أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبدالله عطوي الطوالبة - العودة المستحيلة !














المزيد.....

العودة المستحيلة !


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7875 - 2024 / 2 / 2 - 11:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


أثبت قانون التطور، وأساسه حركة الحياة الدائبة واتيانها بالجديد المستجد دائمًا، صلابته وصلاحيته ليكون مُنطلق قوانين علوم الاجتماع الإنساني. للتدليل على هذا التقديم، نتخير أمثلة تربط بين ماضينا نحن العرب وحاضرنا، ما يزال بعضها موضع جدل لم يُحسم حتى يوم الناس هذا. نبدأ بحلم العودة إلى أزمان السَّلَف، حيث يفرض نفسه السؤال: هل ما كان صالحًا لأزمانهم يناسب حاضرنا؟! في الإجابة، نستحضر مبدأ "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا واحدًا منهما"(صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء). أما اليوم، فالديمقراطية حلم الشعوب، وأحد أبرز عناوين العصر، ومن أهم معايير التقدم وعناصر القوة في زمننا. في زمن السلف، طاعة الأمير واجبة، حتى لو فجر وظلم، ومعارضته خروج على وحدة الصف،"فاسمع للأمير حتى لو ضرب ظهرك وأخذ مالك"(حديث صحيح). في بيئة السلف البدوية القاسية، لا يمكن توحيد القبائل، وحتى القبيلة الواحدة، إلا بقوة غلاَّبة قاهرة. وعليه، قامت فلسفة السياسة على أن ظلم السلطة لرعاياها عقوبة ربانية تأديبية، من واجبهم تحملها والصبر عليها. عن عبدالله بن عمر:"إذا كان الإمام عادلًا فله الأجر وعليك الشكر، وإذا كان جائرًا فعليه الوِزر وعليك الصبر، فهذا امتحان من الله يبتلي به من يشاء من عباده، فعليكم أن تتقبلوا امتحان الله بالأناة لا بالثورة والغيظ". وفق هذا المنطق، الظلم ليس ظُلمًا، فالحاكم ظل الله في الأرض ومندوب السماء، وبالتالي، من حقه تأديبنا بغض النظر عن مؤهلاته على صُعُد القدرات المعرفية والتوازن النفسي والسلوكي، وعلينا في المقابل أن نصبر ونتقبل الإمتحان الإلهي عن رضى وطيب خاطر. بمعايير العصر، نحن هنا أمام منطق بدائي يبرر قهر الإنسان وظلمه بالقدر الذي يبرئ ذمة المستبد السفاح.
من أهم معايير الديمقراطية بمفهومها الحديث، التداول السلمي للسلطة. أما في أزمان السلف، "إذا مات الإمام، فتصدى للإمامة من جَمَعَ شرائطها، من غير استخلاف ولا بيعة، وقهر الناس بشوكته وجنوده، انعقدت خلافته لينتظم شأن المسلمين، فإن لم يكن جامعًا للشرائط، بأن كان فاسقًا أو جاهلًا، فوجهان: أصحهما انعقاد الخلافة لمن ذكرنا، وإن كان عاصيًا بفعله". بالنسبة للسلف، وشروط واقعهم المادي بأبعاده الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كانت هذه المرجعية السياسية ضرورة لضمان استمرار تماسك ما يسميه مفكرنا الكبير الراحل، سيد القمني، "التوحد القبلي الكونفدرالي"، وما يزال دعاة "الدولة الدينية" في مجتمعاتنا اليوم في القرن الحادي والعشرين يتمسكون بها. أما بمعايير الحاضر، فهناك وصف واحد لهذه المرجعية: اغتصاب السلطة !
حيث تسود فلسفة سياسية كهذه، المعارضة ممنوعة بل ملعونة، والتعددية والديمقراطية من أرجاس الشيطان، والرأي المختلف هرطقة. الحاكم هنا، هبة السماء للأرض، يفهم في كل شيء، ويفكر عن رعاياه، ويعرف مصالحهم أكثر منهم. وفوق هذه كلها، لا تفتأ أبواقه، وفي مقدمهم فقهاء السلاطين، تبرر للحاكم المُلهم الضرورة جمع السلطات كلها بيده، للحفاظ على وحدة الصف ومنع الفتن ما ظهر منها وما بطن.
هذا غيضٌ من فيض ما يمكن إيراده لتأكيد حقيقة أن ما كان صالحًا لأزمان السلف، يستحيل الأخذ به في زماننا. هذه القاعدة تحيلنا إلى عناصر النهوض والتقدم في حاضرنا، ونعني ثالوث العقل والعلم والديمقراطية. العقل، أي أن يكون هو مناط الحكم على الأشياء وليس النص الديني. فالأمم تتقدم بعقولها وأفكارها، وليس بأديانها. العلم، أهم منتجات العقل. العلم المقصود، كما حدده غاليلو، ينهض على الابتكار والإبداع والإختراع. أما الديمقراطية، فمن أهم معاييرها وشروطها التعددية والتداول السلمي للسلطة. وأهم ثمارها دولة المواطنة وليس الرعايا، والفرق بين المفهومين كبير. المواطنة تعني ضمن أهم ما تعنيه، اختيار المواطنين من يحكمهم ويمثلهم في انتخابات حرة نزيهة. ليس انتخابه فحسب، بل متابعة إدائه على صعيدي التقييم والتقويم، ومساءلته ومحاسبته وصولًا إلى إقالته إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك. بهذا يكون المواطنون مواطنين، أما إذا كانوا يُساسون بمبدأ "أسيادكم في الجاهلية أسيادكم في الإسلام"، فإنهم رعايا بمعايير العصر الحالي وليسوا مواطنين.
ونختم بما نرى أنه جديرٌ بالإشارة، ونعني الربط الخاطئ في أذهان الكثيرين في مجتمعاتنا بين الديمقراطية ودول الغرب الاستعماري العنصري. الديمقراطية ثقافة أولًا، يفرضها مستوى متقدم للواقع المادي اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا. وهي في الأصل، إرث إنساني بدأت تجربتها الأولى في أثينا، خلال القرن الخامس قبل الميلاد. ولا تخفى على الباحث الموضوعي النابه عناصر الديمقراطية في كل ثقافة، متمثلة بالإضافة إلى التداول السلمي للسلطة بالعدل وتكافؤ الفرص واحترام حقوق الإنسان وكرامته وسيادة القانون.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توراتهم تؤكد سفالتهم تاريخياً
- لماذا هذا الارتباك والتلعثم والخوف؟!
- 7 أكتوبر...لماذا القلق الصهيوني؟!
- كذبة تاريخية !
- عبودية العقل !
- إضاءات على أساطيرهم(7)
- إضاءات على أساطيرهم(6)
- إضاءات على أساطيرهم(5)
- إضاءات على أساطيرهم (4)
- حرب تكسير الأساطير !
- إضاءات على أساطيرهم (3)
- إضاءات على أساطيرهم (2)
- إضاءات على أساطيرهم (1)
- لماذا ألصقت التوراة الخطيئة بالمرأة؟!
- السحر !
- الوصايا العشر...أية أصابع كتبتها؟!
- سؤال بحجم الوطن العربي
- فيها إنَّ !
- الراعي والرعية !
- الإحتجاج بالنص الديني دليل أزمة وجودية !


المزيد.....




- الحرس الثوري الإيراني: ردنا سيكون أوسع نطاقا في حال كررت إسر ...
- زاخاروفا تشبه نظام كييف بتنظيم -القاعدة- بعد تصريحات وزير خا ...
- إعلامية مصرية شهيرة تعلن حصولها على حكم قضائي ضد الإعلامي ني ...
- السفير الروسي في سيئول: روسيا وكوريا الجنوبية يمكنهما تحسين ...
- بلينكن يحذر نتنياهو من خسارة فرصة التطبيع مع السعودية
- مصر.. الهيئة الوطنية للإعلام تكشف تفاصيل سقوط أحد موظفيها من ...
- حرب غزة تنسف شعارات الغرب
- زاخاروفا: استنتاجات خبراء العقوبات ضد بيونغ يانغ مبنية على م ...
- صدى احتجاجات الطلاب يتردد في فلسطين
- القوات الإسرائيلية تفجر مباني جامعة الأزهر في منطقة المغراقة ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبدالله عطوي الطوالبة - العودة المستحيلة !