أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد السلام انويكًة - تازة : من الأصيل المقدس المؤثث منذ زمان لليالي رمضان ..














المزيد.....

تازة : من الأصيل المقدس المؤثث منذ زمان لليالي رمضان ..


عبد السلام انويكًة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 7940 - 2024 / 4 / 7 - 11:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


منذ القدم وباعتبارها حاضرة مغربية اسلامية اصيلة بإحالات مادية ولا مادية، كانت تازة دوما بتناغم تجليات عدة تخص روح رمضان، فضلا عن ارث ثقافي زاخر بمساحة تقاليد وعادات ذات صلة، جزء منه لا تزال صوره ومعالمه وتفاعلاته قائمة ممتدة هنا وهناك ضمن مجال المدينة العتيق خاصة، تحديدا على مستوى البيوت التازية الأصيلة ومعها دور عبادة من جوامع ومساجد وزوايا ومدارس دينية وغيرها، دون نسان ما كان لهذا الإرث الرمزي التازي الرمضاني، من حضور ضمن مشاهد حياة وعلاقات من قبيل ما هو حرف وفضاءات وأزقة حرفيين، ومن قبيل ايضا ما كان مؤثثا لحركة تجارة ومحاور كانت بنبض خاص رغم كل هذا الزمن، ذلك الذي كان ولا يزال يحكم ويطبع ويميز "قبة السوق"، نقطة لقاء تازة التاريخ والانسان والتراث ودفئ صلتها واصالتها ووصلها. قبلة كل ابواب المدينة ودروبها وأزقتها وأقواسها فضلا عن اسوار محيطة وابراج وغيرها. وأما النصيب الثاني من ارث تازة الرمضاني الاصيل، فهو ما انتهى بل اندثر وأصبح في خبر كان، لأسباب عدة جامعة بين حمولة ماض ومتغير حاضر فضلا عن طبيعة تطلع ونظر انسان. ويسجل بين هذا وذاك من ارث تازة الروحي الديني، ما يحضر ويغيب فيه بحسب شروط استمرارية وبقاء وتأثيث.
ولعل من صور رمضان تازة زمان الى عهد قريب ما يُرف ب"المهلل"، ذلك العازف الروحي الرمضاني بايقاعه الأصيل وصدى صوتياته ونغمه الصوفي. "المهلل" الذي كان بقدر رافع منعش لليالي المدينة في شهرها الفضيل، فضلا عما كان عليه من رمزية أثر وتقاسم وشعور وروح عبادة وعقيدة. "وقد ارتبط موقعه ووقعه بجامع تازة الأعظم، بذاكرة ورموز واسماء وتجارب واصوات وايقاعات وشيوخ الى عهد قريب. مكون روحي تراثي رمزي أصيل، بقدر ما يحضر هنا وهناك بين كتب تاريخ ورواية، بقدر أيضا ما هو بحاجة لحفظ وحرص واعتبار، لِما يحتويه من بعد حضاري وهوية، وما هو عليه من احالة وقيم دين. ورغم كل ما حصل من فتور موقع ومَهمة اصيلة لـ"المهلل" التازي"، لا يزال بمكانة في الذاكرة الشعبية المحلية خلال شهر رمضان، ِلما لا يزال عالقا في ذهنياتٍ وعقلياتٍ وتمثل من حيث أثره في جلب البركة صوب بيوت وعيش ومعيش، ولِما كان ولا يزال ينظر اليه من حيث امتلاء الحياة بفضله بجميع ما هو خير وتفاؤل وصحة ونِعم وعافية وتيسير ويسر. فضلا عما كان لـ"مهلل" جامع تازة الأعظم في هذا الشهر الكريم، من دور مؤنس لساهرين وموقظ لنائمين، عبر اطلالات وتوزيع نغمات روحية صوب انفس.
وينضاف لتقليد "المهلل" في رمضان تازة زمان، ما كان يحضر ويؤثث ليلة القدر ضمن العشر الأواخر من تقاليد مشاهد وشعور ضارب في القدم، ما يعكس عمق قيم وتعلق لا يزال ممتدا في البيوت التازية لدى الأسر رغم كل ما هناك من تحولات وحداثة. وغير خاف الى عهد قريب حيث ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ما كان يطبع جنبات مركز المدينة العتيقة "قبة السوق" من استثناء حركة واقبال واقتناء لمواد ذات صلة بهذه الليلة المقدسة "ليلة القدر". فالى جانب اقتناء ماء الورد والزهر وما يعرف في الذاكرة المحلية ب"التبخيرة"، يسجل ما كان لرمزية الشموع من دلالة واحالة وتمثل محلي، تلك التي كان يتم التوجه بها صوب البيوت والمساجد والأضرحة، فضلا عن المقابر في اليوم الموالي ترحما على الأموات ودعاء لهم بالرحمة والمغفرة والثواب.
انما الموقع والوجهة والمكان والزمان الذي كان يسرق الأضواء من حيث درجة الاقبال في هذه الليلة المباركة، كان هو الجامع الأعظم بالمدينة العتيقة من اجل الصلاة وكذا الاستمتاع بفضاءاته وأثاره وتحفه وجمالية عمرانه وأبوابه وأقواسه وفناءاته ونافوراته.. وتحفة ثرياه المرينية الشهيرة، التي تكون في قمة اضاءتها كلية، وقمة جاذبية صنعها وعظمة شكلها وهيبة رمزيتها. والى جانب هذا المشهد الروحي التراثي من زمن رمضان تازة، ما كان يطبع الأسر التازية من تقاليد ذات صلة، من قبيل ابقاء البيوت مضاءة طيلة ليلة القدر المباركة الى غاية صلاة الفجر، فضلا عن قراءة للقرآن وسماع لمديح على ايقاع روائح بخور.
تلكم بعض من اسرار تازة وتقاليدها وهويتها في شهر رمضان، من خلال أثر وأثاث"مهلل" ووقع وقدسية ليلة القدر، فضلا عن عظمة جوانب أخرى ذات صلة، لا شك أنها جزءا من روح مدينة وزخم ماض وعبق حضارة وهوية محلية، من المهم حولها وصوبها ما ينبغي من عناية وحفظ وتلاقح، ومن ثمة من إحياء واحتفاء.



#عبد_السلام_انويكًة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول التوقيت والموقت بجامع تازة الأعظم بالمغرب
- عرفاناً لروح الحاج محمد بلغيت ..
- تازة تستقبل جمعية المسلمين الجزائريين ..
- من أمس تازة الثقافي التشكيلي ..
- حول الأستاذ محمد الكًحص التازي ..
- حول هيبة مسرح تازة الذي كان ..
- حول المفكر الاقتصادي عزيز بلال التازي ..
- عرفانا لروح نوح محمد مزيان ..
- في رحاب رياضة تازة للتحدي والقوة ..
- عرفانا للأديب القاص الكبير أحمد بوزفور ..
- عرفانا للفزيائي النووي عبد السلام حمادة التازي ..
- عرفانا للإعلامي القدير عزيز ريباكً التازي ..
- عرفانا للمبدع المسرحي محمد بلهيسي ..
- الى روح عبد اللطيف الدقشي ..
- قبيلة البرانس بعيون أو نص بحثي تاريخي مُؤسِّس ..
- جامعة ابن طفيل تحتفي بالأستاذ محمد الغرايب ..
- بين سؤال القسم المشترك ورهان التجاوز..
- حول الرياضة بتازة زمن الحماية ..
- حول التدبير المتمحور حول النتائج ..
- جرسيف وإرث وادي ملوية ومللو ..


المزيد.....




- سيارة تقتحم حشدًا من محتجين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة أمري ...
- ما هي -البيوفيليا- التي يجب أن تحظى باهتمامك عندما تقضي عطلت ...
- بينهم بيلوسي وكيري.. بايدن يكرم شخصيات ديمقراطية في حفل خيم ...
- لندن تفرض عقوبات على مستوطنين بسبب أعمال عنف في الضفة الغربي ...
- السلطات الكندية تلقي القبض على 3 هنود بتهمة قتل -زعيم سيخي- ...
- هبوط اضطراري لطائرة ألمانية بعد إصابة العشرات على متنها بحال ...
- وسائل إعلام تقدم تفسيرا لـ-اختفاء- وزير الدفاع الأوكراني
- اكتشاف رهيب في مقر هتلر الرئيسي في بولندا
- بلينكن: -العقبة الوحيدة- بين سكان غزة ووقف إطلاق النار هي -ح ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق شبه جزيرة ال ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد السلام انويكًة - تازة : من الأصيل المقدس المؤثث منذ زمان لليالي رمضان ..