أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ثامر عباس - النظام التعليمي كبنية تحتية للوعي الاجتماعي














المزيد.....

النظام التعليمي كبنية تحتية للوعي الاجتماعي


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7909 - 2024 / 3 / 7 - 10:10
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


لقد تضاربت آراء الكتاب والباحثين حول أسباب ديمومة تخلف منظومة الوعي الاجتماعي في المجتمع العراقي ، كما لو أن هناك لعنة ميتافيزيقية أو تعويذة سحرية تطارده كظله عبر الأيام والسنين ، دون أن يكون – على ما يبدو – أن هناك أمل بالخلاص من آثارها والنجاة من عواقبها ، وهو الأمر أشاع بين الأفراد والجماعات حالة من البلادة الذهنية والنكوصية النفسية واللا - أوبالية الأخلاقية .
والغريب في الأمر إنه كلما ازدادت وطأة المعاناة التي يكابدها العراقيون ويرزحون تحتها ، كلما كانوا أقرب إلى الاستكانة وأميل إلى الخنوع وأسرع إلى الطاعة ، بحيث مكنوا كل من ساسهم وامتلك زمام أمورهم وتمكن من أعنة قيادهم ، من إلباسهم رداء الفقر والجوع وسامهم صنوف الحرمان والهوان ، فضلا"عن جعلهم (أكباش محارق) مجانية جاهزين للذبح فداء"لطيش سلوكه المتهور ونزوة قرارته المهلكة .
والحقيقة أنه لو أمعنا النظر بأسباب هذه الحالة الارتدادية ومحصّنا جيدا"بمصادر صيرورتها ، سنفاجئ ان الأمر لا يتعلق بأي غموض ولا يرتبط بأية غرابة في هذه القضية المحيّرة ، بقدر ما هي حصيلة تراكم انحرافات وإخفاقات وتشوهات (النظم التعليمية) التي أخضع لها عقل الإنسان العراقي وتماها مع قيمها ، عبر سلسلة متواصلة من مراحل (التدجين) البدياغوجي و(التنميط) الإيديولوجي الممنهج ؛ ابتداء بالمرحلة الابتدائية الأولية وصولا"الى المرحلة الجامعية النهائية ، مرورا"بالمراحل الانتقالية المتوسطة والثانوية . بحيث ان هذا الإنسان المستباح لايكاد يخرج من هذه الدوامة إلاّ وقد اكتملت عمليات (تعليب) وعيه و(نمذجة) سلوكه و(تأطير) مخياله .
وإذا ما كان الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي (بيير بورديو) قد أشاح الستار عن الدور الخطير الذي تلعبه أنظمة التربية والتعليم في المجتمعات الرأسمالية المتطورة ، من حيث تكريس التفاوت الاقتصادي والاجتماعي والفكري بين طبقات المجتمع ، ومن ثم خلق حالة من الشرعية الزائفة بين الحاكم والمحكوم تتمخض عنها وتترتب عليها ، ليس فقط حالة من القبول والرضا السيكولوجي بين الفئات والشرائح الفقيرة إزاء (الهيمنة السياسية) المبطنة التي تمارس ضدها من لدن رموز السلطة فحسب ، بل وكذلك حملها على الرضوخ والامتثال لشتى ضروب (العنف الرمزي) الذي تبرع في توظيفه واستثماره وسائل الميديا العملاقة .
نقول إذا كان هكذا هو الحال في المجتمعات الغربية التي بلغ فيها وعي الإنسان بمواطنيته الحضارية شأوا متقدما"من النضج والاكتمال ، كيف ينبغي لنا أن ننظر الى دور ووظيفة أنظمة التربية والتعليم في المجتمعات العربية بصورة عامة والمجتمع العراقي بشكل خاص ، لاسيما وأن مناهجها وأساليبها مصممة لانتهاج سبل ملتوية تسعى من خلالها خلق أجيال من الكائنات (المحنطة) ذهنيا"و(المنمطة) سلوكيا"؟! . وعلى ضوء هذه الحقيقة البينة ، لن يتأتى لكل من يعتلي صهوة السلطة في العراق ويروم إصلاح أوضاع شعبه ويضمن مستقبل أجياله ، دون مراعاة تسلسل الأولويات التي من ِشأنها النهوض بواقع هذا المجتمع الذي لم تفتأ مكوناته المتشظية تندفع صوب الحضيض الحضاري والإنساني على نحو متسارع .
ولعلنا لا نخطئ الحقيقة ولا نجانب الصواب إذا ما أجزمنا بواقعة أن سلامة (النظام التعليمي) لأي دولة ، من حيث المحتوى العلمي والمعرفي الذي يشتمل عليه ، ومن حيث طبيعة المناهج التحليلية والأساليب الإدارية التي يعتمدها ، هي من يقرر – في المحصلة النهائية - مصير المجتمع ويحدد مسار تطوره الحضاري ايجابيا"أم سلبيا". ذلك لأن هذا النظام - المهمل عادة في البلدان الضعيفة والمتخلفة - أضحى يشكل في الوقت الحاضر (البنية التحتية) التي يقام عليها مدماك (الوعي الاجتماعي) برمته . وبعبارة موجزة ، حيثما يكون عليه النظام التعليمي والتربوي في المجتمع المعني ، سيكون عليه (وعي) مكوناته وجماعاته التي يتشكل منها نسيجه السوسيولوجي ومعماره الثقافي .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطروحات علي الوردي وطبيعة الشخصية العراقية : منظور مختلف
- متلازمة (الارادة والقوة) بين الغرب والعرب
- الشرعية الدولية : هل حقا هي شرعية ؟!
- من لا يقرأ بجد لا يحق له النقد !
- عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية
- التباس وعي (النخبة) العراقية بين خوانق التاريخ وشرانق المجتم ...
- دلالات مفهوم الانقراض بين الثقافة والمثقف
- نرجسية أنا (الأوحد) لدى المثقف العراقي !
- عرض موجز لكتاب ( أثريات الانتلجنسيا : الموروث التقليدي لدى ا ...
- أسباب انتكاسة التيار (المدني) في الانتخابات المحلية
- العرب وسيكولوجيا الأزمات !
- الفساد الأكاديمي ومأسسة الجهل المعرفي !
- الجامعات الأهلية وانحطاط المستوى العلمي
- هل نجحت (البوتقة) العراقية في صهر مكوناتها ؟
- معوقات تعافي المجتمع العراقي
- القبيلة والقبلية .. في التخادم البنيوي والمؤسسي
- تفتيت الذاكرة العراقية .. من وعي الذات الى غربتها !
- الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي
- الديموقراطية وشرط الوعي السياسي
- الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي


المزيد.....




- -لاس فيغاس آسيا-..كيف يبدو العيش في ماكاو؟
- شاهد ضباط شرطة لوس أنجلوس يزيلون مخيمًا مؤيدًا للفلسطينيين ف ...
- -خطوة مركزية في بناء دولة الاتحاد وتحصينها-.. أنور قرقاش يشي ...
- قيادي في -حماس-: سنُهدي -النصر المبي-ن للسيسي وكل الزعماء ال ...
- ثاني توهج قوي يحدث على الشمس في يوم واحد!
- الخارجية الروسية: الغرب نسي دروس الماضي ويمضي نحو سباق التسل ...
- بوتين يوجه ببدء الاستعدادات لإجراء تدريبات على استخدام الأسل ...
- سياسي بريطاني يحذر من تصريحات كاميرون -غير المنتخب- عن حق أو ...
- هل فقدت فرنسا صوابها؟
- أردوغان يلعب ورقةَ مناهضةِ إسرائيل


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ثامر عباس - النظام التعليمي كبنية تحتية للوعي الاجتماعي