بدأ قبل ذلك التأريخ بسنوات!
في الخمسينات من القرن الماضي كان أبي يكسب رزقه في الكويت.
ولما استقر في العراق بعد مجيء ابنه البكر الذي هو أنا، كان ثلاثة دراهم تكفي لمصروف البيت.
فجرا وقبل أن يتوجه إلى العمل كان أبي رحمه الله يضع المصروف على جهاز الراديو الكبير في (الديوانية)، ليعود مساء ويأكل لقمة حلالا، بعد فترة قصيرة تضاعف المصروف إلى ربع الدينار، فالنصف، ووصلنا مع الدينار إلى آخر الشوط : أكملناه كله وبدأنا بالدينار الثاني!
 نتيجة الطفرة النفطية في السبعينات من القرن الماضي، وليس بسبب إلهام وذكاء محور البكر - صدام، قوي عضد الدينار، حتى وصل إلى أعلى مستويات صرفه بالنسبة للدولار: الدينار الواحد ساوى أيامذاك ثلاثة دولارات وأكثر من ربع الدولار!
 انتعش الدينار والمواطن مر بمرحلة نقاهة من فقر الدم، امتلأت سلالنا بالغلال واكتمل سحر البنات تحت عنوان الخير يخير والشر يغير!
  في رحلات سياحية سافر الموظفون وأصحاب الدخل المحدود، إلى دول أوروبا الشرقية خاصة، اصطافوا وتمتعوا، حملوا معهم هدايا، وربما عاد الكثيرون منهم ببقية من الدنانير/الدولارات.
  ساح خالي الخياط بثلاثمئة دينار إلى بلغاريا مع زملاء له في العمل، تمتعوا واصطافوا وأنفقوا، ووزع هدايا كثيرة كماأذكر، واحتفظ لبيته (ميز ستيل) و(كاميرا) حديثة وغيرها، كل ذلك من بلغاريا الرفيق تيودور  جيفكوف، التي سترسل كلابها وشرطتها، بعد حوالي ربع قرن، لتعض ساق ابن أخيه فارس على حدودها مع تركيا، وكل ذنب ابن أخيه أنه كان هاربا من بطش صدام إلى سوريا فتركيا ف...!!!
 تدهور سعر صرف الدينار بسبب سياسة النظام الطاغي في تبديد الخيرات العراقية، مسلسل الحروب والعدوان على الشعب العراقي والجيران، ففي بداية الحصار الذي أثار الضحك والسخرية ورسخ ثقافة الجوع، بكل مافي التأريخ من ألم إنساني ووحشية، لم تبق للدينار قيمة، ووقفنا نحن العراقيين وأجيالنا على سقوطه المريع، في وقت راح فيه صرافو العملة في أسواق العراق، يزنون رزم الدنانير بالميزان لخفة وزنها وسوء حظها بين سائر العملات؟‍
حقا كم كانت مؤسية صورة الدينار في الميزان!!؟
  رأيت الدينار جاثيا على ركبتيه بعد أول ضربة حصار، لم أصدق، عدت عشرين عاما إلى الوراء وتذكرت: كان ابي يأخذني إلى محل مهدي عوده في الناصرية ويشتري قاط العيد بثلاثة دنانير، وعلى مبعدة أمتار قليلة يأخذني إلى محل عبد الله محارب، ويشتري لي حذاء مناسبا وكل ذلك لايتعدى الثلاثة دنانير، وفكرت في بداية الحصار:  إذا كان سعر الرغيف بدينارين وراتب معلمنا الحاج جواد ثلاثين دينارا، فكم رغيفا سيأكل في اليوم وماذا يطعم عائلته؟، كم يوما يكفيهم الراتب، وكان الفضاء في تلك الأيام مخنوقا مزرقا أكمد يحتاج إلى سيف غفاري وذلك ماكان في آذار.
 من أيام خيرنا الزائل طار دينارنا الأزرق بخفة الحواة من بين أيدي ابن العوجاء، ليصبح دولارا في جيوب مرتزقة العرب، من أقصى اليمين الى أقصى اليسار: صحفيين وكتاب وسياسيين وأحزاب وفضائيات وإرهابيين وغيرهم، سيمد هؤلاء أعناقهم في الفضائيات ويشتموا الشعب العراقي!!
يشتموننا ودينارنا مايزال في جيوبهم!؟
 وذكرت غير مرة، بأن بعض الدول العربية و(الإسلامية) خاصة، ظنت للأسف بأن قيمة المواطن العراقي تدهورت بتدهور قيمة ديناره، وسقط بسقوطه!!
 يالبؤس ماظنت به!!؟
حكى لي جدي بأن العراقي في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، كان لايأكل التوت إلا مفروشا على ورقه العريض، ويجاوز جاره محني الرأس، فقيرا كان الجار أم غنيا، ويقري الضيف بأكرم مما هو عليه الآن.
 يمكن القول هنا بأن بعض النفوس تغيرت فعلا، تحت ضربات مطرقة الحصار، وكان هؤلاء الناس قبل الحصار فقراء أصلا، أفقرهم ابن العوجاء بأن استلبهم ووضع أرزاقهم في جيوب العربان!
 سك الدينار العراقي لجوعنا طريقا حتى لم يعد بالإمكان مساواة جوعنا بجوع البشر، الهنود مثلا أو السودانيون، ومعلوم أن النفط يكاد ينعدم في ذينك البلدين!
من أبدع ماقرأت عن الجوع هي رواية جوع للكاتب النرويجي كنت همسن، ويصف فيها كاتبا نرويجيا يتضور جوعا بالفعل، حتى يصل به الأمر في إحدى نوبات الجوع أن يمتص الخشب، ليسكت معدته الخاوية!
 في بداية الحصار ومنتصفه ونهايته وحتى في الإنتفاضة، لم يكن لدينا ثمن شراء (المدكوكة) من بائع جوال في شوارع الناصرية، والمدكوكة ياسادة ياكرام هي عجينة الزهدي بالسمسم والزهدي كما هو معروف طعام يطعم به الفلاحون العراقيون حيواناتهم ولاأرخص منه في قائمة ال 300 نوع من التمور العراقية!
 الدينار العراقي الذي أمر بطباعته في مطابع دار آفاق عربية البعثية، المقبور حسين كامل، كان يتباهى وهو المعروف بغفلته وبلادته، بأن أعلى جسور بغداد التي بنيت مؤخرا، لم يكلف الدولة أكثر من (رولتين) من الورق!!
صرح بذلك وهو في منفاه الثوري في عمان سنتياغو العرب!
أي منطق كان منطق (رولات) الورق؟
 غلبت دينارنا عملات دول إقليمية: الدرهم والريال والتومان وحتى الليرة التركية التي تشكو فقر الدم 
في جيب عامل متعب في بلد الخيرات، ساح الحبر من الدينار والتصق وجه الطاغية على وجه الحصان حتى صار واحدا، فتعب الحصان من الجري وراء الخيط السري الممتد من الخطط التي ضيعت بلدا، وأشمتت فينا عربا يريدون والعراق في محنته ادخال ملايين العمال لنهبه من جديد، والعراق مليء بالبطالة وهذا كله من بركات ابن العوجاء
 أنظروا إلى أبناء شعبنا في المستقبل، في الخير والرخاء، ودينارنا الجديد!؟
راقبوا أيامنا القادمات بمحبة رجاء.
17.9.2003



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أين يأتي عمرو موسى بأيتام النظام للطعن بمجلس الحكم؟؟
- ظافر العاني إلى الوراء درّ
- في ذكرى انقلاب 17-30 تموز المشؤوم
- حرب
- شرعية مجلس الحكم وشرعية الأنظمة العربية
- مع المخرج السينمائي عبد الهادي ماهود
- رحم الله شيخنا أحمد الوائلي
- صوت الطاغية من جديد في قناة الجزيرة
- قبر مالك
- قصيدة حب إلى الأرض
- حول تظاهرات الضباط الأخيرة في بغداد!
- رسالة إلى أهلنا في الناصرية
- ساعات
- أين الرقم واحد ياجماعه!!
- أسلحة
- عبد حمود وفيصل القاسم
- نشيد كراج النهضة
- كلمات -17-
- حِصَّتي من النفط
- موت حارس الفنار - في الذكرى السنوية الأولى لمقتل محمود البري ...


المزيد.....




- هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش ...
- القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح ...
- للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق ...
- لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ...
- مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا ...
- رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
- الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد ...
- بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق ...
- فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
- العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طارق حربي - محنة الدينار العراقي