أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ربحان رمضان - مرايا السجن 3















المزيد.....

مرايا السجن 3


ربحان رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 1952 - 2007 / 6 / 20 - 06:59
المحور: سيرة ذاتية
    




لا أخفيكم يا أصدقائي بأني وفي منفاي البعيد .. المنفى الذي أرغمت عليه لا أزال ومنذ تسعة عر عاما ً أحلم أحلاما ً مفزعة ، وتنتابني في الليل كوابيس مخيفة .مرّة أرى في المنام ( لا أراكم الله هما ً ولا غما ً ولا اعتقال) المحقق الذي كان يحقق معي ، يلاحقني ومعه مجموعة كبيرة من المسلحين ، ومرة سيارة اسعاف فيها ممرضون يمتشقون أســلحة خفيفة ، يطلقون النار بين ساحات المدينة وهي تطاردني ..
ومرة جرذ رمادي يقضم أصابع رجلي واحدة تلو الأخرى ..
سأقص عليكم يئا ً عن أيام الاعتقال الرهيبة التي عشتها في أحد أقبية الاعتقالات ..


1 ترسخت في ذهني صورة عنترة العبسي واصبعه يقضمها " خصمه " الذي صاح متألما ً : آه .. فجاوبه عنترة : والله لو لم تقلها ، لقلتها .
لذلك كنت أقول في نفسي : " دعهم يقولوها ، إذا لم يقولوهااليوم .. سيقولوها غدا ً " .
2 – عدم التفكير بالتدخين رغم إدماني على نوع مميز من سجائر ال Gitan الفرنسية قببيل دخولي السجن ساعدني في تجميع قواي .
لقد شاهدت الكثير ممن حشروا معي (من غير السياسيين ) يتساقطون ويقدموا استعدادهم للإدلاء بأية معلومات يدليها عليهم المحقق مقابل سيجارة يراودهم بها ، ولأنها كانت ممنوعة كان بعض السجناء يتخاطفونها من أرض الحمامات والمراحيض عندما يحظون بها مرمية بعد أن تكون قد استهلكت من قبل السجان الذي ما أن مغتبطون فرحون بها حتى ينهال عليهم بالضرب المبرح عقابا ً لهم ، وتكون سببا ً في إزعاج زملائهم الآخرين من سكان الغرفة وذلك بتفتيش بطانياتهم وما تحت البطانيات بحثا ً عن أعقاب السجائر ..
3 – وفد الغرفة الكثير من الضيوف الأجانب من أتراك ، أفغان ، ايرانيين ، مصريين .. اردنيين ، وغيرهم ..
البعض حدثنا عن السجون في بلاده فكان أفضلها سجن عمان المركزي في الأردن ، حيث أكد كل الذين سلمهم النظام الأردني للمخابرات الأردنية للمخابرات السورية بأنه (مدينة نموذجية) .
قال الرواة : أن كل غرفة يسكنها ثلاثة إلى أربعة أشخاص تتوفر لديهم كل أسباب الراحة والترفيه " تلفزيون – راديو – شطرنج – كتب – مجلات.. " والباب يغلق عليهم لساعات محدودة ، فقط من السابعة مساء حتى السابعة صباحا ً ، يخرجوا بعدها إلى العمل في المقاهي المنتشرة في السجن ، إضافة إلى المطاعم ودكاكين اتللحم ، والمخابز ، ومحلات الحلويات ، وبياعي العصير .. إلخ .
قالوا لنا بأن المقهى الواحد يتسع لمائة وخمسين كرسي ، وصالة السينما القائمة هناك كبيرة وواسعة ومكيفة ..
* * * * * *
عطية حمد " عضو في الجبهة الديمقراطية ، قال بأنه أنهى دورة للكادر الحزبي هناك ، وتعلم الضرب على الآلة الكاتبة ، وقد أقامت منظمته ، أو منظمات أخرى باحتفالات عديدة بمناسبات مختلفة منها مناسبة انبثاق الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وذلك بوجود ضابط من الشرطة الأردنية ، هو مدير السجن نفسه .
تمنيناأن يطلق سراحنا ، ونسافر إلى الأردن لنعتقل هناك .. آه ، يالأحلامنا المعبرة عن المعاناة ، والحرمان ..
* * * * * * *
4 – القمل عشش في ثنايا جلودنا ، والعصا تلازمنا في نومنا ، وفي صحوتنا ، وعند المحقق ، وفي المراحيض التي كان السجان يحتل فيه مكانا ً استراتيجيا ً هاما ً يشرف منه على الثلاث كابينات والدهليز الواصل من الغرفة إليهم .
نحرج ركضاً ننتظر على باب التواليت حتى يخرج زميلنا الذي في الداخل ، وفي لحظة خروجه يتوجب الدخول بسرعة البرق وإلا فالسوط ينتظرنا .
في فترة لاحقة أصبحنا نخرج من الغرفة بدون بنطلون وبدون – شحاطة – ذلك لأننا نعيش نعيش في أواخر القرن العشرين " عصر السرعة والتطور " .
كان هذا في الفترتين الأولى والثانية من حياتي في هذا المعتقل ، أما في المرحلة الثالثة فقد أمر السجان – أمير المراحيض – أن لا يغلق الباب على من بداخلها مما يترتب على ذلك مشاركة – المنتظر – العملية بالصوت والرائحة والرؤيا ( إذا لم يكن مغمض العينين ب(طماشة) كما هو الحال (فوق) عند المحقق .
ومن الواجب أن لاتطول المدة عن الزمن المحدد ، وإلا فالعقاب من شريكنا في السماع والتنفس والرؤيا (حضرة السجان) ينتظرنا ، بل يتوجب أن لاتستغرق العملية أكثر من خمس عدات (1 – 5) من المحترم .
المحظوظ منا من يجلس في الغرفة مسندا ً ظهره للجدار ، وبالتأكيد لا يحق للنزيل الجديد إلا أن يكون في أحد الصفين المصفوفان في الوسط ، إلا إذا كان قادما ً من غرفة التحقيق وقد بدى عليه الإجهاد ، وظهرت آثار التعذيب واضحة للعيان ، وطبعا ً كان النوم تناوبا ً بحيث لا يمكن للنائم مد ّ رجليه حتى آخرهما لأن المساحة محدودة ، والخلاف بقوم على سنتيمترات تمادى هذا أو ذاك عليها ، فسوريا وعلى سبيل المثال مساحتها (285) ألف كيلومتر مربع على ما أعتقد (بما فيها مساحة اللواء السليب) ، وكما تعلمنا في كتب الجغرافيا والتاريخ المزورة التي تدرس في كل المدارس ، والكثافة السكانية محددة بأربعة عشر محافظة عدا محافظة (لبنان المفترضة) مساحة .
5 – لما كان يزورنا مدير السجن بين الفينة والفينة ، كان يستمع إلى مطالب المعتقلين ويرد على كل الأسئلة سؤال تلو الآخر ...
طلبنا منه أن يوزعوا علينا صحيفة واحدة فقط ، ولتكن نشرتهم الناطقة باسمهم " واحدة لكل الغرفة " .
أجابنا المحترم والذكاء يقطر من بين حاجبيه : " لو أتيناكم بالجريدة ستختلفون وتتقاتلون ، لا .. لا ، الأفضل بلاها " .
شخص آخر طلب زيادة في مقدار وجبة الأكل (لأن ما يقدموه لنا من طعام يكفينا فقط لأن لا نموت جوعا ً " .
أجاب المحترم : أنتم تأكلون كما نأكل نحن ، والمقدار مخصص من القيادة ، هذا المقدار الذي لايعجبكم يكفي لرجل طيران التحليق سبع ساعات في الجو .. !!
رد ّ آخر بهمس : " ولي عليك على هالكذبة " .
ولما قلنا أن المكان ضيق ، وتوجد صعوبة في النوم ولساعات القعود الطويلة ، أجاب : " أبشركم بأننا نبني سجنا ً آخر بجانبكم ، وستنقلون إليه بعد أربعة أو خمسة أشهر ..
فهمس أحد المستمعين : " شيدوا مدرسة ياكلاب " .
بزياراتهالنادرةالتي كان يقوم بها ليلقي علينا هكذا محاضرات وأوامر كان الصاغي الوحيد هو السجان الذي يقف خلفه عادة ليصغي باهتمام واضح ، ويهز رأسه كالأبله بالإيجاب .
وطبعا ً يبدو المحترم مهذبا ً ، زمتنفذا ً رغم أن من يقع تحت يديه أثناء التحقيق يريه نجوم الظهر بعز الظهر ، وقد ألبس الكثيرين تهما ً وقعوا على صحتها على أمل إيقاف التعذيب الوحشي الذي كان يأمر باستخدامه لانتزاع الاعتراف ، والتوقيع عليه .
وكثيرا ً ماكان يفقد صوابه أثناء التحقيق نظرا ً لعدم كفاءته مع من يستجوبهم .
لقد ابتلى شعبنا بالكثير من هذه النماذج التي تعيش تحت الأرض ، تخرج يوميا ً كدود الأرض بعد تعذيب أمثالنا المعتقلين إلى الخارج – على سطح الأرض _ .
هذا الشعب يصبر مضطرا ً ، ولكل من أفراده قصة وحكاية معهم ..
كل الشعب هو أيوب .. أيوب الذي قال عنه أحدهم :
أنا أيوب
واسم أبي – أبو أيوب
وكانت زوجتي حبلى
فأسمت ابننا – أيوب
لها طفلان في الحارة
لكل منهما تشدوا
حبيب العمر ياأيوب
أنا والسجن والسجان
ثلاثي مدى الأزمان
من المهد
إلى اللحد
بأمر الحاكم السلطان
يلازم بعضنا .. بعضا
ولا نرضى

أنا في الصبر والجلد
وسجني أدمن النسيان
وسجاني .. على جلدي
يخط بسوطه : أيوب
أنا أيوب .



#ربحان_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرايا السجن - 2
- مرايا السجن - 1 -
- خير جليس .. (كتاب) !!
- من يوميات لاجئ سياسي أو منفي رغما ً عن أنفه
- العمل في بطن الخزان - قصة قصيرة بمناسبة يوم العمال العالمي
- العمل في مؤخرة المدينة
- السابع عشر من نيسان – اليوم الوطني لسوريا
- تعقيبا ً على محاورة الزملاء في صحيفة ولاته مه مع السيد فرهاد ...
- سأحتفي وأنتم معي بالنوروز
- نم قرير العين ففي بقية الرفاق أمل مهداة إلى الرفيق الشيوعي س ...
- رئيس الجمهورية يعفو
- !!كلام معسول ، كلام مسؤول يمكن التراجع عنه
- اعتقادات خاطئة
- تهانيَّ القلبية للأستاذ محمد غانم (الحر) المطلق السراح
- الحرب غير المتوازية للكاتب السوري مازن بلال
- اريد أن أموت في فلسطين للروائية هدى حنا
- قراءة في كتاب الأكراد للدكتور أرشاك بولاديان
- قراءة في كتاب - سقط سهوا ً مجموعة قصصية للروائية السورية حسي ...
- الرأسمالية .. ذئب أغبر
- النوروز والجلاء يومان يوم للكرد ويوم لكل السوريين


المزيد.....




- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ربحان رمضان - مرايا السجن 3