الأردن على خط النار
أحمد فاخر
الحوار المتمدن
-
العدد: 2664 - 2009 / 6 / 1 - 01:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تتزايد حدة التوتر بين الأردن وإسرائيل، منذ وصول القوى الأكثر يمينية إلى الحكم، تحالف نتانياهو – ليبيرمان، بسبب السيل الجارف من التصريحات المتتالية ومفادها أن الأردن هو مكان الحل النهائي للقضية الفلسطينية، والوطن البديل للفلسطينيين. وقد صوت ثلاثة وخمسون عضوا في الكنيسيت على اقتراح أرييه إلداد بمتابعة بحث الموضوع في لجنة الخارجية والأمن.
إننا في حركة اليسار الاجتماعي الأردني، نتابع سيل التصريحات الإسرائيلية، ولا نشاطر أبدا الناطق الرسمي د. نبيل الشريف بأنها تصريحات لا تستحق الرد أو البحث، خاصة عندما يتعلق الأمر بمصير الوطن ومستقبله.
إن مثل هذه التصريحات تستحق أكثر من إبداء استياء خجول، كما حصل مع وعد بلفور في الماضي، أو إجراء متواضع باستدعاء السفير وإبلاغه احتجاجا صيغ بطريقة دبلوماسية. لقد فوتت الدبلوماسية الأردنية فرصة ذهبية بإمكانية طرد السفير والحصول على تعاطف عالمي، وقتل طموحات اليمين الإسرائيلي في مهدها، بعد ارتكابه حماقة خرق اتفاقية السلام المزعوم مع الأردن. ونحن نرى أن هناك مخططا إسرائيليا جديا لجعل الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين، ينهي إلى الأبد الصراع العربي الإسرائيلي، يصادر حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته الوطنية وعاصمتها القدس الشريف، ويحقق الطموح الإسرائيلي بجعل فلسطين كلها وطنا قوميا لليهود تحت حجج وأوهام توراتية بائدة.
إن إسرائيل لا تظهر الاحترام لأية قرارات دولية أو اتفاقيات ومعاهدات ثنائية وتعتبرها غير ملزمة وتريد تجاوزها في اللحظة المناسبة، وإظهارها بأنها لا تساوي الورق الذي كتبت عليه.
إن مثل هذه التصريحات العدوانية بمثابة إعلان حرب على الأردن لا يجوز أخذها باستهتار أو عدم المبالاة، بل على العكس تماما، تستوجب اتخاذ إجراءات فعالة وحاسمة تظهر لإسرائيل أننا مستعدون للرد والدفاع عن وطننا بكل الوسائل والسبل وكل ما هو ضروري لقبر هذه المخططات الإجرامية المجنونة.
يتعين أن نضع الخطط المناسبة على المستويات السياسية والدفاعية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للتعامل مع هذه التهديدات الرعناء. على الحكومة أن تعمل على التحرك الدولي السريع مع الدول الكبرى وفي مجلس الأمن والدول الصديقة، لأخذ تعهد دولي واضح وجلي يعترف بحق الفلسطينيين في فلسطين، بأن الأردن ليس وطنا بديلا، وتجديد الالتزام الدولي بأمن الأردن وسلامة أراضيه، وحق الأردن في مقاومة العدوان الإسرائيلي السافر عليه. والظرف الدولي مناسب لأخذ التعهدات الدولية المناسبة، ولكن هذا يحتاج لتحرك سياسي واسع ضمن رؤى شمولية واضحة لمخططات إسرائيل العدوانية وسبل مواجهتها.
أما على المستوى العربي، فلا بد أيضا من تحرك مناسب لتوعية الحكومات العربية بمخاطر الحديث عن كون الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين، وان هذا يستوجب الوقوف إلى جانب الأردن ودعمه من اجل تطوير قدراته الدفاعية والاقتصادية، ولإعادة تسليح الجيش المرابط على خط الدفاع الأول عن الشعوب العربية في مواجهة المخططات الإسرائيلية، وان على الدول العربية أن تدرك أن التهاون في هذا الأمر سيضعهم قريبا على خط النار أمام إسرائيل وعدوانيتها.
أما الشيئ الأهم والحقيقي في مواجهة المخططات العدوانية الإسرائيلية فهو على الجبهة الداخلية. وهذا يستوجب القيام بخطط سريعة لتعزيز الجبهة الداخلية وتقويتها لإفهام إسرائيل أن محاولة تنفيذ هذا المشروع العدواني سيقاوم من الشعب الأردني بالحديد والنار، وسيقاوم الشعب الأردني بكل ما يملك من عزيمة وإصرار، وأنه سيكون على إسرائيل أن تعرف أن هذه المخططات ستكون كلفتها دامية، وحتى مجرد التفكير فيها.
نحن في حركة اليسار الاجتماعي الأردني نرى أن على الدولة أن تتحرك على الصعيد الداخلي بسرعة وحسم. ولا بد من اتخاذ خطوات هامة في سبيل بناء جبهة داخلية متينة يعبؤ فيها كل الشعب الأردني استعدادا للدفاع عن وطنه وذلك باتخاذ الخطوات التالية:-
1 تشكيل مجلس أعلى للدفاع الوطني، مهمته تعبئة الشعب خلف الجيش الأردني، ووضع الخطط المناسبة للتعبئة والحشد والقتال ضد أي عدوان على الأراضي الأردنية، ودراسة تجارب الشعوب الأخرى في المقاومة، واستنباط تجربة أردنية خاصة.
2 العودة إلى الخدمة العسكرية لكل الأردنيين، وتشكيل احتياطي رديف للجيش يكون قادرا على القيام بالواجبات الموكولة اليه.
3 تعزيز دور الدولة الاجتماعي في الاقتصاد والسياسة، والتخلي عن سياسات الخصخصة المدمرة، حيث أن القطاع العام هو الاقدر على توفير الموارد وتوجيهها بما يتناسب مع السياسة الدفاعية.
4 تعزيز الانتماء الوطني بعيدا عن أية انتماءات أخرى: القبلية والعشائرية والإقليمية والجهوية.
5 إعادة النظر في السياسات التربوية والتعليمية، وتعزيز الثقافة الدستورية والقانونية والديمقراطية وثقافة الحوار وقبول الآخر، على قاعدة الولاء الوطني وليس الولاءات المختلفة.
6 محاربة الفساد والمحسوبية والإثراء غير المشروع والولاء الكاذب، القائم على نيل المكاسب الشخصية على حساب المجتمع.
7 تعزيز الانتماء الدستوري القائم على نيل الحقوق الدستورية مقابل القيام بالواجبات الدستورية.
8 تفعيل دور الثقافة التقدمية والانتماء الوطني في الصحافة والإعلام والثقافة، في مواجهة ثقافة التجهيل والتخلف والانقسام.
9 بناء مؤسسات المجتمع المدني كافة وتعزيز دورها المجتمعي الحقيقي لبناء الدولة المدنية، وفصل الدين عن الدولة بتشريعات واضحة لا تقبل التأويل.