أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل ندا - الإدعاء وخداع النفس















المزيد.....



الإدعاء وخداع النفس


عادل ندا

الحوار المتمدن-العدد: 1735 - 2006 / 11 / 15 - 11:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تأليف: أر. دى. لانج ــ
ترجمة: عادل ندا
للأمانة: تعليق ونقد وشرح وتوضيح ورؤية المترجم

مقدمة المترجم

أولا: هذا كتيب فى الفلسفة والفن والسياسة أكثر منه كتيب فى الطب النفسى

يقول القانونيون: أى إدعاءات تحتاج الى أسس (أدلة وأسانيد كافية) لكى تصبح أمرا واقعا صحيحا وغير واهية. والبينة على من إدعى.
مفارقة: يطلق النشالون فى مصر على الزبون المراد سرقته إسم المدعى!

نحن ندعى عدم الأمان وبدلا من الرجوع عن هذا الإدعاء ندعى الأمان بوسائل مختلفة مثل التملك, وقد لا يكفى هذا, فندعى القوة, ونسعى اليها, ونمارسها. ندعى وندعى ونتوهم. أنا من ضيع فى الأوهام عمرا! أغنية عبد الوهاب. نعيش وهم تلو الوهم
قد تدعى شيئا وأنا أدعى العكس, وفى البحث عن الحقيقة لا خلاف. وإن حدث خلاف فالخلاف لا يفسد للود قضية. وإن أفسد أمامنا المحاكم والصواريخ عابرة القرات.
نحن نشجع سياسات كما نشجع فريق كورة. تلبسنا نمط القياس الكروى. إطار وهمى تخيلى خاص بلعبة محددة يحكم عالم اليوم.

فى احدى قصص الآنجيل, يروى انه كان هناك انسان وحشى يهدد الشعب. ولما قابله المسيح عرفت الارواح التى كانت تتلبسه أنها ستغادره لامحالة.
صرخت خائفة: "اسمح لنا ان نتركه, على ان نتلبس تلك الخنازير الموجودة عند الجرف." فلما سمح لها خرجت تتلبس الخنازير. لم تتحمل الخنازير الارواح الشريرة فانتحرت ملقية بنفسها من أعلى الجرف.
كيف نسمح للمشاعر والأفكار السلبية (التى ليس لها اساس فى الواقع) ان تتملكنا وتتلبسنا. كيف نسمح ان تظل مسببة معاناتنا التى لاتنتهى الا بإنتهائها ونحن قادرون على التخلص منها ولا نفعل بإرادتنا ومسئوليتنا؟ يقضى عمره يلعن السجائر ويدخنها. مريض الوسواس القهرى يعى زيف الفكرة التى تسيطر عليه ولا يستطيع التخلص منها.
لو افترضنا وجود الذات الحقيقية للإنسان فإننا لا بد وان نفترض ونتحدث عن اربعة ذوات أخرى على الأقل فى نفس الوقت. الذات الحقيقية والذات التى يراها صاحبها والذات التى يعرضها صاحبها للآخر فردا فردا, والذات التى يراها الآخر فيك, كذات حقيقية او إدعائية, حسب وجهة نظره. والذات التى تعتقد انه يراها وتحاول تدعيمها أو تغيير وجهة نظره, و لا يراها هو. وهلم جر. وترى انت ايضا الآخر كذلك.
ببساطة ذاتك ما تعتقده عن ذاتك. وذاتى هى ما اعتقده انا عن ذاتى. وتقترب وجهات النظر فيتغير مفهومنا عن ذواتنا.
أحيانا ما نعامل الذات كمملكة خاصة ونحاول توسيع المملكة و توسيع هذا المفهوم العبودى للذات. فنمارس العبودية على الذات ألا ثم الآخر. نستعبد ونستعمل ذواتنا ولا نمارسها كما نراها, بحرية وإنطلاق, بل نهرب منها أحيانا. أنت شغال لحساب من؟ ولصالح أى ذات؟!!
يرتاح نسبيا من يعمل على مستوى أقل. ويتوتر الشخص بمجرد التصعيد للعمل على مستوى وظيفى أعلى للعقل.
المجانين فى نعيم. البشر الذين يسميهم النظام بالمجانين ليسوا فى نعيم كما ندعى. فهم غير مؤهلين للعمل على مستوى أعلى وأول ما يحتاجونه هو التأهيل وتهيئة الظروف ليعبروا عن ذاتهم الحقيقية دون تزييف.
قد يكون الدور الذى تلعبه المخدرات سلبيا عندما تهدئ من التوتر الفعال الذىيمكن أن ينقل الإنسان الى مستوى أعلى للترقى الذاتى كإنسان. دور يلعبه التوتر الوجودى يعبر عن تفاعله مع الوجود الداخلى والخارجى فى ظرف زمانى مكانى ذاتى موضوعى ويمكن ان يكون إرتقائى.
"انت اكثر حظا لو وصلت للنضج فى سن السبعين." اكثر حظا على الأقل من الذى وصل الى هذا السن ثم إكتشف انه إستطاع أن يرى الأشياء بعد هذا السن, كما يراها الآخرون. " زى ما كل الناس شايفاها" على حد تعبيره. "الأشياء كما ترونها" بسبب الغشاوة التى كانت تفصله عن هذة الرؤية الواضحة الصريحة. وذلك بسبب ما يسمى تشخيصيا بالإكتآب الزهانى الذى كان يعانى منه طيلة حياته. ما الذى أحدث التوازن وهكذا فجأة؟ توازن مطلوب فى كل كيمياء وكهرباء وهورمونات الجسم ومواده الهامة للعمل العقلى البسيط, "أن ترى الأشياء بوضوح مجرد".
لا بد وانه تفاعل ذاتى وفى لحظة وجد طريقه الضال بعد طوال هذه السنين. بالطبع لم يكن ملبوسا بروح شريرة. ولكنى استطيع ان ادعى انه كان ملبوسا بأفكار أو أحاسيس ومشاعر ورؤى مشبوهة غرست من الخارج, أو تكونت داخله. نظام عقلى نطاقى كالمصفوفة الدائمة التغيير. إستطاع أن يفتح منطقة لم تكن لتعمل لأى سبب من الأسباب وأدخلها فى مصفوفته. وكان حللا لخلل عانى منه. الخلل و إن حدث فهو جزء من عملية طبيعية يهدف الى إعادة التوازن المطلوب. لا يجب ان نتدخل بشكل سافر إلا إذا كنا نعرف وبدقة ماذا يحدث. وقد يستحيل هذا! أنا لا أشكك فى نية شركات الأدوية ولكن فى الكثير من سلوكيات بعضها.

إذا كان الموت إنطفاء. فإن النوم جزئيا كالموت. إلا اننا نفتح رؤى مساحات غير مستخدمة مختلفة أثنائه. لأننا نستخدم أماكن مخية أثناء النوم, لانستخدمها فى العادة. كم نسبة ما نستخدم؟ لا أتذكر بالضبط لكن نسبة قليلة على ما أظن طبقا لبعض الدراسات.
قد تكون نسبة المتغير والمستقر أحد العوامل التى تجعلنا مختلفين, كما وكيفا.
فنحن قد نحدد نسبة (تون tone) التوتر التى نسمح لأنفسنا بها. يقرر البعض الهروب من الإحساس بالتوتر بالفناء الجزئى والكلى. الزهانى يخاطر بزيادة نسبة التوتر. لان العمل على نسبة أقل تقربه من الموت أو تبعده عن المخاطرة به. يصف الحياة البديلة قائلا: "وهى دى عيشة؟!"
كلنا متفقون ان سعادة الإنسان هى الهدف المنشود. الإشباع يحقق نوع من السعادة. الإنسان يحتاح الى إشباع حاجاته. لو ان المرض والجنون والإغتراب سيحقق للبعض السعادة فهنيئا لهم. فليتكيف الإنسان كما يريد فالحرية هى الأصل. الهدف هو تقليل معاناة الإنسان بإنتشار كل ما هو إيجابى. نشر الإيجابية يساعد الآخر على إشباع حاجاته.
العلاج سياسة والسياسة علاج:/ اصبحت الديمقراطية كأى نظاما شمولى بدلا من أن تشجع قوى التحدي والابتكار, تقهر او تحاول أن تقهر قوى التغيير والإبداع. واصبحت النظم الشمولية فى المعارضة تشجع قوى التغيير. هل هذا هو لعب الأدوار العكسى؟ وهنا ما هى الحقيقة المنفية طبقا للانج او غيره من المنظرين؟
الإحباطات الناتجة عن فشل أو إحتمالية فشل الإدعاءات تستثير العدوان لدى طرفى الصراع. وكمحاولة لإحباط وإفشال أوهام أو احلام الآخر نستبق ونمارس العدوان. إستباق ممارسة العدوان خطأ منطقى, ولا أخلاقى ولا دينى. ولايجوز إنسانيا.
يقول المؤلف أن الإدعاء هو سبب البلاء. لكن ليس كل الإدعاءات بالطبع. ولذلك كان علينا ان نختار إدعاءتنا إذا ما كنا مصرين على السير فى طريق الإدعاءات اللا منتهى. فإذا ما حدث صراع وهمى بسبب إدعاءات ايجابية او متعادلة فستكون المعركة أقل وطأة على الأقل.
تتحدث ماجدة انور المفتى فى كتابها "كيف تفوز بالكنز" عن ان هناك تدريبات للتأمل وغيره من الممارسات, تدخل الإنسان فى حالة الفا (السلام النفسى) وتقول ان الإستسلام للمجال بيتا يتسم بالتفكير المتكرر الآلى الذى يتركز على إجترار الماضى والقلق على المستقبل دون الحياة فى الآن.

مقدمة التحرير أ. الشيخ
"الجنون!!" هو "تكيف منطقى مع عالم مجنون"
أر. دى. لانج
"الإدعاء والخدعة" بحث وتحرى استقصائى تقليدى فى انماط التفاعل بين البشر.
يحاول الكتيب أن يحل احدى العقد الاكثر شهرة والتى لا نفشل فى ان نربط انفسنا بها.
لقد استقى لانج امثلته من الفنون والاداب وكذلك من دراساتة للحالات الواقعية التى اشرف على متابعتها أو علاجها.

تشتمل كل علاقة يقوم بها الآنسان على تعريفات للذوات. يرسم كلا الطرفان صورة لذات الاخر. فإذا لم تتاكد الذات بالاخر او ان الصفات المنسوبة الي الاخر كانت مخالفة فان العلاقة تصبح بلا سند وتنفصل.
فيجب الوعى بقدرات الفرد على تثبيط الاخر او التحكم فيه او تحريره لبناء علاقات اصيلة وخلاقة. نحن نربك وجهات نظرنا بخلطها بالواقع والحقيقة. ونسعى الى توكيد وجهات نظرنا كحقيقة وواقع. وعندما نفشل فى ذلك نلجأ الى الطبيب النفسى ليقوم بالمهمة.
الطب النفسى سياسة. تكتنفه الغموض والرمادية. فى ايامنا هذه, الغموض يتحكم فى الاشياء وطبقا للمزاجات الخاصة.
رغم انه لازالت تحيا داخل البعض الروح والالوان والحب. فالذوات الحقيقية الحية, تتصارع وترفض السكون والموت, تتصارع مع العفاريت الرمادية المزروعة قسرا داخلنا من الخارج. بعض هؤلاء البشر, هؤلاء المقاومين للرمادية, كثيرا ما يطلق عليهم صفة "مجانين". (4)
يعزل البعض. فيعانون الذل والهوان والتسلط والإذدراء, بل والسخرية. نسيطر عليهم بالجلسات الكهربائية أوبالمهدءات أوالتكتيف أوالبروزاك.
*"التكتيف بالمهدءات والبروزاك" د. يحى الرخاوى*
كل ذلك باسم العلم البراق.
إن فشل مؤسسة الطب النفسى المسيطرة بالنسبة لمن يسمى بالمريض هو فشل لهذا المريض, كما أن نجاح مؤسسة الطب النفسى فشل لة ايضا. فهو خاسر لا يستطيع أن يكسب فى الحالتين. فهو وجوديا ملعون وبلا فرصة أو أمل.
نحن جماعة (PNP) "بشر من أجل طب نفسى جديد" نرى المستشفيات العقلية كمفارقة تاريخية. وطرق العلاج الحالية فى كل المستشفيات العقلية, الا ما ندر, هى إمتداد لنظرة القرون الوسطى للمرض, فهى وحشية بكل معنى للكلمة.
الطب النفسى سياسة. وهدف السياسة هو المحافظة على البناء الهرمى الإجتماعى وطابور المراتب. وهذا يعنى خنق كل قوى التغيير بغية المحافظة.
من ينهار لعدم قدرته على ان يجد طريقا له فى مجتمع يتصف بالجنون, هو قوة للتغيير. يتم حفظهم والتحفظ عليهم حتى لا يكونوا مصدرا للتهديد.
يقوم الخدم لدى المؤسسة بالتدخل. الهدف هو عمل رجال ونساء منهم, بشر نعم, ولكن بلا مقاومة ومكسورين. اناس جدد مستأنسين لا يعترضون, انسان جديد لكن ليس هو هو اصلا (مسخ إنسانى)!!
عبيد للبناءات والنظم والدول والمؤسسات. اليس هذا بقتل؟ ذلك لو كنا أو لازلنا نؤمن بوجود الروح.
*وجود المعنى. المترجم*
ونسمى هذا علاجا!
ويسمى أيضا, علاجا إنسانى! (5)

كخير يطلق صفات الشر على الاخر. كخير! كعاقل ينادى الاخر بالمجنون. العاقل الذى يشن الحروب ويذبح الاخر. يذبح ويسجن البشر بالملايين ولسنوات او ربما مدى الحياة, بلا محاكمة أو بمحاكمات صورية. بينما المجنون يذهب فى رحلاته العقلية, يتحدث بغرابة ويتصرف بشكل شاذ ولكن لا يقتل ولا يسجن او يقهر الآخر عن عمد. أنا الخير والآخر هو الشر!
وهنا نتساءل: هل المجانين فى الحقيقة مجانين؟ وهل الاخر العاقل فى الحقيقة عاقل؟
بمعنى اخر, من هو ذا الذى يعطى لنفسه حق الإدعاء على الاخر بالجنون؟
*من ذا الذى يحكم على العقل؟ هل هو هذا النظام الذى لو طبقت معاييره على الكثيرين من المفكرين والحكماء والعلماء وحتى الآنبياء لوصفهتم أو بالادق وصمهتم وأعطتهم شهادة الجنون, بصفتهم كحراس على العقل!؟ المترجم* (6)

مقدمة المؤلف أر. دى. لانج

المخرج من الباب! لمإذا لا يسلك احدا هذا الطريق؟
كونفشيوس

كتب هذا الكتاب كجزء من بحث أجرى على العمليات المتفاعلة الخاصة بموضوع الزواج والعائلة. وكان الزهان (الجنون) خلفية المؤلف المرجعية الخاصة لا القصرية. بمعنى, مع عدم التركيز عليه كبؤرة.
أود أن أشكر معهد تافستوك للعلاقات الآنسانية وعيادة تافستوك لدعمهما هذا العمل من كل جوانبه. (8)


نادل القهوة هذا, أتابع حركاته السريعة. حركات هادفة ودقيقة. لكنها قليلا أكثر من اللازم أو أكثر مما بنبغى طبيعيا!
خطواته سريعة عندما يتجه الى الزبون, وانحناءه له باهتمام وشغف زائد, وصوته وعيناه المعبرتان عن الاهتمام الفائق. درجة العناية بطلبات الزبون تدل على شيئ ما.
ها هو يعود محاولا تقليد الآنسان الالى بحركاته الجامدة والغير مرنة حاملا صانيته بتهور المترجل لكن الواثق. يضعها فى الهواء فى أماكن غير مستقرة. فهى دائما فى حالة توازن لكن مكسور. لكنه دائما ما يصللحه أيضا بحركات من زراعيه ويده حتى لا تقع الصانيته.
كل تصرفاته تنم عن اللعب. يسلسل حركاته كما لو كانت ميكانيكية. كل حركة تحدث توازن لما قبلها. إيماءاته وصوته ميكانيزمى سريع ولا مشاعر فيه.
هو يلعب ويسلى نفسه. لكن ما هى اللعبة؟
لا نحتاج لان نتفرج عليه كثيرا لندرك انه يلعب دور, انه "جرسون يعمل فى قهوة".
جون بول سارتر (9)


"إذا لم يكن هناك الحقيقى, فكل شيئ يمكن فعله."
صباح حسن

إن إدراكنا "للحقيقة" هو الآنجاز التام لحضارتنا.
أن ندرك الحقيقة !!
متى توقف البشر عن الاحساس بان ما يدركونه
غير حقيقى؟
ربما ان الاحساس الواعى والفكرة بأن ما ندركه حقيقى, هذا الإحساس, جديد وبدأ فى التاريخ الحديث للبشرية.

اجلس فى حجرة. تخيل انها غير حقيقية, وان شخصا ما قام بخلقها لك بالسحر: (أ  ب) (أ) هى إدراك الحجرة الأول و (ب) الإدراك الثانى.
إذا ما وصلت الى الإعتقاد فى هذا الإدعاء بان الحجرة محض خيال, ابدأ فى الإدعاء وبعد كل ذلك, بانها حقيقية مرة أخرى, وليست خيال. (ب  أ1)
إنتهى بالإدعاء بأن الحجرة حقيقية وليس بالإدعاء بأنك تراها كما لو كانت حقيقية.
الخداع هو العلاقة التى بموجبها يدعى شخص ما ذاتا بعيدة عن ذاته الأصلية. وقد يرجع فى إدعائه حتى يبدوا وكأنه قد عاد الى نقطة البداية.
التساؤل هو: هل الإدعاء المذدوج يماثل اللا إدعاء؟!!
الطريقة الوحيدة للرجوع الى الحالة الأصلية التى كان عليها الشخص هى إلغاء الإدعاء الأول تماما. لأنه بمجرد إضافة إدعاء آخر, وطبقا لما أرى, فإنه لا مفر من الإستمرار فى سلسلة من الإدعاءات الممكنة الحدوث. أنا أدعى. ثم أدعى بأنى لا أدعى, فاكون مدعيا أيضا... *هل يمكن أن تراقب تنفسك دون التدخل فيه؟ حاول ذلك! المترجم*(10)

دائرة الإدعاء
(الإدعاء الأول أ  ب)
(الإدعاء الثانى ب  أ1)
(أ) هى إدراك الحجرة الأول و (ب) تمثل الإدراك الثانى.
عند رسم دائرة تعبر عن الإدعاء, ولو بدأنا من النقطة أ على محيط الدائرة وتحركنا الى الجهة المقابلة على المحيط لنصل الى النقطة (ب). وبدلا من العودة الى النقطة أ, مع حركة عقرب الساعة, نستمر فى نفس الإتجاه عكس حركة عقرب الساعة لنصل الى النقطة أ التى هى فى الحقيقة (أ1) الآن, وليست (أ) الأصلية. لأن (أ وأ1) مفصولان بحاجز غير مرئى شفاف ورقيق أكثر مما نتخيل.
(أ وأ1) "قريبان جدا من بعضهما البعض ومبتعدان جدا أيضا". قريبان لدرجة ان يقول البعض أن (أ1) جيدة تماما مثل (أ).
لأنه لا يمكن ان نفرقهما عن بعضهما.
قد نعرف للتو أن الشخص يحيا خلف حجاب غير مرئى. لأن الشخص لا يرى ما يفصله عن ذاته. (11)

فى قصة "عندما كنا أصغر كثيرا" للكاتبة "ا. ا. ملن" بطلتها الطفلة "أنا فرويد". كان يوجد أربعة كراسى فى حضانه هذة الطفلة البالغة من العمر الثلاث سنوات.
1. من يجلس على الأول يصبح مكتشف يبحر عبر نهر الأمازون ليلا.
2. من يجلس على الثانى يصبح أسدا يخيف معلمته بزئيره.
3. من يجلس على الثالث يصبح بحارا يمسك بعجلة القيادة مبحرا.
4. من يجلس على الرابع يحاول أن يدعى أنه نفسه. هو نفسه, الطفل الصغير.
عندما ينجح فى هذا الإدعاء, بأنه ببساطة نفسه, سيتحول وجهه الى قناع, ويدرك أنه فى نفس الوقت, كلما حاول تمثيل أنه ليس طفلا صغيرا, هو ببساطة يدعى انه ليس نفسه, وببساطة أيضا.

لدى الآنطباع بأن الأبوين والسلطة يعاملان كل الأطفال فى سن الثلاث سنوات مثل "أنا فرويد". يجب عليهم سلوك هذا الإدعاء بانهم مجرد أطفال وبنجاح.
يبدأ الأطفال عند حوالى هذا السن التخلى عن نشوته abdicate his ecstasy وينسى أنه "يدعى كونه طفلا صغيرا". ويصبح "مجرد طفلا صغير".
لم يعد هو بالبساطة الأولى طفلا صغيرا, أكثر من هذا الرجل الذى يعمل نادلا فى القهوة. لأنه اصبح "مجرد طفل صغير".
"مجرد طفل صغير" كما تعتقد الكثير من المؤسسات السلطوية عن ما يجب ان يكون عليه الكائن البشرى ذو الثلاث سنوات من العمر.
بعد ستين عاما هذا الرجل الذى أعتقد انه "مجرد طفل صغير" وعليه ان يتعلم الأشياء ليصبح "رجل كبير", وحشى مخه بكل الأشياء الأخرى التى يقولها له الرجال الكبار. وعندما يصبح رجلا كبيرا يبدأ فى أن يصبح رجلا عجوزا.
لكن فجأة يبدأ فى تذكر أن كل المسألة كانت لعبة!
قام بلعب دور الطفل الصغير, ودور الرجل الكبير, والآن هو مؤهل ليلعب دور كونه "رجل عجوز عاجز".
وتبدأ زوجته وأطفاله فى القلق.
يقول لهم صديق العائلة المحلل النفسانى انه يعانى من التنكر التحت هوسى للموت hypomanic denial of death (لقد تأثر بالوجودية existentialism), والمسألة ليست نادرة لدى الأشخاص خصوصا الناجحين وهى حالة عودة الى القوة الطفولية reversion to infantile omnipotence .
حالة يمكن إحتوائها ربما بإختلاطه بمجموعة دينية.

ربما كانت فكرة جيدة لو اننا قد سألنا الكاهن للغداء.

علينا ان ننتبه الى ان الاستثمارات آمنة, وفى حالة ان ...

يحاول ان يتظاهر بأنه "ببساطة نفسه,مجرد طفل صغير". لكنه لا يستطيع تماما.
الطفل ذو الثلاث سنوات الذى يحاول ويفشل فى التظاهر بأنه "مجرد طفل صغير" يقع فى مشكلة. وربما يرسله أبواه الى التحليل النفسى لو أن الأبوان كانا قادران على الدفع.
Woe betide *الرجل الكبير فى كرب لأنه لا يستطع ان يلعب دوره.*
أصاب البلاء الرجل البالغ من العمر ستة وثلاثون عاما لو لم يستطع ان يدعى انه "مجرد رجل كبير". (13)

فى الطفولة, إذا لم ينجح شخص ما فى اللعب بالتظاهر بانه لا يلعب عندما يلعب كونه "مجرد نفسه", سيقلقون علي أن القوة الطفولية لازالت مستمرة لفترة أطول من اللازم.
بعد ستين سنة, لو أدرك الشخص كيف كان ماهرا وجيدا فى الإدعاء لدرجة أنه نسى أنه يدعى وطوال كل هذه السنين. سيستطيع أن يرى بوضوح ما يعتقده الآخرون فى أنه يشيخ.
هل نحاول الإدعاء مرة أخرى, هذه المرة يدعى أنه "مجرد رجل كبير صغير". (14)

كانت "جل" متزوجة من "جاك". هى لا تريد أن تكون متزوجة من جاك. ومرعوبة من أن تتركه. فتظل مع جاك لكنها تتخيل أنها غير متزوجة منه.
فى النهاية لا تشعر بانها متزوجة من جاك. ولهذا فعليها ان تتخيل انها متزوجة من جاك. تقول: " على أن أذكر نفسى بأنه زوجى!". هذا هو "خداع الذات".
"خداع الذات" طريقة مشهورة. "خداع الذات" طريقة للإلتفاف حول الصراع دون مواجهتة مباشرة أو حله.
نخدع الصراع بلعب استبدالى modalityنستبدل نمط فى الخبرة مكان الآخر. تتخيل انها غير متزوجة وبعدها تتخيل انها متزوجة. ويستمر الخداع الحلزونى تصاعدى.
يدعى البعض لسنوات ان لديهم علاقات جنسية مبهجة. حايتهم مبنية على الإدعاء لدرجة ان يفقدوا القدرة على التمييز مابين ماهو سار فى الحقيقة وما هو محبط. ويفقدون القدرة على التمييز. هل ما يدعونه سار أم محبط؟
رغبة جنسية بدون إشباع جنسي! ف"جيل" ليست مسرورة تماما بعلاقاتها التخيلية الخاصة. إلا أنها غير قادرة على التخلى عنها لإفساح الطريق للعلاقات الحقيقية العارية.
لا يوجد علاقة "حقيقية" يمكن الوثوق بانها لا تحبط بتحولها الى "مزيفة" ككل الأشياء الأخرى.
كل إنسان يعرف أين هو بالنسبة لخياله. الخيالات لا تخذل أحدا, ولكن يقع الشخص فى الصعوبات عندما يبدأ فى التخيل بأن ما يتخيله حقيقى.
تؤثر العلاقاتها التخيلية فى الخبرات الجسدية. فالحبيب التخيلى السرى يجعل الجسم دائما فى حالة استثارة. هذه الحكه الإستثارية تدفع الشخص الى البحث الدائم عن التفريغ الجنسى. (15)

تستثار الأحاسيس الحقيقيه فى الجسد بواسطة ممارسة جنسية مع سراب phantom . لكن من الصعوبة أن تشبع "فى" الواقع.
يقول البعض أنهم يحصلون على مشاعر حقيقية أكثر فى حالات الخيال عنها فى الواقع. فمثلا" جيل" تشعر بإثارة جنسية حقيقية وذلك بتوقع anticipation الخيال فى أثناء الممارسة الجنسية الحقيقية, ولكن عندما تاتى الأشياء الحقيقية, فإنها تشعر مرة أخرى بعدم الرغبة وعدم الإشباع.
قد تكون الحياة و المعيشة فى تصور المستقبل او فى خيال الماضى أقل إشباعا من أن تعيش فى الحاضر, لكنها لا يمكن أن تكون مثله فى التحرر من الوهم disillusioning. فالواقع لا يمكن ان يكون ما كان أو ما سوف يكون. ففى البحث عن شيئ خارج الزمن, يوجد إحساس واهن enervating باللا جدوى pointlessness واللا أمل hopelessness.
To be sustained elusion requires virtuosity: المراوغة تحتاج الى فطنة حتى تعزز: وقد تؤدى الى حنين للوطن جارف. It can lead to enchanting nostalgia. لا يجب ان تنكسر أبدا. وقد تصبح قبيحة لو كانت ظاهرة واضحة explicit. فى الأدب, مدام بوفاريه Madam Bovary هى أفضل معبر عن هذه الحالة.
(ملاحظة المحرر أ. الشيخ: أمثلة أخرى ممتازة للحالة هى, إيزادورا ونج وسعيها بلا هوادة لممارسة الجنس الآمن Isadora Wing s unrelenting quest for the Zipless Fuck, فى "الخوف من الطيران" Fear of Flying . وسوزان بروجر Suzanne Brogger فى "نريد أن نولد من الحب" Deliver us from love.) (16)

الزمن فارغ empty. وبقدر تفاهته futile لا يمكن الهروب منه.

الزمن خلود مزيف false eternity, رغم أنه يصنع من كل الأوقات التى فى متناول اليد والتى تنشد الخلود drags on eternity. نحاول أن نحيا خارج الزمن بأن نعيش جزء من الزمن, أو بالعيش بلا زمن فى الماضى أو فى المستقبل. الحاضر لا يتحقق أبدا.

ونزيف ذات الآخر عندما ننظر اليه كتجسيد للخيال.

يدعى الآخر قبول الآخر "كما هو", وعندما يظن أحدا انه يفعل ذلك جدا, فإنه يتعامل أكثر مع الآخر, على انه تجسيد لشبح. "كما لو" كان هو او هى شخص آخر, وفى نفس الوقت ملكية خاصة.

وبتعبيرات ونيكوت Winnicott, نعامل الآخر "كموضوع إنتقالى مرحلى transitional object". وهذا أيضا إدعاء آخر. إدراك الذات بمفهوم, و على أحد المستويات, بأن الآخر هو آخر, "كشخص", وليس كموضوع جزئى "part-object" أو كشيئ, ولكن يتم تزييف counterfeit القبول الكلى لكل هذا.
ويكون من المفيد عند هذا الحد ان يتواطأ collude
الآخر مع الإدعاءات والأوهام. وعلى وجه الخصوص يخاف الشخص ويغضب عندما يكتشف ان الآخر ليس تجسيدا للنموزج prototype الذى عليه خيالاته والتى هى من طرفه هو.

المعيشة بهذا الشكل تعرض الشخص ليس فقط للتوهم illusionmentولكن أيضا الى خيبة الأمل المتكررة disillusions.

قد نرى من نقابلهم كواحات فى صحراء حياتنا الحقيقية الجرداء, يتحولون الى سراب عندما نقترب منهم.

هذا بسبب تخفيف dilution الموجود الكائن بما هو غير موجود و ليس كائن. وفى هذا الإيهام المربك, لا يقوى كلاهما (اى الكائن وال ليس كائن) ولكن يتم التخفيف لكلاهما, فيشتمل هذا على درجة من اللا كينونة ذاتية Depersonalization و درجة من عدم الإدراك الواقعى derealization.* كغشاوة فيتاح فقط الإدراك الجزئى.* (17)

فى هذة الحالة يعيش الشخص فى ليمبوس من نوع غريب خاص.
*ليمبوس limbo هو مكان يحيا فيه من لم يدخل الجنة ولم يجترف ذنب.* المترجم
وفى الهروب من والى الإشباع قد يشكل الشخص روابط "داخلية" مع الآخرين, من خلال الوجود التخيلى لذواتهم وداخل ذاته. تخيل, لا يحلم به من يسهل إرضائهم اكثر.

لكن إضطراب عدم الرضىDiscontent بسبب الخيال "المجرد" قد يجعل الشخص إعتماديا على الآخرين بأمل ان يتلبسوا خياله ويساعدوه على التملص elude من الأوجه الشريرة والمخيفة فى خياله.

وحاجة الشخص الى الوصول الى الآخرين الحقيقيين, اكثر من الوصول الى الآخرين التخيليين ليتلبسوا اوهامه, قد تؤدى الى التورط الشديد مع الناس والأشياء خارج ذاته. يبحث الشخص فى الآخرين الحقيقيين عن الإشباع الذى يخدعه فى الخيال, فيتخيل طول الوقت ان الإشباع منقوص فى الواقع. (18)

بعد بضعة شهور من العلاقة التى بدأت فى جو من البهجة والآن تمر بطريق من اللا بهجة وخيبة الأمل, رأت ايفت Yvette النهايه قريبة على مرمى البصر.
تخيلت العديد من انماط الآنفصال الدرامى للعلاقة, واكتشفت انها دائما ما تبكى بحرقة أثناء إنغماسها engrossed فى التخيل لهذا المنظر, النهايه.
أبدت الملاحظة بان ذلك أصبح صفة ملازمة لها. تزرف الدموع الحقيقية التى تتدفق مع شعورها الشديد بالموقف
الذى خلقته وصنعته والفتة واخرجته بنفسها self- conjured-up وموجود حتى الآن, لكن فقط فى خيالها.
تنبأت وكان صحيحا ما تنبأته, أنه "عندما يأتى ذلك الوقت" سوف لا يكون لديها أى شعور. وكانت النهاية الحقيقية لهذة العلاقة تافهه المشاعر وبلا لون prosaic وبدون ولا كوميديا ولا تراجيديا.
وعندما إنتهت العلاقة ظلت هادئة و مرتاحة البال لعدة أسابيع. ثم بدأت فى إسترجاع الموقف وجعله دراميا مرة أخرى, تماما كما فعلت فى نفس الموقف سابقا, وعندما كان مستقبلا (تخيل فى المستقبل) فى ذلك الحين.
عاشت فى خيالها خبرة سابقة لم تكن اكثر من كونها أيضا خيالا. "إسترجاعيا أصبحت الخبرة الخيالية السابقة هى الحقيقة."
توافقت وتقابلت مشاعرها السارة, والتى كانت عند بدئ العلاقة, مع موقفها الحالى. وإدعت فى أوقات أخرى, أنها تشعر فى الحالة الحقيقية الحاضرة, فى خيالها, بأنها سعيدة او تعيسة بشكل طلقائى بدون اسباب.
ربما حاولت بالإدعاء الوهمى التخلص من الخبرة المحبطة الجلية, ولكن الثمن الذى دفعته هو ان يراوغها شعور وهمى جلى بالآنبساط.
Unequivocal gratification eluded her (19)


الخدعة بطبيعتها يصعب ان تؤصل فى الواقع to pin down elusion. هذا ما يميزها its specialty . يتم تزيف الحقيقة بالإدعاء المزدوج. يمكن أن تصل المناورة maneuver الى بؤرة أكثر وضوحا بمقارنتها ببعض الموضوعات الموصوفة فى كتاب الذات المنقسمة The Divided Self. (ملاحظة المحرر: وهو أشهر عمل للمؤلف لانج R. D. Laing عن موضوع مرض الفصام). وهو عمل غير تقليدى وخرج عن المألوف.
أعطتنا تلك الدراسة أوصافا لمودس فيفيندى Modus Vivendi المصاب ببعض أشكال القلق واليأس.
قمت بوصف تلك الأشكال من القلق واليأس على وجه الخصوص. قمت بوصف تلك الأشكال على وجه الخصوص من إنقسام الذات والتى تشتمل على فصل الكيان الشخصى الى عقل مفصول عن الجسد وجسد مستثار disembodied mind and disanimate body.

مع هذا الفقدان للتوحد, يحتفظ الشخص بالإحساس بأنه يمتلك ذات "داخلى" و"حقيقى" والتى, على أى حال, غير محققة, بينما الذات "الخارجية" و "الواقعية", أو "الفعلية" "مزيفة".
حاولنا توضيح هذا الوضع كمحاولة يائسة من جانب الشخص للوصول الى شكل واحد من أشكال الإتفاق مع الوجود الغير آمن "عدم الأمن الوجودى" "ontological insecurity"

رجل الشارع على سبيل المثال يأخذ الكثير من المسلمات:
 أن لديه جسد وان هذا الجسد له داخل وخارج
 أنه بدأ عند ميلادة وينتهى طبقا لعلم البيولوجيا عند موته
 أنه يحتل مكان فى الفراغ
 أنه يحتل مكان فى الزمن
 أنه موجود ككائن مستمر من مكان الى ما يليه ومن لحظة الى ما يليها
الشخص العادى لا يعيد النظر فى تلك العناصر الأساسية لوجوده, ويتعامل بإسلوبه فى ممارسة نفسه والآخرين على انها "حقيقة مسلمة". (20)

بعض الناس على اية حال لا يفعلون نفس الشيئ. وغالبا ما يطلق عليهم "فصامى الشخصية" schizoid. والدرجة الأعلى من ذلك نجد ان الفصامى كتشخيص لا يأخذ حتى نفسه كمسلمة (وكذلك لا يأخذ الآخرين), كونه مجسد, حى, حقيقى, مادى substantial, وكائن مستمر, فى مكان ما فى زمن ما, وفى مكان آخر فى زمن آخر, ويظل بما يكفى هو هو "نفس" الشخص خلال هذا.

يفتقد الشخص فى غياب هذا الأساس الإحساس العادى بالوحدة الشخصية, ككونه مصدر أفعاله أكثر من كونه إنسان آلى, ماكينة, شيئ, وبكونه مصدر إدراكاته. فهو يشعر أن شخص آخر يستعمل عيناه, وأذناه, الخ.

دائما ما ينحصر الإنسان ما بين وجوده وعدم وجوده. إلا ان عدم وجوده لا يمارس بالضرورة بتفكك الشخصية. عدم أمان مصاحب وحدة شخصية غير مستقرة attendant upon a precariously established personal unity . هذا هو أحد أشكال "عدم الأمان الوجودى", لو إستخدمنا هذا المصطلح للدلالة على عدم الأمان الذى لا مفر منه, والقابع فى قلب الآنسان المحدود الوجود man s finite being.

يتحدث تيليك Tillich عن إمكانات عدم الوجود فى الإتجاهات الثلاثة التالية: اللا معنى اللا نهائى, والإستنكار اللا نهائى, والعدم النهائى بالموت ultimate meaningless, ultimate condemnation, ultimate annihilation in death .
فى تلك الإتجاهات الثلاثة يواجه الإنسان ككائن روحانى, وأخلاقى, وبيولوجى, إمكانية فناءه, أو عدم وجوده.
*قصة قصيرة جدا للمترجم
الموت قصة قصيرة جدا - انتهى كل شيء..*
الوجود الغير آمن او "عدم الأمن الوجودى" "ontological insecurity" والموصوف فى كتاب الذات المنقسمة The Divided Self هو الإحتمالية الرابعة. فهنا يواجه الإنسان كشخص عدم الوجود بشكل تمهيدى preliminaryبفقد جزئى للوحدة الإصطناعية للذات. يصاحبها فقد جزئى للإنتماء relatedness مع الآخر, وكشكل نهائى, مع الحالة النهائية المفترضة للا كيان الفوضوى, بمعنى الفقد الكامل للإنتماء للذات والآخر. (21)

وينغمس البعض فى "عمليات أمنية" " security operations ", وإذا ما إستخدمنا تعبيرات إتش. أس سوليفان H. S. Sullivan, ينغمس البعض فى "عمليات حميمة sincerity operations ". عمليات أمنية حميمة (المترجم)

قد يتواصل الموضوع كله على مستوى مختلف من الخبرة والفعل, ولكن الحاجة الى البعض للحفاظ على حميميتهم يمكن ان يهدد undermine أمان الآخرين.

فإذا لم يكن الشخص مكتئبا, فإن الآخرون هم الذين يشتكون من قلة الأصالة والإخلاص الذاتيتان self s lack of genuineness or sincerity. ينظر الى هذا على انه علامات تشخص pathognomonic الإستراتيجية المميزة للشخص الهستيرى, والتى تعنى ان سلوكياته مزيفه كمفهوم للهستيريا, وانها لابد وان تكون هستيرية ومضخمة.

وعلى الجانب الآخر نجد ان الشخص الهستيرى غالبا ما يصر على أن مشاعره حقيقية وأصيلة.
نحن الذين نشعر بانها غير حقيقية. يصر الهستيرى على جدية نواياه فى الإقدام على الإنتحار بينما نتحدث نحن عن أنها مجرد إيماءة تمثيلية gesture فى إتجاه الإنتحار.
يشتكى الشخص الهستيرى من انه يتقطع إربا. وفقط وطبقا لما نحسه نحن, فى انه لا يتقطع, إلا فى ادعاءاته, وانه صنع إيمانا, بأنه كذلك, حتى نطلق عليه او نسميه هستيرى, وليس فصامى.

قد يأتى الوقت الذى نصرح فيه باننا ادركنا اننا كنا نلعب دورا. واننا كنا ندعى لانفسنا. واننا كنا نحاول ان نقنع انفسنا, بهذا او ذاك, ولكنا الآن علينا ان نعترف باننا لم ننجح.
وقد يكون هذا الاعتراف والتسليم, ما هو الا مجهود اضافى, لنكسب بادعاء نهائى جديد بالحقيقة الاخيرة عن الذات, وبفعلنا هذا نوهم تحقيقها البسيط الحقيقى. (22)

احد اركان فن "التمثيل" هو الرغبة المسعورة لجعل الإدعاء واقعى.
ولكن يحتفظ الآخرون بتحفظاتهم.
لسنا مقتنعين بأن كل البشر الذين يتصرفون بطريقة زهانية هم فصامى "صحيح", او هوسى"صحيح", او اكتآبى"صح", على الرغم من انهم ليسوا دائما ما يمكن التفرقة بينهم بسهولة وبين الأشخاص الآخرون الذين نشعر انهم يستطيعون التضخيم الدرامى للجنون المزيف, لاننا نميل الى الصاق التهمه الزهانية بكل شخص يدعى انه زهانى.

فعل الادعاء نفسه! نحن نميل الى اعتباره فعل جنونى لو اخذ الموضوع الى الاطراف فى ذلك الاتجاه.
وحتى السبب الذى يدفع شخص على هذا الادعاء سبب جنونى.

لابد من معرفة المخاطر الاجتماعية عند اخذ اجازة من الواقع الاجتماعى.
فلو بدأ شخص بإرادتة الحرة محاولة منظمة لكى يكون على غير ما يريده كل الآخرين له, بدأ يهرب من هويته, بان يلعب انه لم يعد هناك, بان يلعب انه مجهول anonymous, او متستر incognito, او أخذ إسم مستعار adopting pseudonyms , القول بان شخص ما مات, القول بان شخص ما لا شيئ او ان جسد شخص ما لا ينتمى اليه.
ليس هناك طائل من وراء الادعاء بان شخص ما ليس فقط رجل كبير صغير, لو انه اصبح فى الخيال مجرد رجل كبير صغير a little old man. (23)
*أنت ما يصنعه خيالك. المترجم*
يعتقد ونكوت ان الشخص المصاب بالهستيريا يحاول الوصول الى الجنان.
الإدعاء صناعة ذاتية.
قد يكون الجنون هو المخرج.
فعلى الرغم من حصول البعض على شهادة الجنون إلا أن المسألة تظل خداع.
يمكن للإدعاء ان يسير حياه الشخص كما تفعل الحقائق.
الجنان الحقيقى خدعة مثله مثل الحنون الحقيقى.
ليس كل من يتمنى الجنان يصل اليه. (24)
*من الذى يحكم على الجنون فرسان النظام الذى لو طبقت معاييره على الكثير من العلماء والحكماء وحتى الأنبياء لأعطتهم شهادة الجنون؟ المترجم*



#عادل_ندا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصورة قص ولزق 2
- الصورة قص ولزق 1
- الأخطاء المنهجية تؤدى الى شيوع الأوهام ..أمثلة
- تأملات فى سموم الديمقراطية 2
- تأملات فى سموم الديمقراطية 1
- يجب تربية الأبناء
- الإنسان والإله
- 2 دعوة للحياة
- التأثيرات السياسية لنظم الاعتقاد 2
- دعوة للحياة
- التأثيرات السياسية لنظم الاعتقاد 1
- قراءات و افكار للحوار الهادئ
- المستقبل طبعا للانسان
- جدال حول جدلية الهوية الحكمة والانفعال


المزيد.....




- -لماذا لم يأخذني الله مع أمي؟-.. طفل يبكي والدته بعد مقتلها ...
- -حل مجلس الحرب سيضطر نتنياهو لمواجهة الفشل وحده-- الغارديان ...
- الصين: مقتل 9 أشخاص على الأقل في انهيارات أرضية بعد فيضانات ...
- بعد حظر فرنسي وفي حكم مؤقت.. محكمة فرنسية تسمح لشركات إسرائي ...
- انعقاد المؤتمر الثامن عشر لمنظمة الحزب في كندا
- بوتين عن البرودة في ياكوتيا: يخاف المرء أن يمس أذنه (فيديو) ...
- 55 خروفا نفقت بسبب صاعقة في بشكيريا جنوب روسيا (فيديو)
- هوكشتاين: واشنطن تريد تجنب حرب أكبر على حدود لبنان وإسرائيل ...
- بوتين يصدق على مشروع اتفاقية للشراكة الاستراتيجية مع كوريا ا ...
- مصدر يؤكد وصول حوالي 60 من المرتزقة الناطقين بالفرنسية إلى أ ...


المزيد.....

- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل ندا - الإدعاء وخداع النفس