” خط آب ٦٤ “ وإزدواجية المعايير والمواقف التنظيمية….
حسان عاكف
الحوار المتمدن
-
العدد: 5919 - 2018 / 6 / 30 - 15:57
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
بأمكاني القول، دون تردد، اني لم أصادف خلال الخمسين عاما الماضية من حياتي, شيوعيا عراقيا واحدا او صديقا ومناصرا لحزبنا الشيوعي العراقي، دون ان أجده يتحدث بتباهي واعتزاز عن الدور الذي نهضت به منظمات الحزب وقواعده في رفض السياسة التي اقرها إجتماع اللجنة المركزية للحزب عام ١٩٦٤، والتي عرفت بــ“خط آب ٦٤“. الخط الذي دعا الى حل الحزب والاندماج في تنظيمات ” الاتحاد الاشتراكي العربي“، الذي اسسه عبد السلام عارف اقتفاءً بآثار الرئيس المصري جمال عبد الناصر وخطواته آنذاك.
كثيرون منا سمعوا قصصا عن اشكال الرفض الجماعي والاحتجاج، التي مارستها منظمات الحزب القاعدية ورفاقه في مدن عديدة، رغم ان الحزب كان في ظروف عمل سري قاسية يضمد جراحه العميقة التي سببها انقلاب ٨ شباط الفاشي.
وحتى اليوم يجري التداول بين صفوف الشيوعيين والكتابة عن الحدث بتباهي وإعتزاز، وتروى قصص وحكايات عن منظمات وهيئات حزبية قام بعضها بحجب البيان وعدم توزيعه واخرى بتمزيقه وثالثة بحرقه.
أزاء ذاك الواقع وامام تصاعد الاحتجاجات والاعتراضات من القواعد الحزبية حينها اضطرت اللجنة المركزية الى الرضوخ امام ضغط القواعد والتراجع عن قرارها بحل الحزب.
أعادتني الى ”خط آب“ متابعاتي لما اشاهده من مواقف وردود افعال متشجنة يبديها المتحكمون بمصير الحزب والتوجيهات وقوائم الممنوعات التي تصدر عنهم، وردود افعالهم أزاء الاحتجاجات المتزايدة، التي يبديها شيوعيون واصدقاؤهم بحق تحالف سائرون، واعتراضهم على تفرد السيد مقتدى الصدر في المفاوضات والتحالفات التي تجرى باسم سائرون، ويفاجيء فيها حلفاؤه قبل الاخرين، رغم ان الرجل لا يشغل اي موقع رسمي في سائرون على الاطلاق.
ينبغي ان يكون واضحا هنا أني أسوق الحدثين، خط آب وتحالف سائرون، بعيدا عن اية رغبة لتقييمات ومقارنات سياسية او فكرية بينهما. كما اني لست هنا في معرض تقييم ردة فعل قواعد الحزب على الحدثين على سياسة قررتها قيادته، أو تقييم ردة فعل اللجنة المركزية تجاه القواعد الحزبية عام ١٩٦٤ وردود افعال المكتب السياسي اليوم تجاه الراي الاخر الذي يبديه عدد متزايد من الرفاق والاصدقاء ومريدي الحزب ومؤيديه.
ما ابغيه هنا فقط، هو طبيعة المعيار التنظيمي الذي ينبغي ان نحكم به على سلوكين تنظيميين لقواعد الحزب، فيهما الكثير من التشابه، بعيدا عن ازدواجية المعايير.
فاذا كنا مازلنا نعتبر موقف القواعد الحزبية التي خرقت قواعد النظام الداخلي ورفضت تنفيذ قرار حزبي اتخذ بالاجماع عام ١٩٦٤ صحيحا وبطوليا، فعلينا اليوم ان نعيد النظر في ردود افعالنا ومواقفنا المتشنجة من تحفظ رفاق واصدقاء، والابتعاد عن الاتهامات الجاهزة بحقهم والكف عن التلويح بعقوبات واجراءات حزبية، وتقيق قوائم الممنوعات التي نعممها.
اما اذا كنا نعتبر الاجراءات والاتهامات التي يوجهها المكتب السياسي للرفاق من المعترضين والمتحفظين على ما يجري اليوم، في ظروف عمل علني شبه مطلقة وظل ديمقراطية وتجديد داخل الحزب، نعتبرها صحيحة، اذن لابد لنا ان نعيد النظر بتقييمنا لمواقف القواعد الحزبية من خط آب، ونعيد التثقيف بان موقف تلك القواعد، في ظروف عمل سري مطلق كانت تسود فيها قواعد المركزية الديمقراطية، كان تمردا على سياسة أقرها رفاق اللجنة المركزية بالاجماع أو باغلبية مطلقة، وخرقا صارخا للنظام الداخلي وقواعد العمل التنظيمية، وانه كان ينبغي معاقبة الشيوعيين الذين تمردوا على النظام الداخلي وقيادة الحزب حين اعترضوا وامتنعوا عن توزيع بيانها واحرقوه عام ١٩٦٤.