|
قضية الصحراء الغربية و مبادرة -النهج الديمقراطي- للوساطة
و. السرغيني
الحوار المتمدن-العدد: 1952 - 2007 / 6 / 20 - 07:13
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
تقديم: على إثر ما اتخذه حزب "النهج" كمبادرة للوساطة بين النظام القائم و بين جبهة البوليساريو.. عرفت صفحات الجرائد و بعض المواقع الالكترونية.. نقاشات ساخنة منها ما همٌ الموضوع مباشرة و منها ما تشعب ليحيط بقضايا أخرى، و منها كذلك ما سقط في مستنقع السب و التشهير و التجني المقيت في حق الرفاق المخالفين و المعترضين على المبادرة، من داخل و خارج التيار. و لكي لا نتسرع في الرد على ما لاحظناه يستحق الرد، توخينا الحذر و التريث لكي تكتمل الصورة حول ما يريده "النهج" من خلال هذه المبادرة، و لكي نفهم أكثر ملابسات المبادرة، هل هي فردية، اتخذها الكاتب الوطني ع. الحريف؟ أم حزبية معبرة عن تيار الأغلبية؟ أم فقط مبادرة مندرجة في سياق التراجعات التي انخرط فيها قادة منظمة "إلى الأمام" و التي لا و لن تحتاج من "النهج" أجهزة و قواعد.. سوى التأييد و الإجماع!؟ و بغض النظر عن طبيعة الانتقادات و عن طبيعة المنتقدين، سنحاول من خلال هذه المساهمة الدلو بدلونا لا فيما يخص القضية موضوع النقاش و فقط، بل و للإسهام كذلك في تصحيح مسار النقاشات الدائرة بين الماركسيين المغاربة و إنضاجها.. ليس بخلفية التذويب و الذوبان.. بل دفاعا عن الوضوح، و عن الموضوعية و عن الحق في الاختلاف.. مع التدبير الرفاقي له داخل الوحدة المنشودة في اتجاه خلق تيار ماركسي لينيني قوي له من الأصالة و المشروعية ما يكفي للف جميع الطلائع الثورية العمالية حوله كلبنة أولى و أساسية لبناء حزب الطبقة العاملة المستقل قائد الكادحين في معركتهم الطبقية و حامل المشروع الاشتراكي الثوري.
- في دواعي الرد على مقال "علي فقير" و على هذا، أي على ما سبق ذكره، سنعتمد في ردنا على مقال "علي فقير" الصادر بجريدة الحزب الرسمية "النهج الديمقراطي" العدد 113.. لاعتبارات ارتأيناها محفزة و مشجعة.. نعددها في قدرة الرفيق، لحد لا بأس به، على التواصل مع الرفاق المخالفين و المعارضين و المعترضين..، انتماء الرفيق للجيل المؤسس لمنظمة "إلى الأمام"، اعتبار الرفيق من بقايا الشيوعيين داخل حزب "النهج"، و كذا اعتباره أحد ممثلي الجناح اليساري داخل الحزب.
- ضد التشهير و الافتراء.. و دفاعا عن النقاش الديمقراطي بين الرفاق فمن خلال هذا المقال و مقالات أخرى سابقة.. يبدو أن أطر و منظري "النهج" ضاقوا درعا بالانتقادات التي لم تعد تأتيهم من خارج الحزب و فقط، بل انتقلت لجسم الحزب، قيادة و قواعد.. و يبدو كذلك أن الرؤية التي تم التدبير بها للخلافات المتراكمة منذ بداية الثمانينات، يعني بعدم أخذها بعين الاعتبار و بتجاهلها و تجاهل منتجيها من المناضلين الميدانيين الذين لم يعد من السهل نعتهم بالانعزالية و بالجلوس في المقاهي.. و كذا، و في أحسن الحالات، بالاقتصار على ميدان النضال الطلابي.. لم يعمل سوى على توسيع و تعميق الخلاف. استهل الرفيق علي مقاله مرتبكا و مرتكبا، بالتالي، أخطاءا نظرية فاضحة أثرت بالشكل الكبير على منهجيته، و على مسار و فحوى المقال الذي كنا ننتظر منه التفسير و الدفاع عن "المبادرة".. بدل الدفاع الأعمى عن "النهج" و عن قائد "النهج" و عن منزلقات "النهج".. من خلال خطب المدح و الإطراء و التمجيد لتاريخ مضى و لن يعد.. مهاجما منتقديه و معارضيه.. ليس بالتفنيد لما يطرحوه من انتقادات و من مواقف و ممارسات.. بل فقط لأن هناك ممن سبق و أن انتقد مسار التراجعات التي انخرطت فيها منظمة "إلى الأمام" منذ سنة 79.. و أصبح خلال "عهد المصالحة" عميلا أو متوافقا مع النظام و منبطحا أمام سياساته.. نماذج "حرزني"، "مجاهد" و "البراوي"..الخ إذ، و منذ بداية النقاش حوٌَل الرفيق الانتقادات إلى "هجوم على و ضد "النهج"" معتمدا حيلة خلط الأوراق في صدٌِه لانتقادات بعض الرفاق من قدماء المنظمة "إلى الأمام" و "النهج" و أصوات ماركسية أخرى من داخل الحملم الجديدة.. مكتفيا بنهج التشهير و القدح في حق المناضلين على خلفية وصفته العجيبة "كل من انتقدنا سيقع له ما وقع لحرزني و مجاهد"
- في الحاجة إلى طليعية في الميدان و الميدان هو ميدان الصراعات الطبقية و ليس ميدان التوافقات و التواطئات و التنازلات و المفاوضات.. المفضية لتنازلات و تراجعات مجانية.. قطعت مع تضحيات الرفاق الأحياء و الشهداء من منظمات الحركة الثورية و الحركة الماركسية اللينينية و ضمنها منظمة "إلى الأمام".. فتفسير الهجوم على "النهج" بهذا الشكل المبسط، أي "بالدور الطليعي الذي يلعبه في الساحة السياسية" يحمل من النرجسية البرجوازية الصغيرة شحنات كثيرة و قوية.. لن تساعد، بالتالي، بقايا الشيوعيين داخل "النهج" على التقدم في مسارهم النضالي الذي يتطلب الانفتاح و الإنصات للآراء المنتقدة عوض "نظرية المؤامرة و التخطيط الكيدي". فبغض النظر عن موقع حزب "النهج" في النضال اليساري و في قيادته، و بغض النظر عن فحوى المقولات الهلامية المغذية لخطابه "كاليسار"، "الجذرية" و "الطليعية"..الخ بغض النظر، كذلك عن حقيقة و حجم تواجد مناضلي "النهج" في مواقع الصراع الجماهيرية ـ النقابات، الحركة الطلابية، حركة المعطلين، حركة الفلاحين.. ـ فاختيار ثلاثة أسماء محروقة في الساحة، أسماء أعلنت توبتها من "أوهام و أحلام" اليسار الاشتراكية و الجمهورية الثورية.. لم يكن صائبا بالمرة و أعطى من البداية، للمقال، اتجاها دفاعيا تبريريا لم ينفذ لعمق المشاكل التي يعرفها اليسار. فمادام الحزب موجود في الساحة، كحزب يمارس مهامه في حدود قناعته و كحزب له ارتباطات تاريخية بالحملم و بمنظمة "إلى الأمام" و بحركة "الطلبة القاعديين".. فلا بد و من حق العديد من الأسماء التي ارتبطت أو تعاطفت أو تحن لاستنساخ أو بناء تجربة مماثلة.. أن تدافع عن رؤيتها.. سواء كانت الرؤية يمينية، و التي لا نعتقد أن حزب علي يخلو من بعض بؤرها بل هناك جناح يميني واضح و نافذ داخل الحزب لا يربطه بمنظمة "إلى الأمام" سوى التاريخ.. و لا تختلف أطروحاته في الجوهر عن أطروحات و سياسات حزب مجاهد و حرزني.. "الاشتراكي الموحد".. أو كانت الرؤية يسارية كتلك المعبرة عن آراء العديد من التيارات الموجودة على يسار "النهج"، نجد منها من انسلخ عن الخط الماركسي اللينيني ليرتبط بالحركة التروتسكية و بتيارات أمميتها الرابعة المجددة و المتعددة، نجد داخلها كذلك تيارات و مجموعات أدخلت منظمة "إلى الأمام" مجال القدسي الطاهر.. منتظرة انبعاثها و انبعاث شهداءها من جديد! و الحال أن التجربة لم تكن من صنع القديسين و لا الأنبياء و لا الآلهة.. تجربة صنعها المناضلون المكافحون الذين أصابوا و اخطئوا، تمردوا و انبطحوا، استمروا و خانوا..الخ فالنماذج التي هي أمامنا تعطينا فكرة واضحة عن مؤسسي المنظمة ـ السرفاتي، المشتري، اللعبي، زعزاع، زروال، المنبهي، فقير، الحريف.. ـ من داخل هذه التيارات، لا يمكن أن نغفل وجهة نظر اليسارية النقدية التي ندافع عنها و التي يتعدى مناضلوها عدد أصابع يد "فقير" و أيدي و أرجل جميع نشطاء "النهج" الميدانيين.. فالعبرة ليست بـ"أكياس البطاطس" أيها الرفيق.. فالعديد من فروع "النهج"، كما تعلم و يعلم الجميع، تضم العشرات من المنخرطين، و قد تجدهم منخرطين كذلك، و جماعة، في "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" و في "جمعية المعطلين" و في بعض نقابات الموظفين و المستخدمين.. لكن سيستعصي عليك لقاءهم في الوقفات و الاحتجاجات خاصة المفتقدة منها للترخيص القانوني.. سيستعصي عليك تواجدهم داخل المعارك الطلابية و التلاميذية و العمالية، و داخل الاحتجاجات الشعبية..الخ و إذا تواجدوا من خلال "الجمعية المغربية" و "جمعية المعطلين" فيقدمون أسوء النماذج اليسارية من حيث الطرح و من حيث الممارسة، بل يتحركون في غالب الأحيان بدون تصور و بدون مبدئيات و بدون مرجعية.. بل ينشرون أسوء الثقافات و يمثلون أخطر مظاهر الانتهازية، و يشيعون اللبرالية باسم اليسارية و "حقوق الإنسان"، و يكرسون الزبونية الحزبية في النقابات و في جمعية المعطلين..الخ و قد نعدٌد إلى ما لا حدٌ له من مظاهر ما ندٌعيه.. "فالجمعية المغربية لحقوق الإنسان" مركز ثقل عمل "النهج" و التي يعتبرها الحزب "جماهيرية"، و هو ادعاء ليس إلاٌ، ليست سوى جمعية نخبوية برجوازية، من حيث مرجعيتها "الحقوقية" و من حيث قاعدتها الأساسية ـ محامون، أساتذة و مهندسون.. ـ و من حيث أساليبها في النضال ـ الشكايات، البيانات، المؤازرة، الاحتجاجات القانونية، الشراكة مع الدولة في كل المبادرات المتكلمة عن حقوق الإنسان.. ـ و من حيث خطابها الذي يعتبر الأساليب القمعية التي يمارسها جهاز الدولة ضد المناضلين و ضد الجماهير الكادحة المحتجة.. تدخل في سياق الشطط في استعمال السلطة.. و بأن مظاهر الثراء الفاحش ليست سوى نتاج للاختلاس و الفساد الإداري..الخ داخل جمعية المعطلين و دون أن نذكر بالأسماء القيادية في العديد من المدن و التي اشتغلت عن طريق الزبونية و استغلال مواقع التسيير داخل الجمعية لنسج علاقات مشبوهة مع أقطاب الداخلية بالعمالات و الولايات.. و كذا مع البيروقراطية النقابية التي سهلت التوظيف، بل تدخلت في حالات معينة لتوظيف بعض المحسوبين على "النهج". هذا و دون أن نضيف الهوس المقاعدي الذي لا يخفى على أحد، داخل "جمعية حقوق الإنسان" و داخل "جمعية المعطلين".. هوس نتحدى في انتقاده جميع المتبجحين "بطليعية" "النهج".. فالقدرة على المناورة داخل المؤتمرات، و الدخول للمؤتمرات بدون تصورات و لا برامج، مع النسج لخيوط التحالفات العنكبوتية خارج أيه ادعاءات مبدئية.. هي ما يشكل الطليعية العددية "للنهج" في بعض الإطارات النخبوية و الجماهيرية. و قد يفيدنا الرفيق علي إذا ما كانت له الجرأة على تفسير موقف رفيقه القيادي في "النهج" ـ م البراهمة ـ و النقابي القيادي "بدون حقيبة" بالكنفدرالية الديمقراطية للشغل، في نفس الوقت.. حول مجريات الإقصاء و الطرد التي يتعرض لها مناضلو و مسؤولو "الكنفدرالية" المتمردون ضد قرارات القيادة المهادنة، و عن فحوى رأيه في حالة الاستخذاء التي يعيشها رفيقه ضمن ثقافة "الحكم الفردي المطلق" التي يمارسها "الأموي" في حق "رعيته" داخل "الكنفدرالية" قيادة، مسؤولين و قواعد. فأزيد من مائة كنفدرالي تم طردهم مؤخرا من المركزية النقابية، و ضمنهم أعضاء محسوبين على "النهج"، و على بعض الحساسيات اليسارية المكافحة، الأخرى. و باعتباري أحد المنتمين "لحركة أصابع فقير"، يتوجب عَليٌ أن أوضح بعض الأمور التي لن أتخلى عن تكرارها لحد الملل، و هي عدم الخلط بين انتقادنا للخط العام الذي يتبناه حزب "النهج"، و للسائد من مسلكيات و ممارسات العديد من نشطاء "النهج" و بين الهجوم المجاني على مناضلي "النهج". فانتقاداتنا لا تمنع البتة من الاعتراف بصدق و يسارية، بل و ماركسية العديد من مناضلي الحزب، خطوط قدماء المنظمة.. كذلك، حين ننتقد هذه المظاهر، فنقدنا لا يجب أن يتم الحكم عليه بالطهرانية الذاتية، التي ينعتنا البعض بها.. بل يمكن اعتباره بمثابة نقد ذاتي لحركة اليسار، يعني بطريقة أدق أن ما قلناه في حق مناضلي "النهج" يمكن أن يمس نشطاء "حركة أصابع فقير" "الأصفياء" أو ما نسميه نحن "بالحملم الجديدة". فأشباه حرزني، السرفاتي، بن زكري، مجاهد.. كثيرون و متواجدون بكل البقاع، و تجدهم مصطفون في الغالب على يسار الجميع، بمن فيهم ماركس، إنجلز و لينين، و خلال جميع فترات التاريخ.. لينتصبوا فجأة كقياديين و منظرين داخل أعتى الأحزاب اليمينية و الرجعية و الظلامية حتى! و يكفي الاشتراك و المساهمة في العمل الثوري لسنوات ليلاحظ المناضلون العديد من الأرقام الصعبة تتساقط كأوراق الخريف، و العديد من الأصوات الزعيقية تنخرس دون سابق إنذار.. و العديد من الطاقات ينخرها العياء فجأة..الخ دون أن تنكسر شوكة العمل الثوري و دون أن يقوض ذلك من همم و عزيمة و قناعة المناضلين الثوريين في شيء. فعلى يسار جميع المناضلين الثوريين الماركسيين، بمن فيهم ماركس، إنجلز و لينين، تواجد من هم أكثر يسارية و تطرف و أكثر زعيقا و رفضوية و عدمية.. و خلال جل التجارب و أغلبها، انتهى الأمر "باليساريين فوق العادة" إما بالتقاعد و الابتعاد عن العمل الثوري و إما بالخيانة الصريحة و الانتقال للمواقع الأخرى على جانب أولياء النعمة من مصاصي دماء و عرق الكادحين.
- عودة لموضوع النقاش فالموضوع الذي نحن بصدد نقاشه يعود لموضوع الصحراء الغربية، و ما أثارته "المبادرة" التي اتخذها "ع. الحريف" في شكل رسالة مفتوحة موجهة للدولة، مقترحة خطوات لفض النزاع على أساس الحوار المباشر بين الدولة و جبهة البوليساريو على خلفية مقررات الأمم المتحدة و الشرعية الدولية. و هو أسلوب لا عهد لليسار الماركسي اللينيني المغربي به، الشيء الذي دفع ببعض الأصوات من "النهج" و من قدماء و مؤسسي المنظمة ـ المنبهي ـ للدخول في نقاش حاد استهدف النقد و التذكير و الدفاع.. عن المواقف التاريخية للمنظمة و بمواقف المؤتمر التأسيسي "للنهج" بخصوص هاته القضية، و بالتراجعات التي عرفتها مواقف "النهج" في العديد من القضايا الأخرى من حيث الطرح و من حيث التدبير السياسي. لم يستسغ الرفيق المنبهي و العديد من مناضلي "النهج" مبادرة الحريف قبل أن تعمم باسم الكتابة الوطنية و قبل أن يجمع المجلس الوطني على تبنيها، بالطبع، في إطار نوع من "المركزية الديمقراطية" مثير للشفقة و الاشمئزاز في نفس الوقت. هاته المبادرة و ذلك التدبير لقضية شكلت مجالا للصراع الحاد بين النظام و حلفائه السياسيين المحليين و الإمبرياليين من جهة، و بين قوى اليسار الماركسي اللينيني من جهة أخرى منذ بداية السبعينات و استمر لحدود اللحظة. و على اعتبار أن قضية الصحراء ظلت قضية مرتبطة بالموقف الماركسي اللينيني المبدئي "حق الشعوب في تقرير مصيرها بما يعني حق الانفصال و بناء الدولة المستقلة" اعتبرنا مبادرة الرفيق المنبهي و إن اختلفنا مع موقفه و مع طريقته في الدفاع عنه.. فاتحة نقاش لموضوع شائك و مشكك في نفس الوقت في كل من يود أن يقترب منه، خصوصا التيارات العمالية الماركسية المتشبثة بالحل الاشتراكي، و التي ترى جميع قضايا الصراع خلال عصر الإمبريالية من الزاوية الطبقية و تضعها في ارتباط مع تطلعات الطبقة العاملة و مع خطها السياسي في المنطقة ببعدها الأممي الثوري الاشتراكي. إلا أن المسار الذي حاول بعض مناضلي "النهج" أن يستدرجوا فيه الرفاق المعارضين من "النهج" و من خارجه، لا يمكنه إلا أن يخلق التشويش و يعطل النقاش.. فاتهامات فقير التي لم نتعودها فيه كمسلكيات بيٌنت بالملموس الضعف و التخبط الفكري و السياسي الذي عانى و يعاني منه مهندسو "العبٌارة" من "إلى الأمام" إلى "النهج". فليست بالمنهجية تلك التي اعتمدها فقير، منهجية ذكرتنا بمنهجية المنطق الصوري الشكلي، على طريقة : "المخزنيون" يعادون "النهج" و "أصفياء اليسار" يعادون "النهج".. إذن فهما متحدان ضد "النهج"! و هي نفس العقلية و ذات الخطاب الذي روجت له الأحزاب الإصلاحية خلال سنوات السبعين ـ الاتحاد الوطني للقوات الشعبية و حزب التقدم و الاشتراكية ـ لتشويه انتقادات الحركة الثورية، لها، آنذاك ـ اليسار الاتحادي و منظمات الحملم ـ بالمنهجية نفسها "الثوريون ينتقدونا و النظام يبطش بنا.. إذن فالجميع متحد ضدنا"!! لقد كنا ننتظر و بشغف ردودا توضيحية في المستوى المطلوب، على ما قدمه الرفيق عزيز من انتقادات حول قضية عمرت لسنين، و بدا أن الارتباط بها من طرف قوى اليسار الماركسي لا يتعدى الموقف المبدئي العام، و لا يراعي في شيء التطورات التي عرفتها المنطقة و أطراف الصراع في ارتباط مع القضية و مع المشروع التحرري في المنطقة ككل. لكن و على ما يبدو فالرفيق علي اختار المسالك السهلة، المعتمدة على نصف المعطيات مع تأويلها بشكل بشع، اختار التهكم و البوليميك عوض نقاش أفكار و مواقف الرفاق المنتقدين، اختار أسلوب الخلط المتعمد في حق منتقديه و هو سلوك غير مقبول منه. فمن حيث المنهجية الماركسية و من حيث الأسلوب الرفاق في النقاش، كان الأجدى بالرفيق أن يقدم موقفه و يشرحه كفاية عبر تناوله لجميع مراحل التطور التي عاشها الموقف من بداية السبعينات إلى الآن، من منظمة "إلى الأمام" إلى "النهج الديمقراطي".. بعدها يقدم و يبسط للتعريف مواقف المعارضة من داخل "النهج" و مواقف مختلف التيارات من داخل الحملم الجديدة بما يتوفر عليه من إمكانيات و قدرة على التمييز بين هذا التيار و ذاك.. و في الأخير يمكن له أن يشرح دواعي المبادرة التي قام بها "الحريف" لكي يتسنى للجميع فهم المبادرة و الحكم عليها انطلاقا من المرجعية الماركسية اللينينية و ارتباطا بمصلحة الطبقة العاملة المغربية و بمشروعها و كذا بمصلحة الشعوب الكادحة في المنطقة و بمشروعها التحرري الاشتراكي بشكل عام. فما أسميته بـ"اتهامات البعض" "للنهج" بالإصلاحية و التحريفية الجديدة.. ليس بالاتهام بل هي مواقف نظرية و سياسية مدروسة و مسؤولة ممن يصرفها من التيارات العاملة داخل الحملم الجديدة. كان من مسؤوليتك أن تقدمها دون تشويه و أن تفندها بعدها إذا ما لحقها سوء الفهم أو التجني أو شيء من هذا القبيل. فالإصلاحية خط سياسي يتبناه "النهج" بوضوح و لا تنكره وثائقه الرسمية و خطاباته و ممارساته داخل مواقع العمل الجماهيري و داخل الجمعيات النخبوية التي يراهن عليها. أما التحريفية ـ و إن كنا نتحفظ على هذا المصطلح أو هذه الترجمة و نفضل المراجعاتية، الأكثر وضوحا ـ كاتجاه نظري، تستهدف المساس بالمبادئ و بالثوابت النظرية الماركسية اللينينية كهوية و كمرجعية، عبر تأويل و تزوير النصوص أحيانا و عبر التجديد الكلي أو الجزئي بدعوى التقادم أحيانا أخرى.. أو عبر الانتقاء و الدمج و الخلط بنظريات أخرى.. بهذا، يصعب نعت "النهج" بالتحريفية بالنظر لهلاميته منذ التشكل كإطار للعمل السياسي اليساري و بالتالي يصعب أمام تعدد الروافد المساهمة في التشكيل.. أن يتكلم الماركسي عن وحدة إيديولوجية و مرجعية خاصة بـ"النهج" و الحال أن الساحة تعج بمناضلين من "النهج" نشطاء بـ"حركة المعطلين" و بـ"الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" و بـ"المركزيات النقابية" و بـ"الجمعيات الأمازيغية" و بـ"جمعية أطاك لمناهضة العولمة الرأسمالية".. يصعب تصنيفهم داخل الحركة الاشتراكية بل و منهم من يعاديها صراحة و يدافع عن اللبرالية و حق المِلكية الفردية.. و يعتبر مرجعية حقوق الإنسان ـ الإعلان العالمي و المواثيق الدولية.. ـ هي مرجعيته التي يتفانى في الدفاع عنها بدلا من المرجعية الماركسية اللينينية. فالحزب ـ"النهج"ـ معروف بمواقفه الإصلاحية المبنية على مطلب الإصلاحات الدستورية و مطلب الجمعية التأسيسية لصياغة دستور جديد مبني على فصل السلط و استقلال القضاء و احترام حقوق الإنسان.. دون مساس بالسلطة و بمصالح الماسكين بالسلطة كحكام و كطبقات.. يعني التشويه البين للتكتيك اللينيني لسنوات 05/1907 و الذي لا يخفى على زعماء منظمة "إلى الأمام" التي سبق و أن تقدمت به في صراعها ضد تراجعات منظمة "23 مارس" من خلال وثيقة "ديمقراطيتهم و ديمقراطيتنا" أواخر السبعينات، ذلك التاكتيك الذي استهدف القضاء على القيصرية من خلال "الثورة الديمقراطية البرجوازية" المبني على النهوض الثوري للجماهير الكادحة في شكل انتفاضة مسلحة بقيادة الطبقة العاملة المنظمة في نقاباتها و عبر إضراباتها و في حزبها الثوري الماركسي المستقل.. وفق برنامج المشاركة في الحكومة الثورية المؤقتة و الدعوة لجمعية تأسيسية تضع الدستور الديمقراطي كضمانة لمصالح السواد الأعظم من الشعب الكادح.. على خلفية ما عرف آنذاك ببرنامج "الحيتان الثلاثة" ـ الجمهورية الديمقراطية، مصادرة ممتلكات البلاط و البرجوازية الكبيرة و الملاكين العقاريين الكبار، تحديد يوم العمل في ثماني ساعات ـ. و قد لا يجادل أحد في كون البرنامج لم يشكل سوى حد أدنى طبقي في خدمة المشروع التحرري الطبقي الاشتراكي.. و بالتالي فعلاقة "النهج" بالبرامج اللينينية من حيث المنهجية و التاكتيكات.. و من حيث المرجعية و الأهداف الإستراتيجية العامة.. منعدمة، و عليه فلا يكفي ادعاء الاستناد للمرجعية الماركسية اللينينية حتى يقبل بها الجميع. فعدا المجموعات التروتسكية الأربعة التي تدعي أحيانا انتماءها و دفاعها عن الخط اللينيني.. هناك على الأقل خمس أو ست تيارات تعلن انتسابها للحركة الماركسية اللينينية.. دون إغفال الحساسيات و الفعاليات المستقلة أو المنخرطة في أحزاب مثل حزب "النهج الديمقراطي". فعدم الاعتراف أو القفز المقصود على هذه المعطيات يدخل في نطاق سياسة "تغطية الشمس بالغربال" و يساهم بشكل مخيب للآمال في تعطيل وحدة الماركسيين اللينينيين على خلفية الانتماء المرجعي الماركسي اللينيني الواضح و الثابت و على الاجتهاد في بناء الخط السياسي المنسجم بين المنطلقات المرجعية و الأهداف الإستراتيجية الثورية بالشكل الذي يسمح بالتقدم في إنجاز التاكتيكات و التحالفات التي تقوي التيار العمالي و تمتن لحمته و تصلب عوده.. ليحظى بالثقة وسط القواعد العمالية و الجماهير الكادحة المناضلة بأن يصبح فعلا حزبا حقيقيا للطبقة العاملة و قائدا فعليا لنضالات الكادحين في اتجاه التغيير الاشتراكي. فنحن لا ننكر تواجد بعض الأصوات و التيارات "الانعزالية العدمية" و "الشعبوية" و "الصبيانية اليسراوية".. داخل صفوف الحملم الجديدة.. و التي نعمل بكل ما في وسعنا و إمكاناتنا على نقدها بالروح الرفاقية اللازمة و على تجاوز التجني و الحيف في حقها.. بانتقادنا لبياناتها و لتصريحاتها الرسمية و للعديد من ممارساتها..الخ فأن تنسب لما أسميته "باليسارية الصافية" ـ أي الحملم الجديدة ـ العداء للعمل في الإطارات، و أن تخلط بين العمل في الإطارات الجماهيرية ذات البعد الإستراتيجي في العملية الثورية كالنقابات مثلا.. و بين الإطارات النخبوية ذات المطالب الديمقراطية البرجوازية المحدودة كجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان و جمعيات الدفاع عن الحقوق الثقافية و اللغوية للأمازيغ.. فذلك ما لا نقبله.. بل و ذلك ما نعتبره تجنيا مع سبق الإصرار على خلط الأوراق. فبين العداء المطلق و القبول المطلق بالعمل في جميع الإطارات.. يتوجب على الماركسيين تحديد الإطارات التي يجب العمل فيها خدمة لمهام الطبقة العاملة و لواجبات الصراعات الطبقية.. دون التنازل عن الثوابت النظرية الماركسية اللينينية و عن حق الماركسيين في الدفاع عن الجمهورية و عن الثورة و عن المشروع الاشتراكي. فالارتكاز على الإطارات الجماهيرية العمالية مسلمة من مسلمات العمل الثوري الماركسي.. إلى جانب العمل داخل اتحادات الشباب و الطلبة و المعطلين و النساء و الفلاحين الفقراء و الحرفيين الصغار و الموظفين و المستخدمين الصغار..الخ لكن العمل يجب أن يكون عملا اشتراكيا عماليا، عملا يعمل على نشر الفكر الاشتراكي و يربط النضال المطلبي بالأهداف الثورية العامة في اتجاه القضاء على نظام الاستبداد و الاستغلال القائم.. مع ربط النضالات ببعضها في إطار تصور سياسي مكافح يقدر التحالفات و التنسيقات و اللحظات الثورية التي يمكن استغلالها للتقدم و للتطوير لمسلسل الثورة في اتجاه الحسم النهائي للسلطة لمصلحة الطبقة العاملة المسنودة بجيش الكادحين الثوري المكافح.
- حزب "النهج" و موقفه من الصحراء "الذي لم ولن يتغير.."! من أسوأ المنهجيات أن يبرر المرء و يدافع عن خطه و موقفه و مبادراته استنادا لتاريخ و تجربة لم تعد ملكا له.. و من أخطل الحالات أن يُلبس المرء حذائه القديم لطفله الصغير لينادي ابنه باسمه..! فلا أحد من المناضلين الماركسيين الذين اتخذوا منهج النهج التقويمي البناء أداة لهم يشكك في انتمائكم القديم لمنظمة "إلى الأمام" بمعية رفاقكم المنبهي، الحريف و كذا الشهداء زروال، سعيدة و أمين.. و لا شك كذلك في كل ما تقولونه عن مواقف المنظمة، المثبتة بالوثائق السرية و العلنية التي وصلت غالبيتها لأيدي شباب و مناضلي الحملم الجديدة.. كما لا ننكر صمود و تفاني العديد من الرفاق في المنظمة داخل المعتقلات و السجون.. لكن مع إقرار بصمود البعض و انهيار البعض الآخر و هناك العديد من المناضلين الذين صمدوا بشكل بطولي في وجه الجلادين دون أن تكون لهم علاقة تنظيمية بمنظمات الحملم. أما وجه الشبه بين المنظمة و "النهج" فبعيد جدا.. بل و لن يغير في خط و مسار و جوهر أطروحات "النهج"، تواجد العديد من قدماء المنظمة.. فالحكمة في منهجية الماركسية هي الإيمان بآلية "التحليل الملموس لكل وضع جديد و ملموس" و استخدامها على أوسع نطاق و بأقصى حد لمتابعة الموقف و كل المتغيرات السياسية الداخلية و الخارجية، الذاتية و الموضوعية، المحيطة به. بهذا كان من المفروض الفصل بين التجربتين و يترك للقارئ و المتتبع و المناضل الحق و الحرية الكاملة في تقييم العملية التركيبية، ليحكم بالتالي و في النهاية على تجربة "النهج" بعلاقتها مع تجربة "المنظمة إلى الأمام" هل هي استمرار أم قطيعة؟ هل هي تشبث أم انحراف عن الخط الذي رسمه القدماء و الشهداء؟ هل هي دفاع عن الإرث الثوري أم رمي بالثوابت إلى متاحف التاريخ؟ فأن يتم التصريح و التعبير على أن "الموقف من الصحراء الغربية لم و لن يتغير مهما كانت الظروف، لأنه موقف مبدئي.." كتبرير للدفاع عن مبادرة الزعيم، فيستوجب منا أكثر من وقفة و الرجوع مرة أخرى لنقاش "ماركسية فقير" الفقيرة حقا.. لأنه بهذا التصريح و عبره تبددت و تراجعت الماركسية أمام التعنت و التطرف اللفظي و الذرائعية أو ما نسميه ببساطة في دَارِجَتِنَا المغربية بـ"غْنَانْ". فما من ماركسي يعبر عن موقفه "رغم تغيير الظروف و مهما كانت هذه الظروف" فالماركسي يتشبث بالثوابت النظرية، بالمرجعية، بالأهداف الثورية الاشتراكية.. أما غير هذا من المواقف السياسية فينتجها بعد تحليل أوضاع و ظروف متغيرة لا محالة.. تتقدم، تتراجع، تصعد، تهبط، تنحني أو تتعرج..الخ لكنها متغيرة دائما و أبدا. فالموقف من قضية الصحراء موقف سياسي خضع و سيخضع للشروط و للظروف المتغيرة.. و كذا للأطراف المتداخلة أو المتنازعة..الخ و لا أعتقد أن هذا خاف على قدماء الحملم و بشكل خاص قدماء "إلى الأمام"، و على جميع الماركسيين. و حتى لا يقال أننا نقدم الدروس للرفاق "الذين لا يحتاجون إلى دروس".. فقط نصرح بأننا بصدد نقاش قضية سياسية، مهمة و شائكة، بكل تأكيد.. لكنها ليست نظرية صرفة.. لذا كان تأثيرها باديا و لا يزال على مسار الحركة الثورية بالمغرب و ضمنها الحملم و الحركة الطلابية..الخ نقاش نتوخى منه الإنصات لجميع المواقف و الآراء و نتعلم و ندرس و نطٌلع من القادة القدماء كيف تأسس و انبنى الموقف، من موقف مبدئي نصير للشعب الصحراوي المناضل من أجل استقلاله السياسي إلى وساطة للتفاوض بين النظام العميل للإمبريالية، القائم في المغرب و بين جبهة البوليساريو.. و كأن أطراف التفاوض لم تكن تنتظر سوى نباهة "النهج" و فطنته التي لا مثيل لها.. حتى تستفرد بالسبق التاريخي المهم. فالمبدئي و الثابت في النظرية الماركسية اللينينية هو حق الشعوب و الأمم في تقرير مصيرها بما يعني حقها في الانفصال و إقامة الدولة المستقلة خارج إطار الدولة المضطهِدة، بما يتطلب من ماركسيي الدولة المضطهَدة المناهضة من مناهضة لسياسة الإلحاق و التوسع و الهيمنة.. التي تمارسها "دولته" و "نظامه" ضد الشعوب داخل الدولة الواحدة أو ضد الشعوب المحيطة المغلوبة على أمرها..الخ و لعل الموضوعة ـ حق الشعوب في تقرير مصيرها ـ قد قيل فيها الكثير و كتب فيها الوفير.. من أيام ماركس إلى عصر الإمبريالية، عصر لينين.. و لعل التجارب و الحروب التي ارتبطت بالنقاش الحاد الذي أثارته الموضوعة، لغني كل الغنى بأن يفيدنا بأسس الموقف الذي لا هو من إنتاج المنظمة و لا ممن عاصرها من داخل و خارج الحملم.. فموضوعات بولونيا، إرلندا، الدنمارك.. لا تقل خبرة عن موضوعات إيران، تركيا و الهند.. موضوعات فترة الصعود و التوسع الرأسمالي و موضوعات اشتداد الأزمة و هيمنة الاحتكارات و الحروب الإمبريالية بين الضواري الرأسمالية.. إلى موضوعات الإمبرياليات الصغيرة و تيارات الاشتراكية ـ الشوفينية من داخل و خارج الحكومات المتحاربة ـ كلها مواضيع أخذت حصتها من النقاش داخل الماركسيين بالقدر الكافي الذي مكننا من التفاعل مع ما أعلنت عنه الحملم من موقف يخص الصحراء الغربية خلال السنوات السبعينية. و بدون مزايدة و لا تحريف، فما يضيف "النهج" "عما أسماه بالمرجعية الثابتة".. و هي مواقف سياسية كما شرحنا ذلك في السابق، خاضعة للظروف و للمتغيرات و لأطراف الصراع كدول، أنظمة و طبقات..الخ لا يعدو سوى هروب من النقاش تحت دعاوي "إغلاق باب الاجتهاد".. إضافة لما أسماه و يسميه "النهج" و أمثاله من "الماركسيين المجددين" في الشرق و الغرب، العرب و العجم.. بـ"الشرعية الدولية" و التي تكفي موضوعة لوحدها.. فـ"الشرعية الدولية" من "شرعية" مكوناتها كدول تمثل، حسب قناعاتنا، الرأسمال بنظامه القائم على الاستغلال و النهب و التوسع و كافة الأطماع الإمبريالية.. كما أن الحالة أو المرحلة التي نعيشها الآن، لا يمكن أن تضللنا عن طبيعة الضواري السائدة و المهيمنة داخل وضع "الشرعية الدولية" و المتحكمة بمؤسساتها السياسية، الاقتصادية و الحربية.. ـ الأمم المتحدة، مجلس الأمن، حلف الناتو، منظمة التجارة العالمية، البنك الدولي..الخ ـ فليست "الشرعية الدولية" هي الأصل في تحديد الموقف و لا ما ادعيته بـ"تفادي ويلات الحرب لشعوب المنطقة".. فإلا إذا أردت إدخالها في "مرجعيتك الثابتة" و هو حقك المطلق.. فالموقف ثوري و طبقي أنتجته تاريخيا البرجوازية الثورية خلال القرن السابع عشر، لتتبناه الحركة الماركسية الثورية أواسط القرن التاسع عشر و ليتم تطويره على يد لينين و اليسار الأممي الزمرفالدي خلال العقد الثاني من القرن العشرين أي خلال عصر الإمبريالية، عصر النهب و السلب و اضطهاد الشعوب و القوميات و ما استتبعه من حرب لصوصية بين الضواري الإمبريالية. آنذاك كانت البروليتاريا و أحزابها الثورية، و خصوصا بروليتاريا الأمم المتسلطة لا تكتفي بالتعابير العامة الجامدة ـ على حد تعبير لينين ـ حول معارضة الإلحاقات و المطالبة بالمساواة في الحقوق، بل بالنضال في سبيل حق تقرير مصير الشعوب بما يعنيه من انفصال سياسي و بناء الدولة المستقلة من طرف الشعب المنادي به، بل و العمل على التحريض عليه من طرف الماركسيين.
- المصالحة و الحروب.. من زاوية ماركسية "فإنهاء الحرب بصلح ديمقراطي حقا لا بصلح جائر، شيء مستحيل بدون قلب الرأسمال" و الطبقة الثورية التي "لا تتمنى هزيمة حكومتها في الحرب الرجعية" لا تستحق هذا الاسم.. و شعارات "النضال الثوري ضد الحرب" و "الدفاع الثوري خلال الحروب".. كلها عرفت النقد و المواجهة.. بل أدخلها لينين في خانة الهتاف الفارغ، المسالم لمثقفي البرجوازية الصغرى المعروفة بمراوغتها و ريائها المفضوح. "فدون التلاعب بالتعاريف الحقوقية و دون اختراع المفاهيم المجردة" عمل لينين من خلال نقاشاته و دراساته المتعددة على تحليل الشروط التاريخية و الاقتصادية للحروب، دون أن يضعها في سلة واحدة، و موضحا طبيعة الحركات القومية و مطالبها المنادية بالانفصال و الاستقلال و إقامة الدولة.. مستنتجا و بانسجام مبدئي تام خطة عمل الماركسيين داخل الأمٌتين المضطهِدة و المضطهَدة. فالحروب أنواع و تاريخ الشعوب و البشرية جمعاء تاريخ حروب، فيها الرجعي و التقدمي، التحرري و الإمبريالي..الخ و بالتالي لا يمكن إصدار موقف معاد لكل الحروب من طرف الماركسيين الذين يتبنون خلال المرحلة الإمبريالية نوعان من الحروب، و هي حروب ثورية، الحرب الثورية التحررية ضد الاستعمار و الإمبريالية و المشروطة طبعا بانتقال السلطة إلى أيدي البروليتاريا و حلفائها من الكادحين بالمدن و الأرياف.. و الحرب الثورية الأهلية التي تخوضها البروليتاريا و حلفائها ضد الإمبريالية و الرأسمال المحلي في بلدها الأصل. و من نافل القول، ثبات البروليتاريا و تمثيليتها السياسية ـ حزب الطبقة العاملة المستقل أو الماركسي اللينيني في عصرنا ـ على موقف مناهضة الإلحاقات و تأييد الانفصال لكل الشعوب المناضلة من أجله في كافة الحالات و خلال جميع الأوضاع، يعني بغض النظر عن موقع البروليتاريا في السلطة ـ داخلها أو خارجها ـ أو في ما بين الأمم ـ شعب متسلط أو شعب مضطهد ـ فإذا كانت الحرب حربا إمبريالية، مباشرة أو بالتفويض، و ذلك ما نعتقده و ما نؤمن به كماركسيين فيما يخص الحرب الدائرة في الصحراء.. توجب و يجب تحويلها من حرب إمبريالية إلى حرب على و ضد الإمبريالية يخوضها المضطهدون و فقراء و كادحو الشعبين المغربي و الصحراوي بقيادة الطبقة العاملة و خطها الأممي في سبيل الاشتراكية. فالاشتراكية لا تطالب بالصلح و لا تعرضه على الشعوب المتحاربة إلا من سدٌة الحكم و ليس من خارجها، و ما دامت البروليتاريا خارج السلطة فستبقى نصيرة للحروب ـ و ليست أية حروب، الحروب الثورية التحررية كما أوردناه سابقا ـ "فالحرب هي استمرار بوسائل العنف لتلك السياسة التي انتهجتها الطبقات السائدة في الدول المتحاربة قبل الحرب بزمن طويل. و السلام هو استمرار للسياسة نفسها، مع تسجيل تلك التغييرات التي أحدثتها العمليات الحربية في النسبة بين قوى الأخصام" هذه بعض من مفاهيم المذهب الاشتراكي و بعض ثوابته النظرية الماركسية اللينينية "التي لم و لن تتغير مهما كانت الظروف" على حد قول و تعبير الرفيق علي فقير. و بغض النظر عن الأساليب المقيتة، الصبيانية و التشهيرية التي أرادت مرة أخرى تكميم أفواه المعارضين ـ نندد بالمناسبة ما تعرض له الرفيق المنبهي من تهجمات لا تليق بمستوى سمعة الرفاق من قدماء المنظمة و لا بمستوى و حجم القضية موضوع النقاش ـ رغم اختلافنا مع العديد منهم.. اعتقدنا أن الرفيق علي سيصحح المسار و سيفتح النقاش من زاوية أخرى توخيناها أن تكون مبتعدة عن العموميات و أن ترتبط "بمبادرة الصلح التاريخية" لتفسرها أكثر و لتفسر دواعيها خلال هذه المرحلة، بالضبط، و لتشرح دواعي كل التراجعات التي تعرفها صفوف اليسار الماركسي اللينيني، التي لا و لم تنته.. لكن العكس هو ما وجدناه، وجدنا التبرير و الذرائعية.. و دروس الإحصاء ـ من تعذب أكثر و من اعتقل أكثر و من له أكبر عدد من المنخرطين و من يتبوأ أكبر عدد من المقاعد داخل الجمعيات.. ـ الغريبة ـ ليصل لخلاصة أن "الحزب في الطليعة" و أن "طليعيته" هي التي جنت عليه الحروب و الهجومات و الانتقادات من "اليمين" و من "اليسار"..! هكذا إذن!! فما من دواعي للتذكير بموقف النظام القائم في المغرب، و مسار تطوراته، موقف النظام موقف هجومي عملي، احتل على إثره بقوة الحديد و النار و النهب و السلب و الإذلال و القتل و الاعتقال.. منطقة الصحراء الغربية لمدة تجاوزت الثلاثين سنة. يقابله موقف البوليساريو الدفاعي الهش، و المرتهن للحسابات الجيوسياسية و للسياسة التوسعية الجزائرية، و المحكوم بالطبيعة الطبقية لتشكيلة الجبهة.. معروف كذلك للعام و الخاص و بالدرجة الأولى لدى الكادحين الصحراويين و المغاربة و لدى جميع الماركسيين اللينينيين في المنطقة و خارجها. أما التذكير بموقف الماركسيين اللينينيين المغاربة فليس بالحجة كذلك التي يمكن الاعتماد عليها لتبرير "المبادرة التاريخية" التي أقدم عليها "النهج".. فإذا افترضنا أن هناك عداء من طرف النظام تجاه "النهج" كما ادعاه فقير.. فلن يؤهله بالتالي وضع العداء هذا للعب دور "الوسيط من أجل السلام".. و إلاٌ ستصبح التأويلات مشروعة و بابها مشرٌع على مصراعيه و لأقصى حد.. و في اعتقادنا أن ما ذهب إليه الرفيق المنبهي عزيز من استنتاجات، يدخل في هذا الباب، أي ربط مبادرة "النهج" بمبادرات أخرى تنحو نحو التنازل و التراجع المجاني عن تضحيات و تاريخ العديد من المناضلين الأحياء و الشهداء الذين ضحوا من أجل تثبيت خط المنظمة "أ" و ربما من أجل تطويره و ليس الرجوع به لسياسة الانبطاح الانتهازية التي عودتنا بها أحزاب "الحركة الوطنية" البرجوازية فلا "النهج" و لا أي كان، بمن فيهم قدماء الحملم أو "المقاومة" و "جيش التحرير".. يؤهله وضعه للعب هذه الأدوار التي لا تستهدف سوى تلميع الصورة عن طريق الدعايات المغشوشة و إدخال المناضلين لمتاهات محترفي السياسة على شاكلة حرزني، السرفاتي، بن زكري..الخ
-عن الأولويات و عن دواعي وحدة الماركسيين اللينينيين فالحاجة لوحدة الماركسيين اللينينيين تنتصب يوما عن يوم أمام تزايد البؤس و الفقر و الغلاء و الهجوم على المكتسبات و إغلاق المعامل و خوصصة المؤسسات و قطاع الخدمات و قمع الحريات و اعتقال المناضلين و طبخ المحاكمات..الخ كلها دوافع موضوعية لإنجاز الوحدة.. لكنها وحدة واضحة المنطلقات و دقيقة الأهداف.. وحدة تقدم البرامج و المواقف بعد التحليل و الدراسة، ترتب الأولويات و تدمج الشعارات حسب الظرفية و المتطلبات، تنشر ثقافة التنظيم و تنمي الوعي الجماهيري عبره و به. و عن طريق هذه الوحدة، و مع الارتباط بالطلائع العمالية الثورية، سنكون قد أسسنا اللبنة الأولى في اتجاه بناء حزب الطبقة العاملة المستقل، القوة السياسية الوحيدة القادرة على صياغة المواقف و على بناء التحالفات الضرورية في المنطقة لهزم النظام داخليا و خارجيا. "فمن يعد الشعوب بالسلام "الديمقراطي" دون أن يدعو في الوقت نفسه إلى الثورة الاشتراكية، و من ينكر النضال في سبيلها، و النضال في زمن الحرب بالضبط، إنما يخدع البروليتاريا" فإذا ما تقدم النضال الثوري بالمغرب و تشكل بالتالي قائده و رأس رمحه، حزب الطبقة العاملة المستقل، في ظل استمرار أوضاع الحرب و اللاحرب بين النظام الرجعي عميل الإمبريالية و الشعب الصحراوي في ظل قيادته الحالية أو قيادة أخرى، و تطلبت منه الأوضاع بأن يناقش أو يتقدم بـ"برنامج للسلام في المنطقة" فيجب أن يضع نصب أعينه هذا التوجيه اللينيني "يجب أن يتقوٌم "برنامجنا للسلام" في توضيح الأمر التالي، و هو أن الدول الإمبريالية و البرجوازية الإمبريالية لا تستطيع أن تعطي السلام الديمقراطي. هذا السلام يجب البحث عنه و السعي إلى تحقيقه ـ و لكن ليس في الماضي، في الطوبوية الرجعية القائلة برأسمالية غير إمبريالية أو باتحاد الأمم المتساوية في الحقوق في ظل الرأسمالية بل في المستقبل، في الثورة الاشتراكية التي تقوم بها البروليتاريا" إزاء هذا التوجيه و العديد من التوجيهات الأخرى التي تشكل عصب الخبرة الثورية و العمالية الماركسية اللينينية.. سيستوجب ربط العلاقات بين العمال المغاربة و العمال الصحراويين و توحيدهم على أرضية و خط أممي اشتراكي لحد الوحدة التنظيمية.. إذ و بدون هذا "يستحيل الدفاع عن سياسة البروليتاريا، عن سياستها المستقلة و تضامنها الطبقي مع بروليتاريا البلدان الأخرى إزاء مناورات البرجوازية على اختلاف أنواعها و أشكالها و إزاء خيانتها و لصوصيتها، لأن برجوازية الأمم المضطهَدة تحوٌِل دائما شعارات التحرر الوطني إلى شعارات لخداع العمال.. و تسعى في حقل السياسة الخارجية إلى إجراء الصفقات مع دولة من الدول الإمبريالية المتنافسة، لكي تحقق أهدافها في النهب و السلب" فمع تتبع دفاعات الرفيق فقير، اتضح أن الرفيق، عوض الدفاع عن مواقف "إلى الأمام" التاريخية المشرفة و السديدة في جلها.. فضٌَل الدفاع عن الحريف كشخص و ككاريزم ليس إلاٌ! مع التبرير الجاف لمنتوجات "النهج" الجديدة في ما يخص قضية الصحراء و غيرها من القضايا السياسية و التاكتيكية الميدانية. فصحيح جدا أن قضية الصحراء ليست من أولوية الأولويات لا بالنسبة للحركة اليسارية الاشتراكية و لا بالنسبة للحملم، صحيح كذلك أن الموقف منها لا يمكن أن يشكل أساسا للتجميع و لا للتفريق بين تيارات سياسية و داخل التيار السياسي الواحد.. ذلك ما دفع بنا لتسجيل تحفظنا، منذ البداية، من الشكل الذي اتخذه اعتراض المنبهي و من الأشكال الخسيسة التي تمت بها الردود على انتقاداته. فمن الصعب استساغة، أن تستمر قضية الصحراء في لعب دور المفجر داخل حركة اليسار ـ خلافات الجبهة الموحدة بين منظمتي "أ" و "ب" 73/74، و الصراع الحالي داخل و خارج "النهج"..الخ ـ كما أنه من الصعب القبول بأن تتعطل نباهة المنبهي من أواخر السبعينات إلى الآن حتى تلحظ التراجع و الانحراف من خلال هذه "المبادرة" و فقط! و لا يمكن للرفاق فقير، المنبهي و الحريف.. بأن ينكروا حماستهم المفرطة لعملية التجميع الهلامية بداية التسعينات مع تيارات و أصوات مناهضة لحقوق الشعب الصحراوي و مشككة في المشروع الاشتراكي و غير معادية للنظام و مدافعة لحد الاستماتة عن خط التفاوض معه من أجل الشرعية السياسية المشروطة بالقبول و الدفاع عن المقدسات و بالعمل داخل المؤسسات.. و بالتالي فنعتقد أن الخلافات أعمق مما أثارته زوبعة "مبادرة الوساطة"، و أبعد بكثير من نقاشات مسلكيات الشراهة الجنسية و الإفراط في السكر.. إلى آخر التفاهات الصبيانية. مع التذكير بأنه و منذ أواخر السبعينات تم اختيار العديد من أشكال العمل الوحدوي و من التحالفات السياسية داخل القطاعات الجماهيرية و داخل الجمعيات النخبوية و في الساحة السياسية بشكل عام.. دون مراعاة الموقف من قضية الصحراء!! و عليه و بالرغم من عدم اتفاقنا على حصر النقاش في "المبادرة" سنحاول تعرية بعض من مبررات فقير الدفاعية.. و هي مبررات مضحكة حقا "تدخل المبادرة.. في إطار فضح المبادرة الرسمية"! أو "لتجاوز موقف المتفرج" ـ على حد تعبير فقير ـ "تقدم النهج بمبادرته لفضح المبادرة الرسمية.." عجيب أيها الرفيق و عجيبة خلطتك و تركيبتك التي إن تعممت و شاعت.. فسيحطم "النهج" آنذاك الأرقام القياسية في "المبادرات" للرد عن "المبادرات الرسمية" عوض الفرجة التي سئم منها على ما يبدوا! فما ذكرنا به بداية هو أن الموقف الطبقي حددته الاشتراكية و خطها الماركسي اللينيني في لحظة تاريخية لتتخذه مبدءا لها، أما الموقف السياسي العملي فيرتبط بوضع القوة السياسية المعبرة عنه، من الناحية الطبقية و في علاقته بموقف القوى الطبقية الأخرى، الحليفة و المعادية، المحلية، الجهوية و الدولية.. و قدرة كل قوة أو طرف على التأثير في الصراع و في حجم التنازلات.. و ليس تعويضا عن "الفرجة" أو فقط "ردا على مبادرة من مبادرات النظام"!! فالنظام كنظام سياسي و اقتصادي مبني على الاستبداد و الاستغلال و العمالة الطبقية للإمبريالية لم و لن يتوقف عن إنتاج المبادرات للخروج من وضعه المختنق و المتأزم.. و من مسؤولياتنا و من مهامنا كمعبرين عن مطامح و تطلعات الكادحين في المغرب و الصحراء و سائر بلدان المعمور.. أن نشدد الخناق و أن نعمق الأزمة. فمن تجرأ و حاول تقديم أو اختراع الحلول "لاجتناب المآسي و الحروب" سينتهي به الأمر داخل مبادرات النظام و ببهوات القصر و داخل ملتقيات المصالحة متأبطا ملفات و مؤموريات السخرة المَلكية و فقط.. فالعبرة من تجربة اليوسفي و من معه، و بن زكري و من معه، و حرزني و من معه، و الأمازيغ و من يدعم شوفينيتهم الانتهازية الزائدة..الخ و بالتالي فلا التذرع "بموقف الفرجة" و لا التهكم على قاعدة المتفرجين "كمشة من المناضلين يرددون الشعار".. ستشفع لك لتخلصك من ورطتك، فـ"الفرجة" ستبقى قائمة بالنسبة "للنهج" و من معه من "القوى الفاعلة".. فقط يجب التذكير بأن "الفرجة" أنواع، فهناك المأساة و هناك الملهاة و هناك التراجيديا..الخ و نتمنى من رفاق فقير في "النهج" أن يقدموا الدرس في ميدان تجاوز وضع "الفرجة" ليس بهذا الشكل الكاريكاتوري طبعا بل بصعودهم للخشبة بنفس الحماس السبعيني أو أكثر، عوض الصعود على مثل هذه النصوص المحبطة ـ المبادرة التاريخية للوساطة ـ فتحْتَ هذه النصوص و بنفس هذا الطاقم لن تكون هناك فرجة و لا هم يحزنون.. ستكون المقاعد، حتما، خالية من الجمهور و سيتعين عليكم عرض المسرحية في جهات بعيدة عن الجمهور و في مسارح تفوح رائحتها سيغارا و كافيارا..الخ كنا نعتقد أن الرفيق فقير من المناضلين الذين تربوا داخل الحركة الشيوعية بمبادئها و مواقفها النبيلة التي كانت في الغالب "ضد التيار".. قبل أن يفزعنا و يدهشنا بتحليلاته الغريبة و الشبيهة بمقولة "الجمهور عَايز كِدَه".! فهل العبرة بالموقف و ما يعبر عنه من مصالح حقيقية لجمهور الكادحين في المنطقة عرب، أمازيغ و صحراويين، و على رأس المصالح، التغيير الثوري الاشتراكي في المنطقة عبر القضاء على النظام القائم كنظام برجوازي عميل للإمبريالية؟ أم العبرة بالخروج من حالة "الفرجة" و فقط؟ فمطلب الحق في الانفصال سيبقى ثابتا من الثوابت الشيوعية الماركسية اللينينية، قبل الحرب و بعد الحرب، قبل الثورة و بعد الثورة.. لأن حرية الانفصال لا تعزز التجزئة و العزلة كما يدعي البعض من الاشتراكيين التوسعيين الإمبرياليين، بل لأنه يشكل المنحى الأكثر ديمقراطية و الأكثر جذرية و ثورية في اتجاه الاتحاد و الوحدة على أسس ديمقراطية و متساوية. هكذا كان دائما مناضلو الحركة الشيوعية، مؤسسين بـ"كمشتهم" لـ"رابطتهم الشيوعية" و لـ"أمميتهم الأولى" و لمجموعاتهم البلشفية داخل الأحزاب الاشتراكية -الديمقراطية "ضد التيار".. قاوموا الإمبريالية و اضطهاد القوميات و الشعوب بتأسيسهم لـ"اليسار الزمرفالدي" "ضد التيار". و لنذكر الرفيق إن كان يستفيد من التاريخ.. على أن هذه المبررات أو شبيهاتها.. سبق و أن تقدمت بها الأحزاب اليسارية الإصلاحية لتدعيم موقفها من المشاركة في الانتخابات و في اللعبة المؤسساتية بشكل عام لتنتقل و تنفلت من موقع "الفرجة" فماذا كانت النتيجة؟ ألم تصبح ذات الأحزاب فرجة في مشهد استعرائي فاضح؟ ألم تجرب أحزاب اليسار الكلاسيكي و السبعيني الماركسي اللينيني خطة تجاوز حالة و موقع "الفرجة"؟ فماذا كانت الحصيلة، يا ترى، أمام سياسة التراجعات اللامبدئية و أمام سياسة التهافت من أجل تثبيت خط المشاركة و التشارك.. و فقط؟ لم نكن نتصور و لا نتوخى أن يهبط المقال و صاحب هذا المقال، الرفيق المناضل علي، إلى هذا المستوى من الفقر و الهزالة، بحيث أنه كاد أن يتحول إلى قصيدة مدح في حق الزعيم الذي ناضل و لم يخطئ، و عاند و لم ينبطح.. قصائد كتلك التي تمتدح شخص "زعيم الثورة الليبية" كل سنة في ذكرى انقلابه التاريخي "المجيد". فبئس السياسة التي تحول المناضلين إلى مداحي زعمائهم لحد الاستخذاء أمامهم.. فليس الحريف أول مناضل تم انتقاده من جراء موقف أو مبادرة أو أطروحة..الخ و ليس الحريف هو المناضل الوحيد الذي قدم التضحيات داخل المعتقلات و السجون، و عانى بالتالي، شتى أنواع التنكيل و الإذلال و التعذيب..الخ و بالمقابل كذلك، ليس الحريف أول من تراجع أو انحرف عما ساهم في تأسيسه من أفكار و أطروحات. فقط نذكر الرفيق سليل الحملم أن ماركس و انجلز و لينين.. و كل الزعماء الثوريين.. كان لهم يسار على يسارهم و يمين على يمينهم، و كان لهم منتقدين من كل شاكلة و طراز.. و لم يتجرؤوا قط ليرفعوا شعار "أوقفوا النقد و الانتقاد"، بل كانوا بالمرصاد لجميع الأطروحات بالشرح أولا ثم بالنقد ثانيا.. بل توفقوا و ساهموا في عرض أفكار خصومهم في الفكر و السياسة أحسن بكثير مما فعلوه أصحابها. فليست السياسة لعبة كما تصورها البرجوازية بمثقفيها و كوادرها، فالسياسة البروليتارية مسؤولية لا تستنجد بأمجاد الماضي البطولية، سياسة البروليتاريا مرهونة بين المنطلقات المرجعية الماركسية اللينينية و بين الأهداف الثورية الاشتراكية.. داخل هذا الإطار تحدد السياسات اليومية، المرحلية القطاعية.. و كل التاكتيكات في التحالفات و التراجعات و التنازلات.. و الدفاع و الهجوم.. و النضال "السلمي" و النضال العنيف.. دور و أهمية التنظيمات السرية و التنظيمات العلنية.. و دور الإطارات الجماهيرية و كذا الإطارات "النخبوية"..الخ
- أولويات "النهج" أم أولويات الشعب الصحراوي و عن أولويات "النهج" كما قدمها الرفيق علي.. فليس بالعجب أن يقدم في فقرة كهذه عصارة أفكاره و اجتهاده فيما يخص القضية، فقرة كما سيلاحظ القراء لم تتجاوز خُمُس ما تقدم في فقرة "الأمداح الحريفية".. فقرة ابتدأها بتحديد أولوية الأولويات بالنسبة للشعب الصحراوي ألا هو النضال من أجل فرض حقوقه الوطنية المشروعة كشعب، عبر حقه المبدئي و المطلق في تقرير مصيره بنفسه" متناسيا أن أساس النقاش و النقد كان على التناقض الحاصل بين هذا المبدأ و بين "المبادرة التاريخية". فإذا كان للشعب الصحراوي حقه، و هو مما لا شك فيه، في تقرير مصيره بنفسه، فلا داعي لاتخاذ مبادرات لا علم له بها و لا مصلحة له فيها.. و بأن جوهر النقاش لا يرتبط بما "على الشعب الصحراوي أن يناضل من أجله" بل بتصور الماركسيين للنضال الطبقي البروليتاري و لنضال جماهير الشعب الكادح المغربي و الصحراوي من أجلب سياسة تخدم هذا النضال و هذا المبدأ. فما من جهة لها المصلحة و خلال هذه المرحلة بالذات في اتخاذ هذه المبادرة سوى حزب "النهج" نفسه و بشكل خاص تيار "الحريف و من معه" من المتراجعين. "فتقرير مصيره بنفسه" لا يعني البتة في نظر الماركسيين، الارتهان للمشروعية الدولية و للحسابات الإقليمية.. التي لا يتجرأ مناضلو "النهج" على طرحها و انتقادها.. فعدم انتقاد خط قيادة البوليساريو و سوء تدبيرها لملف القضية و فسادها و قمعها للاحتجاجات الصحراوية، و عن رهن الجزء الأساسي من الشعب الصحراوي داخل الأراضي الجزائرية.. بما يشكله هذا من هيمنة واضحة للقرار السياسي و العسكري الجزائري.. يعتبر خيانة للمبدأ و للقضية الصحراوية و للقضية البروليتارية في آخر المطاف. فعلى مثل هذه الترهات أجاب لينين ذات يوم "لن نماحك حول الكلمات. فلو أن حزبا يقول في برنامجه (أو في قرار إلزامي للجميع، فالشكل لا يهم) أنه ضد الإلحاق و ضد إبقاء الأمم المضطهَدة، بالعنف، ضمن حدود دولته، لكنا نعلن موافقتنا المبدئية التامة مع هذا الحزب. فمن الحماقة التشبث بكلمات "حرية تقرير المصير""
- تصحيح و استدراك لأولويات "النهج" عوض "أولويات فقير" فما هي أولويات "النهج" أو "أولويات فقير" إن صح التعبير ضمن أوضاع اشتداد القمع و تكثيف الاستغلال و الهجوم على قوت الجماهير و تشريد الشباب و نشر الجريمة..الخ ما هي أولويات فقير أمام أوضاع تدرير الحركة الاشتراكية، و أمام الهجوم الرجعي و اللبرالي و الظلامي على مشروعها؟ فما هي أولوياته أمام مهمة التوحيد الماركسي اللينيني، عوض مهمة تجميع المعارضين و "الحداثيين و الديمقراطيين"..الخ التوحيد على أرضية مرجعية واضحة و بتوجيه من خط سياسي سديد و شعارات قوية مرتبطة أشد الارتباط بمصالح الكادحين و شعارات قوية مرتبطة أشد الارتباط بمصالح الكادحين محليا، جهويا و أمميا في اتجاه إنجاز الثورة الاشتراكية. فـ"الأولويات" التي لم يتوفق الرفيق على في ذكرها و في تسطيرها.. تداركها عدد الجريدة 114 الناطقة باسم "النهج الديمقراطي" و الحاملة لنفس الاسم.. و الملخصة في: 1. فضح "الطبخة الديمقراطية". 2. النضال من أجل إقرار نظام ديمقراطي، عبر عزل المافيا المخزنية. 3. النضال ضد التغلغل الإمبريالي الصهيوني. 4. النضال من اجل حل لقضية الصحراء. كـ"أولويات" للنضال السياسي. و يمكن للقارئ أن يتمعن هنا و يبحث عن رابط يمكنه أن يعطي للبرنامج شيئا من الانسجام، و هو ما لن يجده بالبات و المطلق، إضافة للتساؤل المشروع لأي مناضل تقدمي يساري يستفسر عن علاقة البرنامج بالمنهجية و المرجعية الماركسية اللينينية و بمشروع الطبقة العاملة التحرري الاشتراكي و بمهمة تطوير النضالات و تنظيمها و تأطيرها في الاتجاه الذي يوفر الآليات و الأسلحة القمينة بإنجاز مهمة التحرر الكبرى في المغرب و الصحراء، أي ما معناه الثورة الاشتراكية و القضاء على نظام الاستبداد و الاستغلال و العمالة للإمبريالية. فبخصوص النقطة الأولى المرتبطة باللعبة السياسية و بعملية المشاركة في الانتخابات بما يعنيه من اعتراف بالمؤسسات و اعتبار النضال من داخلها يمكن أن تكون له أدوارا في خدمة قضايا الطبقة العاملة و الكادحين و المحرومين عامة.. لم يوضح "النهج" موقفه كفاية لا من حيث التفسير و لا من حيث الممارسة العملية، إذ و من خلال التجربة الانتخابية السابقة لاحظنا مشاركة الجناح النقابي و الجناح الأمازيغي الشوفيني داخل الحزب، في العملية الانتخابية دون أن يلقى الاعتراض أو الفصل من الحزب.. سجلنا تقاعس العديد من مناضلي "النهج" في الدعاية لموقف "المقاطعة" و تهربهم من توزيع بيانات الحزب الخاصة بالمقاطعة.. بل و اختفاء العديد منهم من الساحة و اكتفائهم بممارسة المقاطعة السلبية التي لن تحتاج إلى دعاية، على اعتبار أن موقف المقاطعة بات موقفا جماهيريا عفويا اتخذته الجماهير لسنوات و لتجارب عديدة.. موقف لا تتغير نسب نجاحاته سوى بتدخل التزوير المتواطئ عليه من طرف السلطة و جميع الأحزاب المشاركة بما فيها "القوى الفاعلة" التي يراهن عليها خط التراجع الإصلاحي من داخل "النهج".. أو بتدخل القمع عبر أساليب الترغيب و الترهيب.. و كذا بتحريك الأموال "الحلال و الحرام" لشراء أصوات، و مشاركة المحرومين و المهمشين و المعطلين و حثالة الكادحين داخل الأحياء النائية المقصية في المدن و البوادي. ..هذا و دون نسيان الموقف العجيب و المريب الذي اتخذته بعض العناصر الانتهازية من داخل الحزب من خلال مشاركتها في ما سمي بهيئات و لجن مراقبة العملية الانتخابية.. و هي مشاركة مؤدٌى عنها و بتمويل أمريكي معروف و مفضوح. فمن أجل "فضح الطبخة" يتخذ الحزب أو التيار السياسي العمالي موقف من الموقفين، المشاركة أو المقاطعة.. و داخل كلا الموقفين توجد اختلافات في الرؤى، و داخل جميع الرؤى يوجد الإجماع على مهمة الفضح التي لا يجب التنازل عنها لأنها تدخل ضمن الثوابت النظرية المبدئية الماركسية التي تعتبر جميع الديمقراطيات البرجوازية هي "طبخات" بهذا القدر أو ذاك.. و بارتباط مع النقطة الثانية يستعصي على الماركسي أن يربط بين النقطة الأولى و الثانية.. هناك مهمة "الفضح" و مهمة طرح البدائل عن "الطبخة الديمقراطية" لتعديلها أو لإلغائها جذريا، من جهة.. و من جهة أخرى اعتبار مهمة عزل "المافيا المخزنية" ـ بغض النظر عن غموض مفاهيم المخزن و المافيا و العزل.. و تعارضها مع مفاهيم الماركسية و مع منهجية التحليل الطبقي و صراع الطبقات ـ كتعبير عن مهمة التعديل أو التغيير الجذري. فإذا لم يتم التدقيق فيما يعنيه "النهج" بـ"النظام الديمقراطي" و بكيفية إقراره و إقامته؟ إذا لم يتم التدقيق كفاية و توضيح ما يعنيه الحزب بـ"المخزن" و بـ"المافيا المخزنية" و بكيفية عزلها؟ فطبيعي أن تستمر الهجومات من اليسار و اليساريين و بشكل خاص من الماركسيين اللينينيين أنصار الخط البروليتاري و الثورة الاشتراكية. فـ"الأنظمة الديمقراطية" أنواع.. هناك أساسا النظام الديمقراطي البرجوازي الذي يحظى بثقة جميع الطبقات المدافعة عن نظام الاستغلال و كذا المستفيدة من عملية الاستغلال.. يقابله النظام الديمقراطي البروليتاري الذي تتطلع له جميع الطبقات الكادحة و الذي تقود النضال من اجله الطبقة العاملة المنظمة في حزبها المستقل.. و بين هذان النظامان هناك أنواع من الديمقراطيات سميت في فترات و من خلال تجارب محددة بالديمقراطيات الشعبية.. كما أن الإقرار أو التأسيس لـ"النظام الديمقراطي" يقتضي الإشارة لكيفية التأسيس التي تعرف التنوع في الطريقة و النظرة داخل الحركة الاشتراكية العمالية.. هناك التأسيس السلمي المبني على التوافقات الطبقية و السلم الاجتماعي.. عبر مراكمة الإصلاحات السياسية الديمقراطية و الاقتصادية الاجتماعية.. و هناك التأسيس الثوري المبني على العنف الجماهيري المنظم و على الإضرابات و الانتفاضات و العصيانات لحد الهدم النهائي و إعادة البناء على أسس جديدة كمدخل لتشييد مجتمع جديد و بمواصفات جديدة، تعتمد على ديمقراطية الأغلبية و تتجه إلى القضاء التام على الاستغلال و على الطبقية و على المِلكية الفردية و الخاصة. "فرد الاعتبار للماركسية اللينينية" و "محاولة المساهمة في بناء حزب الطبقة العاملة و مجموع الكادحين مع الماركسيين الحقيقيين على طريق الثورة الاشتراكية" على حد تعبير الرفيق، يجب أن يتلمسها الجميع في النظرية و الخطاب و البرنامج و الشعارات و الممارسة الميدانية..الخ و أساسا مناضلو الحملم و طلائع الحركة العمالية.. فأين نحن من هذا التحديد و من هذه الأولويات؟ فمن خلال البرامج اللينينية السديدة تم التدرج بين برنامج الحد الأدنى و برنامج الحد الأقصى.. و تقدم خلالها الخط البروليتاري بالشرح و التوضيحات لبرامجه و للشعارات المرتبطة به دون أن يكون هناك تعليق أو تأجيل للموقف من السلطة و من الديمقراطية البرجوازية و من نظامها الاقتصادي كنظام رأسمالي مبني على الاستغلال و على القمع لحماية المستغلِين من إضرابات العمال و من انتفاضات المحرومين و الجياع. فمن داخل جميع البرامج البروليتارية الثورية و الإصلاحية، كان لزاما على جميع التيارات و الأحزاب أن توضح موقفها من السلطة القائمة مع ضرورة تقديم تصورها للسلطة البديلة. و كانت التيارات الثورية دائما تحترس في صياغتها لبرامجها و في انتقادها للإصلاحيين و الانتهازيين داخل الحركة العمالية و الاشتراكية على هذا الأساس و بهذه الطريقة و تحت هذا التوجيه "إن المسألة الأساسية في كل ثورة هي مسألة السلطة. و بدون فهم هذه المسألة، لا يمكننا أن نتحدث لا عن قيادة الثورة و لا عن أي اشتراك واع فيها" فمقاطعة الانتخابات تستدعي طرح البدائل و طرح الموقف من السلطة و حزب "النهج" في إطار فهمه و خطه الإصلاحي لا يتجاوز الفضح للعملية من زاوية التزوير و الإقصاء و التهميش و امتيازات المافيات..الخ و هو منظور متخلف لا علاقة له بالماركسية و بالنظرية الاشتراكية التي تهتم بفضح الديمقراطية البرجوازية من خلال المشاركة و من خلال المقاطعة، سواء بسواء، و بغض النظر عن التزوير فمنذ ظهور الحركة الاشتراكية و الشيوعية الثورية، و بغض النظر عن وجهة نظر بعض تياراتها الفوضوية التي كانت دائما رافضة لمبدأ السلطة البديلة في إطار نداءاتها و مطالبتها بمجتمع اللاسلطة.. فالجميع اتفق دائما على مبدأ القضاء على سلطة الاستبداد و الاستغلال.. الجميع طالب و ناضل من أجل الجمهورية الديمقراطية في إطار برنامج الحد الأدنى و بالجمهورية الاشتراكية في إطار برنامج الحد الأقصى، كمفاتيح أساسية لإنجاز البرامج في شموليتها. فحزب "النهج" لا يتعدى في إطار خطة "العزل" المراوحة بين تعديل الدستور بإلغاء البعض من فصوله المرتبطة باحتكار السلطات من طرف المَلك و محيطه من المستشارين.. إلى المطالبة بجمعية تأسيسية لوضع دستور ديمقراطي، دون أدنى إشارة لطبيعة السلطة السياسية راعية الجمعية التأسيسية و حاميتها.. يعني متجاوزا و بشكل مقصود للنقاشات العميقة التي واكبت ثورة 1905/1907 الروسية و للنقاشات التي دارت بين منظمة "إلى الأمام" و "23 مارس" أواخر السبعينات.. و التي تكلمت عن الانتفاضة المسلحة و عن الجمهورية و عن ديمقراطية العمال و الفلاحين و عن الحكومة الثورية المؤقتة.. قبل أن تتكلم عن الجمعية التأسيسية و عن الدستور الناتج عنها.. و بعد أن استنفدت النقاش حول المهمة التي لا رجعة عنها بالنسبة للماركسيين ألا و هي مهمة التحضير لهذه الجمهورية بما يعني مهمة الانتفاضة المسلحة كشكل أساسي و رئيسي لتحقيق هذه المهمة و المهمات الناتجة عنها. و قد يرد البعض أو الغالبية من اطر و مناضلي "النهج" بغياب الشروط المسهلة لإنجاز هذه المهمات.. آنذاك سنجيبهم و بالإجماع و بما يفيد عدم تهور الغالبية من مناضلي و تيارات و مجموعات الحملم الجديدة بالمطالبة بثورة في غير شروطها أي وفق التحديدات الماركسية اللينينية التي سبق و أن ذكرنا بها، مع فارق جوهري في التقدير للمرجعيات و لإعلان المبادئ التي لا تتغير بالنسبة للثوري الماركسي اللينيني سواء كانت شروط الثورة ملائمة أو منعدمة، فالثوري الماركسي يبقى ثوريا خلال جميع الفترات و تحت أي شرط و في جميع مجالات العمل و النضال.. فقط الخبرة و الحنكة هي من تعطيه القدرة على إنتاج البرامج المرحلية و القطاعية التاكتيكية التي يشترط فيها ألا تتناقض مع منطلقاته المرجعية و أهدافه الإستراتيجية العامة.. و قد سبق و أن أوضحنا، مثلا، بأن عملية فضح تركيز السلط بيد المَلك و حاشيته.. لا يوازيها بالنسبة للماركسيين المطالبة بنظام يحقق فصل السلط و يحافظ على المَلكية كشكل للحكم كملكية عصرية حداثية منقحة من المافيات..الخ، بل المطالبة بالقضاء على المَلكية نهائيا و التأسيس للجمهورية، و إذا كانت الشرعية و العلنية تعيق هذا التصريح فليس من مسؤولياتنا، و لا يجب أن تسقط عنا عواقب هذه التراجعات و التنازلات، فالكرة في شباك من اتخذها مسلكا له. كما أن مهمة طرح الدستور الديمقراطي دون طرح الجهة المسؤولة عن حمايته و لا عن شكل الديمقراطية الضامنة له.. سيبقى في نظر الجميع نوعا من الطوباوية و التبرير الانتهازي للتنازلات و فقط.. لأن الجميع و أساسا السواد الأعظم من هذا الشعب، يعني الكادحين و المتضررين من وجود و من استمرار نظام الاستغلال و الاستبداد القائم في بلادنا يعرفون و يعون جيدا شكلية الدساتير و القوانين و المواثيق الدولية..الخ يعرفون أن الحراب هي الحاسمة و ليس أجمل و أرقى الدساتير.. على حد استنتاجات ماركس التاريخية.
- توجيه أخير لهذا الحد و بدون أن يتشعب المقال للخوض في قضايا أخرى أكثر استعصاءا و تعقيدا، أعتقد أن مهمة النقاش الفكري و السياسي داخل الحركة الاشتراكية و داخل الماركسيين بشكل عام.. تتطلب نقاشا أعمق من هذا و أساليب أوسع و أضمن، من ناحية الاستفادة.. الشيء الذي لن يدفع بنا للتراجع و لا لمعاداة المناضلين و لا الحقد عليهم و التشهير بهم.. فقط فالمحاسبة واجبة و النقد واجب و لكن في حدود اللباقة الرفاقية و في حدود ما تم التصريح به دون الدخول في المسائل الخاصة جدا المعتمدة على أساليب التشهير و حرفة "حراس الأخلاق" التي دأبت على تهريب النقاش إلى أسِرٌة النوم و طاولات المقاهي و الحانات.
انتهى
و. السرغيني مارس 2007
#و._السرغيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الملتقى الثالث لتنسيقيات مناهضة الغلاء ملتقى فاشل بكل المقاي
...
-
تصريحات عبد الله الحريف غباوة أم استغباء
-
حول قضية -المس بالمقدسات-
-
منطلقات و أهداف الخط البروليتاري
-
بيان التأسيس للتيار الماركسي اللينيني المغربي أنصار الخط الب
...
-
الاحتجاجات الجماهيرية بين المبدئية و الحسابات الضيقة الفاضحة
-
جميعا ضد المحاولات اليائسة لكبح جماح الحركة الطلابية المغربي
...
-
8 مارس و الكلمة للطبقة العاملة
-
يساريو طنجة يتباكون على فقدان صدام
-
اليسار.. و اليسار.. ثم اليسار، بطنجة
-
الحركة الاحتجاجية بطنجة بين التقاعس و الإحباط
-
الممارسات الفاشية داخل الجامعة انزلاق أم نزعة
-
الحماقات الصبيانية و صراع الإخوة الأعداء
-
انفضاح أم انتصار للخط الانتخابي داخل -النهج الديمقراطي-
-
إلى أين يسير -النهج الديمقراطي- بطنجة
-
طنجة التضامن مع الشعبين الفلسطيني و اللبناني يعني الاحتجاج
...
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|