تبدلات
هيفاء حيدر
الحوار المتمدن
-
العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 20:56
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
تبدلات
أيمكن أن نسمي الوضع الذي ألت إليه العلاقة ما بين تصورات كل من الرجل والمرأة للآخر بوصفها "تبدلات" وأضعها ما بين الفواصل كي لا أعطيها سمة المسلمات من الأمور فكيف بها إذا ما اقتربنا من المفاهيم.وأن يتم نقاش الأمر على أرضية أن تبدلات قد إنتابت العلاقة ، أو تبدلات قد طرأت على صيرورة العلاقة و تطورها عبر مسارات مختلفة من الزمان الممتد لهذه العلاقة الإشكالية ما بين الاثنين .
تبدلات حدثت أي أن من المفترض أنه كان هناك حال قائم مسبقا" كيف كان وما أهم تجلياته ومشكلاته هذا ليس موضوعنا اليوم وربما اقتربنا منه قليلا" فقط اليوم ، لكننا سنكون الآن أمام تلك العلاقة التي انتابها التغير و التبدل .
لذلك انطلقت بالقول من أنه كان هناك حال قائم . ما الذي جرى لهذا الحال وكيف.
وما أصبحت عليه سمة العلاقة اليوم؟
هذا ما يراد لهذه الصفحة أن تحاول الإجابة عليه ولنقل الاقتراب منه ، مجرد الاقتراب حتى لا نقع في محظورات الكلام وموانعه المتعددة ، وهل فعلا" كانت العلاقة ما بين الرجل و المرأة شبه متوازنة ؟ أم كانت تبعية بالأغلب الأعم للعلاقة ؟ ألم ينتابها إحساس العيش تحت وطأة الهيمنة وتبدل الأدوار الرئيسة فيما بينهم لأجل مصلحة الأقوى منهما ، عندما كانت بحكم العادة و العرف تفرض سياسة أمر واقع كانت أقوى من أن ترى بالعين المجردة لخصوصية ما تتحكم به من ملابسات ولكثرة جدران التابو المبنية بدقة وأناة متناهية.النظر الى الأمور باتجاه أحادي النظرة ينتابه الكثير من فقر المعرفة بالآخر وخصوصيته وهنا لا نتحدث عن خصوصية بيولوجية سوف لن تقدم ولن تؤخر في المنظور الذي نبتغيه كثيرا" وسوف لن نغفل هذا الجانب لكن أفضل عدم إعطاء أهمية لذلك كون الأمر متعلق بالمرأة وقضية النساء الشائكة ربما في أكثر من مضمار .
بل الحديث عن ملابسات هذه العلاقة الخاصة والمتناقضة و التي بناءا" على معطيات عديدة تكون رهينة أيديولوجيا ذكورية لا أكتر, و لا ادري هنا إن كان يصح الكلام عن إيديولوجيا أنثوية , بل ربما الأصح أن نتحدث عن رؤية نسويه قد يحملها كل من الرجل و المرأة تجاه قضايا النساء خاصة و المجتمع عامة ، تلك الملابسات التي كانت بشكل رئيسي المسئولة عن إضفاء صفة السلب و الإقصاء حول ما ينظر له في دور الجسد وعلاقة الرجل بالمرأة من منظور هذه السمة فيها , حيث لم تستطع النساء وعلى مدار عقود عديدة من تحدث أي تغيير يذكر في ماهية هذه النظرة و بالتالي لم تتحكم أو لم تستطع أن تتحكم بمجريات هذه العلاقة الملتبسة كون الفقر الثقافي قد طال هذا الجانب وأدلجه بطريقة تقليدية نوعا" ما كذلك ولم تقتصر النظرة على ذلك. بل وسمت كل العلاقة برمتها ما بين الرجل و المرأة كي تتمحور حول هذا الجسد وما يعتريه من أدوار و ما عليه من واجبات للقيام بها . كل ذاك بدأ التحرك به ضمن بناء منظومة من القيم الاجتماعية الثقافية التي بدورها أسست لمفاهيم التبعية و إضفاء صبغة المشروعية لاستلاب الواحد للآخر ضمن علاقة غير متكافئة تكاد لا تدب الروح فيها بدون حواجز من الممنوعات تغلف حتى أبسط المواقف وترسخ لبديهيات من النقاط التي سوف لن نستطيع أن نتجاوزها ونحن نتصارع في تجارب كان السائد فيها أن يخسر الضعيف أكثر كي يكسب القوي أكثر . حتى ولو بان للبعض أن الأمر كذلك يقع على الرجل ولو بدرجة أقل فهذا الأخير سوف لن يخسر الكثير في رحلة بحث المرأة عن كينونتها الضائعة حتى لا نقول المستلبة منها بالقوة تارة بحكم العادات و تارة بحكم القيم و الأعراف التي سوف لن تنقصها حجج الدين و مشكلات المرأة عبره وتارة تالية كضحية للتبدلات في العلاقة التي لم تطل سوى مجالات التحرك الأنثوية في خصوصيتها العامة و عمومية ما تختص به من قضايا لن تتمكن من الخوض فيها بمفردها .لوجود المجال التي تتحرك به متحيزا" على الأغلب حيث تدور وتكثر النقاشات في هذا الحيزعلى خلفية تحكمها التصورات و المخيال الواسع لماهية المرأة و أساسية قضاياها لنرى أنفسنا من جديد لا نستطيع الابتعاد عن ذاك المنمط من الوجود النسائي الذي يقترب أكثر من صفة طبيعية أولية للأنثى تطبع وجود و مسار حركتها أكثر بكثير من إبلاء الاهتمام إن كان هناك متغير أو متبدل في العلاقة و إن كانت تخضع هذه العلاقة لقوانين التنافر و الجذب إن لم نقل قوانين الطرد أم لا.