أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد الراشيدي - الدولة وفكرة الحرية the State and the Idea of Freedom














المزيد.....

الدولة وفكرة الحرية the State and the Idea of Freedom


محمد الراشيدي
باحث في السوسيولوجيا

(Mohamed Errachidi)


الحوار المتمدن-العدد: 7675 - 2023 / 7 / 17 - 18:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


لقد انشغل الانسان منذ الازل بالبحث عن حلول للمشاكل التي تواجهه، فكل الابتكارات والاختراعات التي أبدعها، جاءت جميعها تعبيرا عن حاجة يترصدها الانسان، وتجاوزا لعقبة واجهته... ولعل العقبة الكبرى التي لم تزل تراوح تفكيره وخياله الى حدود اليوم وينشغل بها: كيف له ان يعيش بأمن وسلام؟ كيف له ان يحافظ على حياته؟
للجواب عن هذا السؤال الذي يبدو بسيطا في ظاهره، تناسلت الأقلام والأفكار على مر الأزمنة، حيث حاول المفكرون والمنجمون والعلماء والخميائيون... على امتداد العصور الوصول الى التركيبة السحرية التي ستمكن الإنسان من البقاء على قيد الحياة في أمن وسلام. فمنهم من إدعى أن الحل يتمثل في الخضوع للغريزة، واتباع أهوائها، وأعتقد بعضهم عكس ذلك، فدافعوا عن العقل والعقلانية، وأعلوا من شأن العقل واعتبروه نبراسا إنسانيا يتميز به عن غيره من الكائنات، في حين اعتقد آخرون فيما بعد أن الحل في المعتقد، على اختلاف شكله ومصدره. رغم التباين الحاصل بين هذه التصورات والاختلاف القائم بينها، إلا أن هناك خيطا ناظما بينها، فجلها إن لم نقل كلها، تدعوا إلى ضرورة اتباع القانون (مع تشبث كل فريق بمصدر معين لقوانينه).
القانون إذن هو ضالة الإنسان منذ غابر الأزمان، فهو وحده الكفيل ببناء حبل الثقة بين البشر وضمان حياة هنيئة وأمنة للجميع على اختلاف معتقداتهم وأهوائهم. لهذا فإننا من خلال هذا الجرد التاريخي لمعاناة البشر مع ذواتهم، لن نسلط الضوء على الأبعاد الغريزية أو العقائدية للقوانين، بل سنكتفي بالقوانين الوضعية التي نشأت نتيجة إرادة البشر العاقلة، لأنها الوحيدة (القوانين) التي من شأنها، كما أسلفنا، أن تفصل بين البشر وتنظم عيشهم، دون مراعاة لأصولهم أو لدينهم أو أهوائهم.
لم يستشعر الإنسان الحاجة إلى القوانين إلا عندما ظهرت الجماعة، وبات العيش في كنف المجتمع أمرا محتوما، حيث كان فيما مضى حسب تصور العديد من فلاسفة التعاقد، يعيش العزلة والوحدة الطبيعية، التي كان ينعم فيها بالراحة نتيجة غياب الآخر، غير أن ظهور الجماعة بفعل عوامل عديدة سيولد الأحقاد، وينمي الصراع، ويجعل الحياة تستحيل إلى جحيم بعد أن كانت نعيما . فحياة المجتمع لم تجلب للإنسان إلا الوبال والمصائب، فكان لزاما عليه أن يبحث عن حل للعودة إلى زمن الطمأنينة والراحة. فاهتدى إلى ابتكار فكرة الدولة التي ستضمن بفعل تعاليها عن الأفراد حقوق الجميع. فعن أي دولة أسفر بحثه؟ وماهي خصائصا؟
معلوم أن الدولة هي محض فكرة لا تجسيد واقعي لها ، فهي تتحقق من خلال نظام سياسي معين، لهذا فلا عجب أن الأنظمة السياسية التي شهدها التاريخ الإنساني تعددت وتنوعت إلى مستوى لا حد له وتشكلت في قوالب عدة، فهذا الاستبدادي، وذا الاوليغرشي، وذاك الملكي وأخر جمهوري... وبما أنه ليس هناك من قيمة تضاهي في قوتها الأمن والطمأنينة لدى الإنسان، إلا الحرية، فقد كدَّ هذا الأخير لكي يجعل من الأنظمة السياسية كفيلة بضمان أمنه دون الإضرار كثيرا بحريته، التي لا حياة ولا أمن من دونها، لهذا شهد التاريخ الإنساني صراعات واحتجاجات متنوعة متباعدة زمنيا ومكانيا، بين الإنسان / الرعية/ الفرد/ المواطن وبين الجهاز التنظيمي الذي يجسد الدولة، حتى تمكن الانسان من خلال مجموعة من الثورات والثورات المضادة، من بلوغ ما اعتبره أوج التنظيم الاجتماعي، ألا وهو الديموقراطية. التي باتت تشكل أسس التعاقد القائم بينه وبين الدولة، وتحدد حقوق وحدود كل طرف منهما. لهذا كان لزاما عليهما معا أن يسعيا إلى إنشاء تنظيمات مستقلة، يمكن أن نطلق عليها هاهنا، مؤسسة المجتمع المدني، تكون وظيفتها هي مراقبة الدولة للحيلولة دون ارتكاب مسيريها لأي شطط.
هكذا تطورت الديموقراطيات العريقة في مختلف أرجاء المعمور من خلال الموازنة بين الواجب والحق، فتطورت البلدان وازدهر عيش أفرادها نتيجة ذلك، وتمكن الإنسان، المتعطش للأمن والحرية والطمأنينة، أن يدرك بعضا منها. لهذا يقول دوركايم "إن من شأن الدولة، أن تصبح جهازا قمعيا معزولا عن مصالح الجماهير.. ويمكن لهذا أن يحدث إذا لم يتم تطوير منظمات ثانوية تتوسط بين الفرد والدولة، وتكون راعية لمبادئ التعاقد، ودرء أي صراعات بين الجماعات". غير أن بعض الدول عوض أن تنحو في نفس اتجاه من سبقوها، ارتأت عكس ذلك؛ فعوض أن تعلي من قيمة الأفراد، وتنمي لديهم الشعور بالحرية والمسؤولية، من خلال الانخراط في الهيئات السالفة الذكر ( نقصد هيئات المجتمع المدني)، فإنها عوض ذلك تسعى إلى تقويض أدوار القائم منها، وإقبار الهيئات التي لم تنشأ بعد، محاولةً في كل مرة إخراس الأصوات التي تتعالى لرفع هذه الوصاية التي تقوم بها الدولة على الأدهان والأبدان، وتخلق عوضا لذلك كله أحزاب وجمعيات كرطونية، لا تمثل سوى نفسها أو بعض المنتمين إليها ممن تستهويهم السلطة ويطمعون في بعض ثمار الريع، وتكسر كل محاولة جادة من الغيورين على الوطن. فالدولة بمثل هذه الأفعال تعتقد أنها ستصون حكمها وتحفظ سلطتها، ولكنها لا تدري أنها في الحقيقة من خلال سنها لقوانين جائرة تكمم الأفواه، وعبر تشريعها لتنظيمات جوفاء، وحمايتها لأشخاص فاسدين، تساهم في تعميق الهوة بين المواطن/ الإنسان وبين نظامه السياسي، وترفع درجة الاحتقان في الصدور. فعوض أن تترك له الحرية في النقد والتعبير عن أفكاره ومواقفه، بالشكل الذي يسمح للنظام أن يستمر ويتطور، وللمواطن أن يحيا ويطمئن ويتحرر... فالإنسان التواق للحرية منذ الازل، شبيه بجدول الماء الذي ينحت لنفسه، مسارا حتى بين الصخور، وإذا لم يجد طرقا مؤهلة لبلوغ منيته، صنع لنفسه قنوات غير رسمية ملتوية، غامضة ومجهولة، فأدى ذلك إلى دمار كل من الفرد والنظام. أفلا يعقلون؟



#محمد_الراشيدي (هاشتاغ)       Mohamed_Errachidi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابتسامات حزينة قراءة غير منظمة في رواية -من يجرؤ على الشوق- ...
- تحولات مكانة المرأة في المجتمع المغربي قراءة في مقال -الاتجا ...
- المرأة المغربية ورهانات التنمية مقاربة واقع المرأة المغربية ...
- المرأة المغربية ورهانات التنمية مقاربة واقع المرأة المغربية ...
- المرأة المغربية ورهانات التنمية مقاربة واقع المرأة المغربية ...


المزيد.....




- بحافلات مهجورة على طريق سريع.. العثور على قرابة 400 مهاجر في ...
- -بمزاعم دعم إسرائيل-.. خارجية إيران تعلن فرض عقوبات على 8 أف ...
- بريتني سبيرز وسام أصغري يتوصلان إلى تسوية للطلاق بعد زواج دا ...
- تشمل 14 دولة.. فعالية -نار الذاكرة- تنطلق في قلب موسكو
- حوالي 80% من الأسلحة الموجودة في منطقة العملية العسكرية تصنع ...
- الصحفيون.. أرواحهم ثمن للخبر
- السويد ترفض فكرة الصين للتحقيق في تفجيرات -السيل الشمالي-
- مسار -يصل إلى 5 سنوات.. -نيويورك تايمز- تتحدث عن شروط السعود ...
- الأمن الروسي: القضاء على عميل للمخابرات العسكرية الأوكرانية ...
- الاستخبارات الكورية الجنوبية تتهم كوريا الشمالية بـ-التخطيط ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد الراشيدي - الدولة وفكرة الحرية the State and the Idea of Freedom