أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الدرس الثامن من دروس رمضان لهذا العام















المزيد.....

الدرس الثامن من دروس رمضان لهذا العام


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7925 - 2024 / 3 / 23 - 04:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
"وَلِلَّهِ" في النص التالي تعميم منه أن كل من في " السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ" " يَسْجُدُ" له، وإخبار بالمطلق بأن كلهم يسجدون له دون أن يضع مع هذا الإطلاق ما يشير تحديد كيفية أو شكلية أو مصدرية لهذا السجود، السؤال هنا هل هو أستجابة وطاعة منها، أم حقيقة ثابتة إلا ما جاء في النص التالي (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) ١٥ الرعد، ودون أن يفرز بين من يستجيب كرها ومن يستجيب طوعا، لذا فنبقى مع قاعدة الترديد بين القولين هو الوضع الطبيعي الذي وجدت وخلق وجعلت فيه، ولو سلمنا بهذه النتيجة على أنها هي الوضع الطبيعي للعلاقة بين الله والمخلوقات، نكون قد جزمنا مع النص أن الدعوة للسجود التي تكررت في الكثير من النصوص لا قيمة لها، ولا لها من أهمية طالما أن الله يقول أن ما في السموات والأرض يسجد له، هذه الإشكالية الشبهة قرأتها في أحد الأسئلة التي يثيرها البعض حول تناقض القرآن مع نفسه في الفكرة أو في فرض ما يقول القرآن أنه من الله.
أورد المعترض الكثير من النصوص المتعلقة بدعوة الله للسجود له، منها ما يلي:.
• (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) ﴿٤٣ آل عمران﴾.
• (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ٧٧ الحج.
• (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا) ٦٠ الفرقان.
• (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) ٢٥ النمل.
• (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) ٦٢ النجم.
• (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) 26 الانسان.
• (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب) 19 العلق.
هذه من جملة الآيات والنصوص التي تطلب من الإنسان أن يسجد لله تنفيذا لإرادته وتعريفا منه على أن السجود يشكل أستجابة وطاعة له (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) ٣٧ فصلت، السؤال هنا لما كان الله يقر بالمطلق ويخبرنا بعلم بأن جميع من السموات والأرض يسجد لله، إذا ما الداع للطلب منا أن نسجد له، هذا يقودنا لأمرين، الأول أن البشر المخاطب بالدين الإلهي ليسوا ممن ينطبق عليهم من في السموات والأرض، أو الحالة الثانية أن السجود المطلوب في أمر السجود للبشر يختلف نوعا وماهية ومضمون، الحقيقة أننا من خلال النصوص لا نجد أمرا مختلفا في السجود فهو مرتبط بطبيعة الأشياء الساجدة، فسجود القمر ليس كسجود البشر وليس كسجود الشجر.
من الحقائق التي يؤمن به الإنسان ككائن مفكر ومتوجه له الخطاب الرباني بشكل مباشر أن الله عندما خلق الوجود لم يخلقه عبث ولا بطر، بقدر ما خلقه وأوجده وأحدثه عبر معادلات الوجود وقوانينه قد وضع معها شروطه التي تنتهي بقاعدة الإصلاح والأستعمار ومنها يتخرج مفهوم الأحسنية والخيرية، فالسجود كان مفردة من مفردات الشروط التي تتعلق بالغائية الكبرى وهي ديمومة الخلق وإصلاح الوجود (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، إذا مجموعة الأوامر التي جاءت في هذا النص وهي الركوع والسجود والعبادة وفعل الخير مرتبطة كلها بحقيقة النهاية والنتيجة وهي الفلاح، أي أن المؤمن وهنا تحديد وحسب النص إذا أدى الوظائف الأربعة بإخلاص وتجرد وصدق لا شك أنه يكون من المفلحين في أخر المطاف وهي غاية كل موجود في الوجود.
نبدأ كما تعودنا في دروسنا السابقة أن نعرف أولا المدلول اللغوي من السجود ثم نعرف لاحقا المدلول القصدي الذي أستخدمه القرأن لا الكلمة أو المفهوم، فالسجود لغة غرفته مجامع وكتب ودراسات اللغة بأنه (الساجد: المنتصب في لغة طي، قال الأَزهري: ولا يحفظ لغير الليث ابن سيده: سَجَدَ يَسْجُدُ سجوداً وضع جبهته بالأَرض، وقوم سُجَّد وسجود وقوله عز وجل وخروا له سجداً، هذا سجود إِعظام لا سجود عبادة لأَبناء يعقوب لم يكونوا يسجدون لغير الله عز وجل، قال الزجاج إِنه كان من سن التعظيم في ذلك الوقت أَن يُسْجَد للمعظم، و "سجد" إِذا انحنى وتطأطأ إِلى الأَرض وأَسجَدَ الرجلُ: طأْطأَ رأْسه وانحنى، وكذلك البعير، قال الأَسد أَنشده أَبو عبيد وقلنَ له أَسجِدْ لِلَيْلى فأَسجَدَ يعني بعيرها أَنه طأْطأَ رأْسه لتركبه، وقال حميد بن ثور يصف نساء فُضولَ أَزِمَّتِها أَسجَدَت سجودَ النصارى لأَرْبابِه يقول "لما ارتحلن ولوين فضول أَزمَّة جمالهن على معاصمهن أَسْجدت لهن"، وقال ابن بري صواب إِنشاده "فلما لَوَيْنَ على مِعْصَمٍ وكَفٍّ خضيبٍ وأَسوارِها فُضولَ أَزِمَّتِها"، أَسْجد سجودَ النصارى لأَحْبارِه وسجدَت وأَسجدَتْ إِذا خفضت رأْسها لتُرْكَبَ.
وفي الحديث (كان كسر يسجد للطالع أَي يتطامن وينحني) والطالِعُ هو (السهم الذي يجاوز الهَدَفَ من أَعلاه، وكانوا يعدونه كالمُقَرْطِسِ، والذي يقع عن يمينه وشماله يقال له عاصِدٌ)، والمعنى "أَنه كان يسلم لراميه ويستسلم" وقال الأَزهري معناه أَنه كان يخفض رأْسه إِذا شخص سهمه، وارتفع عن الرَّمِيَّة ليتَقَوَّ السهم فيصيب الدارَةَ، والإِسجادُ (فُتورُ الطرفِ وعين ساجدة إِذا كانت فاترة)، والإِسجادُ إِدامة النظر مع سكون، وفي الصحاح: إِدامة النظر وإِمراضُ الأَجفان قال كثير "أَغَرَّكِ مِنِّي أَنَّ دَلَّكِ، عندنا وإِسجادَ عيْنَيكِ الصَّيودَيْنِ)، وذكر رابح ابن الأَعرابي أن الإِسجاد، بكسر الهمزة، اليهودُ، وأَنشد الأَسود وافى بها كدراهم الإِسجاد قوله «وافى بها إلخ» صدره كما ورد في القاموس (من خمر ذي نطق أغن منطق) أَبو عبيدة يقال (اعطونا الإِسجاد أَي الجزية، وروي بيت الأَسود بالفت كدراهم الأَسجاد، قال ابن الأَنباري دراهم الأَسجاد هي دراهم ضربه الأَكاسرة وكان عليها صُوَرٌ، وقيل كان عليها صورة كسرى فمن أَبصرها سجد له أَي طأْطأَ رأْسه لها وأَظهر الخضوع، وسجدت النخلة إِذا مالت، ونخل سواجد يعني مائلة، عن أَبي حنيفة وقد أَنشد للبيد بين الصَّفا وخَلِيج العينِ ساكنة غُلْبٌ سواجدُ، لم يدخل بها الخَصَر قال: وزعم ابن الأَعرابي أَن السواجد هنا المتأَصلة الثابتة فقط، قال وأَنش في وصف بعير سانية لولا الزِّمامُ اقتَحَم الأَجارِد بالغَرْبِ، أَوْ دَقَّ النَّعامَ الساجد.
وعرفت العرب السجود الإعظامي للأشخاص والمقدسات عندهم، كما عرف غيرهم هذا الأمر تعظيما لمعبوداتهم كما هو الحاصل في النص الذي ذكر قوم بلقيس بأنهم يسجدون للشمس من دون الله، وعندما عرف العرب الإسلام وما جاء فيه من أمر السجود والركوع لله تحول المعنى من العام إلى الدلالة الخاصة التي تعني (سجد خضع، قال الشاعر ترى الأُكْمَ فيها سُجَّداً للحوافِر ومنه سجود الصلاة، وهو وضع الجبهة على الأَرض ولا خضوع أَعظم منه، والاسم السجدة، بالكسر، وسورة السجدة، بالفتح، وكل من ذل وخضع لما أُمر به فقد سجد، ومنه قوله تعالى (تتفيأُ ظلاله عن اليمين والشمائل سجداً لله وهم داخرون) أَي خضعاً متسخرة لما سخرت له.
وقال الفراء في قوله تعالى: والنجم والشجر يسجدان (معناه يستقبلان الشمس ويميلان معها حتى ينكسر الفيء) ويكون السجود على جهة الخضوع والتواضع كقوله عز وجل (أَلم ترَ أَن الله يسج له من في السموات) (الآية) ويكون السجود بمعنى التحية وأَنشد مَلِكٌ "تَدِينُ له الملوكُ وتَسْجُد"، قال ومن قال في قوله عز وجل (وخروا له سجداً، سجود تحية لا عبادة) وقال الأَخفش في معنى الخرور في هذه الآية "المرور لا السقوط والوقوع"، وعن ابن عباس وقول الله (وادخلوا الباب سجداً) قال: باب ضيق، وقال: سجداً ركعاً وسجود الموات محمله في القرآن طاعته لما سخر له، ومنه قوله تعالى (أَلم تر أَن الله يسجد له من في السموات ومن في الأَرض، إِلى قوله: وكثير حق عليهم العذاب)، وليس سجود الموات لله بأَعجب من هبوط الحجارة من خشية الله وعلينا التسليم لله والإِيمان بما أَنزل من غير تطلب كيفية ذلك السجود وفقهه، لأَن الله لم يفقهناه، ونحو ذلك تسبيح الجمادات من الجبال وغيرها، ومن الطيور والدواب يلزمنا الإِيمان به والاعتراف بقصور أَفهامنا عن فهمه، كما قال الله عز وجل (وإِن من شيء إِلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهو تسبيحهم).
هذا كل ما ورد في الأثر من اللغة ومما عرف به الفقهاء من السجود دلالة ومقصد وهدف، ومن كل هذا يمكننا أن نقدم صورة كاملة عن المعنى فيما يخص السجود عموما والسجود في النص القرآني، وكما يلي:.
• السجود جزء من الإعظام للمسجود له وليس شكلا من أشكال العبادة، فلو كان عبادة للمسجود له فلقد عبد أخوة يوسف أخيهم دون الله، ولعبد إبليس آدم دون الله، فالإعظام هو إظهار الميل والأمتثال لأمر المسجود له فقط، والدليل أن السجود ليس جزء من العبادة بذاته لما قال الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ٧٧ الحج، فذكر السجود والركوع مع ذكر أعبدوا ربكم دليل على أنها خارج المعنى الحصري للعبادة ومنها الصلاة مثلا، لذا فسجود الموجودات الغير مكلفة بالصلاة هو سجود إعظام وميل وتحية وخضوع وليس جزء من صلاتها.
• أما المعنى الأخر للسجود فهو التحية مع التذلل حتى يكون ممكنا دون التعظيم "تَدِينُ له الملوكُ وتَسْجُد"، لذا يتخذه الملوك عادة بدلا من أداء التحية عليهم، وهو من الأمور الشائعة تأريخيا.
• في النص التالي (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) 26 الانسان، دليل على أن السجود ليس ضروريا أن يكون مع الصلاة والركوع، فقد يكون السجود هو التذلل الخالص والشعور بالحاجة لله في الليل تحديدا، لأنه وقت السكون والصفاء ومقرونا بالتسبيح الذي هو ذكر لفظي والسجود ذكر مادي حسي.
• (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب) 19 العلق والذي سبق هذا النص ومهد له قوله في نفس السورة آية 6 (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى)، فكان جواب الله للمؤمن المخاطب بهذه السورة أنك لا تطع هذا الإنسان ولو كان في داخلك والطريق لكسر الطغيان الذاتي والغيري يتمثل في السجود والأقتراب من الذي تسجد له وهو الله.
• زمن معاني السجود التي أيضا تتناسب مع النص السابق (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب) هي أن السجود يعني (إِدامة النظر مع سكون)، فالنص أيضا يعطي معنى الأبتعاد عن الإنسان الطاغي من خلال إدامة النظر في أمره مع السكون، وهنا يقصد التركيز التام على حالة الطاغية لفهم وتعقل تصرفه، أو أن النص يقصد أيضا أن لا تطع الإنسان الطاغي وأقترب من الله وملكوته خاشعا بالنظر لهذا الملكوت لأن المعنى أشار بالسكون، ولذلك أمر الله بالسجود في الليل مع التسبيح الذي يعقب هذا السجود لأن المؤمن سيكتشف عظمة الله وأمره كلما أقترب وسجد له بمعنى أدام النظر بأمر الله.
• إذا يتبادر لنا سؤال حقيقي هل أن الصلاة عموما شرطها السجود إذا أخذنا معنى الصلاة مطلقا والذي يجسده مفهوم الوصل تحديدا؟ السؤال الأخر هل الصيغة التي يصلي بها المؤمنون الآن نزلت بالترتيب في النص؟ أم هي الطريقة التي مارسها الرسول للصلاة وإن كان مأمورا بها؟ الجواب الصلاة عموما لا تحتاج في أشمال منها للسجود منها الصلاة على النبي، ومنها الصلاة على الميت لا ركوع لها ولا سجود، بينما هناك سجود خارج الصلاة كما في السجود في آيات السجدة (لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) ١١٣ آل عمران، وكذلك (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ) ٢١ الإنشقاق، وفي نص أخر (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا) ١٠٧ الإسراء.
الخلاصة من الدرس أن السجود لله فرض مستقل بذاته وليس جزء من فرض ولا ركن من أركان عبادة أخرى، فالمؤمن ملزم بالسجود بكل معانيه من التذلل لله والخضوع له والميل إليه وتحية منه لله مباركة، وهذا ما يجعل المعنى الشمولي للسجود الذي عليه الوجود يتدرج حسب الكينونة من ممارسة التذلل والتعظيم والتحية وصولا للخضوع التام له بقوانينه وأمره، لذا فيكون سجود المخلوقات الجامدة مثل السموات والقمر والشمس والنجوم وحتى الحيوانات هو سجود بالخضوع التام له، فهي وإن لم تملك الخيار في أن تكون غير ساجده، فهي مشمولة بالمطلق الذي رافق عنوان النص (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) ١٨ الحج.
من هذا النص الأخير ومن تدقيقه وتفكيكه وتدبره مليا تجد أن الله أفرد مفهومين عن السجود، الأول هو المطلق الذي لا يستثني أحد منه في السماء وفي الأرض وهم (وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ)، هذه الطبقة الأولى التي تفعل السجود التام بمعنى الخضوع المطلق له دون نقاش أو تردد أو إدخال الإشاءة الذاتية للساجد في الأمر، وهو ما أطلق عليه القرأن تسمية "طوعا وكرها"، أما المفهوم الثاني فهو محدد بفئة واحدة تلعب فيها عملية أو وضه الإسجاد نوازع الإرادة والهوى والأشاءة دورا في الأستجابة لله بالسجود، وهم (وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)، هؤلاء الناس وتأكيدا لحب الله لهم عموما وإرادته لهم في الإصلاح والخيرية أوجب عليهم السجود، فيما لم يوجب السجود على الفئة الأولى لأنه تمارسه بطبيعتها من غير تكليف.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدرس السابع من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس السادس من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الخامس من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الرابع من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الثالث من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الثاني من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الأول من دروس رمضان لهذا العام
- هل يمكننا البدء من جديد دينيا؟....4
- هل يمكننا البدء من جديد دينيا؟....3
- هل يمكننا البدء من جديد دينيا؟....2
- عنوان الموضوع: هل يمكننا البدء من جديد دينيا؟....3
- هل يمكننا البدء من جديد دينيا؟....
- ملحمة بدء الخليقة وميراث التكوين..... رؤيا أخرى ح 12
- ملحمة بدء الخليقة وميراث التكوين..... رؤيا أخرى ح 11
- ملحمة بدء الخليقة وميراث التكوين..... رؤيا أخرى ح 10
- ملحمة بدء الخليقة وميراث التكوين..... رؤيا أخرى ح9
- ملحمة بدء الخليقة وميراث التكوين..... رؤيا أخرى ح8
- ملحمة بدء الخليقة وميراث التكوين..... رؤيا أخرى ح7
- ملحمة بدء الخليقة وميراث التكوين..... رؤيا أخرى ح6
- ملحمة بدء الخليقة وميراث التكوين..... رؤيا أخرى ح5


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل فلسطينيين اثنين في جنين بعد مهاجم ...
- رئيسي يندد بالعقوبات الغربية المفروضة
- إزالة 37 مليون طن من الحطام المليء بالقنابل في غزة قد تستغرق ...
- توسع الاتحاد الأوروبي - هل يستطيع التكتل استيعاب دول الكتلة ...
- الحوثيون يعرضون مشاهد من إسقاط طائرة أمريكية من نوع -MQ9-.. ...
- -الغارديان-: أوكرانيا تواجه صعوبات متزايدة في تعبئة جيشها
- هجوم صاروخي من لبنان يستهدف مناطق في الجليل الأعلى شمال إسرا ...
- السيسي يوجه رسالة للعرب حول فلسطين
- الأمن المصري يضبط مغارة -علي بابا- بحوزة مواطن
- نائب نصر الله لوزير الدفاع الإسرائيلي: بالحرب لن تعيدوا سكان ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الدرس الثامن من دروس رمضان لهذا العام