أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شيرا كلاين - طلاب الجامعات يترأسون المكارثية التي تجتاح إسرائيل















المزيد.....

طلاب الجامعات يترأسون المكارثية التي تجتاح إسرائيل


شيرا كلاين

الحوار المتمدن-العدد: 7947 - 2024 / 4 / 14 - 16:22
المحور: القضية الفلسطينية
    


شيرا كلاين، ليئور شترينفيلد


قبل حوالي عشرة أيام، نشرنا، نحن وشريكات وشركاء أخريات وآخرون، إسرائيليون، يهود وفلسطينيون، مؤرخون، خبراء في العلوم السياسية ومختصون في القانون الدولي، رسالة موجهة إلى الرئيس الأمريكي، جو بايدن. تستند الرسالة إلى تعريف اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالإبادة الجماعية (الجينوسايد)، والتي تستلزم توفّر الأعمال والنيّة، معاً، من جانب مرتكب الإبادة الجماعية. وقد أشرنا إلى أن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة يشمل هذين العنصرين، كليهما. فالأعمال هي القصف العشوائي الذي أسفر عن مقتل ما يزيد عن 30 ألف إنسان في قطاع غزة، من بينهم 14 ألف طفل على الأقل، وسياسة أدت إلى المجاعة والجفاف. أما النية فهي تصريحات العديد من القادة السياسيين في إسرائيل، الذين دعوا ويدعون إلى فرض العقوبات الجماعية على سكان قطاع غزة.

منذ لحظة توزيعها، وقّع على هذه الرسالة ألف أكاديميّ من البارزين في جميع المجالات، بمن فيهم باحثون في الهولوكوست، باحثون رائدون في دراسات الإبادة الجماعية، حائزون على جائزة نوبل، إضافة إلى موقِّعين من أبناء الجيل الثاني من الناجين من الهولوكوست وآخرين من أبناء عائلات بعض المخطوفين والقتلى من يوم 7 تشرين الأول. وقد جاءت هذه الرسالة في أعقاب القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية وقضى بأنّ إسرائيل مُجبَرة على ضمان وصول المساعدات الإنسانية الأساسية إلى مئات آلاف الأشخاص الذين يتضورون جوعاً في قطاع غزة. نحن، الموقعين على الرسالة، نستند إلى تقارير منظمات مثل "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة ووسائل الإعلام الأجنبية، وهي التقارير التي يتم حجبها عن المشاهدين الإسرائيليين. نحن قلقون على مصير الفلسطينيين في قطاع غزة، لكن على مستقبل إسرائيل والمنطقة أيضاً. الوقوف جانباً، موقف المتفرج، لا يمكن أن يكون وارداً في الحسبان، ومن الواضح أن جريمة مرعبة كتلك التي وقعت في يوم 7 تشرين الأول لا يمكن أن تبرر الجريمة الجاري تنفيذها في قطاع غزة منذ يوم 8 تشرين الأول.


بعد نشر الرسالة بوقت قصير، بدأت وسائل الإعلام، التي تخفق في تأدية وظيفتها وتُفشِل الجمهور بغربلتها المشاهد والتقارير من قطاع غزة (والضفة الغربية، أيضاً، لا تنعم بالهدوء في هذه الأيام)، بـ "الكشف عن" الإسرائيليين الموقعين على الرسالة. بدأ هذا بمغرّدي القناة 14، الذين فرزوا أسماء الموقعين العاملين في المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل، ثم استمر بعد ذلك بنقاش مكارثيّ مذهل جرى في برنامج أيالا حسون في قناة "كان 11". فقد تركز النقاش حول تواقيع 20 باحثاً إسرائيلياً، من دون أية إشارة إلى أنه إلى جانب هؤلاء الأكاديميين الشجعان، وقع على الرسالة أيضاً نحو ألف منت الباحثين الأهمّ في مجالاتهم، بمن فيهم حائزون على جائزة نوبل، حائزون على الجوائز الأرفع في العالم الأكاديمي، رؤساء جمعيات ونقابات مهنية، كوكبة من أهمّ الباحثين في الدراسات اليهودية في العالم والباحثين في قضايا اللاسامية والإبادة الجماعية وكثيرون آخرون غيرهم.

لو كان الإعلام الإسرائيلي يقوم بواجبه ويؤدي وظيفته بأمانة وإخلاص، لكان المواطنون الإسرائيليون أكثر معرفة ودراية بما يتم تنفيذه في قطاع غزة، باسمهم ونيابة عنهم. لكانوا رأوا الخراب، الموت، الجوع والفوضى. والرسالة، حتى لو كانت موجِعة، إلا أنها لم تكن لتشكل مفاجأة. لو كان الإعلام الإسرائيلي يعرض بأمانة تشكيلة الموقعين ولا يفصل الموقعين الإسرائيليين الـ 20 عن السياق، لكان المشاهدون والمستمعون يتساءلون عمّا إذا كان من المحتمل حقاً أن تكون ثمة إبادة جماعية. لكانوا، ربما، يتفرغون للحديث عن معنى الإبادة الجماعية وعمّا إذا كان التعريف لا ينطبق إلا عند الحديث عن أفران الغاز في معسكرات الموت في بولندا.

في أعقاب الهجوم الأرعن، الذي أباح دم الموقعين فعلياً، طُرِحت مُطالَبات بفصل بعض منهم من عمله، أو تعليق عملهم. وطالب مئات الطلاب بطرد د. ريغف نتنزون من كلية "سبير" الأكاديمية بسبب توقيعه على الرسالة، فسارعت مديرة الكلية إلى "[التنديد] بكل شدّة بالتصريحات ضد جنود الجيش الإسرائيلي" وحظرت على نتنزون استخدام اسم الكلية، رغم أن نحو ألف من الموقعين الآخرين قد أشاروا إلى أسماء المؤسسات التي ينتمون إليها، ومن بينها هارفارد، ييل وأوكسفورد. ولم تكتف الكلية بعدم حماية حق نتنزون في الحرية الأكاديمية، بل تسببت أيضاً في تكثيف وتصعيد موجة التحريض ضده. فقد ظهرت في صفحتها على الإنستغرام تعليقات تصفه بأنه "داعم للإرهاب" و"مُخرِّب". لا بل، ظهرت علامة "أعجبني" (لايك) من قِبل الكلية نفسها على أحد تلك التعليقات ("ريغف نتنزون ـ يجب فصله! داعم للإرهاب").


في أعقاب موجة التحريض والخوف الذي أثارته، طلب أكاديميون إسرائيليون سحب تواقيعهم، وتصاعدت رياح المكارثية التي تعصف بنا خلال الأشهر الأخيرة. من بين النماذج، يمكننا أن نذكر حالة مئير بروخين، الذي تم فصله من عمله مدرّساً للتاريخ والمدنيّات، بل تم اعتقاله بشبهة الخيانة، لمجرد أنه عبر عن الأسى على موت الغزيين وعلى لا مبالاة الجمهور؛ بروفيسور نادرة شلهوب كيفوركيان من الجامعة العبرية؛ نوريت بيلد ـ إلحنان (التي ثكلت ابنها في عملية)، التي أنهت عملها في كلية "دافيد يلين" بعدما حاولت التطرق إلى هجوم 7 تشرين الأول في سياق أوسع يتعلق بالصراع العنيف؛ العقوبة التي فُرضت على فريق "أبناء سخنين" بكرة القدم لأنه "لم يحترم النشيد الوطني"، وهذه مجرد نماذج قليلة فقط.

في دولة إسرائيل، تم حشر المعطيات والحقائق في خانة "المسّ بالروح المعنوية الوطنية وبالروح القتالية" وأصبحت القدرة على التعبير عن الرأي بحريّة تتضاءل بين لحظة وأخرى

القدرة على التعبير عن الرأي بحرية تتقلص وتتضاءل بين لحظة وأخرى. في الأسبوع الأخير فقط، نشر الصحفي في "يديعوت أحرونوت" بن درور يميني مقالة هجومية يتضح منها أنه لم يقرأ رسالتنا، إطلاقاً، أو ربما أسوأ من هذا أيضاً، أنه قرأها وشوّه مضمونها أمام قرائه. وعت عضو الكنيست كيتي شطريت (الليكود) إلى التحقيق مع جميع الموقعين على الرسالة، كما طالبت عضو الكنيست ليمور سون هارـ ميلخ (عوتسماه يهوديت) بسحب الميزانيات من المؤسسات التي تتخذ إجراءات عقابية بحق الموقعين.


تبيّن تجربتنا كباحثين مختصين بإيران (شترينفيلد) وإيطاليا الفاشية (كلاين) أن الرقابة والإسكات يعبّدان الطريق نحو الدكتاتورية. وتتجسد الرقابة التي تمارسها وسائل الإعلام الإسرائيلية في حقيقة أنها تعرض رواية واحدة موحَّدة عن الحرب في قطاع غزة ("حرب وجودية")، رواية واحدة موحَدة عن المؤيدين لوقف إطلاق النار في الأمم المتحدة ("معادون للساميّة")، رواية واحدة موحَّدة عن يهود العالم الذين يعبّرون عن الألم على قتل أطفال غزيّين ("لا ساميّة ذاتية"/ "يهود كارهون لأنفسهم") ورواية واحدة موحَّدة عن اليهود الإسرائيليين الذين يتجرّؤون على الاحتجاج ("خَوَنة"). الطريق إلى الاستبدادية المطلقة لم تعد بعيدة.

بدلاً من أن يأخذ طلاب الجامعات على عاتقهم دور المعارضة، المقاومة، التمرد وتحدّي الأعراف ـ مثلما يفعل طلاب الجامعات في دول أخرى ـ يقف الطلاب الجامعيون في إسرائيل على رأس برنامج فرض الرقابة. وقد تحولت إسرائيل إلى دولة يطالب فيها الطلاب بفصل معلّميهم لأنهم ليسوا قوميين أو وطنيين بما فيه الكفاية، على غرار الصين الشيوعية وألمانيا النازية. في أية دولة سليمة، أعضاء السلك الأكاديمي هم الذين يبنون ويصممون قادة المستقبل، يطورون التفكير النقدي القائم على البيانات والحقائق. أما في دولة إسرائيل، فقد جرى إقصاء البيانات والحقائق إلى خانة "المسّ بالروح المعنوية الوطنية وبالروح القتالية".

بروفيسور كلاين هي رئيسة قسم التاريخ في جامعة تشابمان، كاليفورنيا.

بروفيسور شترينفيلد يدرّس في قسم التاريخ وفي برنامج الدراسات اليهودية في جامعة بن ستيت، بنسلفانيا.



#شيرا_كلاين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طلاب الجامعات يترأسون المكارثية التي تجتاح إسرائيل


المزيد.....




- رأي.. فريد زكريا يكتب: كيف ظهرت الفوضى بالجامعات الأمريكية ف ...
- السعودية.. أمطار غزيرة سيول تقطع الشوارع وتجرف المركبات (فيد ...
- الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس يخضع لعملية جراحي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابطين وإصابة اثنين آخرين في كمين ...
- شماتة بحلفاء كييف؟ روسيا تقيم معرضًا لمعدات عسكرية غربية است ...
- مع اشتداد حملة مقاطعة إسرائيل.. كنتاكي تغلق 108 فروع في مالي ...
- الأعاصير في أوكلاهوما تخلف دمارًا واسعًا وقتيلين وتحذيرات من ...
- محتجون ضد حرب غزة يعطلون عمل جامعة في باريس والشرطة تتدخل
- طلاب تونس يساندون دعم طلاب العالم لغزة
- طلاب غزة يتضامنون مع نظرائهم الأمريكيين


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شيرا كلاين - طلاب الجامعات يترأسون المكارثية التي تجتاح إسرائيل