|
من هي جان دارك دونالد ترامب؟!
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 8187 - 2024 / 12 / 10 - 22:11
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
جان دارك، أو، عذراء أوليان هي شابة فرنسية أرثوذكسية عاشت تسع عشرة سنة فقط، هي إحدى أبرز أبطال أسطورة القرن الخامس عشر، ولدت عام 1412م وحرقت عام 1431م، ادعت هذه الفتاة الصغيرة وهي في العاشرة من عمرها أن وحيا إلهيا، يوحي إليها بالمستقبل، وأن هذا الوحي أمرها بأن تساعد الملك الفرنسي، شارل السابع في حرب المائة عام ضد الإنجليز، وصلت أخبارُها للملك فآمن بنبوءتها، واستدعاها لتكون بمثابة رئيس هيئة أركان الجيش الفرنسي، وتمكنت من السيطرة على الملك روحيا، لدرجة أن جيش فرنسا حقق بعض الانتصارات الصغيرة، نسبت لعذراء أورليان! غير أن الإنجليز أسروها وأخضعوها للاستجواب وجرى إدانتها بتهمة الهرطقة، فقتلت ثم أحرق جثمانها، ولكن الكنيسة الكاثوليكية اعتبرتها قديسة بعد أربعة قرون، عام 1920م! استعدتُ هذه القصة في الألفية الثالثة بعد متابعتي للرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، لأن نسخة جديدة من، جان دارك ظهرت واضحة عند دونالد ترامب ذي الشخصية المملوءة بالإثارة، فهو قد نجح أولا في التغرير بالجماهير في قاعة المصارعة الحرة، وجعل المشاهدين يؤمنون بأن ما يجري على الحلبة ليس رياضة محسوبة ومتفق عليها ولها مخرجون سينمائيون، بل إنها مصارعة يونانية تنتهي بموت البطل! أما جان دارك دونالد ترامب فهي امرأة أمريكية، اسمها، باولا متشل وايت، وهي تنتمي إلى الكنيسة البروتستانتية الإيفانجيلية ولدت عام 1966، هي اليوم شخصية بارزة في هذه الكنيسة، ولها منصات إعلامية عديدة وقسيسة في علم اللاهوت، وهي تماثل لقديسة جان دارك في ادعائها بأنها تتلقى الوحي من السماء! هذه (القديسة) البارزة هي اليوم من أهم الشخصيات في طاقم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهي التي أدخلته في المسيحيانية، وأشرفت على إعادة صياغته من رجل علماني طائش إلى شخصية دينية مقدسة، ومبعوث إلهي! آمن دونالد ترامب بمعجزاتها كما آمن، شارل السابع بجان دارك، اتصل بها ترامب عام 2002م واستقدمها لمدينة اتلانتا لغرض تدريس الإنجيل، ثم استضافته، (القديسة) باولا في برنامجها الديني عام 2016م لغرض تدشينه في مذهبها الإيفانجيلي، أمسكت بذراع دونالد ترامب في كنيسة الملك يسوع الدولية في ميامي بحضور أكثر من سبعة آلاف مصلٍ من الإيفانجليين وقالت له: "نحن نحبك لأن الله اختارك لتنفيذ أوامره"!! قال قسيس الكنيسة نفسها لدونالد ترامب: "أنت الملك، قورش الكبير فهو منقذ اليهود المشتتين من السبي البابلي فهو الذي أعادهم إلى القدس (أورشليم) مرة أخرى! نشرت صحيفة الواشنطن بوست عام 2017م، تقريرا صحفيا عن علاقة ترامب مع القديسة باولا وايت: "اتصل دونالد ترامب في بداية الحملة الانتخابية الأولى للرئاسة عام 2016 بهذا (القديسة) وقال لها: هل يمكنك دعم ترشيحي للرئاسة؟ قالت له: يجب عليَّ أولا أن أستشير الله في ذلك! عقدت مجلسا كنسيا يتكون من خمسة وثلاثين قسا إنجيليا في برج دونالد ترامب في، منهاتن، تُليت فيه الصلوات، حيث جرى ترسيخ دونالد ترامب كمبعوث إلهي لهذه الكنيسة، أصبحت، باولا وايت المسؤولة عن تجنيد ملايين المنتخبين من التيار الإيفانجيلي في المجتمع الأمريكي"! قال عنها، متشل كوهين وهو أبرز محامي لدونالد ترامب: "إنها أقرب الشخصيات له وهي ذات نفوذ كبير عليه وعلى أسرته"! هذه (القديسة) هي أول قسيس امرأة شاركت في حفل تنصيبه الأول يوم 20-1-2017م، عينها ترامب مستشارا للشؤون الدينية في طاقم مكتبه. بعد أن دشنته باولا كمبعوث إلهي حظي دونالد ترامب بدعم أكبر تجمع مسيحاني صهيوني إيفانجيلي من الجمعية الكبرى وهي (مسيحانيون من أجل إسرائيل) هذه الجمعية يبلع عدد أعضائها في عام 2024م عشرة ملايين بروتستانتي إيفانجيلي، وهم المتبرعون بأكبر دعم مالي لإسرائيل، ولهم نفوذ كبير في الكونجرس الأمريكي! أما القس البارز، فرنكلين غراهام، المُقرَّب والمغرمٌ بقدرات ترامب، يعلن صباح مساء في برامجه الإعلامية: "يجب أن تكون القدس بأسرها إسرائيلية حتى تتحقق النبوءة بعودة الماسيح المنتظر"! كل ما سبق مؤشر على أن طاقم دونالد ترامب الرئاسي سيكون مكلفا بتحقيق طموحات هذا اللوبي الأصولي السلفي الكبير، وقد بدأه ترامب في عصر ولايته الأولى عندما أعلن موافقة أمريكا على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بأنها عاصمة إسرائيل الموحدة، تمَّ ذلك بتحريض من نائبه السابق، مايك بينس القس الإيفانجلي، وبتأثير القس الكبير المسيحاني، ديفيد فردمان اليهودي المشيحاني مؤسس مستوطنة بيت إيل، وهو من طائفة الكوهانيم اليهودية، هذا الحاخام كان سفير أمريكا في القدس وقد احتفل بفتح نفق الحجاج أسفل المسجد الأقصى في حي سلوان بالقدس! ها هو ترامب بتوجيه باولا وايت يعين للقدس سفيرا جديدا، وهو أيضا من فريق باولا، وهو القسيس، مايك هوكابي، وهو بالتأكيد سيواصل مهمة سلفه فردمان في اغتصاب ما بقي من القدس، ومن ضمن الخطة ترحيل أكبر عدد من ساكنيها الفلسطينيين لتصبح صالحة لإتمام النبوءة المسيحانية! أخير يجب أن نتذكر بأن تأثير الرؤساء في أمريكا لا يشبه تأثير الرؤساء في الدول الديكتاتورية، حيث الدولة هي الحاكم والحاكم هو الدولة، إذ أن نسبة تأثير الرؤساء في أمريكا يخضع في الغالب للدولة العميقةّ! أخيرا، أخشى أن تكون هذه الدولة العميقة هي مصدر كل ما يجري في أمريكا والعالم، هذه الدولة تتبنى اليوم العقيدية المسيحانية الصهيونية!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة جاري الحمار!
-
شمال إسرائيل، أم جنوب لبنان؟
-
طاحونة والدي!
-
لماذا اختارت الحكومة العميقة ترامب؟
-
جنازتان لم أحضرهما!
-
لا تحولوا إعلام الكوارث إلى إعلام تسلية!
-
كاوبوي البورصات، وأبطال الصناعات!
-
مولودة في خيام النازحين!
-
هل خسائرنا تكتيكات؟!
-
الاغتيالات في إسرائيل!
-
دفنوها في حضن قبر أبيها!
-
مصادر قوة نتنياهو السرية!
-
القبض على مياه المطر!
-
استطلاعات الرأي سلاح خطير!
-
اصطياد الإنترنت على شواطئ غزة!
-
هل أزالت حرب إبادة غزة (ديموقراطية) إسرائيل؟
-
قصة أفلاطون في خيمة اللجوء!
-
إسرائيل أو أمريكا أيهما القائد؟!
-
Baby Sitter من الإيباك لكل عضو كونغرس أمريكي!
-
قصة فرن الطين وسط خيام النازحين
المزيد.....
-
الصين تكشف عن أحدث قطعها الحربية.. واحدة من أكبر سفن الهجوم
...
-
تسجيل أقوى الزلازل في تاريخ هلسنكي يوم عيد الميلاد
-
مصر.. الفيشاوي يثير الجدل بتصريحات عن التاتو والحلق ويؤكد: و
...
-
موسكو: الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تحضران لاستهداف الق
...
-
إيران تتجه نحو أزمة وعلى روسيا الاستعداد لذلك
-
وفاة أكبر معمرة في إيطاليا
-
صحيفة: الجيش التركي سيدرب الجيش التشادي بعد قطعه التعاون مع
...
-
الإمارات تدين حرق مستشفى كمال عدوان: عمل شنيع ينتهك القانون
...
-
شولتس: لدي انطباع بأن ترامب يشاركنا قناعتنا بشأن إنهاء النزا
...
-
مقتل ضابط في الحرس الرئاسي الفلسطيني باشتباكات جنين (صورة)
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|