جلسات هادئة(2)
هيفاء حيدر
الحوار المتمدن
-
العدد: 3027 - 2010 / 6 / 7 - 16:14
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
جلسات هادئة (2)
كثيرة هي المواضع التي تضعها النساء على رفوف من الإنتظار وتتركها لتختفي رويدا" رويدا" في ظلمة تبتعد بين الحين والآخر، وتقترب كلما أحست المرأة أن مرارة بعض الأشياء أو تذكرها أو المواقف التي تمر بها أو عنها تستدعي بعض من تلك العناوين والقصاصات أن تستحضرها للتو وتبدأ معها رحلة التذكر وعيش بعض ذكريات عبرت ولم تنهي دربها في العبور بعد .
ولكن وبما إنها تدخل خانة الذكريات و الماضي ومكانها قد أصبح هناك فقد بات من السهل على النساء أن تستدعيها أو تجعلها هناك مركونة مقصية ،تصبح من ماضي باتت العديد منا لا تتأسف عليه بمقدار ما تستجمع قواها لتستكمل مسيرة حياتها من جديد وهذه من المفروض أن تكون طبائع تعامل ا~لأنسان رجلا" كان أم إمرأة في تعاطيه مع شرائط الذاكرة التي لا تتوقف عن التسجيل ولا تحمل سمة أن ما تسجله حديثا" يمحي الأقدم المسجل سابقا" بل يدفعة مسافة الى الخلف بمقدار ما يسجل من أحداث جديدة ،ولأن لا جديد يبدأ من الصفر كما لا شيء يخلق من الفراغ أو العدم ،كان لا بد لهذا الجديد أن يحمل بوادر بذور نثرتها النساء في الأرض اليباب بإنتظار المطر البعل كي يسقيها ، وهنا استخدمت النساء في طريقتهن هذه نفس الأرض وأبقين على نفس الأنساق ولكن غيرن الزمان و المناخ و هيأن لحصاد جديد لم يستعجلن الزرع هذه المرة ولا أدري إن كن سيتخذن هذا أسلوب من الآن و صاعدا" كون من ينظر الى الخلف سوف لن يتقدم للأمام ومن يبقى يسترق السمع إلى موجات الأثير التي مضت سوف لن يستمع الأ لصدى صوته فقط ،وهكذا كانت البداية تقريبا" .في استحضار من من تلك الأشياء أولا" وكيف ولماذا تتداعى هذه الآن من دون مقدمات عن غيرها .
لماذا لا نجلس لنناقش نحن أنفسنا تلك القضايا التي ما زلنا متلقيات للآراء حولها ، ننقل ما يقال، ونذكر ما قيل، ونتنبأ بما سيقال، ونبقى نستمع من هنا ومن هناك لنثرات متعاقبة ومكررة من الآراء و الأقوال التي لا تغني ولا تسمن من جوع .وقد تصب في خانة شبه معروفة المعالم لتنتهي بالمختصر الغير مفيد لقضية النساء ولتناقش الأمر في أقصى درجاته لأولئك الذين يتحدثون عنا، بها، بضرورة المطالبة بأهمية مشاركة النساء في كذا وكذا .وعدم الأهمية لتواجدهن في كذا وكذا إما لنقص في الدين أو العقل أو سمي ما شئت من نواقص لم تكتمل عندنا بعد.
من يطالب من ؟غير معروف، فالجميع يتفق على الأهمية ويصمت عندها كذلك ، ويبقي الباب مواربا" عند ذكر دور النساء ، وتغيب الملفات في الأدراج المغبرة وتركن هي الأخرى على رفوف النسيان لتبقى دائرة من التيه نلتف بها وتلفنا بأيام تزداد سوءا" يوما بعد يوم تحمل في طياتها كل تلك الظروف و القيم والمعايير التي نحلم بتغييرها .كي نصلح ولو قليلا" من اعوجاج الضلع القاصر الذي وسمنا بضعفه وقصوره الذي لا ينتهي.ولا أدري كيف كان لهذا الضلع أن ينأى عن إخوانه من الأضلاع القوية ولماذا لم يرسلوا معه ضلعا" قويا" يقويه ويساعده على تخطي القادم المجهول لأخيه الضلع الضعيف ، ألم تكن هذه الواقعة بحد ذاتها شيئا" من المؤامرة والخديعة لقد تركوه وحيدا" يذهب ويقاتل هو وربه وحملوه وزر مؤامرتهم و أخطائهم طالما هو على قيد الحياة .
إذا" هكذا قدر أن تكون حالنا ، وربما ليست الآن بهذه القسوة ،
ولكنه ليس بالبعيد عن هذا الواقع الذي أحببنا أن نفتح ملفاته على طريقتنا بالحديث و النقاش وتناول المواضيع بقديمها الجديد وجديدها القديم ، ما ارتبط بالواقع اليوم وذاك الذي ما زال متشبث بخيوط من الماضي تشد بنا نحو الأسفل لتذكرنا بما كنا عليه وما أصبحنا عليه اليوم من اختلاف ،وسوف لن ندخل منذ البداية بنقاش جوانب نظرية أو فلسفية ولو أن كل رأي سيقدم أو سيطرح سيكون مبني على ما ملكت أيماننا من قليل المعرفة و قليل الثقافة التي تغنى بها البعض وألقاها خلفه عند عتبة البيت وهو يهم بالعبور اليه كي يريح نفسه عناء يوم كان له شاق .هذا القليل من المعرفة نحمله نحن النساء ونرفض أن نلقي به لا عند عتبة الباب ولا عند تحضير الطعام أو تدريس الأولاد ولا حتى عند حافة السرير .
لذلك نعلم أن مهمة ذلك ستكون صعبة وربما شاقة لكنه الشغف الكبير الذي يتملكنا لمعرفة المزيد عما نعيش ونمر به . عن الغور في أعماق نفوسنا المتشابهة و المتقلبة ، عن حالات الحب الذي نمر بها وعن حالات الاكتئاب ،عن الفرح و السعادة التي تظهر علينا وتختفي عند أول الصدمات التي نتلقاها ،
كيف تنبت كالفطر أقاويل وإشاعات عن سلوكيات كل من الرجل والمرأة لماذا تصب الأولى في الحلال وتصب الثانية في الحرام ؟
من يملك ناصية القول ليفتي بذلك؟ دون أن يلقي بعود الثقاب في الهشيم اليابس المتكسر تحت لظى الشمس الحارقة .
يتبع…………..