عنبرة سلام الخالدي – رائدة الحركة النسائية في بلاد الشام

هاني عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 8181 - 2024 / 12 / 4 - 20:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

هي رائدة الحركة النسائية في بلاد الشام وأول امرأة تكشف عن وجهها عام 1927م في محاضرة في نادي الأحد في الجامعة الأمريكية وبذلك تكون أول امرأة تنزع الحجاب في بلاد الشام حيث أعتبر هذا العمل في حينه من الكبائر. ولدت في بيروت عام 1897م لاب هو سليم علي سلام وام هي كلثوم البربير وكان والدها من أعيان بيروت والدولة العثمانية. لها سبعة اخوة واختان، لعب جميعهم ادوراً مهمة في الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان، فاخوها صائب سلام ترأس الحكومة اللبنانية عدة مرات. منذ صغرها وروح التمرد والتحدي باديان في تصرفاتها وقد لعب والدها دوراً مؤثراً في صقل شخصيتها وتشجيعها على التعليم، فتلقت العربية على يد عبدالله البستاني وسافرت إلى بريطانيا ودرست فيها بين عامي 1925 و 1927م. أثناء الحرب العالمية الأولى ساهمت في إنشاء المدارس والملاجئ للايتام والمشردين في بيروت، ووقفت أمام جمال باشا السفاح التركي وألقت كلمة. قال لها جمال باشا بالفرنسية يوماً مثنياً على عملها التطوعي مع الايتام "اسمعي يا آنسة يجب أن تعملوا جدياً على أن يصبح كل هؤلاء الاولاد مسلمين مهما كانت الطائفة التي ينتمون إليها". أرسلت برقية إلى المؤتمر العربي الأول في باريس عام 1913م بالاشتراك مع صديقتين وتليت في المؤتمر كأول برقية تصل المؤتمر. كانت ضمن وفد نسائي لمقابلة لجنة كينغ كراي الأمريكية في عام 1919م.
قابلت الملك فيصل الأول عدة مرات، وعندما تحدث معها في لندن وأعجب بافكارها التفت إلى والدها وقال له:"خذ بالك من ابنتك يا ابا علي، إنها تحمل الثورة في نفسها".
تذكر حادثة طريفة مع السياسي السوري احسان الجابري حيث طلب من اخيها محمد أن يساعده في كتابة خطاب باللغة العربية لأنه ذاهب إلى مؤتمر في أمريكا تناقش فيه القضية العربية، فاخبره اخاها أن اخته عنبرة هي خير من يقوم بالمهمة، وعندما انهت الخطاب وسلمته له وقرأه فاعتذر وأعاده لها وقال: لا..لا اقدر أن القي خطاباً كهذا"، وعندما استفسرت منه عن السبب قال: "انه خطاب فوق مستواي ومن اين آتي بك إذا طُلب إلي أن اقف موقفاً كهذا مرة أخرى".
كانت ذا شخصية قوية تعتبر المرأة صنو الرجل ولذلك أصرت على مقابلة من توسط لخطبتها على عادة تلك الأيام وقابلته في بيت صديقتها ومعلمتها جوليا وكان هذا الشاب هو احمد سامح الخالدي مدير الكلية العربية في القدس. وبعد أن تزوجا انتقلت لتعيش معه في القدس، وانجبت من الأولاد اسامه ورندة وطريف وكرمة، إضافة إلى تربية سلافة ووليد ابناء احمد من زواج سابق حيث توفيت زوجته الأولى.
شاركت في الحياة السياسية والإجتماعية في فلسطين مع زوجها، وحضرت الإجتماع مع رئيس لجنة التحقيق في حوادث البراق السير والتر شو. هاجرت من القدس إلى بيروت في عام 1948م بعد أن تدهور الوضع في فلسطين وتوفيت هناك في عام 1986م.
ترجمت إلى العربية الألياذة والأوديسة والأنياذة وقدّم لهذه الكتب الأديب المصري طه حسين، وعندما أصر أصدقاؤها على كتابة مذكراتها خط قلمها كتاباً رائعاً بعنوان "جولة في الذكريات" صدر عن دار النهار للنشر والتوزيع عام 1978م حيث يرصد الحياة الإجتماعية والسياسية لبيروت في بداية القرن العشرين، وكتب مقدمة الكتاب المؤرخ كمال الصليبي، حيث أصبح كتابها مرجعاً للحياة الإجتماعية في بلاد الشام. وعنه كتب الصليبي "ومن الآن فصاعداً لن يُكتب تاريخ بيروت في العصور الحديثة من دون الرجوع إلى مذكرات - الست عنبرة".
قدمت عائلة المربي احمد سامح الخالدي كوكبة من المؤرخين والعلماء، فوليد الخالدي احد مؤسسي مؤسسة الدراسات الفلسطينية وهو السكرتير العام فيها، تخرج من اكسفورد عام 1951م وحاضر في الجامعة الأمريكية في بيروت/ وكان باحثاً في مركز هارفارد للشؤون الدولية، كما حاضر في جامعة برنستون واكسفورد.
أما اسامة الخالدي 01932-1986)م فهو عالم كيميائي، درس في الجامعة الأمريكية في بيروت ثم حصل على الدكتوراة من جامعة ميتشغان، ويعتبر احد أعمدة مركز الحسين للسرطان في عمان.
وطريف الخالدي وهو مؤرخ درس في جامعة اكسفورد وحصل على الدكتوراة من جامعة شيكاغو وعيّن عام 1996م استاذاً لكرسي الدراسات الإسلامية في جامعة كمبردج. له كتاب بعنوان "انا والكتب".
كرمة الخالدي فهي إخصائية في التربية. أما شقيقتها رندة الخالدي فهي خريجة جامعة اكسفورد وحاصلة على الزمالة من جامعة هارفارد وكانت مديرة مكتب الجامعة العربية في نيويورك وعضو وفد فلسطين في الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة، تزوجت من دبلوماسي سوري، ومارست التدريس في جامعة دمشق وكانت أول استاذة إمرأة في الجامعة. صدرت لها رواية بعنوان "سيرة غير بطولية" عن دار بيسان في دمشق وكتاب "امرأة ذات قلب".
ويمكن تشبيه عائلة الخالدي هذه بعائلة الصايغ الفلسطينية التي قدمت عدداً من أبنائها في مجالات التاريخ والسياسة والدفاع عن القضية الفلسطينية.
واخيراً ننوه إلى أن الدكتور حسين فخري الخالدي والذي كان رئيس وزراء في الأردن هو شقيق احمد الخالدي وعم هذه الكوكبة المتميزة من الأبناء.

#هاني_عبيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات