انتفاضة تشرين ..في ذاكرة التاريخ (الحلقة السادسة)


قاسم حسين صالح
الحوار المتمدن - العدد: 8130 - 2024 / 10 / 14 - 20:13
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

انتفاضة تشرين..في ذاكرة التاريخ - ( الحلقة السادسة)

د. قاسم حسين صالح

*

الوسيط بين المتظاهرين والمخابرات!

ما كنت اعرف أن المخابرات العراقية كانت تراقب نشاطاتي في ساحة التحرير ولقاءاتي بعدد من قيادات تنسيقيات التظاهرات.. الى يوم اتصل بي هاتفيا صوت قدّم نفسه:
- انا االعقيد (....) من جهاز المخابرات العراقية..معالي رئيس الجهاز الأستاذ مصطفى الكاظمي يخصك بالسلام ويدعوك الى لقائه في مكتبه.
واتفقنا.. وجاءت سيارة خاصة تنتظرني في المكان المحدد ..الصالحية قرب تمثال الملك فيصل الأول. وتوجهنا.
كانت هي المرة الأولى التي أدخل فيها ( الخضراء). وصلنا..واشار لي مرافقي نحو الطريق..فمشيت على سجادة حمراء! .وصلت الباب الرئيس فكان على جانبيه جنديان يحملان بندقيتين ويقفان صامتين على الطريقة البريطانية، حتى انهما لم يردا السلام حين قلت لهما السلام عليكم.
دخلت فاستقبلني السيد مصطفى الكاظمي في الممر ، وأمانة فأنه لم يقل لي : اهلا دكتور بل قال : اهلا استاذي.
دخلنا مكتبه ..وترك كرسيه وجلس معي ،وحكى لي ما اجراه من تغييرات،ونحن نتجول في غرف الجهاز منتقدا سلفه، وسرّني بامور لا يصح البوح بها ،وكيف استطاع ان يحرر ناشطين اختطفتهم ميليشات وعصابات.
كان السبب لهذه الدعوة هو ان اكون وسيطا بين المخابرات وبين قيادات التظاهرات في ساحة التحرير. ومبرر اختياري انني تربطني علاقة ثقافية بالسيد مصطفى يوم كان رئيس تحرير مجلة (الأسبوعية) وكنت اكتب فيها .( كادت هذه المجلة بتصميمها ونوعية كتّابها ان تكون من اهم المجلات العربية واوسعها انتشارا). وكان يتوقع انني سانجح في هذه الوساطة..وكل ما يريده هو ان يلتقي بوفد منهم.
القيادات التنسيقية
في اليوم الثاني..توجهت لساحة التحرير والتقيت بعدد من قادة التظاهرات. طرحت الفكرة عليهم،فانقسموا فريقين..احدهما ظل صامتا ينتظر نهاية الحوار،والآخر عارض بشدة..وردّ احدهم بحدّة:
- تحجي صدك دكتور؟!. هو منو خلاّه رئيس اخطر جهاز غير احزاب السلطة..وصدكني ما يختلف عنهم.
اجبته: يختلف..لأنه رجل مستقل اولا ، ولأنه مثقف..ثم انتو ما راح تخسرون..التقوا به وبعدها قرروا.
ورجحت كفة الموافقين ..وتم تشكيل الوفد ..والتقيا به ولا اعرف تفاصيل ما دار بينهما ،لكنني استبشرت يوم رأيت السيد مصطفى الكاظمي بعد يومين يتمشى دون حماية بين المتظاهرين في ساحة التحرير.

*