|
محاكم التفتيش في زمن العولمة؟
مناصر المغربى
الحوار المتمدن-العدد: 1702 - 2006 / 10 / 13 - 07:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
انتابني الشك والحيرة قبل بداية كتابة هذا المقال لأنني اخشى على عقول قد حكم عليها فقهاء وشيوخ الاسلام بالتحجر والجمود منذ ستمائة سنة ، لما اغلقو باب الاجتهاد في القرن الرابع عشر، منذ ذلك الحين لم يتجرأ اي مجدد ان يقرأ النص المقدس قراءة نقدية ، لأن سيف الارهاب والمصادرة مسلط على رأسه ، لأنه سوف يرمى بالاحاد والهرطقة و العمالة للصهيونية والصليبية الامبريالية العالمية!! كما رمي الكثير ولن يكون مصيره افضل حالا من مصيرمن سبقوه ، ففي عصرنا الحديث هناك عدة امثلة للكتاب و الباحثين اصابهم سيف الفكر المتزمت عندما حاولوا اعادة دراسة الاسلام دراسة نقدية ، فالكاتب الايراني علي الداشتى سجن لمدة 23 سنة ومات في ظروف غامضة اثر نشره لكتابه الذى انتقد فيه الاسلام الشيعي ، وهذا سلمان رشدي أهدر دمه الخميني بسبب روايته ايات شيطانية ، وفي مصر عندما قال الشيخ علي عبد الرزاق الذي كان استاذا بجامع الازهر، يجب فصل الدين عن الدولة قامت الدنيا ولم تقعد من طرف شيوخ الازهر، حيث كونت لجنة من المشايخ لمحاكمته عام1925، والتى اصدرت حكما بادانته وفصله من منصبه ومنعه من تقلد اي منصب ديني في البلاد، ولم يكن حال عميد الادب العربي طه حسين افضل حالا عندما علّق على بعض النقاط في القرأن في كتابه - الشعر الجاهلي- ثارت ثورة مشايخ التحجر الازهري حتى عزل من كل المناصب الحكومية، وفي السودان عندما انشأ محمود محمد طه حزب الاخوان الجمهوريين وحاول التقليل من دور الشريعة في قوانين الدولة،اتهموه بالاحاد وحرقوا كتبه، ولما قال محمود طه انه وصل الى درجة من العلم جعلت الفرائض العادية كالصلاة لاتنطبق عليه ، وهي نفس المقولة التي قالها الصوفيون في القرن الحادى عشر ، وجد الاسلاميون الفرصة سانحة و حكموا عليه بالاعدام وشنق عام 1985 ، واذا رجعنا الى العصر الذهبي للاسلام كما يحلو لبعض المتاسلمين تسميته وهو عصر الدولة العباسية وقبله بفترة وجيزة الدولة الاموية نجد ان الذين تجرأواعلى نقد مذهب السلطان قد واجهوا نفس المصير الذي واجهه المتنورون في العصر الحديث، فعندما تولى المأمون العرش تبنى افكار المعتزلة وقال ان القرآن مخلوق وجعل اجهزة الدولة تملي هذا الرأي على العلماء،ولكن عندما تولى المتوكل السلطة في عام 747 اصدر اوامره بعقاب كل من يقول ان القرآن مخلوق ،و كان هذا انقلابا تارخيا للمتحجرين على زمام الحكم ، حيت اصبح كل من ظهر برأي مخالف يتهم بالزندقة، في عصر الدولة الاموية اتهم المتنورون بالزندقة وقتلوا، واول من قتل بتهمة الزندقة هو جاد ابن درهم ، وقتل بأمر من الخليفة الاموي هشام بن عبد المالك عام 642، وكانت جريمة هذا الرجل انه قال ان الله لم يكلم موسى ولم يتخد ابراهيم خليلا ، وفي عهد الخليفة العباسي المنصور بدأت محاكم التفتيش ضد الزنادقة، وعينوا مفتشا عاما كان يسمى باسم - صاحب الزنادقة- في هذه الفترة قتلوا كل من شكّوا فيه، وكان من جملة الذين قتلوا عبدالله ابن المقفع ، و ابن ابي العوجاء و الشاعر بشار ابن برد الذي قتل عام 784 ، وصالح بن عبد القدوس قتل عام 783، وابو عيسى محمد الهارون الوراق نفوه الى الاهواز ومات بها في ظروف غامضة سنة 909، واخيرا وليس اخرا حسين بن منصور-الحلاج- وقد كان متصوفا بحب الذات العليا ويكاد يندمج معهامن كثرة حبه لها،دعاه هذا الحب ان يقول - انا الحق- وبما ان الحق اسم من اسماء الله الحسنى اتهموه بالزندقة وحكم عليه بالصلب . عودة الى العصر الحديث المليئ بجرائم محاكم التفتيش ضد رواد الفكر التنويري ، من اين ابدأ؟؟ هل من حسن عبد الله حمدان الذي اغتالته خفافيس الظلام في شارع الجزائر ببيروت وهو لازال يكتب مقالته حول نقد الفكر اليومي ، اما حسين مروة احد فقهاء الجنوب اللبناني الذي لم تشفع له انه كان حافظا للقرآن ، اما فرج فودة الذي اختار لغة الحوار والمناظرة مع اهل الفكر المتحجر فقد اغتالوه بعد خروجه من ندوة حول العلمانية ، اما المفكر الاسلامي احمد صبحي منصور الذي شكك في السنة فقد حكموا عليه بالنفى ، ونصر حامد ابو زيد قد تم تكفيره و تطليق زوجته منه بقوة القانون الرجعي ، فاختار الهجرة القسرية والتدريس في دول الحرية و الديموقراطية ، اما ابناء وطني الغالي المفكرون المغاربة حسن لكحل و خديجة الرياضي ومحمد الحنفي و محمد عابد الجابري، فلم يكونوا افضل حالا من المشارقة ،فحسن لكحل و ومحمد الحنفي وخديجة الرياضي تلاحقهم فتاوي التكفير الصادرة من المتأسلمين المغاربة وتهديدات بالقتل من طرف جنود الله ، فقط لانهم ارادوا قراءة التاريخ الاسلامي بشكل عقلاني، اما الاستاد والفيلسوف محمد عابد الجابري فقد نشر مقال حول تحريف القرأن فكان رد شيوخ الازهر هو اتهامه بالزندقة و اثارة الفتنة ، بل ذهب الشيخ عبد الصبور شاهين الى اتهامه بالردة و طلب منه التوبة!!! اما استذ الفلسفة الدكتور حسن حنفي فلم يكن مصيره افضل ممن سبقوه ، فقد اتهموه بالزندقة والردة رغم انه اختار نقد الثراث من باب الثراث، اريد في الختام طرح سؤال على فقهاء محاكم التفتيش .. الا ترون كيف يعامل الانسان المسلم في مطارات العالم؟ بعد ان انتج هذا العقل المتحجر نظام طالبان الذي ارجع البلاد والعباد الى القرون الوسطى وانجب تنظيم القاعدة الذي جعل حياة المسلمين في اوربا وامريكا كحياة المجرمين؟ .ختاما..ليس بامكان العقل الديني المتحجر ان يفكر عاريا تحت شمس الحقيقة دون ظلال سيوف الوهم!!
#مناصر_المغربى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|