أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة - سعيد الوجاني - اليسار الجديد والعمل النقابي















المزيد.....


اليسار الجديد والعمل النقابي


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7598 - 2023 / 5 / 1 - 18:23
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة
    


" سأبعث بهذه الدراسة من Cyber ، لان مدير البوليس السياسي ، وبالتنسيق مع ( صديق ومستشار الملك ) كان يشوش عليّ وأنا اشتغل ، حين كان يطفأ شاشة الحاسوب ، وعندما ادركوا انني انتهيت من التصحيح قطعوا الكونكسيون عن منزلي Un tortionnaire et un bourreau مملكة الرعب " .
منَ الاجماع عليه ، ان الوضع النقابي ، أي المركزيات النقابية التي كانت فاعلة ومؤثرة حتى رحيل الحسن الثاني ، لم تعد كذلك مع الملك محمد السادس . فإلقاء نظرة دقيقة على الوضع الذي توجد فيه وعليه المركزيات النقابية الثلاث ، " الاتحاد المغربي للشغل " ، " الكنفدرالية الديمقراطية للشغل " ، ونقابة " الاتحاد العام للشغالين "، يعطي لكل محلل للمسار النقابي للمركزيات ، حجة الحكم بنهاية عهد النقابات ، ومنه نهاية عهد النقابيين الصناديد . فتحولت النقابات التي كانت مزعجة ، الى نقابات حمائم منخرطة كل الانخراط ، في المشروع المجتمعي للدولة المخزنية .
لقد عرف الجهاز النقابي ، وعرف النقابيون ، تحولات عديدة منذ العشرية الأولى من الالفية الثالثة ، واصبح وضع النقابات ومطالبها التي كانت مزعجة ، لا يفي بالمقصود الذي اجتمع عليه كل النقابيون التقدميون ، خاصة عند ربطهم النضال النقابي بالمشروع الأيديولوجي الذي افلس بدوره ، مثل افلاس العمل النقابي منذ التحاق قياداته بالدولة الآمرة ..
لقد تم تراجع الزخم الذي عرفت به بعض النقابات ك " الاتحاد المغربي للشغل " ، و " الكنفدرالية الديمقراطية للشغل " ، بسبب تسييس العمل النقابي ، وربط التواجد داخل النقابات ، بالتنظيمات السياسية المرخص لها ، او التنظيمات الغير مرخص لها ، أي تلك التي تنشط خارج قانون الحريات العامة ، وتلك التي تعتقد انها تناضل في السرية التي ما هي بالسرية . فانعكس هذا التناقض والاختلاف السياسي ، على الوضع النقابي الذي اصبح يناضل بالبيانات والبلاغات التي لا تهدد في شيء الدولة البوليسية المخزنية ، التي تحق علم اليقين بالوضع الحقيقي للأجهزة النقابية ، وبالبطاقات السياسية للنقابيين من مختلف الجهات ..
فمنذ مجيء محمد السادس والتقاءه بنوبير الاموي ، تغير ( زعيم ) نقابة " الكنفدرالية الديمقراطية للشغل " ، وبقدرة قادر تحولت النقابة بعد نفضها للنقابيين الحقيقيين ، الى جهاز تابع للدولة لا ضدها .. وأصبحت " ك د ش " ، التي كانت تزعج الدولة ، تدافع الدفاع المستميت عن ( السلم الاجتماعي ) الذي لا يزال الى يومنا ، ولم ينتهي هذا ( السلم ) رغم مرور اكثر من ثلاثين سنة عن إعلانه . انه سلم اجتماعي ضد العمال ، والاجراء ، والموظفين ، وعموم الشعب ، بدعوى قضية الصحراء الغربية ، التي جعلت الجمود سيد موقف جميع النقابات .. وكلنا يتذكر كيف كانت الأوضاع عندما زادت الدولة عشر سنتيمات في ثمن الخبز في بداية الثمانينات ، وتسببت تلك الزيادة في الهبّة الشعبية في 9 يونيو 1981 ، كما ان الجميع يتذكر الهبّة الشعبية في يناير 1984 ، بسبب زيادة طفيفة في اثمنة الخبز ، وواجها النظام بقمع تسبب في ازهاق أرواح المئات من المتظاهرين ..
الآن ما يجري على الوضع النقابي ، والحاق جميع النقابات بالدولة ، هو ما جرى للأحزاب السياسية التي مارست المعارضة البرجوازية ، فكانت تزعج الحكم بمطالبها ، لإدخال بعض الإصلاحات ، ليس حبا في الإصلاح ، بل سببه هو الحفاظ على النظام السياسي حتى لا يسقط ، فتضيع مصالحهم المتداخلة مع الدولة ، التي نجحت في افراغ تلك الأحزاب من لبّ وجوهر مطالبها ، مثلما افرغت المركزيات النقابية من جوهر نضالها الأساسي ، لتصبح مثل الأحزاب ، نقابات الدولة لا نقابات الفئات الاجتماعية التي تتظاهر بتمثيلهم وبالدفاع عنهم .
ف " ك د ش " لم تعد كما كانت في سنة 1978 ، وحتى الإعلان عن الاضراب العام في يونيو 1981 ، وتغيرت بالكامل منذ ان استقبل محمد السادس ( زعيم ) النقابة محمد نوبير الاموي . ونقابة " الاتحاد المغربي للشغل " ، تحولت هي بدورها من جسم مزعج ، الى حمائم تشتغل ضمن توجهات الدولة لا ضدها ، ونقابة " الاتحاد العام للشغالين " ، أصبحت اسم من دون مسمى .. فالضعف الذي ضرب صفوف المعارضة بمختلف تلاوينها ، انعكس على الوضع العام داخل النقابات ، التي أصبحت مثل الأحزاب جزءا من الدولة لا ضدها ..
ورغم ان كل نقابة كانت تتبع حزب معين ، مثلا تبعية " ك د ش " لحزب الاتحاد الاشتراكي حزب زمان وليس حزب الآن ، فان تنظيمات سياسية لليسار الجديد ، كانت تنشط داخل " ك د ش " ، لكنها كانت تجابه بالقمع من قبل النقابيين المنتمين للحزب ، ومن قبل القيادة النقابية التي أصبحت مثل احزابها ترتبط بالنظام ، بعد ان طلقت دعوات ومطالب الجمهورية ، ومنها من طلق دعوة الملكية البرلمانية ، وهي الدعوة التي تسببت لنوبير الاموي بسنتين سجنا ..
وانْ اردنا التساؤل عن الوضع الراهن للنقابة ، لخلصنا الى انّ الصراعات وحب الزعامة الذي كسر شوكة " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " ، تم اسقاطه على النقابة التي أصبحت تعكس الصراع السياسي في الساحة ، ولا تعكس المشروع العام الذي ناضل من اجله الرعيل الأول من الحركة التقدمية المغربية .. ف " ك د ش " ومنذ استقبال محمد السادس لنوبير الاموي ، تكون قد فقدت بريقها ، وتكون ومن خلال قبولها ( السلم الاجتماعي ) ، تخدم وتشتغل ضمن توجهات المشروع الأيديولوجي والسياسي للدولة المغربية ، خاصة وبعد الانسحابات التي تعرضت لها من قبل تنظيمات ، خرجت او انفصلت عن " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " ، وامام استئثار ( الزعيم ) الاموي بالنقابة التي أصبحت في ملكه ، وفوتها الى صهره ك ( زعيم ) لا يشق له غبار ، تكون " ك د ش " قد فقدت ما بقي لها من بريق ، وتكون بداية جديدة قد رسمتها ، وهي بداية تعكسها الوضعية الحالية التي عليها الاتحاد الاشتراكي ، الذي اصبح مجرد اسم بدون مسمى . فالدولة المخزنية حققت الانتصار الباهر على الأحزاب البرجوازية التي كانت تزعج ولم تكن ضد النظام ، وحققت الانتصار الأكثر من بارع في الحقل النقابي التي اصبح يسبح بحمدها اتقاء ( للتهديد ) من الفرق السياسية الراديكالية التي كانت تنشط داخل النقابة ..
لكن ماذا عن وضع اليسار الجديد داخل نقابة " الاتحاد المغربي للشغل " ؟
كل الحركات اليسارية رغم قلتها ، ورغم ضعفها البيّن ، تجمع على خدمة الطبقة العاملة ، من خلال الانضمام الى النقابات الأكثر تمثيلية في السوق .
اذا كانت أكثرية واغلبية اليساريين قد انضمت الى هذه النقابة " الاتحاد المغربي للشغل " ، فان بعضهم انخرط امّا في نقابة " ك د ش " ، لكنه كانوا يعاني من الضغوط المفروضة عليه ، سواء من قبل الحزب الذي تتبعه النقابة " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " ، او من طرف نقابيين آخرين انفصلوا عن الحزب وبقاءهم ينشطون رغم الانسحاب من الحزب ، داخل النقابة التي يسيطر عليها الحزب ، او من طرف نقابيين فضلوا النشاط داخل " ك د ش " ، رغم انهم مجرد اتباع ، وليسوا بمؤثرين .. وهو الصراع الذي لم يبق حبيسا داخل " ك د ش " ، بل امتد ليطال إطارات أخرى عكست هذا الصراع ، كنقابة " الاتحاد الوطني لطبلة المغرب " Unem " .. لكن السؤال . هل حقق أغلب اليساريين تكتيكهم قبل الوصول الى الاستراتيجية التي تم التنظير لها ، ومن قبيل المستحيل الوصول اليها اذا لم يتم النضال ضمن المشروع الأيديولوجي الذي سيظهر قبل 30 غشت 1970 ، وآلياته هي بناء الحزب الماركسي اللينيني ، حتى انّ بعضهم ،وفي احلك الازمة التي مر منها قسط من اليسار الراديكالي ، رفع شعاره المعهود " لنبني الحزب الثوري تحت نيران العدو " ، وهو الحزب الذي لا تزال مجموعات يسارية تحلم به منذ 30 غشت 1970 ، ولم تصل الى بناءه .. والسؤال : هل التأسيس لحزب " النهج الديمقراطي العمالي " ، كان هو الحزب الذي رُفِعت شعاراته منذ ثلاثة وخمسين سنة مضت ، وما زالوا يُنظّرون له ، ويشتغلون من اجله ، رغم تقلبات الطقس بين بارد مرة ، وسخون مرات ..
اذن ما دور اليسار الجديد المعروف ضمن نقابة " الاتحاد المغربي للشغل " ب " النقابيون الديمقراطيون " ؟ .
وهل سينجح هؤلاء " الديمقراطيون " المنتمين الى نقابة " الاتحاد المغربي للشغل " في تحقيق القفزة النوعية ، التي كانت سقطة مدوية ، منذ خروجهم عن بعض الأحزاب البرجوازية الصغيرة ؟
وكيف تتعامل قيادة " ا م ش Umt " البورصية ، مع هؤلاء اليساريين الماضويين للتراث الماركسي اللينيني ؟
تشكل دريعة التعامل مع " الاتحاد المغربي للشغل " ، أحد التساؤلات المقلقة لليساريين ( الديمقراطيين ) ، سواء منهم العاملين في الحقل النقابي داخل هذا الاطار ، او بالنسبة لأولئك الذين يعملون مباشرة في الميدان السياسي .
ف ( ا م ش ) مقارنة مع ( ك د ش ) الرخوية ، ومقارنة مع ( ا ع ش Ugtm ) ، هو النقابة التي تؤطر اكبر عدد من الاجراء ، ومن العمال ، والمستخدمين ، والموظفين ... الخ ، انْ لم نقل على الأقل جل عمال الصناعة ، والمناجم ، والنقل .... الخ ، ولأطره طبعا تجربة طويلة في ميدان العمل النقابي .
كما ان المكتسبات التي حققتها بعض القطاعات المنتمية الى النقابة ، وبفضل تحكم أهمّ أطر ( ا م ش ) في إدارة وتدبير هذه المكتسبات ، عبر مصالح الشؤون الاجتماعية .. كل هذا يجلب تعاطف أوسع فئات العمال مع جهاز ( ا م ش ) ، على اعتبار انه هو الذي حقق هذه المكاسب ، وهو الذي يُمكّن من التمتع بها .
فضمن التساؤلات المطروحة على اليساريين الديمقراطيين ، ما يتعلق بإمكانية العمل الديمقراطي داخل جهاز ( ا م ش ) ، علما بان العناصر المتحكمة فيه ، والتي تتوفر على سند مادي ومالي اجتماعي ، لا تسمح بأدنى صراع يوحي للتيارات الأخرى ، بإمكانية تثوير مواقفها داخل المنظمة ، ما عدا اذا قبلت بالالتحاق كأفراد ( غالبا منفصلين ) ، وبما فيهم مؤسسين أولين لحركة تيار اليسار الجديد في بداية السبعينات .
ويفضل اغلب المناضلين ، عدم الدخول في أي صراع مع توجهات الجهاز المخزنية ، مقابل ان يسمح لهم بالتحرك داخل جهاز ( ا م ش ) ، والقيام بعمل جبهوي او جماهيري . فقد بينت التجربة ان هذا العمل ، يضرب في صفر كلما ارتأى الجهاز ضرورة توقيف هذا العمل ، الذي يدفع الشغيلة الى مبادرات غير مؤطرة من طرفه .
فالسؤال الدائم يضل هو . لماذا العمل في ( ا م ش ) ؟ ومن اجل ماذا ؟
1 ) النقابة على الطريقة الامريكية :
إذا عدنا الى الوراء ، والقينا نظرة على الحركة العمالية من بدايتها الى يومنا هذا ، وبالخصوص منذ ان بدأت الاتصالات الأولى التي قامت بها " الكنفدرالية العمالية للنقابات الحرة " ، التي تعمل وفق التصور السائد في النقابات الامريكية ، مع النقابيين المغاربة في بداية الخمسينات، من اجل تشكيل قطب نقابي خارج عن النفود الشيوعي المتمثل في " الفدرالية النقابية الدولية " ، ثم انتقلنا لنتمعن في الغاية الخاصة التي أولتها الدولة ممثلة في القصر ، لقيادة ( ا م ش ) ، وواصلنا النظر الى ما آلت اليه الطبقة العاملة من تشتت ، وتفشي الرشاوى ، والزبونية في علاقة العمال بالجهاز البورصي ، خاصة في قطاعاته الأساسية ، للحظنا وبدون استغراب ، انّ مخطط فصل الطبقة العاملة فصلا شبه مطلقا عن الساحة السياسية . بل ان ذاك المخطط وصل الى حد تمييع وعي الطبقة العاملة ، ولو في حدوده النقابية الضيقة . فالنضالات الوطنية ، بل وحتى القطاعية ، أصبحت شبه منعدمة . والجهاز البورصي حريص على ان لا يتحرك العمال ، لا في حدود حل المشاكل المتعلقة بمؤسستهم المهنية ( المعمل ) . بل وداخل كل مؤسسة اصبح العامل يجري وراء المسؤول النقابي من اجل حل مشاكله الشخصية. والصراع مستمر بين واقع العمال ( وتوافد العنصر الشاب ) الذي يدفعهم الى التوحد ، وبين الجهاز البورصي ( الذي ارتبط كذلك بأرباب العمل وبالدولة ، من خلال اشرافهم الجماعي على المصالح الاجتماعية للعمال ) ، والذي يسعى ان يجعل من العامل ، مجرد فرد زبون يلجأ اليه كما في الطريقة الامريكية ، لتحقيق مصالحه الشخصية ، فيتم تغييب الفكر النقابي ، لتصبح النقابة مؤسسة مستقلة تفرض وصايتها على العمال .
اما على المستوى السياسي ، فالانفصام شبه تام ، بحيث يمكن لقادة ( ا م ش ) ان يتجاهلوا الوضع السياسي ، دون ان يثير ذلك انتباه العمال . واكثر من هذا ، يمكن ان يدلوا بتصريحات سياسية " ثورية " ، بالمقارنة مع الوضع ، ومع متطلبات النقابات الأخرى ، وأحزاب المعارضة ، دون ان يلزموا انفسهم بتنظيم نضالات عمالية تتماشى وفق تصريحاتهم . بل وحتى العمال لا يشعرون بان التصريحات السياسية لقادة ( ا م ش ) تلزمهم .
2 ) تجربة اليسار الجديد و نقابة ( الاتحاد المغربي للشغل :
الآن واليوم قبل الامس ، فالواقع الموضوعي يدفع الطبقة العاملة الى خوض نضالات واسعة وموحدة ، وذلك من خلال نضالات قطاعية ووطنية ، في ظروف تنضاف فيها يوما بعد يوم ، معطيات ترجح المزيد من الانفجارات الاجتماعية ، وترجح تطور مسلسل التغيير السياسي ، بفعل عوامل خارجية وداخلية بالخصوص ، وعلى رأسها تحرك الشارع من اجل اصلاح سياسي وقوي ، وقوى نقابية أخرى مثل ( قواعد الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ، وقواعد الاتحاد العام للشغالين ) ، اللتين تحاولان ربط النضال الاجتماعي والسياسي في معركة واحدة ، وانْ كان ذلك في افق تعديل دستور 2011 فقط ، وانتزاع اعتراف الدولة بالتعددية النقابية التي تعني ضمنيا ان تفتح أبواب المشاركة في تدبير الشؤون الاجتماعية للعمال . أي فتح منفذ هام بالنسبة للنقابيين . فاذا كنا قد سجلنا في السابق ان اطر حزب التقدم والاشتراكية قبل 20 فبراير ، تكتفي بان يعترف بها كتيار داخل ( ا م ش ) ، وان تخصص لهم حصة معينة من المقاعد في الأجهزة ، مثل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، فان السؤال " ما العمل " ، مطروح في جدول اعمال النقابيين الديمقراطيين وحدهم . فبعد اكثر من خمسين سنة من نشوء اليسار الجديد اصبح اليوم المناضلون الديمقراطيون تيارا بشريا واسعا داخل ( ا م ش ) . بل اكثر من هذا ، اصبحوا يشكلون ربما العناصر الأساسية التي تضمن ل ( ا م ش ) حيوية ونشاط مكاتبه الجهوية والجامعية . ومع ذلك فان القمع الذي تعرض له اليسار الجديد ، وواقع التشتت الفكري والتنظيمي ، يجعل هؤلاء الديمقراطيين المناضلين ، يشعرون بان عملهم داخل ( ا م ش ) هو هبة من الأطر البورصية ، ويحاولون ما امكن الحفاظ على ما يعتبرونه ضمنيا امتيازا ، قد يسحب منهم في حالة خروجهم على التوجه المحدد من أعلى ، خضوعا لرغبات القصر .
من الناحية الذاتية ، يعود كذلك هذا التصرف ، الى خلل في التفكير الذي تغيب عنه العقلانية ، ويعرف نوعا من التعوّد او التكيف ، تكيف جيل ارتبط بتجربة ، واستخلص دروسها ، لكنه لا يعي بان الظروف التي حكمت التجربة واستخلص دروسها ، لكنه لا يعي بان الظروف التي حكمت التجربة السابقة ، ليست هي الظروف الحالية .
ويمكن القول ان اليسار الماركسي اللينيني / اليسار الجديد ، تعامل بشكل يسراوي في ظروف كانت تحتاج الى شيء من اليمينية المتعقلة ، واليوم يتعامل بنوع من اليمينية في ظروف تحتاج الى شيء من اليسروية المتعقلة كذلك .
ان تجربة اليسار الجديد داخل البروليتارية في بداية السبعينات ، كانت تتمثل في بعض المحاولات الفردية او الجماعية المعزولة جدا . وقد فشلت جلها . ومن ضمن أسباب ذلك ، انه كان يظن انّ " الثورة غدا " ، وشكْلُ عمله القاعدي وسط العمال ، كان يدخله صراعا مباشرا مع الجهاز البورصي ، باعتبار انه الحاجز الذي يحول دون ولوج الطبقة البروليتارية للنضال الثوري Un frein . هذا في ظروف تميزت بعزلة اليسار الجديد عن الساحة السياسية ، مع ما كان للدولة المخزنية البوليسية نفسها من تناقضات ، هزت أركانها مرتين . ( الانقلاب العسكري في سنة 1971 و 1972 ..) .
3 ) الظروف الجديدة :
اما اليوم فهناك على الأقل ثلاث معطيات ، تغير بشكل جوهري الظروف المحددة للتجربة السابقة .
أولا . النقابيون الديمقراطيون ، يعانون أساسا من مشكل التوجه السياسي ، وليس من مشكل التواجد داخل الطبقة البروليتارية . بل انه يصبح متواجدا ليس فحسب في الإطارات الجهوية . بل له كذلك مداخل الى دار النقابات .
ثانيا . الوضع الاجتماعي مليء باحتمالات الانفجار الجماهيري ، وتدخل مركزيتين نقابيتين ، وقوى الشعب المعارضة ، في معركة سياسية على الأقل في حجم معارك بداية الستينات من حيث برامجها .
ثالثا . ان التظافر الموضوعي والظرفي في وضعية المغرب ، بين الاتجاه العالمي المناضل من اجل حقوق الانسان والديمقراطية ، وبين توجه الدول العظمى الى اصلاح البيوت الداخلية للدول التبعية ، يفقد لخصوم الديمقراطية سندا كان بالأمس لا مشروطا .
لقد تعود النقابيون الديمقراطيون على القول ، ان افق اهداف أحزاب المعارضة محدود . واذا امكن القول انه فعلا محدود ، فلا بد من تسجيل أنّه على محدوديته مبني على ممارسة سياسية فاعلة ، بينما الآفاق البعيدة لهؤلاء ، تقف في حدود الرأي السياسي الفاقد للممارسة السياسية الفاعلة .
فالقول انّ افق هذا الاطار او ذاك جد محدود ، لكن آفاق المعركة الاتية ، تتحدد ليس بطروحات هذا الاطار او ذاك ، وانما بمدى تدخل اكثر القوى الطبقية والاجتماعية ، من اجل المزيد من الضغط على مختلف المكونات السياسية ، لتثوير برامجها وفق المستوى الذي يصل اليه الصراع السياسي والاجتماعي .
فهل يستطيع المناضلون الديمقراطيون ، الدفع بهذا التغير الى ابعد الحدود الممكنة في المرحلة الحالية ؟
فهل يستطيعون من اجل ذلك ، الدفع بالطبقة البروليتارية المنضوية داخل ( ا م ش ) ، الى معترك الصراع النقابي والسياسي ، لتلتقي في خندق واحد مع قوى الشعب المغربي ؟
أم سيتخذون في الظروف الحالية مواقف محافظة ، يتركون فيها الغطاء السياسي والنقابي لقوى المعارضة الاسلاموية ويكتفون بخدمة الجهاز البورصي ، في انتظار ان يستوعبهم الواحد تلو الاخر .
قد نطرح سؤالا سياسيا على اطر ( ا م ش ) :
ألا يرغبون في مواكبة التطور الحالي ، لربما يحافظون على مصالحهم بعد ان يتم الاستقرار من جديد ، بناء على توازنات جديدة ؟
ألا يجب الاعتقاد ، ان الجهاز البورصي واع تمام الوعي ، مثله مثل جميع القوى ، بدقة المرحلة ، وبان لا احد يستطيع التكهن بالحدود التي يمكن ان تقف عندها البروليتارية ، في حالة دخولها الى معركة التغيير ، لذلك جلُّ القوى تضع لنفسها حدودا ، تحاول عدم تجاوزها حتى لا تضر بمصالحها .
هكذا البعض يضغط علانية ويتفاوض ، او " يغمز من تحتها " لأصحاب الحال . اما ( ا م ش ) الذي اصبح أولا وقبل كل شيء جهازا ماليا ، يتحكم في مؤسسة نقابية ، ومندمجا بالبنية الاقتصادية ، والاجتماعية ، والسياسية القائمة ، فانه يفضل التغيير من داخل نفس البيئة السياسية ، وهو في ذلك متخلف حتى بالنسبة لحزب من الأحزاب مثل " حزب صديق الملك فؤاد الهمة الاصالة والمعاصرة " ، وحزب " التجمع الوطني للأحرار " الذي كلما شعر بعاصفة النضالات الجماهيرية تقترب ، الاّ ومال شيئا ما في اتجاه المعارضة البناءة ، طبعا معارضة الملك التي تعارض حكومة الملك .
فلا غرابة اذن ان نجد ، ان الاطار الأكثر جذرية حتى 1999 ، هو الاطار الذي ليس له كثيرا ما يخسره من مصالح معركة الديمقراطية ، فلا هو يستفيد من إدارة الشؤون الاجتماعية للعمال ، ولا هو بمحاور مقبول من طرف وزارة الداخلية ، كما انه يزخر بالمناضلين الجذريين في القاعدة ، الذين يرون ان الوضع الداخلي والدولي الحالي ، ليُشَكّل فرصة ذهبية ، لتحقيق ما عجزت عنه قوى المعارضة منذ سنة 1956 ، الى يومنا هذا .
ألا يمكن ان تشكل هذه المعطيات ، مبررا لبناء تحالف نضالي ، بين مناضلي قواعد ( ا م ش ) ، و مناضلي قواعد ( ك د ش ) ، من اجل الدفع بالطبقة العاملة الى احتلال الفضاء النقابي والسياسي ، وفرض سياسة اقتصادية واجتماعية ، لصالح الشعب والجماهير الكادحة ؟
والسؤال . لماذا لم تعلن المركزيات النقابية ( ا م ش ) ، و ( ك د ش ) ، وأحزاب المعارضة البرجوازية ، الاضراب العام في اوج حركة 20 فبراير ؟ .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ المقاومة المغربية الشعبية لقبائل زيان المجاهدة أبناء خ ...
- تحليل الدولة العلوية ( 6 )
- تحليل الدولة العلوية ( 4 )
- تحليل الدولة العلوية ( 3 )
- تفكيك الدولة العلوية ( 2 )
- تفكيك الدولة العلوية
- الاحلاف .
- وجهة نظر في الديمقراطية ( الفصل الثالث )
- وجهة نظر في الديمقراطية ( 2 )
- وجهة نظر في الديمقراطية
- الديمقراطية كأداة للترويض السياسي
- السياسة بين الحب والحرب
- الغلاء وارتفاع الأسعار في المغرب .
- العقلنة المشوهة
- العيّاشة المُتعيّشون من السياسة
- هل إسرائيل في طريقها الى الزوال ؟
- في الثقافة السياسية
- هل ستفعلها المملكة العربية السعودية ، وهل سيفعلها الرئيس الر ...
- فشل الدولة البوليسية بعد سبعة وستين سنة من النهب والافتراس
- الخطاب السياسي ( 4 )


المزيد.....




- بيني غانتس يلوّح بالاستقالة من حكومة الحرب في حال عدم تبني خ ...
- -حرب الكلمات- تتواصل بين نتانياهو وغانتس.. التطبيع مع السعود ...
- النواب العراقيون يفشلون في انتخاب رئيس للبرلمان
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط صاروخا من طراز -Tochka-U- فوق ب ...
- الأرصاد المصرية تكشف حقيقة تسجيل درجات حرارة قياسية خلال الأ ...
- الجيش الروسي يختبر درونات جديدة
- العلامات التحذيرية للإصابة بمرض الغدة الدرقية
- بيسكوف: الاستعدادات جارية لزيارة بوتين إلى كوريا الشمالية
- إصابة ناقلة نفط بصاروخ حوثي في البحر الأحمر
- معارك تافهة يثيرها فريق - الكَتبَة المأجورين- لصالح الصهيوني ...


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة - سعيد الوجاني - اليسار الجديد والعمل النقابي