أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - عبد الحسين شعبان - -واقعية- اليسار أم تيهه؟














المزيد.....

-واقعية- اليسار أم تيهه؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7789 - 2023 / 11 / 8 - 14:30
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


قد يكون صادمًا القول أن الحلم اليساري، الذي كان واعدًا في القرن العشرين قد ولّى. ومثل هذا القول يتجاوز بعض الآراء السائدة، التي تعتبر أن النظرية صحيحة، لكن العيب في التطبيق، وأن الذي أفسدها، هم جماعة من المحرّفين والطغاة والحزبويين المأخوذين بالشمولية والواحدية وادّعاء الأفضليات والزعم بامتلاك الحقيقة.
علينا الاعتراف أن ثمّة إشكاليات ومشكلات فكرية وعملانية تحتاج إلى إعادة قراءة وتقويم، وباستثناء المنهج الذي جاء به كارل ماركس، والذي ما يزال حيويًا، خصوصًا بتعاشقه مع المناهج الاجتماعية الأخرى، فإن تعاليمه كانت تصلح لعصره وليس لعصرنا، لاسيّما ونحن في الطور الرابع للثورة الصناعية واقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي. ولو جاء ماركس اليوم، لخالف الكثير من استنتاجاته وتعليماته، التي أثبتت الحياة عدم صحتها، ناهيك عن أن بعضها تجاوزه الزمن.
لقد حققت الأنظمة الاشتراكية بعض المنجزات التي لا يمكن إغفالها على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبشكل خاص في ميدان الصحّة والتعليم والعمل والضمان الاجتماعي، إلّا أنها وصلت إلى طريق مسدود، بل أفق مغلق، بسبب شحّ الحريّات، وخصوصًا حريّة التعبير، وعدم الاعتراف بالتعدّدية والتنوّع، فضلًا عن الاختناقات الاقتصادية التي عانت منها.
اعتمدت أطروحات اليسار على توجّهين أساسيين، الأول - تأميم أدوات ووسائل الإنتاج، والثاني - الهيمنة على جميع مرافق الدولة والمجتمع، والتي خضعت بالتطبيق العملي للبيرقراطية الحزبوية التسلطية، لدرجة أنها كانت تتجسس على الناس وتراقب حركاتهم وسكناتهم.
وحذت أنظمة العالم الثالث، التي أسميناها ﺑ "أنظمة التحرّر الوطني"، حذو الأنظمة الاشتراكية تقليدًا يكاد يكون أعمى، فلجأت إلى التـأميم شبه الشامل، وبنت أجهزة قمعية لا حدود لسلطتها، واعتمدت الديماغوجيا الإعلامية بدلًا من الإعلام الحر، وكان ذلك بمثابة عقيدة ثابتة لها.
لم يكن أحد يتصوّر أن جدار برلين سيسقط يومًا ما (9 نوفمبر / تشرين الثاني 1989)، بل كان مجرّد التفكير بذلك أقرب إلى الحلم أو الخيال، فكيف يمكن إزالة هذا "الصرح" الذي بناه خروشوف بالعام 1961 بسرعة فائقة ومباغتة للغرب لفصل برلين الشرقية عن برلين الغربية؟
وكان الاعتقاد السائد أن الأنظمة الاشتراكية منيعة ومحصّنة، فإذا بها تنهار مثل بيت من الورق، وقد سبقنا سارتر إلى ذلك، حين اعتبرها هشّة وخاوية من الداخل، على الرغم من مظاهر القوّة والبأس التي تبدو عليها من الخارج.
وحين نجحت المعارضة بعد حراك شعبي بالوصول إلى السلطة بفوز ليخ فاليسيا في بولونيا، وفاتسلاف هافل في تشيكوسلوفاكيا، وأرباد كونز في هنغاريا، وذلك قبيل تحلّل الاتحاد السوفيتي، لم يكن لديها أي تصوّر عن المستقبل، أو معرفة بحقيقة الرأسمالية. كلّ ما كان في جعبتها هو شعارات عامة وأحلام غامضة وتوقعات لم تخلو من طوباوية. وكان الثمن الذي على البلدان الاشتراكية دفعه مقابل الحريّات السياسية والانفتاح الاقتصادي، باهظًا وشروطه قاسية.
وظلّ اليسار تائهًا بين شمولية صارمة في الماضي، وليبرالية منفلتة في الحاضر، بل إن الأمر كان أكثر تعقيدًا، فالتغيير الذي سعت إليه بلدان أوروبا الشرقية، ليس هو ما كان يدور في خُلد الغالبية العظمى من الناس، مثلما لم يكن الناس في البلدان التي اندلعت فيها احتجاجات الربيع العربي لديها أية فكرة عن المستقبل، كلّ ما كانت تحلم به هو تغيير الأنظمة الفاسدة والاستبدادية، وإقامة أنظمة تحفظ لها شيئًا من العدالة والمساواة، وضمانًا اجتماعيًا، وحريّة خارج منظومات الرقابة والعسف، بعد معاناة مزمنة.
في أوروبا الشرقية، هيمنت اتّجاهات شعبويّة على مقاليد الأمور، بعد الترويج لليبرالية والتغنّي بفضائلها، وهو الأمر الذي اتّجهت إليه بعض البلدان في منطقتنا بضجيج عال، لاسيّما بإعلاء شأن القطاع الخاص وتنغيل القطاع العام، بزعم الواقعية والتجديد الديمقراطي، وغير ذلك من ادعاءات. وفي الواقع، لم يظفر الأوربيون الشرقيون بما أرادوا، مثلما لم تحصل شعوبنا على ما ابتغت، بعد تذرّر وتعصّب وتطرّف وعنف، حيث أخذ اليمين الشعبوي، والمضاف إليه الديني - الطائفي في بلداننا، يحصد نتائج ما حصل، وتلك إحدى المفارقات التاريخية.
صحيح أن دور اليسار قد أفل، لكن شيئًا واحدًا بقي عنده، وهو إمكانيته على تحويل السخط المختمر لدى الناس إلى برنامج عمل، حتى وإن بدا حالمًا... أولسنا نحلم، بل نغامر حين نبحث عن الحقيقة؟ ففي ذلك التعبير الأكثر واقعية عن ضمير الناس وهمومهم الجديدة – القديمة، والضمير هو القانون العام الأسمى حسب المفكر ثورو، فليست لحظة الانتشاء الجميلة، التي حصلت بعد سقوط الأنظمة، كافية لرسم صورة المستقبل، بل كان لا بدّ من التفكير في اختلال المعادلة خارج دوائر الوهم والتزوير والتواطؤ.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل التربية 2050
- غزّة: حين تتواطأ الثقافة والسياسة
- التنمية وحقوق الإنسان
- عن مفهوم الآخر
- ترانسفير غزّة
- هل من أمن قومي عربي؟
- بعيدًا عن السياسة الجواهري والطالباني الشيخ والمريد
- القطبية واللّاقطبية و-مفارقات القوّة-
- حديث الألفيتين و -فردوس الفقراء-
- الحاكم والمحكوم وما بينهما
- مقاربة استهلالية مظفر النواب - صورة عن قرب
- شجرة الأرز 8141
- أسلحة الحرب الناعمة
- سيرورة التاريخ
- الخوارزميات -الثورة المنسية-
- طلال سلمان: رؤيوي حالم بالحريّة والعروبة والجمال
- أوكرانيا وحروب الجيل الخامس
- سيناريو الحرب الالكترونية
- الرومي: الروح ومدارك الكمال
- نزيهه الدليمي الراهبة المتصوّفة في صورتها السياسية


المزيد.....




- لماذا يضغط وزراء إسرائيليون متشددون على نتنياهو لرفض مقترح و ...
- وزير الخارجية السعودي أجرى اتصالين هاتفيين برئيس مجلس السياد ...
- إسرائيل تدعو حلفاءها إلى معارضة تهم محتملة من الجنائية الدول ...
- ترامب: -من الممتع مشاهدة- مداهمة اعتصام مناصر للفلسطينيين
- مصر.. نجل وزير سابق يكشف تفاصيل خطفه
- ذكرى تحارب النسيان.. مغاربة حاربوا مع الجيش الفرنسي واستقروا ...
- لبنان.. لقطات توثق لحظة وقوع الانفجار بمطعم في بيروت وأسفر ع ...
- القبض على الإعلامية الكويتية حليمة بولند لاتهامها بـ-التحريض ...
- مصر.. موقف عفوي للطبيب الشهير حسام موافي يتسبب بجدل واسع (صو ...
- -شهداء الأقصى- التابعة لـ-فتح- تطالب بمحاسبة قتلة أبو الفول. ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - عبد الحسين شعبان - -واقعية- اليسار أم تيهه؟