الذاكرة المصادرة، محنة عمال المناجم المغاربة في شمالي فرنسا - الجزء الأول: القريبون والبعيدون
ماري سيغارا
الحوار المتمدن
-
العدد: 7919 - 2024 / 3 / 17 - 18:57
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الجزء الأول: القريبون والبعيدون
Robert Delaunay, Disque simultané, 1912-1913
من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة عمال المناجم المغاربة في شمالي فرنسا”، للكاتبة ماري سيغارا
CEGARRA, Marie. Première partie. Les proches et les lointains In: La mémoire confisquée: Les mineurs marocains dans le Nord de la France [online]. Villeneuve d’Ascq: Presses universitaires du Septentrion, 1999 (generated 15 mars 2024). Available on the Internet: . ISBN: 978-2-7574-3459-8. DOI: https://doi.org/10.4000/books.septentrion.122008.
الرجل والفحم الأسود
إن مصدر الطاقة، الفحم، والمستخرج من باطن الأرض، له نتائج ملموسة، في أقسام متعددة من العالم، وعلى تنقلات السكان.
في المملكة المتحدة، وفي الراين، وفي الأورال وفي أوكرانيا، أدى إكتشاف بقايا الفحم عند سطح الأرض أو في باطنها إلى تدفق السكان من المناطق القريبة، في البداية، ومن ثم بالتدريج من المناطق البعيدة.
يستحضر إميل زولا في جرمينال التجمعات العمالية حول مناجم الفحم والصناعات المرتبطة به في شمالي فرنسا:
“١٩ حفرة، ١٣ منها مستغلة هي: لو فورو، لا فيكتوار، كريفكور، ميرو، سان توما، مادلين، فوتري-كانتيل وسواها، وستة للتفريغ والتهوئة، مثل ريكيار… يعمل فيها ١٠ آلاف عامل، وتتوزع محطات التوزيع على ٦٧ كومونة، يستخرج من المناجم ٥ آلاف طن يومياً، وتربط سكة حديدية كل الحفر بالمشاغل والمصانع”. (١)
تعتمد حركات التمركز هذه على تطور إستخراج الفحم. وهكذا، وطالما بدأ استغلال المناجم، التي جذبت اليد العاملة المحلية فقط، ولكن بسرعة كبيرة، تطور العمل مع وصول العمال من المناطق المحيطة.
وقد جاء الإسناد من قبل سكان المناطق الريفية الأقرب، ومن ثم الأكثر بعداً.
تلقي مدينة سالومين في با-دو-كاليه الضوء على عملية هجرة متواصلة. عام ١٨٥٠، التي كان اسمها وقتها سالو، بلغ عدد سكانها ١٩٠ نسمة. عام ١٩١١، تحولت إلى مدينة يسكنها ٨٢١٥ نسمة. يكشف التعداد السكاني تنوعاً في السكان المولودين في مناطق مختلفة، والذين استقروا في الكومونة، تبعهم يد عاملة من المنطقة والإقليم. (٢)
هجرات متتالية
مع نهاية القرن ١٩ وبداية القرن ٢٠، انضمت يد عاملة غير مستقرة إلى تلك الدائمة. بدأ العمال المؤقتون من أصل ريفي بترك قراهم خاصة بيكار، إضافة إلى أراضيهم، للعمل في المناجم، ومن ثم كانوا يرجعون في موسمي البذر والحصاد. (٣)
إن المهاجرين البدلاء الذين جاؤوا للعمل في المناجم قد تجاوزوا حدود المنطقة التي يعملون فيها. فحتى حرب ١٩١٤١٩١٨، استعملت الشركات السكك الحديدية للإتيان باليد العاملة بشكل يومي من ترنوا ونور أراغوا، وصولاً حتى وادي كانش، خلال الصعوبات التي واجهتها صناعة النسيج في أرمانتير ولا فلاندر.
وقد جرى الانتهاء من الأزمة بتشغيل عمال المناجم البلجيكيين من بوريناج الذين لديهم فعلياً خبرة في المناجم بمنطقة مون.
عام ١٨٦٧، تشير مصادر التعداد السكاني إلى وجود تجمعات بلجيكية، التي تشكلت عفوياً قبل صدور قوانين حدت من مجيئهم. كذلك عام ١٩١٣، عمل في المناجم ٢،٦ بالمئة من العمال الأجانب، الذين كانوا بأغلبيتهم من الجنسية البلجيكية. وسوف يؤدي وصولهم إلى انتشار عداء كبير من قبل الفرنسيين الذين كانوا ينظرون إليهم وقتها كعمال قادرين على المنافسة.
لذلك، أدى توسع المناجم بداية إلى تفضيل هجرة السكان الأصليين من المنطقة المحيطة والمرتبطة بالنزوح الريفي، ومن ثم الحدودي، الذين كانوا بجانب منهم يعرفون المناجم. ومع نهاية القرن ١٩، تجاوز التوظيف حدود المناجم. وفي الوقت عينه، ضاعف التغير الديمغرافي وقوة الجذب الصناعي عدد السكان بنسبة مرتفعة. في شمالي فرنسا كما في أحواض القوقاز أو بيلاروسيا، حصلت نفس العملية، تلت مرحلة توظيف أهل المنطقة بتلك المعتمدة على الهجرات من مناطق بعيدة.
لذلك، أدى توسع المناجم بداية إلى تفضيل توظيف السكان الأصليين من المنطقة، ولكن مع تطور شبكات المواصلات وتطور الصناعات ذات الصلة، استقطبت المناجم عمالاً مهاجرين من مناطق بعيدة على نحو متزايد. ومن خلال تزايد إنتاج الفحم، كما هو الحال مع تزايد عدد السكان، ستجد العديد من الصناعات المواد الأولية واليد العاملة لتعزيز نفسها والازدهار، ما أدى إلى زيادة في الطلب.
ثم توجه [المسؤولون عن] المناجم للبحث عن العمال في جبال البيرينيه الشرقية. ولكن التوظيف لم يفضِ إلى نتائج مأمولة. عام ١٨٧٣، أثارت أزمة إنتاج مرتبطة بقلة عدد العمال محاولة توظيف عمال من الألزاس واللورين الذين، وبعد هزيمة ١٨٧٠، كانوا رفضوا بأكثريتهم ضمهم إلى ألمانيا. فجاء منهم ٤٠٠٠ إلى ٥٠٠٠ عامل للعمل في حوض نور-با-دو-كاليه.
الكولونيالات الأجنبية الأولى
لقد عملت في البدء مجموعات سكانية أجنبية صغيرة الحجم، جاءت من ألمانيا والجزائر. (٤) ومن عام ١٩٠٧ و١٩١١، استبدلت بعمال بولونيين الذين سيعوضون الخسائر البشرية الكبيرة الناتجة عن كارثة كورير. في هذا الإطار، بدأت شركات الفحم التفكير بتوظيف العمالة الأجنبية. وبناء على اقتراح الأمير تشاتوريسكي، (٥) أحد المساهمين في مناجم أنيش، بدأت المفاوضات مع بولونيا. وقد توصلوا إلى الحصول على عمال بولونيين جاؤوا من المقاطعات التي ألحقتها ألمانيا، مستجيبين لعروض الوسطاء. وقد استقرت هذه المجمعات الأجنبية في ديشي في الشمال، وفي لالين وبارلين وفي با-دو-كالي خاصة في بيلي-موتيني.
شكّل هذا التوظيف، الذي جاء بمبادرة خاصة، الحلقة الأولى من الهجرة الجماعية.
إضافة إلى ذلك، وخلال الحرب ١٩١٤١٩١٨، أنشأت وزارة الحرب، عام ١٩١٦، خدمة عمال الكولونيالات التي جاءت بالعمال الجزائريين ومن الهند الصينية إلى أحواض المناجم في حين جندت العمال الفرنسيين في الجيش. وقد أعيد كل العمال، تقريباً، إلى بلادهم ما إن انتهت الأعمال الحربية.
باتت هذه الهجرات البعيدة منتظمة في نهاية الحرب العالمية الأولى. في الحقيقة، احتل الألمان معظم حوض المناجم وتسببت المعارك بخسائر كبرى. فدمرت العديد من كومونات المحتوية على المناجم، كما دمرت شبكات سكك الحديد.
عام ١٩١٨، كان الجزء الشرقي من الحوض سليماً تقريباً. وينبغي إعادة بناء الجزء الغربي والأوسط بالكامل. ولإعادة بناء المنشآت المنجمية وتعزيز عودة السكان الذين نقلوا، فإن القوى العاملة في المناجم، والتي خسرت جزءاً من عديدها، لم تكن كافية.(٦) وقد أدت خسائر الحرب وتشتت عمال المناجم ورحيل الأجانب من المنطقة إلى انخفاض كبير في عدد اليد العاملة. فالمناجم التي أمنت لفرنسا عام ١٩١٣ ٦٧ بالمئة من الفحم لم تستخرج عام ١٩١٨ سوى ٣٠ بالمئة منه. وكانت متطلبات العمل كبيرة لدرجة أنه ومنذ نهاية الحرب، وقعت إتفاقيات متتالية مع بولونيا وبلجيكا وتشيكيا ولوكسمبورغ…
وبالتالي، بدأت مرحلة جديدة من الهجرة. عام ١٩١٩، استبدل احتكار الدولة خلال الحرب بمبادرة لجان المناجم التي ساهمت في كل العمليات المادية للتوظيف والاختيار المهني والطبي والنقل والتوزيع. ثم نظمت شركات المناجم عملية هجرة العمال الأجانب: من إيطاليا ويوغسلافيا وبولونيا. ومنذ تلك الفترة، وضعت موضع التنفيذ دورات ديمغرافية حقيقية ستطبع تاريخ استخراج الفحم. مع انتهاء الموجة الأولى، تجددت تدفقات الهجرات الأخرى، وحلت مكانها، تلك الأكثر بعداً والأقل حظاً.
“وصل المهاجرون مجموعات، مع كهنتهم ومعلميهم وراهباتهم. خصصت مدن بكاملها لهم، وباتت تشكل قرى أجنبية حقيقية، لا تفهم اللغة الفرنسية(…)”. (٧)
استوعبت المناجم عدداً كبيراً من العمال من جنسيات مختلفة. بقيت الأيدي العاملة هي العنصر الأساسي في الإنتاج. (٨) وعندما تراجع انتاج الفحم، سيكون قدر المغاربة مرافقة الركود وإغلاق آخر المناجم.
الهجرة البولونية
يجب البحث عن أسباب الهجرة البولونية في الظروف التي وجدت فيها المنطقة التي استقبلتهم بأعداد كبيرة وفي بلدهم في الوقت عينه.
بعد الحرب العالمية الأولى، بات الوضع في حوض المناجم دراماتيكياً: فقد دمر الألمان المنشآت بشكل منهجي خلال انسحابهم، وغمرت المياه الأنفاق لمدة ٤ سنوات. وقد أدى التخريب الشامل تقريباً، المترافق مع عمليات القصف، إلى تحويل الأحياء السكنية إلى أنقاض. وينبغي إعادة كل شيء: المنشآت المنجمية والمباني السكنية. وستكون هناك حاجة لخمس سنوات للانتهاء من إعادة الإعمار. منذ عام ١٩٢٤، استعاد الحوض الواقع في شمالي فرنسا قدرته الاستخراجية قبل الحرب، وكان وصول أعداد كبيرة من العمال البولونيين هو ما جعل جزءاً كبيراً من النجاح ممكناً.
وبدلاً من توظيف العمال من الأراضي البعيدة، كان بوسع شركتي نور وبا-دو-كاليه تحديث تقنيات التشغيل في المناجم. وعندما دمر جهاز الإنتاج، بات من الأسهل إعادة التفكير في كل شيء والإختراع حتى. مع ذلك، وكما كان هو الحال ما قبل الحرب، فقد أعطت الشركات الأولوية للإنسان على الآلة.(٩)
مع ذلك، انخفضت القوى العاملة على نحو كبير بسبب خسائر الحرب، وبسبب تعلم عمال المناجم مهنة جديدة، إضافة إلى منافسة الشركات الأخرى. كان النقص في اليد العاملة منتشراً على نطاق واسع. هناك الكثير من الحقائق التي تجعل من التوظيف في المناجم أمراً صعباً.
من ناحية أخرى، شهدت بولونيا، وبسبب الظروف السياسية وبسبب ارتفاع نسبة الولادات، موجة هجرة واسعة في القرن ١٩. كانت في الأساس هجرة نحو الولايات المتحدة وبدرجة أقل إلى كندا والبرازيل. تركزت الهجرة داخل القارة باتجاه الأراضي الألمانية في راينلاند وستفاليا. ولكن بعد القيود المفروضة في الولايات المتحدة تطلب الأمر وجود منافذ أخرى. وبذلك إن البولونيين سيتجهون بشكل أساسي نحو فرنسا، وهي أرض تؤمن المزايا بحسب وجهة نظرهم منذ استقبالها للمهاجرين السياسيين في القرن ١٩ وحتى الانتصار على ألمانيا وإعادة بناء بولونيا.
إضافة إلى ذلك، كانت بداية الدولة البولونية الشابة صعبة. فبعد الدمار، تقلصت الأراضي الصالحة للزراعة في وسط بولونيا وتقلصت فرص العمل. أما الأسمدة التي كانت تأتي من ألمانيا ذات يوم، فقد تراجعت كمياتها. وتعثرت الصناعة بسبب اضطرابات الحرب. وكان الإقتصاد يخضع لإعادة هيكلة شاملة، ولا يوجد فرص عمل للجميع. والريف يزدحم بسكانه. والبطالة في المدن مرتفعة.
وكان هذا الوضع أكثر صعوبة لأن نهضة بولونيا من جديد كانت لتشجيع عودة المهاجرين وأسرى الحرب والعمال الزراعيين العاملين في ألمانيا. وكذلك، عام ١٩١٩، بات إبعاد جزء من السكان مسألة حيوية لبقاء البلاد.
هذا الترابط الموازي بين العوامل بلغ ذروته في اتفاقية الهجرة البولونية الموقعة يوم ٣ أيلول/سبتمبر التي سمحت بتكثيف إدخال اليد العاملة البولونية إلى فرنسا. وسمح للشركات بإرسال بعثات توظيف إلى بولونيا. وسيتجه بعد ذلك الآلاف إلى فرنسا.
لذلك، تميزت هذه الفترة بالهجرة المزدوجة، من ناحية كان الويستفاليون، تحت ضغط اختيار الجنسية الألمانية، العاملون في المناجم ذوي الخبرة ويتحدثون الألمانية أو البولونية المؤلمنة، قد شهدوا الهجرة الجماعية والثقافة الصناعية. من ناحية ثانية، إن أولئك الذين أتوا مباشرة من بولونيا لم ينزلوا أبداً إلى أعماق المناجم ووجدوا صعوبات بالغة في التأقلم مع ظروف الحياة. وقد شكلوا جزءاً من الطبقات الشعبية الأفقر وغير المؤهلة مهنياً. رغم ذلك تمتعوا بالدينامية الخاصة بالأفراد المتأثرين بالهجرة الإقتصادية. وتثير بعض الوثائق حساسيتهم تجاه الظلم الاجتماعي الذي أجبرهم على مغادرة بلدهم. وازداد هذا الشعور حيث شارك البعض منهم في الكفاح من أجل استقلال بولونيا. مع ذلك، إن المجتمعَين، على الرغم من تنوعهما، يربطهما شعور قوي بالتضامن، يخففه، مع ذلك، شعور بالعداوة وعدم الرضى.
كانت الهجرة البولونية من نوع خاص من الهجرة. إنها فعلياً هجرة عائلية منظمة بشكل منهجي. استدعي العمال من المنازل. وشجعوا على اختيار المنفى من خلال وعود ملموسة: تنص اتفاقية وارسو على أن البولونيين سيكونون قادرين على الحفاظ على حياتهم، وترسل الحكومة البولونية، حتى يتمكن مواطنوها من تأمين الاكتفاء الذاتي، الكاهن والمعلم والقنصل مع العامل.
جرى تنظيم هذه الهجرة والتفاوض بشأنها بين الدولة وشركات خاصة من دولة أخرى، ووضعت قواعد للتجارة. هذه هي الطريقة التي جرى بواسطتها الترحيب بأغلبية المهاجرين البولونيين في با-دو-كاليه، خاضعين طوعاً لهيمنة الكوادر وثقافتهم التقليدية. وهكذا تمكن المجتمع البولوني من إعادة تشكيل عالمه الخاص بسرعة كبيرة.
لكن تاريخ الهجرة الدولية لم يكن عند نفس المستوى. بالتوازي مع تدفق المهاجرين، ظهر حتماً العكس. خلال الأزمة الإقتصادية في الثلاثينيات، أدى انخفاض الإنتاج إلى حصول أزمة عمالية واتخذت المناجم قرارات: فأرسلت العمال إلى التقاعد، وألغت جميع عمليات التوظيف.
ولتجنب تسريح العمال في الدرجة الأولى، أبقت الشركات الأشخاص عاطلين عن العمل لقسم من الأسبوع. لكن الوضع الإقتصادي أدى إلى تدهور العلاقات بين السكان بشكل أكبر: حيث أشار تقرير وزارة الداخلية عام ١٩٤٥ إلى التالي:
“لقد أنشأ البولونيون لأنفسهم حانات، وملاحم، ومتاجر سمانة، وحتى تعاونيات، ما شكل خطراً شديداً على التجار الفرنسيين، الذين عبروا عن عاطفة [عدائية] معينة”. (١٢)
باتت السياسة تجاه الأجانب متشددة وأجبرت الحكومة شركات المناجم على إعادة عدد معين من العمال البولونيين إلى بلادهم. وأصبحت عمليات الترحيل حتمية وتمت على ٣ مراحل:
“من عام ١٩٣١ إلى عام١٩٣٣، منحت فرنسا بطاقات قطارات مجانية للأجانب العاطلين عن العمل ومن دون موارد حتى الحدود الفرنسية، وهو حل غير كافٍ للبولونيين والتشيكوسلوفاكيين واليوغسلافيين لأن كل هؤلاء ما زال أمامهم مسافات طويلة للسفر قبل حصولهم على دعم من السلطات الإدارية في بلادهم. (…)
تشمل المرحلة الثانية عام ١٩٣٤ والأشهر الأولى من عام ١٩٣٥. وتضمنت إعادة عمال مناجم الفحم إلى بلادهم على نفقة شركات الفحم شبه الحصرية. (…)
افتتح تعميم وزير العمل الصادر يوم ١٣ حزيران/يونيو المرحلة الثالثة والأخيرة. فبدلاً من التخفيف من محنة عمال المناجم، فإنه زاد منها:
رأت الحكومة أن أضمن طريقة لتشجيع رحيل هؤلاء الأجانب هو منحهم النقل المجاني لهم ولعائلاتهم، من المكان المتواجدين فيه حالياً، إلى حدود بلادهم الأصلية”. (١٣)
توقفت الهجرة البولونية وتقلص عدد المجتمع البولوني [في فرنسا]. مع ذلك في كانون الثاني/يناير عام ١٩٣٨، كان حوالي ٢٠٠ ألف بولوني ما زالوا موجودين في نور-با-دو-كاليه. خلال تلك الفترة، تسارعت طلبات الحصول على الجنسية. كان الانخراط المجتمعي يجري على قدم وساق.
بدأت الحرب خلال هذه العملية مع وصول أول الوافدين. وقد وجد الفرنسيون والبولونيون أنفسهم أمام عدو مشترك، وقبل كل شيء، لقد عاد العديد من البولونيين إلى بلادهم، منجذبين إلى أرضهم الموعودين بها، أو إلى النظام الجديد المنوي إقامته. بقي في فرنسا من قرر البقاء والاستقرار فيها.
حتى ذلك الوقت، كان البولونيون يمثلون نصف الأجانب، والنصف الآخر يتكون بشكل حصري من البلجيكيين. إجمالاً، شارك أكثر من واحد من أصل اثنين من البولونيين في فرنسا في عملية استخراج الفحم، أكثر من ذلك، إن قرب مصانع النسيج من المناجم سهل من عملية توظيف زوجات وبنات عمال المناجم. إذا كان الإنخفاض الملحوظ خلال تلك الفترة ملموساً على نحو خاص في منطقة نور-با-دو-كاليه وفي التجمعات البولونية، بقيت الحقيقة أننا ما زلنا حتى اليوم متأثرين بهذه الحركة السكانية القوية التي تركت ثقافة أصيلة تماماً: تقاليد عيد الميلاد، والجمعيات البولونية، والأسماء المعقدة.
الآتون من إيطاليا وسردينيا
كان وصول الإيطاليون إلى منطقة المناجم مستمراً، يمكن القول، بين عامي ١٩٢٠ وصولاً إلى عام ١٩٥٩، حيث ظهرت ثلاث موجات من الهجرة.
بعد الحرب العالمية الأولى، كانت إيطاليا دولة كثيفة السكان، وغارقة في ركود اقتصادي عميق، وتمر بأزمة اجتماعية وسياسية، إضافة إلى العديد من الأسباب التي دفعت أهلها إلى الهجرة بدرجة أولى إلى العالم الجديد. ولكن عام ١٩٢٤، حددت الولايات المتحدة عدد المهاجرين وأغلقت الأبواب أمامهم، الأمر الذي دفعهم إلى العودة نحو أوروبا.
كذلك، أدى صعود الفاشية مع وصول موسوليني إلى السلطة إلى حصول هجرة سياسية كبيرة. فتألفت الموجة الإيطالية الأولى من الفارين من البطالة، أو البروليتاريا الريفية من الجنوب (١٤) أو سردينيا الذين ابتعدوا عن الفقر المدقع، أو كانوا من معارضي الفاشية.
وجد الإيطاليون أنفسهم في منطقة المناجم في وقت مبكر من عام ١٩١٩، حيث قاموا بمهمة صعبة تمثلت بإعادة إعمار المناجم. وقد سكنوا في عربات الماشية التي ستنقل فيما بعد، عندما أعيد زرع الأراضي، وقاموا بإزالة الجثث والأسلاك الشائكة والذخائر غير المنفجرة والألواح الخشبية وجذوع الشجر من كل الأنواع التي شكلت حصون الخنادق. عمل البعض في هذا المجال لعدة سنوات قبل العودة إلى بلدهم. وعمل البعض في مهن مستقرة أكثر في الصناعات المحلية: البناء، النجارة، التبليط، الجفصين. ولكن إذا كانت مهنة البناء مؤقتة، فإن شركات الحديد والميكانيك والكيمياء والنسيج والفحم ستؤمن وظائف دائمة لغالبية الإيطاليين.
وحصلت الموجة الثانية من الهجرة الإيطالية بعد الحرب العالمية الثانية. ولإعادة إطلاق إنتاج الفحم، وظفت مناجم الفحم بداية أسرى الحرب من ألمانيا، وأضيف إليهم بضعة آلاف من الأجانب، جرى توظيفهم بشكل رئيسي في إيطاليا والمغرب العربي. (١٥) بعد القوى العاملة من بلجيكا وبولونيا وألمانيا، جرى البحث عن العمال بين السكان الفقراء الذين يعيشون في المناطق الريفية حيث فقر التربة هو العامل الأساسي إضافة إلى الكثافة السكانية الكبيرة بشكل تجعل من الهجرة أمراً ضرورياً. وقد وقعت إتفاقيات ثنائية بين فرنسا وإيطاليا نصت على إدخال ٢٠٠ ألف إيطالي عام ١٩٤٧، جاؤوا من كل مناطق إيطاليا، مرغمين بسبب الأزمة التي أعقبت الحرب مباشرة. (١٦)
لكن العمل تحت الأرض لم يناسب الإيطاليين، الذين اعتادوا العمل في الهواء الطلق. لذلك سعوا جاهدين لترك المنجم حيث لا يمكنهم العمل إلا تحت الأرض، وغالباً ما عملوا في شركات البناء أو في الزراعة حيث شكلوا يد عاملة مميزة.
أخيراً، استمرت الموجة الثالثة من عام ١٩٥٦ حتى عام ١٩٥٩، وجرى تنظيمها منهجياً من قبل شركات المناجم والمكتب الوطني للهجرة (١٧) وقد جاءت من إيطاليا الجنوبية، وكالابر، وصقلية وسردينيا. لن تستمر هذه الموجة طويلاً لأنه من عام ١٩٦٠، أرغم التطور الإقتصادي في إيطاليا الصناعيين الإيطاليين على تنظيم حملة نشطة بين المهاجرين، وقرر بعضهم، بعد تأثرهم بهذه الدعوة، العودة إلى بلادهم.
الهجرة الجزائرية
بدأت الهجرة مع بداية القرن. من القبائل، المهاجرون بطبيعتهم، كانوا أول الواصلين. وقد وصلوا إلى مرسيليا، وبوش وبا-دو-كاليه. وقد عملوا في الصناعات الغذائية أو كعمال مناجم.
عشية الحرب، عمل في فرنسا ١٠ آلاف جزائري، ثلاثة أرباعهم في المناجم. أشاد مدراؤهم برصانتهم و”طاعتهم” واقتصادهم. إضافة إلى ذلك، فإن التسهيلات المقدمة لهم أرغمتهم أكثر من غيرهم من الأجانب على المساهمة في المجهود الحربي، سواء من خلال الوسائل الإقتصادية أو بالسلاح.
وهكذا، خلال الفترة الممتدة بين ١٩١٤ و١٩١٩، عبأت فرنسا عشرات الآلاف من مواطني شمال إفريقيا في قواتها وطلبت من العمال المغاربة الحلول مكان الفرنسيين الذين أرسلوا إلى الجبهات. (١٨)
ارتبط وجودهم في مناجم الشمال بالتجنيد الجماعي الذي نظمته الحكومة الفرنسية عن طريق الإرغام. مع ذلك، قبل عام ١٩١٤، نجد وجوداً لهم في أرشيف المقاطعات (١٩)، وخاصة في الكومونات التالية: (أفيون- مونتيني- بيلي مونتيني، فوكيار- كورير- لوازون- نويل-سو-لانس-ليفين).
وسكنوا في ثكنات سيئة الصيانة. وغالباً ما تكوّن الأثاث من حصائر القش فقط.
نشأت هذه الموجة الجماعية الأولى بسبب الوضع السياسي الفرنسي، خاصة بسبب الحرب العالمية الأولى. ولكن عام ١٩١٩، بات وجودهم غير ضروري وغادروا البلاد بأعداد كبيرة ما إن توقفت الأعمال الحربية مع ألمانيا.
بالتالي تراجع اندفاع الجزائريين نحو فرنسا منذ عام ١٩٢٢. كما فرضت الإدارة بطاقة هوية خاصة تبين الخدمة العسكرية المؤداة، ونسخة عن السجل العدلي، وشهادة صحية وإفادة تثبت توفر مبلغ من المال يتيح له تأمين معيشته بانتظار العثور على فرصة عمل. لذلك توقفت موجة الهجرة. ستكون الأزمة الإقتصادية عام ١٩٣٠ بدورها مثبطة جداً. مع تراجع حدة الأزمة، أطلقت الجبهة الشعبية عمليات الهجرة، رغم أن شهادات مختلفة تظهر اختلاف معاملة المغاربة في فرنسا مقارنة بالعمال الفرنسيين، من ناحية القوانين الاجتماعية وكذلك لناحية الظروف المعيشية.
مع ذلك، استمرت الهجرة، أما بالنسبة لتدفقات الهجرة الأخرى، فيمكن تلخيص الأسباب بشكل أساسي في زيادة نسبة السكان والفائض الديمغرافي. وجد عمال المناجم الجزائريين مرافق عمل أفضل في المناجم، حيث يكسبون أعلى من عملهم في بلادهم، حتى لو كانوا يحصلون على أجور أقل من العمال الفرنسيين. لم توقف الحرب الهجرة، وبعد الحرب، أغري الجزائريون من جديد. إن زيادة التقديمات الإجتماعية ووضعية عامل المنجم (٢٠) لم تكن كافية لاستقطاب العمال الفرنسيين، الذين إعتبروا العمل خطيراً ووسخاً وقليل المردود.
حتى القوى العاملة الأوروبية الكلاسيكية (من إسبانيا والبرتغال وإيطاليا) اتجهت أكثر فأكثر نحو مهنة البناء.
لذلك، ومنذ ١٩٤٣، طلبت وزارة العمل ٣٠٠٠ عامل للمناجم. فعملت لجان التوظيف في البلديات الجزائرية التي لديها فائض في اليد العاملة. وطلب من الأشخاص المختارين التوجه إلى مركز إقامة في العاصمة لإجراء فحص صحي، ثم التوجه إلى مرسيليا ومن ثم جرى توزيعهم على الشركات التي طلبت عمالاً. ومنذ عام ١٩٤٦، استعيدت حرية التنقل بين الجزائر وفرنسا، ما أدى من جديد إلى نشوء موجة هجرة. لكن من الصعب تقييم هذه الحركة، خاصة أنه في عام ١٩٤٧، منحهم قانون ٢٠ أيلول الجنسية الفرنسية، بحيث لم يعد ممكناً إدارياً تمييزهم عن السكان الأصليين. وسمح هذا القانون بدخولهم فرنسا دون رقابة، دون إلزامية حمل جواز سفر أو عقد عمل.
ومنذ عام ١٩٥٤، أوقفت الأحداث في الجزائر هذه الحركة، خاصة وأن الحرب الجزائرية قد أثارت فترة من الإضطرابات والتأجج في المناطق التي يسكنها الجزائريون، حيث كانت ساحة تصفية حسابات دموية: إحراق المراكز والمطاعم، وهجمات مسلحة، وقتل. تعقد الوضع وتوقفت الهجرة. وفي عام ١٩٦٢، منحتهم إتفاقيات إيفيان (٢١) الجنسية الجزائرية لكنها أعادت حرية التنقل بين البلدين. ولكن الجزائر التي استعادت استقلالها منذ قليل، لم تكن ترغب في تكرار استغلال أبنائها.
بسرعة كبيرة، وإلى جانب العرض ولكن كذلك إلى جانب الطلب، أضيفت عوامل لم تكن اقتصادية بحتة إلى العوامل الاقتصادية الأساسية. لذلك ستجد شركات المناجم متجهة في هذه الفترة بشكل حصري نحو المغرب.
استمر الجزائريون، الذين لم يعد العديد منهم يحملون الجنسية الفرنسية، مع ذلك، في الاستفادة من وضعية عامل المنجم.
حوض المناجم عند مفترق طرق الثقافات
لأكثر من قرن تقريباً، باتت منطقة الشمال وبا-دو-كاليه مكان عمل هائل معترف بفائدتها الإقتصادية ومقدَّرة في نفس الوقت. ولكن خلال جيل واحد، تغيرت أسس اقتصادها بشكل كامل.
أدى النمو الصناعي إلى نشوء خلايا جغرافية متخصصة جداً مع القليل من التواصل فيما بينها. وشملت تلك الصناعات صناعة النسيج التي تركزت في منطقة روبي-توركوان، هلال المناجم الذي تحمل حتى اليوم آثار القوة العظيمة التي كانت تتمتع بها شركات المناجم حتى الستينيات، وأخيراً شركات الصلب في منطقتي دينين وفالنسيان.
أدت الطفرة الصناعية في الوقت عينه إلى تزايد في عدد السكان وطلب ملحوظ على السكن. وفي الوقت نفسه، أدى هذا النمو غير المسبوق إلى تطوير قنوات التواصل إضافة إلى التدفق الكبير للسكان الأجانب.
مع هذه الحاجة إلى اليد العاملة وتركز الموارد الصناعية، ليس مستغرباً تحول البيئة. شكلت المشاغل والمصانع والمطاحن والمناجم المشهد الصناعي. كما شكلت المنطقة موجات سكانية عديدة خاصة إلى حوض المناجم.
لذلك كان الشمال، في أوقات عديدة، ملجأ وأرض لجوء لكل أنواع المهاجرين. مع ذلك إن التدفق الكبير للأجانب ترافق في سنوات العشرينيات، مع تولي الشركات مهمة الهجرة من خلال إنشاء منظمات ومكاتب توظيف التي أرسلت إلى الخارج وفتحت مكاتب لها، ووظفت وكلاء، وأدارت معسكرات العبور عند المغادرة والوصول.
“في نهاية المطاف، ألا يشير مصير العمال الأجانب إلى ما كان عليه مصير الريفيين الذين جاؤوا إلى المدينة والمصانع ولطالما أتوا من مناطق أبعد، ودوماً أكثر غرابة، من خلال موجات متتالية سمحت بالاندماج والترقي الاجتماعي عن تلك التي سبقتها؟ وقد اندمجت [تلك الموجات] الواحدة تلو الأخرى، في المجتمع الوطني والصناعي”. (٢٢)
عرف المهاجرون كيفية الإستثمار في المنطقة وحولوها من منطقة تقليدية إلى دينامية جعلوها ترقص وتعمل وتنتج وتبيع. من خلال الإندماج في المجتمع المحلي، أظهروا أن نهضة المنطقة ممكنة. على سبيل المثال، كشفت الهجرة البولونية والإيطالية أن ثقل مجتمعاتهما سيكون حاسماً في فهم أنماط التعايش الإجتماعي والممارسات الثقافية المختلفة. مع ذلك، لم يختلط هؤلاء الأجانب كثيراً مع الفرنسيين واقتصر ذلك على أبناء جلدتهم. وكان الالتقاء يحصل في مكان العمل. وحددت الإشتباكات الدورية بكافة الأنواع العلاقة بين الفرنسيين والأجانب، وبين الأخيرين أنفسهم، ولكن في النهاية، تنظم التعايش بحذر وتسامح تدريجي مع التداخل العرقي. ولكن بعد ذلك ستنقطع هذه السيرورة. فما إن تندمج الموجة الأولى من المهاجرين، ينقطع السياق. وعندما تشيخ الموجة الأولى من الهجرة ويستمر الإنتاج بالتزايد، تستدعى موجة هجرة أخرى، وتستدعى فئة سكانية الأكثر بعداً والأقل حظاً. وهكذا تتجدد هذه السيرورة طالما استمر استخراج الفحم.
الهجرة المغربية، التي سندرسها في هذا البحث، لا تندرج ضمن هذا السياق. لأن الوصول الجماعي لعمال المناجم المغاربة لم يترافق مع مرحلة زيادة الانتاج، إنما على العكس، تزامن مع انخفاض في الإنتاج. لذلك وعلى خلفية أزمة الفحم، ينبغي تفسير تكثف الهجرة هذه. من ناحية، خططت شركات الفحم لتخفيض تدريجي للإنتاج، ومن ناحية أخرى، ساهمت في رسم سياسة توظيف اليد العاملة الأجنبية، خاصة المغربية.
شكل هذا التغيير أحد الإختلافات الأولى مع الجماعات السكانية الأولى، بالتالي إن الهدف من هذه الدراسة هو إعادة تذكر عمال المناجم المنسيين.
الهوامش:
1. ZOLA E : Germinal, livre de poche, p 15.
2. آراس وبيتون وكل الجزء الشرقي من المقاطعة.
3. Voir à ce sujet, P.-J Thumerelle : la Population du Nord-Pas-de- Calais, étude géographique, tome 1 et 2, thèse 1979, Rennes IL p. 748.
4. كانت الجزائر منطقة فرنسية وقتها، وكانت ترسل بالفعل مواطنيها إلى فرنسا قبل عام 1914. على سبيل المثال، وظفت شركة كورير، 400 عامل من القبائل. ونظراً لإنشغالهم بعملية الردم، كانوا أحياناً مسؤولين عن ري الأرض وتكسيرها. قاد القليل منهم الخيول إلى القاع [المنجم]. وسكنوا في بيلي-مونتيني، وميريكور، وسولومين، روفروي-سو-لانس. عاشوا، بغالبيتهم ضمن مجموعات تحت إشراف واحد منهم، الذي لم يكن يعمل في المنجم، إنما تولى مسألة الإدارة والطعام.
5. وعد مبعوثو الأمير تشاتوريسكي برواتب مرتفعة وأصروا على أن البولونيين بتركهم منطقة راينلاند، سيهربون من الضغط الألماني.
6. أدت الحرب إلى مقتل العديد من العمال. وقد ذهب جزء من السكان إلى جنوب فرنسا. وقد عاد البعض منهم، لكن عمليات العودة المتقطعة لم تفضِ إلى العثور على جميع المجموعة السكانية. زاد تقليص يوم العمل من الطلب على اليد العاملة. وأخيراً، إن الصناعات التي تتطور في سياق إعادة الإعمار توفر منافذ أكثر جاذبية من المنجم.
7. ARIES P : Histoire des populations françaises, Seuil, 1971, p. 110.
8. بعد مرحلة النمو وتزايد حفر الآبار، التي يمكن مقارنتها مع الفوران المرتبط باكتشاف آبار النفط وتكاثرها، ستشهد مرحلة ما بين الحربين استقراراً في ذلك. وسيكون الهدف تطوير التركيز على تسهيل استخراج الفحم، والتخلص من قسم من الموظفين النهاريين من المناجم المهجورة. وسيستمر التركيز كذلك من خلال المكننة التي ستدعم إستخراج وتكسير الفحم ونقله.
9. PONTY J : Polonais méconnus Histoire des travailleurs immigrés en France dans l’entre-deux-guerres, publications de la Sorbonne, Paris, 1990, p. 37.
10. عانت منطقة ويستفاليا الألمانية من صعوبات إقتصادية كبيرة وفوق كل ذلك مارست ضغطاً على العديد من العمال البولونيين (الذين استقروا قبل بضع سنوات هرباً من المحتل البروسي). والويستفاليون من سكان المدن. ولد أطفالهم في ألمانيا. وهم في أغلبهم من عمال المناجم ذوي الخبرة، لذلك كانوا مقدرين من مشغليهم ولكنهم شعروا بالخيبة من ظروف العمل الأقل حداثة في فرنسا مقارنة بحوض الرور.
11. في آذار/مارس عام 1921، لجأ 475666 بولونياً إلى فرنسا. بعد خمس سنوات، وصل عددهم إلى 309312، من بينهم 90996 في نور با-دو-كاليه. وكان تركزهم نتيجة حتمية لدخولهم الجماعي، والذي تفاقم منذ البداية نتيجة إرادة مديري المناجم. في ذلك الوقت، استقر 9 من أصل 10 بولونيين في منطقة بيتون (برواي، ماريس). من بين المناطق الأخرى التي استقبلت البولونيين بأعداد كبيرة يمكن ذكر: سالومين (10183) عام 1928؛ كارفين (4900)؛ هارن (4900)…
12. Archives départementales du Pas-de-Calais, série N.
13. PONTY J : Polonais méconnus histoire des travailleurs immigrés en France dans l’entre-deux-guerres publications de la Sorbonne, 1990, Paris, p. 313.
14. في أرض ذات إنتاجية مماثلة، كانت الكثافة السكانية بمقدار الضعف، وكانوا يعملون ولكن يأكلون أقل بمرتين. كانوا عبارة عن عائلات كبيرة تعيش حول مساحات صغيرة من الأرض. إن هؤلاء السكان المتاحين، الذين تعرضوا لاستغلال كبار ملاك الأرض، هم الذين وصلوا إلى فرنسا.
15. بعد العديد من المحاولات الفاشلة، تحولت مناجم الفحم إلى استقطاب سكان البحر المتوسط.
16. Voir à ce sujet, Les Italiens en France de 1914 à 1940 sous la -dir-ection de Pierre Milza, collection de l’école française de Rome, école française de Rome, Palais Farnese, 1986 et plus particulièrement Les Italiens dans le Nord-Pas-de-Calais de Rudy Damiani, pp. 630 à 660.
17. في نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما استدعى العديد من العمال الأجانب إلى فرنسا كجزء من عملية بناء البلاد، قررت الحكومة إنشاء منظمة جديدة كانت من أهدافها حماية اليد العاملة المحلية وكذلك المهاجرة. لذلك، وبموجب المرسوم الصادر يوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1945، المتعلق بشروط الدخول والإقامة في فرنسا، أنشئ المكتب الوطني للهجرة، وهي إدارة عامة، مسؤولة عن وضع موضع التنفيذ سياسة الدولة، أي البحث عن اليد العاملة، وتقنيات التوظيف، واستقبال الأجانب. أرسل المكتب بعثات إلى دول وقعت معها فرنسا إتفاقيات عمل. وكانت مهمتهم توظيف العمال وإدخالهم على أساس عقود عمل موقعة من أصحاب العمل، وبالتعاون مع السلطات الوطنية.
18. من بينهم، يجب تمييز الجزائريين، والرعايا الفرنسيين من المغرب والتونسيين، بالنسبة للأوائل، ألغى قانون 15 تموز/يوليو 1914 (المادة 17) إذن السفر، ما سهل على بعض الريفيين، الذين انتحلوا صفة الجزائريين، فاستغلوا الفرصة وتوجهوا إلى وهران، ومنها إلى فرنسا.
19. Archives départementales du Pas-de-Calais M 4506.
20. وضعية عامل المنجم تؤمن له العمل والسكن والفحم والكهرباء والاستشفاء.
21. نصت اتفاقيات إيفيان في بند خاص على الحفاظ على حرية التنقل بين البلدين. إن الظروف التي حصلت فيها الجزائر على الاستقلال (الأزمة الإقتصادية والسياسية) هي التي حددت آخر موجة هجرة: ولكن الأمر كان قبل شيء يرتبط باللاجئين السياسيين الذين يشملون نسبة كبيرة من السكان الحاليين من المسلمين الفرنسيين المولودين في الجزائر. وقد تضمنت اتفاقيات 10 نيسان/أبريل عام 1964 بعد ذلك فكرة الحصص، معبرة عن رغبة فرنسا في الحد من موجة هجرة الجزائريين وجذب الجنسيات الأخرى.
Voir à ce sujet : Malek Ath Messaoud et Alain Gillette : L’Immigration algérienne en France, Paris : Ententes, coll. Minorités, 1976, pp. 46 à 49.
22. LEQUIN Y : La Mosaïque France, Larousse, paris, 1988, p. 372.