انتفاضة تشرين ..في ذاكرة التاريخ (الحلقة الرابعة)


قاسم حسين صالح
الحوار المتمدن - العدد: 8125 - 2024 / 10 / 9 - 21:54
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

انتفاضة تشرين..في ذاكرة التاريخ ( الحلقة الرابعة)
أ.د. قاسم حسين صالح
*
الخميس..يوم الدم العراقي
تنويه
( أن تكتب عن حدث تاريخي وأنت في مكتبك،
غير ما تكتب عنها وانت تعيش الحدث ميدانيا)
من بدء الأنتفاضة في (الثلاثاء 1 تشرين/اكتوبر 2019) كان المتظاهرون قد طرحوا مطالب مشروعة: مكافحة الفساد ،تأمين الخدمات،معالجة البطالة لاسيما الشباب الحاصلين على شهادات جامعية، تحقيق العدالة الأجتماعية.... واستمر الهدوء والأمن الى اليوم الثالث وفيه كانت بداية المجزرة التي اودت بحياة مئات الشباب.
كان يوم الخميس (الثالث من الأيام الخمسة الأولى للأنتفاضة ) هو الأكثر دموية في مواجهات عنيفة غير مسبوقة بين المحتجين والقوات الامنية ،حيث امتدت التظاهرات التي تطالب برحيل الفاسدين وتأمين فرص عمل للشباب الى المدن الجنوبية ما استدعى الحكومة الى اعلان الانذار جيم ،وفرض حظر للتجول في عدد من المدن، وإغلاق العديد من الطرق المؤدية من الشمال والشمال الشرقي إلى العاصمة وإرسال تعزيزات إلى شرق بغداد،وقيام القوى الامنية وقوات مكافحة الشغب باستخدام الماء الحار والغاز المسيل للدموع والرصاص الحي..كان نتيجته سقوط (63) قتيلا في بغداد و (21) في ذي قار تليهما:الديوانية،النجف،كربلاء، وديالى..باستثناء البصرة التي لم تحدث فيها اصابات.
وفي مساء اليوم نفسه،الخميس (الثالث من تشرين أول)، توجّه رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي، بخطاب متلفز بُثّ على وقع أصوات الطلقات الناريّة التي يُسمع دويّها في أنحاء بغداد، دافع فيه عن إنجازات حكومته وإدارته للأزمة الحاليّة، مطالبًا بمنحه فترة زمنيّة لتفيذ برنامجه،ووصف ما يجري بأنه (تدمير للدولة).
ومع ان الحكومة اعلنت حظر التجوال وقطع خدمات الأنترنت فان المتظاهرين وصلوا العاصمة بغداد على متن شاحنات حاملين اعلاما عراقية واخرى دينية معظمها يحمل اسم الامام (الحسين) ويهتفون (بالروح بالدم نفديك ياعراق).
وبرغم هذا الرعب، وبرغم هذا البطش غير المسبوق في تاريخ العراق ضد متظاهرين سلميين يحملون علم العراق، فأن المحتجّين توجهوا نحو جسر الجمهوريّة حيث ضربت القوّات الأمنيّة طوقاً مشدّداً عليه خوفا من اقتحامهم الخضراء.
وفي يومها كتبنا مقالة نشرت في (المدى والحوار المتمدن) بعنوان (خمسة أيام هزت العراق)..وثقنا ما حصل بقولنا :(ان ما حدث في (الأول من تشرين أول/اكتوبر 2019 ) كان حدثا سياسيا وجماهيريا غير مسبوق في تاريخ العراق السياسي من حيث زخمه وحجمه وما احدثه من رعب في السلطة اضطرها استخدام القوة المفرطة.
وما حصل..فاجأ ايضا علماء النفس والأجتماع بما يدهشهم..بل أنها خطّات نظرية في علم النفس تقول:اذا اصيب الانسان بالأحباط وحاول وحاول ولم ينجح،فأن تكرار حالات الخذلان والخيبات توصله الى العجز والاستسلام،فأطاح بها شباب ادهشوا العرب والعالم!.