إلى أين تمضي هذه -الحثالة- بالمجتمع؟!
فارس محمود
الحوار المتمدن
-
العدد: 8076 - 2024 / 8 / 21 - 18:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تمت القراءة الأولى لمشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية في مجلس نواب يًهيمن عليه حثالة إسلامية وطائفية عديمة القيمة والضمير، انتخبتهم ثلة من أتباعهم في المليشيات والقوى المسلحة في مجتمع من أكثر من أربعين مليون نسمة. من اليوم الأول لمجيئهم للسلطة، سعوا بكل الأشكال الممكنة على فرض التردي والتراجع على المجتمع ومدنيته وسلب الحقوق والحريات.
وها هي محاولاتهم الأخيرة بالدفع بما يسمى "تعديل" قانون الأحوال الشخصية. ليست هذه التعديلات سوى خزي وعار على جبين كل من يتبناه. ليس هذا وحسب، انه من العار أن يتحكم أناس وافكار من هذا القبيل بحياة البشر. انها قوانين مرحلة التوحش والعبودية.
فحوى "التعديل"...
ناهيك عن قضايا مثل الحرمان من الميراث والحضانة والنفقة وغيرها من مظالم وتعسف والتي تناولها الكثيرون، ولكن حين ياتي الحديث حول هذا التعديل، يتحدث الجميع تقريبا عن رفضه لزواج القاصرات الذي هو أحد قضايا التعديل. المسألة لا تتعلق بزواج القاصرات، بل ابعد من هذا بكثير. أن تتقدم هذه القضية للواجهة هو أمر مفهوم بوصفها أبشع ما في "التعديل". فوفق الفقه، وفي مقدمته الفقه الجعفري الذي يدعون إاليه في هذا التعديل، بوسع ولي الآمر ان يزوج إبنته وهي في بطن أمها! ومن عمرها لحظة، بوسع عقد قرانها!! وبالوسع التمتع بسائر الاستمتاعات الجنسية منها، ومنها "التفخيذ" و"تقبيل الشفاه" و"المداعبة الجنسية الكاملة" ما عدا الايلاج "غير المستحب"!!! فماذا بوسع أحد أن يُسمّي زواج من عمرها 9 سنوات أو "تفخيذ الرضيعة" أو غيرها من "سائر الإستمتاعات"؟! إنها مرحلة لا ترى في الانثى سوى جنس ووعاء جنسي لتلبية حاجات الذكور بأكثر أشكالها مَرضية. ولهذا، فانها أفكار ودعوات يستوجب رمي طراحها في السجون وإعادة تأهيلهم لخطرهم على المجتمع. يجب أن تُصان الطفولة والمجتمع منهم. ان مجتمعاً يتمتع بإدنى درجات الانسانية والحرية والتمدن لا يستطيع أن يتحمل مثل هكذا أناس في سلطة أو حكم أو مكان عام.
انهم يريدون العودة بالمجتمع الى عصور العبودية، وفي مقدمتها عبودية المرأة والطفل. هذا ان وضعت جانباً الهرمية والتراتبية الدينية وما ينطوي عليها من انعدام كرامة الانسان والذل والتبعية وغيرها. يريدون ان يعيدوا علاقة المراة والرجل الى "النفقة" بفهمهم المريض للنفقة. ففي كثير من الفقه والمراجع، المرأة وعاء جنسي للرجل فقط. اذ يربط الكثير منهم النفقة بالاستمتاع الجنسي. هناك استمتاع جنسي، اذن هناك نفقة. ينعدم هذا الاستمتاع، تنعدم هذه النفقة. فالكثير منهم يتحدث عن لا تحل النفقة للمريضة، لا يحل شراء الدواء لها، بل يفرط البعض الى انه ليس من الواجب على الرجل ان يشتري كفن للمتوفية، كل هذا لسبب بسيط انها كفت عن تقديم الخدمة الجنسية. فالعلاقة علاقة بيع وشراء جسد، علاقة دعارة. ان النفقة هي نفقة الاطفال ومعيشة الاطفال بالدرجة الاساس. يريد هؤلاء العائدون من عصر التحجر والهمجية ان يعيدونا الى ذلك التاريخ والى تلك القيم والافكار المتعفنة. ان أراد أحد ان يسيّر حياته وفق هذا الاساس، فهذا يكون قد أعلن وبصراحة انه لازال في ذلك العصر لحد الان! أيفخر أحد بعد كل المنجزات والمكاسب الفكرية والاجتماعية والحريات التي حققتها البشرية إن يعود الى ذلك العصر؟! من المؤكد ان عليه ان يراجع أقرب طبيب نفسي وإجتماعي.
ما هو أساس هذا "التعديل"؟!
ان هذا المشروع ليس من بنات هذا "النكرة" أو ذاك من احزاب الفضيلة او الدعوة او غيرهم. انها الفتاوي موجودة في دفات كتب خميني السيستاني ومرجعيات الشيعة والسنة ويدافعوا عنها في الفضائيات ومن على منابر الجمعة. ان هذا ليس بغريب، إذ ان كل محتوى القران وسيرة واقوال محمد بهذا الصدد تتعامل مع المراة كبائعة متعة وجنس، جنس مقابل المال (المهر، المعيشة، النفقة وغيرها)، فاثنان يقفان على قدم المساواة وينشدان العيش بارادتهم وقرارهم تحت سقف واحد وتاسيس عائلة و... لماذا يحتاج الأمر الى ان يقدم أحدهم "مهراً" للآخر؟! فالزواج ليس بعلاقة حب ومودة وفرح ومساواة وتكافؤ و...غيرها، وهذا ليس بغريب، فمحمد ابن عصره وليس بوسعه ان يأتي بشيء خارج نطاق عصره العبودي.
ولهذا فاني لا اعرف مغزى الدعوات المعترضة على هذا التعديل والتي تستنجد بالمرجعية للتدخل وانصاف الطفولة والمرأة هل هو: جهل وعدم معرفة أم تملق أم ...؟! لا اعرف حقاً، ولكن ما اعرفه جيداً ان الطروحات هي طروحات كل المراجع الدينية، مدونة كتاباتها وفي الآسواق. والا كيف يستطيع أحد تفسير صمتهم المطبق هذا في قضية اجتماعية واسعة يغلي بها الشارع! ينبغي تصفية الحساب مع جذور هذا القانون بفتاويه ومراجعه وشخصياته ورموزه وكتبه و...الخ. لهذا ينبغي نقد هذه المنظومة التي يستند عليها أصحاب هذه الدعوى وازاحتها من حياة الناس.