|
فلتسقط ” بنت سلطح بابا “
عمرو إمام عمر
الحوار المتمدن-العدد: 7945 - 2024 / 4 / 12 - 11:47
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
لا أعرف لماذا كلما شاهدت أحد هؤلاء النخبة و هم يتحدثون على شاشات التلفزيون أتذكر الفنان الكبير يوسف وهبى فى فيلم ”إشاعة حب“ و هو يهتف غاضبا من زوجته ذات الأصول الأناضولية ”فلتسقط بنت سلطح بابا“ ، فخلال الفترة الأخيرة خرج علينا بعض النخبة على شاشات التلفزيون يتحدثون عن فشل المنظومة التعليمية فى مصر ، توقعت فى البداية أن يتطرق النقاش إلى تحديث العملية التعليمية و أساليب الامتحان و حذف الحشو الزائد و ما شابه من الموضوعات الخاصة بتطوير العملية التعليمية فى مصر ، لكن الغريب في الأمر كان التركيز على مجانية التعليم و أنه السبب الأساسى فى فشل المنظومة بالكامل فى رؤية ضيقة تعكس نظرة طبقية استشرت خلال السنوات الأخيرة ، متناسين فى وسط رؤيتهم المتعالية للمجتمع أن غالبية الشعب المصرى يعيش على خط الفقر تقريباً ، فانت تحجر بهذا الرأى على أكثر من 70٪ من هذا الشعب ، فمجانية التعليم هى أكثر الآليات نفعا و إيجابية فى زيادة مدخلات الأسر الفقيرة و المعدمة فهى تمثل بالنسبة لهم مورد مستقبلى بعد نهاية تعليم أولادهم ، ثم يأتى البعض ليحطم تلك الآمال بهدم مستقبل تلك الأسر بدعوى عدم جدوى مجانية التعليم.
مازال هؤلاء يحاولون وضع السم لنا فى العسل ، بأن يكون التعليم مجانيا فقط للمتفوقين ، متناسين أن المنظومة التعليمية لا تزال تعتمد على مدى إمكانية الأسر على توفير الكتب الخارجية و الدروس الخصوصية لأولادهم ، فالتفوق هنا أيضا سيكون شبه محصور في فئة الأغنياء ، ليتحول التعليم إلى منظومة طبقية جديدة فى تضاد واضح لأحد المبادئ الأساسية لثورة 25 يناير و من قبلها ثورة 23 يوليو و هى العدالة الاجتماعية ؛ التساؤل إلى متى ينظر هؤلاء المسمين بالنخبة إلى باقى البشر كأنهم حقراء لا يستحقون الحياة ، لم يحاول أياً منهم التطرق إلى المنظومة التعليمية وكيف أصبحت عبء على الأسرة المصرية ، فمنذ تطبيق نظام الفصلين الدراسيين تحملت الأسرة المصرية تكاليف أكثر مما تنفقه الحكومة على التعليم ، فآخر إحصاء نشر مؤخرا أن الأسر المصرية تتحمل سنويا ما بين 37 إلى 53 مليار جنيه يذهبون إلى الكتب الخارجية و الدروس الخصوصية بالإضافة إلى مصروف الجيب و الانتقالات و الملابس ، فتحويل النظام التعليمى من نظام الفصل الدراسى الواحد إلى الفصلين الدراسيين ذاد بسببه معدل الإنفاق على الدروس الخصوصية و الكتب الخارجية ، فعامل الوقت أصبح فى غير صالح الطالب ، لم يعد لديه الوقت الكافى للمذاكرة و البحث و التدقيق و أصبحت الجامعات المصرية خارج تقيم الجامعات العريقة فى العالم ، على العكس عندما كانت تلك الجامعات تأخذ بنظام الفصل الدراسى الواحد الذى أدعى هؤلاء النخبة أنه لا يساعد على تطوير العملية التعليمية ، متناسين أنه يجب أولا قبل تطبيق هذا النظام أن يتم تطوير العملية التعليمية من الأساس ، فى المناهج التعليمية و الامتحانات لكننا للأسف الشديد أخذنا جزء صغير ناقص بدون استكمال باقى الشروط ، فنظام التعليم بقى كما هو يعتمد على التلقين و الحفظ ، ليغفل أهم جزء وهو البحث و التطوير …
ابتليت الدولة فى الفترة الأخيرة بمنظومة فساد أخرى و هى التعليم الأجنبى ، فانتشرت فى مصر العديد من المدارس و الجامعات الأجنبية و التى لا تقبل إلا أبناء الأغنياء فقط ، فمصاريف الانتساب لتلك المؤسسات التعليمية لا يستطيع المواطن العادى البسيط أن يتحملها فهى تصل إلى عشرات الألوف من الجنيهات لتنشئ الدولة بكامل إرادتها رؤية طبقية للمنظومة التعليمية ، لن أتحدث عن المستوى التعليمى الذى تقدمه تلك المؤسسات و لكن الأخطر من ذلك هو المفهوم الاجتماعى الذى تؤصله هو حالة من الترفع و التعالى الطبقى بين طلبة تلك المدارس و الجامعات أمام المدارس و الجامعات الحكومية ، كذلك فرص العمل متاحة لهم و لما لا فهم أبناء ”بنت سلطح بابا“ المدللة الجميلة الغنية ، و فى المقابل يعانى أبناء المدارس و الجامعات الحكومية من صعوبات فى الحصول على نفس الفرص ، هذا فضلا عن كارثة أخرى ابتلينا بها داخل الجامعات الحكومية و هي ما سميت باسم ”البرامج المتميزة“ و التى تتميز بأنها مخصصة فقط للقادرين ماليا لمصاريفها العالية فهى تتميز ببرامج تعليمية متطورة حتى يضمن هذا الخريج المتميز بالحصول على وظيفة سريعا ، و بينما الطالب الفقير الأكثر أحتياجا للوظيفة لا يجد أمامه سوى البرامج المعتادة مما يكرس مفهوم التمايز و لعنصرية الطبقية ، و إذا تحدثنا عن الجامعات الأهلية و التى أعطت الفرصة للطالب الفاشل صاحب المال أن يلتحق بكليات القمة بدون وجه حق فحدث و لا حرج …
فساد و طبقية و عنصرية للأسف الشديد العديد منا رأى فى ثورة 25 يناير فرصة للتخلص من كل ذلك ، لكننا لا نزال فى حاجة إلى ثورات أخرى ضـد هؤلاء النخب المنتشية بأموالها و ليس بثقافتها و فكرها و عدالتها ، لا أيتها النخبة لن أهتف لكم و لكنى سأظل أهتف ضدكم فلتسقط ”بنت سلطح بابا“ …
#عمرو_إمام_عمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الليبرالية لا تملك أى حلول
-
الحقيقة وراء الركود الاقتصادى !
-
لماذا نحن مغفلون ؟ !
-
خديعة الاشتراكية الديمقراطية
-
الثورة العالمية الجديدة فى القرن الواحد و العشرين
-
الفقر صناعة يجنى أرباحها الأغنياء (4)
-
الفقر صناعة يجنى أرباحها الأغنياء (3)
-
الفقر صناعة يجنى أرباحها الأغنياء (2)
-
الفقر صناعة يجنى أرباحها الأغنياء (1)
-
الأزمة التونسية و خديعة لعبة الديمقراطية !
-
النيل و التطور الحضارى فى مصر (2)
-
النيل و التطور الحضارى فى مصر (1)
-
خطوات فى عالم الفلسفة
-
مغامرة الإبحار فى عالم محمود أمين العَالِمْ و ”فلسفة المصادف
...
-
الأخلاق بين الاغتراب و الدين و الرأسمالية
-
الإمبريالية تطورها و صراعها الاستعمارى (الحلقة الثالثة عشر)
-
الإمبريالية تطورها و صراعها الاستعمارى (الحلقة الثانية عشر)
-
الإمبريالية تطورها و صراعها الاستعمارى (الحلقة الحادية عشر)
-
الإمبريالية تطورها و صراعها الاستعمارى (الحلقة العاشرة)
-
الإمبريالية تطورها و صراعها الاستعمارى (الحلقة التاسعة)
المزيد.....
-
تصريحات سابقة لمحمد بن سلمان تثير تفاعلا بعد إعلان تفاصيل قض
...
-
مراسلة RT نقلا عن مصادر في الجيش السوري: سماع دوي ضربات مدفع
...
-
-حزب الله- يعلن تنفيذ 10 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي عن
...
-
الحوثيون: لدينا مليون مقاتل جاهزون
-
الجيش الروسي يتقدم.. وواشنطن تشكك بفعالية الدعم لأوكرانيا
-
نتنياهو: لن نرضخ لمطالب حماس
-
مراسلة RT نقلا عن مصادر في الجيش السوري: سماع دوي ضربات مدفع
...
-
صادق خان يحتفظ بمنصب عمدة لندن
-
الباحث المصري وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة
...
-
اعتصام طلابي في جامعة أدنبرة يطالب بقطع كامل للعلاقات مع إسر
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|