أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي بن عامر الطوزي - في ذِكرى وفاتِكَ . في البال دائما أنتَ يا أَبي














المزيد.....

في ذِكرى وفاتِكَ . في البال دائما أنتَ يا أَبي


محمد علي بن عامر الطوزي

الحوار المتمدن-العدد: 7957 - 2024 / 4 / 24 - 04:48
المحور: سيرة ذاتية
    


في الثالث عشر من شهر كانون الاول من سنة 2011 ، غادَرْتَنا إلى الأَبد يا أَبَتي ، غادرتنا ولم يَبْقَ لنا منكَ في مُخَيلتنا وفي قلوبنا إلّا ذكراك الطيِّبة والصُّورُ الجميلةُ عن كل مراحل العمر التي رافقتنا فيها إلى لحظة رحيلك، نتوقف عندها كلما عنَّ لنا أن نستعرض بعضًا من مآثرك وما أكثرها التي يُقِرُّ بها كلُّ الذين عرَفوك وعايشوك وأحبُّوك ،البعيدين منهم قبل المُقَرًّبين.
لقد كنتَ طيَّب القلب والمعشر، كتوما ، قليل الكلام، وإذا تكلمت فبالكأد صوتُك يُسمَع؛ كنتَ كثيرا ما تلازم الصمت والصمت يلازمك في حركاتك وسكناتك ومشاعرك. كنت تحب بصمت وتغضب وتثور فِي صَمْتٍ حتى وإن كان هذا الصمت يستفزُّ المحيطين بك ويثير أعصابهم.
كنتَ قنوعا وكنتَ تُؤْثِرُ على نفسِك حتى وان كان بِكَ خَصَاصَةٌ وكنتَ كريما رغم ضِيقِ ذات اليد لا تتوانى عن تقديم الدعم المالي والمعيشي لكُلِّ من قصدك وانت الذي دخلت معترك الحياة مبكَّرا وأصبحتَ العائل الوحيدَ لأخيك وأختَيْك بعد ان فقدت والديك.
ورغم ثِقَلِ المسؤولية التي تحمَّلتها بقلب كبير حافظت على كبريائك وعزة نفسك وأنَفَتِكَ فاشتغلْتَ في مِهن كثيرة في مسقط رأسك بمدينة المنستير لمواجهة ظروف الحياة الصعبة قبل شدِّ الرحال الى تونس العاصمة حيث أقمت في ضاحيتها الجنوبية، بن عروس، مع عائلتك وانتقلت من مسكَنٍ إلى مسكن على وجه الكراء قبل ان تمتلك في الستينات من القرن الماضي منزلا اشتريتَه بمبلغ 650 دينارا وفتحتَه لكل من جاء من أهاليك الى العاصمة لقضاء شأن من الشؤون فآويتَهم وأكرمْتَ وفادتَهم لفترات ،قصيرة كانت أو طويلة.
وفي تونس حيث اشتغلتَ كسائق في بعض الدَّواوين العمومية كنتَ عاملا مثاليا و أينما مرَرْتَ لم تَتْرك وراءكَ إلا الأثر الطيب لحسن سلوككَ وتفانيكَ في العمل ومحافظتكَ على الملك العام.
وما زلتُ أتذكَّرُ فيما أتذكر تلك السيارة الإدارية الزرقاء ذات الخيول الثلاث التي كنتَ تَعود بها مساء الى البيت وكانت أمي ،بعفويتها ،تلتمس منكَ أن تستغلَّها لتعليم أبنائِك السياقة فتأْبى وتُصِرُّ بشدة على رفضك غيْرَ مُبَالٍ بما تَتْرُكُهُ في نفوسنا من حَسْرَةٍ وإحْبَاطٍ,.
عُدتَ إلى مَسْقَط رأسك بعد إحالتك على شرف المهنة ، وبعد وفاة أمِّي التي سبِقتكَ الى العالم الآخر ، بَقِيتَ تعيشُ بمفردك تعاني آلام الوحدة رغم سعينا إلى التخفيف منها بزياراتنا المتكررة لك بمناسبة أو غير مناسبة للإطمئنان عليك وقضاءِ بعض شؤونك . وكَم كان يحز كثيرا في نفوسنا أن نتركك لِوحدَتِكَ وِلكن ما حيلتنا وكنتَ رفضتَ بكبريائك المعهود الإقامة مع أحد من أبنائِك.
ومِن بينِ ما أتذكَّرُ، كَذلِك ، باقةَ الوَرْدِ التي أَرْسَلْتُها إليكَ عن طريق البريد السريع بمناسبة عيدِ ميلادِكَ ،وقد كانت مفاجأة سارة لكَ وفَرحتَ بِهَا مثلما عبَّرْتَ لي عن ذلك فيما بعد قائِلاَ إِنَّهُ لم يسبَق أن تلقيتَ مثلها.
هذا غيض من فيض الذكريات التي بقيت عالقة في ذهني استحضرتها في ذكرى وفاتك علَّني أُوَفِّي روحَكَ التكريمَ والتَّبْجِيلَ و إبراز بعض الخصال التي كنتَ تتحلى بها حتَّى لا يطويها النسيان فالزمن لا يمحو ذِكرَ مَنْ نُحِبُّ وَإن غيَّبهُ الموتُ ، والمرءُ حديثٌ بعدَه .
وانت يا أبي ، لقد بلغني خبَرُ وفاتك ، الذي نزل علي كالصاعقة، وأنا خارج حدود الوطن ، في مدينة بوردو الفرنسية التي انتقلت إليها لحضور مناقشة أطروحة دكتوراه حفيدِك وائل. لم أحضر المناقشة ولكني كنت حاضرا لتَوديعكَ الوداع الأخير لحظات قبل خُروج موكِبِ دفنك.
نَمْ قَرِيرَ العين يا أبي،،،
ولروحِكَ السَّلامُ والسَّكِينَةُ والطُّمَأنِينَةُ فَأَنْتَ دَائمًا في البال.



#محمد_علي_بن_عامر_الطوزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الُمعلَن والمَخفِيّ في كتاب جديد عن وكالة تونس إفريقيا للأنب ...
- خاتم أمّي
- العلوم اﻹنسانية واﻹجتماعية على محكّ الذّكاء ا& ...


المزيد.....




- فحص الحمض النووي يفضح متهمًا بعد -40 سنة- من ارتكاب جريمة شن ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن إطلاق 10 صواريخ على معبر كرم أبو سالم. ...
- مصر تحتفل بأقدم الأعياد في العالم بتناول الفسيخ والرنجة.. وخ ...
- وسائل إعلام: مدير الـ -C.I.A- يسافر إلى الدوحة لعقد اجتماع ط ...
- فيديو: إصابة 10 جنود إسرائيليين على الأقل في هجوم صاروخي لحم ...
- غزة ـ تواصل محادثات الهدنة وإسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ...
- بعد قرار الحكومة إغلاقها.. وقف بث قناة الجزيرة في إسرائيل
- تصوير جوي يظهر آثار فيضانات عارمة في مدينة برازيلية
- قتل حماته وتخفى بعباية.. التحقيقات تكشف بعض تفاصيل جريمة -مد ...
- مطالبات بإجلاء 400 شخص من سكان منطقة شمالية في اليابان بسبب ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي بن عامر الطوزي - في ذِكرى وفاتِكَ . في البال دائما أنتَ يا أَبي