أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عبد الحسين شعبان - على هامش الحوار بين القومية والأممية














المزيد.....

على هامش الحوار بين القومية والأممية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7832 - 2023 / 12 / 21 - 20:16
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في سبعينيات القرن المنصرم، احتدم الجدل في العديد من البلدان العربية، أيهما له الأسبقية، القومية ورديفاتها الإثنية والعرقية، حسب الاستخدامات الأوروبية في الأنثروبولوجيا الاجتماعية، أم الطبقية ورديفاتها الأممية والبروليتارية؟ والنقاش يقوم على أساس المنافسة السياسية، ومحاولة كلّ فريق الترويج لعقيدته وأيديولوجيته وحزبويته.
القوميون اعتبروا أن القومية هي الأساس، وهي الهويّة الجامعة لأبناء الأمّة، وهي رابطة وجدانية طبيعية، لكنهم بالتطبيق العملي، وحين وصلوا إلى السلطة بانقلابات عسكرية، حولوا شعارات القومية العربية أو "العروبة" إلى أيديولوجيا شمولية استعلائية للأنظمة الإستبدادية.
أما الماركسيون والشيوعيون الكلاسيكيون، اعتبروا الأممية أسمى وأرفع منزلة إنسانيًا، وهي تتجاوز ما هو محلي وقومي إلى ما هو كوني وشامل، لدرجة أنهم نظروا إلى القوميات والهويّات الفرعية باعتبارها تعبيرًا للبرجوازية وامتدادًا للنظرة الأوروبية، ولم يتوقفوا عند الانتماء الطبيعي والوجداني لها، بل ازدروا في الكثير من الأحيان مثل تلك الانتماءات، وبأحسن الأحوال أسبغوا عليها وصف البرجوازية الصغيرة، وعدم التشبّع بالنزعة الأممية.
والجدير بالذكر أنني وجدت في علاقاتي مع الكثير من الماركسيين واليساريين في الغرب والشرق، أنهم يقدّمون ما هو وطني وقومي على ما سواه، دون أن يعني ذلك التحلّل من انتماءاتهم الأممية، وهو على عكس نهج الماركسيين والشيوعيين العرب، الذين قدّموا المصلحة الأممية على حساب ما هو وطني وقومي.
وعلى الرغم من أن الصراع بين القومية والأممية خفت إلى حدود كبيرة، إلّا أن آثاره المعقّدة ما تزال مستمرة، وتُستخدم أحيانًا للتنابز السياسي، ليس فقط في المشاريع السياسية والبرامج الحزبية، بل على الصعيد الأكاديمي، وفي دراسات الأنثروبولوجيا الاجتماعية.
الأيديولوجيات القومية تشدّد على التماثل الثقافي، بل وترسم الحدود في مواجهة الآخر ممّن يُصبح خارجًا عليها، ويشير مصطلح "العرقية" إلى العلاقة بين الجماعات ممّن يعتبر أعضاؤها أنفسهم مميّزين على أساس الانتماء القومي، اللغة والمشتركات التاريخية، في حين أن أدبيات علم الاجتماع تُعرّف الطبقية وفقًا لمفهومين؛ الأول – اشتقاقًا من كارل ماركس؛ والثاني – من ماكس فيبر، وإن كان هناك تداخلًا بينهما أحيانًا.
وفي الوقت الذي يركّز تعريف ماركس على الجوانب الاقتصادية وعلاقة الطبقة الاجتماعية بالعملية الانتاجية، ولاسيّما في المجتمعات الرأسمالية، إذْ يعتبر أن البرجوازية هي التي تمتلك وسائل الانتاج (المصانع والمعامل...إلخ)، في حين، أن الطبقة العاملة (البروليتاريا) تملك قوّة العمل، التي تبيعها إلى البرجوازية من أجل لُقمة العيش، وثمة فئات أخرى يتراوح موقعها بين هاتين الطبقتين الرئيسيتين. وهكذا ينشأ الصراع الطبقي في فكرة مبسّطة عن العلاقات الاجتماعية، استقاها ماركس من صعود الثورة الصناعية في أوروبا، والتطوّر الكبير الذي حصل في هذا الميدان.
أما ماكس فيبر، فإنه ينظر إلى الطبقات الاجتماعية في إطار تراتبية، تجمع عددًا من المعايير، من ضمنها مستوى التعليم، الدخل والمشاركة السياسية. وهذه تقود إلى أنساق من التراتب الاجتماعي وتوزيع القوّة، ولاسيّما في ظلّ التفتت الحاصل في موقع كلّ فئة من السلّم الاجتماعي، والأمر ينسحب على العرقيات أيضًا، حيث تجري الإشارة إلى الثقافة المنسوبة واختلافاتها الموروثة.
ثمة تماثل أحيانًا يحدث بين الأشخاص الذي يتحدّرون من جماعات إثنية محددة، وبين موقعهم الطبقي والاجتماعي، وذلك بالتداخل، الذي يُضفي على العلاقات الطبقية بُعدًا إثنيًا، وتكون المراتبية هنا معيارًا للقومية وللطبقية، بحيث يمكن للانتماء العرقي أن يكون عاملًا مهمًا في الموقع الطبقي.
لم تكن مصطلحات مثل "العرقية" و"الإثنية" و"القومية" متداولةً كثيرًا في الدراسات الاجتماعية الماركسية، وعلى العكس، كان محلّها مصطلحات مثل "البناء الفوقي" و"البناء التحتي" و"الصراع الطبقي" و"الأممية البروليتارية" و"التضامن الأممي"، ولكن هذه التعبيرات بدأت تنحسر في الدراسات الماركسية في أواخر الثمانينيات، ودخلت المصطلحات "العرقية" و"الإثنية" و"القومية" محلها.
ولعلّ ذلك يعود للتطوّر الحاصل على المستوى العالمي، وتحلّل الكتلة الاشتراكية، وتفكك المنظومة السوفيتية ومركزها الأممي، وكذلك لانتشار الدراسات الأنثروبولوجية الاجتماعية، التي لم يعد بالإمكان تجاهلها أو إغفالها، وارتفاع نسبة المطالبات بالهويّة الفرعية والحقوق القومية بالانعتاق والتحرّر، بعد كبت واضطهاد وشعور بالغبن، في ظلّ العديد من الأنظمة الاشتراكية السابقة، وبعض البلدان النامية، فضلًا عن تصاعد الشعور بالانتماء والهويّات الخاصة في العديد من بلدان العالم.
وبالمقابل ازداد استخدام مصطلحات قريبة من الماركسية والصراعات الطبقية والاجتماعية في أدبيات الحركة القومية العربية، ولاسيما في الستينيات والسبعينيات. وعلى الرغم من التقاربات الفكرية، إلّا أن الصراعات السياسية ظلت حادة وإقصائية بين الفريقين، القومي والأممي. مع أن ثمة محاولات جرت للمصالحة بينهما عبر حوارات شاركت فيها أطراف أساسية من التيارين.
لم تعد الهويّات الفرعية والإثنية والقومية ظاهرة انفصالية أو انقسامية تريد تفتيت الدول، وإن قادت إلى ذلك أحيانًا، بسبب عدم تلبية الحقوق، إلّا أنها في حقيقة الأمر، هي تعبير عن رغبة في المواطنة المتكافئة والمتساوية، والحق في تقرير المصير، دون أن يعني ذلك عدم مراعاة حقوق الشركاء في الوطن الواحد.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منصور الكيخيا في الثلاجة
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين / الحلقة الث ...
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين / الحلقة الث ...
- بصمة -الثعلب العجوز-
- المناخ والإنسان
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (الحلقة الأو ...
- غزّة في مجلس اللوردات البريطاني
- كذبة القرن الثانية
- عن آداب الحوار وثقافة الكراهية
- -واقعية- اليسار أم تيهه؟
- مستقبل التربية 2050
- غزّة: حين تتواطأ الثقافة والسياسة
- التنمية وحقوق الإنسان
- عن مفهوم الآخر
- ترانسفير غزّة
- هل من أمن قومي عربي؟
- بعيدًا عن السياسة الجواهري والطالباني الشيخ والمريد
- القطبية واللّاقطبية و-مفارقات القوّة-
- حديث الألفيتين و -فردوس الفقراء-
- الحاكم والمحكوم وما بينهما


المزيد.....




- الحوثي: ديون إسرائيل بلغت مستوى غير مسبوق بفعل صمود غزة وجبه ...
- اليابان: التحقيقات تكشف مصير المروحيتين العسكريتين المفقودتي ...
- هل يمكن أن يجعلنا العيش مع الغرباء أكثر سعادة؟
- تحقيق لبي بي سي يُظهر ارتكاب إسرائيل لجريمة حرب محتملة بقتل ...
- قدّاس الخميس العظيم ومراسم -غسل الأرجل- في كنيسة القيامة بال ...
- ماكرون: لا استبعد إرسال قوات إلى كييف إذا تجاوزت روسيا الحدو ...
- ماليزيا تطالب -أسترازينيكا- بتوضيح الآثار الجانبية للقاح كور ...
- لم دمّر الروس والسوريون والليبيون والعراقيون وغيرهم بلدانهم؟ ...
- قلق في تل أبيب من توقف مصر عن تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أور ...
- هنية عقب مكالمة مع رئيس وزراء قطر: اتفقنا على استكمال المباح ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عبد الحسين شعبان - على هامش الحوار بين القومية والأممية