لا أدري من أين أتت تلك النِّسب 80% و 90% ، و كيف تم تحديدها . أما إذا كانت نِسبا تقديرية ، فالأولى أن يقال : أكثر من 90% من (مسلمي غزة اليوم) أصلهم مسيحيون و يهود . و ذلك لتمييز الانتماء القومي عن الانتماء الديني ، على اعتبار أن (أهل) غزة الحاليين ، هم كنعانيون مثلهم مثل اليهود الحاليين . و كذلك الأمر مع (أهل) الخليل ، على اعتبار انهم كنعانيون كانوا يهودا ثم تحولوا الى الاسلام . هذا أولا . و ثانيا تخبر أسفار العهد القديم عن حروب عديدة نشبت بين الإسرائيليين و الفلسطينيين ، و ذلك يعني أنه كان ثمة شعبان متمايزان (قوميا) ، عدا الكنعانيين و اليبوسيين و غيرهم . و السؤال : من أين أتى الفلسطينيون الى ارض كنعان ؟ الروايات التاريخية تقول إنهم ليسوا عربا ، و أنهم (البلست أو الفلست) و قد أتوا من الجزر اليونانية ، و استوطنوا ارض كنعان قبل مجيء بني اسرائل مهاجرين اليها (من جهة ما ، ليست بالضرورة كما روى سفر الخروج) ، ومن اسم (البلست) جاء اسم فلسطين . يتبع
بغض النظر عن تميع الفكرة و التباسها في ذهن الكاتب ، كما في ذِكره لعهد عاد (الخرافي) ، و كما في قوله : - راحت تنسج وترمم ماض مثالي كي تسكنه - ، فهو هنا يصف ماضي الشعوب التي يعتبرها حضرته شعوبا عربية ! ، بأنه (مثالي) ، بالمعنى الإيجابي لكلمة (مثالي) ، أي أنه كان بنظر الكاتب ماض (مجيدا) و ليس بالمعني السلبي لكلمة مثالي (غيبي و خيالي) . و بغض النظر عن الأخطاء النحوية ، كما في - اصبحت (مرغوب) فيها - بدلا من (مرغوبا) ، و كما في - يحفز (جمهور) عريض - ، بدلا من (جمهورا عريضا) . و كذلك الأخطاء الإملائية ، كما في - تطفوا و تغزوا - بدلا من (تطفو و تغزو) ، وفي - قشاة - بدلا من (قشات) ! فالكاتب الذي أظنه تونسيا ، يظن أن شعوب شمال أفريقيا (المعربة لغويا) بما فيها الشعب التونسي ، تنتمي (قوميا / عِرقيّا) إلى (الأمة العربية) الوهمية ، الأمر الذي تنفيه نفيا تاما وقائع التاريخ (غير المزور) كما ينفيه نفيا مطلقا علم الجينوم . لكن الكاتب - في خطبته العروبية - يظهر كغيره من (العروبيين) مشحونا بالوهم العروبي ، و هو لا زال في عصر ثورة المعلومات ، يعيش غارقا في أوهام ماضٍ مزيف ، فبركه بنو أمية و نسّابوهم .
غالبا لا أقرأ ما يكتبه الشيوخ - رجال الدين - و الإسلاميون ، فلا جديد غير مزيد من الضجيج . غير أن العنوان كان لافتا ، حتى أني كدت ألا أصدق عيني ! فتحاملت على نفسي - و يبدو حقا أن النفس أمّارة بالسوء - لا ستجلي ما وراء العنوان . و ليت أني لم أفعل ! مئات من السنين الضوئية ، هي المسافة بين عقول نشطة تتساءل عن المستجدات في بحوث نظرية الانفجار الكبير ، و تبحث في تطبيقات النانو تكنولوجي ، و عقول معطلة تتساءل عن خفايا (نظرية الاستمناء) ! و ما إذا كان الاستمناء زنا ، و (إنه كان فاحشة و ساء سبيلا) ! حسنا ، اطمئنوا يا شباب و يا صبايا (أمة محمد) ! فالاستمناء ليس حراما ، و هو ممارسة لا توجب الجلد مائة جلدة او الرجم حتى الموت ، و لا تؤدي إلى دخول نار جهنم يوم القيامة ! الله أكبر ، ظهر الحق و زهق الباطل . و يبدو أن الاستمناء العقلي لأمة محمد ، يسير بالتوازي مع اهتمامات الاستمناء الذي يوصف بالعادة السرية ! فالقراء يقيّمون هذا (الهذر الاسلامي) تقييما عاليا جدا !
ما ارتكبه معمر القذافي و نظامه خلال اربعين عاما بحق الشعب الليبي ، لا يصل إلى 1% مما ارتكبتموه أنتم (جماعة الاخوان المسلمون و أنصارهم) في الاربع سنوات الاولى بعد هوجة فبراير ، من إرهاب ميليشياتكم الاسلامية و المتأسلمة ، و فساد حكم جماعتكم ، الذي استنزف أكثر من 300 مليار دولار ، دون أن يصل شيء منها الى الشعب الليبي المنكوب . و ها هي حكومتكم (في طرابلس) ، التي نصبها برناردينو ليون ، بإيعاز من السي آي إيه ، تبيع ليبيا للغرب مقابل استمرار الاخوان – ادوات الغرب – في الحكم ، غصبا عن الليبيين الذين أذللتموهم و جوعتموهم ، حتى صاروا يتمنون أن يعود معمر القذافي حيا ليطلبوا منه السماح . لقد استفاق الليبيون ، و لم يعودوا ينخدعون بكلمات الاسلاميين المعسولة ، فالجوع علمهم الكثير مما كانوا يجهلونه عنكم .
جيد أن نحلم ، لكن الاحلام لا تغير الواقع . الشيوعية حلم طوباوي جميل و بعيد – ان لم يكن – مستحيل المنال . لم تصمد تجربة الاتحاد السوفييتي أمام التحدي الامبريالي ، فانهارت من داخلها . و الصين الشيوعية سابقا ، تحولت الى الراسمالية ، بل هي اهم ضامن لاستمرار النظام الراسمالي العالمي . أعم انك ستقول عن الشوعيين السوفييت بعد ستالين ، و عن الحزب الشيوعي الصيني ، ما قاله مالك في الخمر . و لكن ذلك لا يغير من الواقع شيئا . تقول - عبثاً نتجادل حول سيماء الشيوعية التي لا نعلم منها إلا أقل القليل - ! و هذا قول يجعل من الشيوعية عقيدة (غيبية) ، و يجعل من الايمان بتحققها في المستقبل إيمانيا بالغيب . ثم تقول بصيغة جازمة ، بأن العالم سيدخل الحياة الشيوعية ، في العام 2100 ، و لا ندري لماذا العام 2100 تحديدا ، و هذه (نبوءة) لا تتفق مع القول بعدم معرفتنا الا اقل القليل عنها . ثم تضيف نبوءة أخرى ، بانهيار الطبقة المهيمنة على مستوى العالم ـ و ليس في بلد او نظام ما – في ليلة ظلماء قبل العام 2025 ! و كلا النبوءتين معلقتان في سماء اليوتوبيا و التفاؤل المفرط ، و هو تفاؤول طوباوي ، بدليل المسحة المسيحانية في قولك - ستكون علاقة الانسان باخيه الانسان علاقة روحية طهور شفافة - . النضال ضد الراسمالية ، لا يحتمل النوايا الحسنة . أما قولك بالتوجه التقدمي لمملكة عشيرة آل سعود ، فهو لا شك نكتة . مع التقدير لعرضك التاريخي لاحداث و وقائع تجربة الاتحاد السوفياتي العظيم المغدور ، و التحية لشخصك .
رغم علم الجميع بما يلقاه المسيحيون في مصر من تمييز ديني من قبل المسلمين ، بداية من علماء الازهر و حتى الموطن العادي في الشارع ، أهونه العنف اللفظي ، كوصف المسيحي بأن (كافر) . و رغم ما تسجله الاحداث من الاعتداء على حياة المسيحيين ، كل اسبوع تقريبا ، لمجرد انهم مسيحيون ، فضلا عن الانتهاكات ضد الكنائس . رغم كل ذلك ، فربما كان القراء – مثلي – سيقدرون للسيدة الكاتبة ، حديثها الطيب عن التسامح الديني ، في هذه المقالة (الصحفية) ، باعتبار أن حديثها نوع من حملات العلاقات العامة حسنة النية ، حتى ولو اقحمت تفاصيل حياتها الخاصة في الموضوع . لكن المقالة تعطي انطباعا بأنها دعاية إعلامية للرئيس المصري و عهده و انجازاته ، و أين ؟! في موقع الحوار المتمدن ، الذي نعرف أنه فضاء للفكر ، و ليس بازارا للدعاية الإعلامية ، فذلك يسجل على السيدة الكاتبة مأخذين : استغلال الموقع للدعاية الرسمية ، و الاستهانة بعقول القراء . و حبذا النأي بالنفس عن الشبهات .
مطلوب الاجابة على مثل هذه الاسئلة : كيف تكون (جسيمات) و مع ذلك فهي عديمة الحجم و بلا كتل ؟! و كيف تأكد لك ان اولائك الاوميين لديهم (اجهزة) و تقنيات متقدمة جدا .. هل وقفت على نماذج منها ؟! كيف عرفت ان اولائك الاوميين متقدمون عنا علميا بنصف مليار سنة ؟! كيف يمكن لعاقل ان يصدق ان ثمة (مادة) تسمى الروح او النفس ؟! و هل من العلم في شيء ، مجرد القبول بفكرة (جسيمات روحية ) ؟! و ما الفرق بين مقولة (الروح الكلية ، و الروح الجزئية) في هذه النظرية الاوميينية (العلمية) ، و بين نفس المقولة عند المتصوفة و نظرية وحدة الوجود (الميتافيزيقية) ؟! و كيف علمت أن اولائك الاوميين ، عثروا (مختبرياً) على عدد من الكيانات الميتافيزيائية ؟! و كيف لك أن تقنع القارئ بأن هذا الطرح ليس هلوسة علموية ؟ الا يبدو هذا (الكلام) وجها آخر لكلام زغلول النجار ؟ الا يبدو انه محاولة لاغراق القارئ في اوهام و تهاويل ، تلهيه عن همومه المعيشية ، و تصرف الناس عن وعي عدوهم الطبقي المحلي و الدولي ، و احالتهم الى عوالم الجن و العفاريت الاوميين ؟
حاولت ان اجد فقرة واحدة ، بها شيء من المنطق ، فلم اجد الا خلطا غريبا بين المفاهيم و اختلاطا و تشوشا في الرؤية ، بداية من المماحكة اللفظية في استعمال لفظتي الحداثة و التحديث ، مرورا بالمقارنة اللاعلمية بين الوسع الاستعماري الغربي الراسمالي و سعي ايران – كأية دولة اخرى – الى تامين مصالحها خارجيا ، و وصولا الى نكتة الاسلام الليبرالي . و ربما يخرج لنا اسلامي آخر ، بنكتة الاسلام الشيوعي .
مئات آلاف المصريين لا يجدون سكنا ، فيسكنون المقابر مع الأموات . و ملايين المصريين لا يجدون خبز يومهم ، و يعيشون على أقل من الكفاف . و الجنية المصري أرخص من ورق التواليت ، جراء سياسات السيسي النيوليبرالية الاستبدادية . و المسيحيون في مصر السيساوية ، يتعرضون لابشع صنوف التمييز (كفار و اهل ذمة !) . و عبد الفتاح السيسي يستدين المليارات من اعراب البترودور و من صندوق النقد الدولي ، و يرهن مستقبل الاجيالل المصرية للدائنين ، ليهدر مليارات الجنيهات في بناء جامع عبد (الفتاح) ، و تذهب تلك المليارات الى جيوب المقاولين و التجار حكام مصر ، بدلا من ان يبني مساكن لسكان المقابر او لسكان العشوائيات ، و بدلا من ان يستثمر اموال الديون – التي كبل بها مصر – في مشاريع تنموية لمصلحة العاطلين عن العمل . السيسي يضحك على فقراء مصر من المسلمين و المسيحيين ، و يجد من الهتيفة و المطبلاتية الكثيرين و الكثيرات .