|
جهاديات الغرب: البحث عن الاستقرار في مناطق التوتر!
حسام گصاي
الحوار المتمدن-العدد: 6624 - 2020 / 7 / 20 - 00:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حُسام گصّاي: كاتب وأكاديمي عراقي [email protected] ________________________________________ شكل عملية التحاق الفتيات الأوروبيات في ساحات القتال في سوريا والعراق وانضمامهن لصفوف تنظيم "داعش" بالمؤشر الخطير على أمن ومستقبل أوروبا يرمي في صالح التنظيم، والقيام بأعمال مختلفة تنوعت بين القتال وأعمال إدارية؛ كالاحتساب الحسبة _ أي احتساب الأجر عند الله _، وهي الأعمال الشرعية بالنية والحسبة والمراد بها طلب الثواب من عند الله، هو مراقبة أهل السوق، وأصحاب الحرف وانواع الغش في مبيعاتهم ومعاملاتهم وظيفة إدارية كان معمول بها في الإسلام، حفظ الأمن، مراقبة الاسواق، والآداب العامة والحالات المخالفة للسياق والذوق العام، ومشارفة السوق والنظر إلى مكاييله وموازينه مثلما كانت تفعل "الشفاء بنت عبد الله" محتسبة للإدارة الإسلامية [موظفة بمعناها ومدلولها المدني والمعاصر]، م سر هذا مؤشر الانتقال لديهن من الحيزّ الخصوصي إلى العمومي برفقة الإسلاموية الجديدة بحرفيتها، ولماذا يغادرن تلك الأوروبيات إلى ساحات القتال؟ ما السبب من وراء ذلك، ما هي الدوافع الحقيقية، لو ابقينا على منهج التحليل النفسي والاغتراب واستجوابات أطباء النفس لتوصلنا لنتائج مشابهة عند اقرانهن الذكور، مع ذلك لم يخبرنا "خسرو خافار" _ أستجوب العشرات _ أو "مارك سيجمان" الذي استجوب مائتين وخمسين سلفياً مقاتلاً في الغرب أنهما حققها أو استجوبا فتيات في تحليلاتهم ودراستهم، وهو همٌّ كبير بالنسبة لدينا كيف سيكون تحليل تلك الظاهرة علمياً، من الآن فصاعداً نحن مطالبين باستجواب والتحقيق مع النساء المعتقلات، أو المتهمات بأعمال عنف مسلح، لتدعيم الحقيقة العلمية لنشاط اللبوّات المنفردة، سنكتفي هنا بالعينّات المتوفرة لدينا من خلال التصريحات، الأخبار، الخطابات، لتحليل المضمون وفق متوفرات التحليل الخبري والسياق العملي للمشاهدة. أن حالة "جهاد جين" ستجد لها قرائن، و"أم سما" هي الأخرى لها مماثلات وإن لم يكشفن عن هوياتهم كـ "المهاجرة" على صفحة الفيسبوك التي تستقطب الفتيات لصفوف "داعش"، لكن ظاهرة استقطاب النساء عموماً لها أسباب حقيقية _ وقد تكون موضوعية _ حتماً وأكثر تلك الأسباب التي نعتقد بصوابها هي البحث عن الحياة الزوجية السعيدة في مناطق التوتر! شهادة شابة من بانليو باريس، أنها كما كثيرين من رفاقها، تشعر بأنها ليست عربية ولا فرنسية، ولأنها دائماً ما ينظر إليها بموضع الشك فإنها تختار الخلافة كفكرة لإنشاء موطن يستطيع فيه جميع المسلمين أن يجمعوا مواردهم وأن يكونوا أقوياء من جديد وأن يعيشوا بكرامة فالأنظار لديهن صوب الشريعة الإسلامية ولنظام الخلافة الذي أسسها تنظيم "داعش" فهن بالحاجة للشعور بالأمان والاستقرار والارتباط بأزواج حقيقيين وتكوين أسر سوية، شابه ألمانية تكتب على صفحتها في الفيسبوك بعد مغادرتها ألمانيا لداعش "نقدم الدعم لأزواجنا في القتال ونلد مقاتلين" أصبح صيد الزوجات هناك أمرٍ سهلٍ من اللبوّات الشقراوات، فيما لو نفيا إمكانية تطبيق أسباب ودوافع الأرامل السود على الشقراوات البيض، ويبدو عليهن طلبية عالية بحكم اختلاف الجنس واللون والبشرة باعتبارها ماركة علامة مميزة ونادرة لدى شرقيو داعش! ثم أن هناك أسباب أخرى من المغريات التي يُقدمها "داعش" للإسلامويات الغربيات، مع إني ارفض فكرة إن الأمر متعلق بالسياحة والاستجمام!! أو الدافع بدون دواع واهداف حقيقية إلا بقصد الرغبة في إحداث شيء ما!! فليس هناك في خلافة داعش غير الموت، الرعب، الأحكام العرفية، مصير مجهول حقاً، لكن لو أضُيفت إلى هذا كلة كلمة "الجنة" سيكون الأمر مختلفاً، المهانون فقدوا الأمل بالحياة، السياسات الفاشلة أوصلتهم إلى العدمية، الرغبة في الموت قد يكون خياراً جمالياً، خلافة داعش بمثابة الوطن املنقذ لهن من مغريات العالم السُفلي، فهكذا فتيات أغرقهن هذا العالم بالجنس والدعارة والمخدرات والكحوليات فلم يعد هناك قابلية للعيش مع الملل خصوصاً لو امنا بأن العولمة جعلت الحياة "عطلةٍ يومية"، فلا بد لإحداث أمرٍ ما، الخروج من هذا النفق حتى لو كان البديل قبوّ أشد ظلامة على الأقل قد يكون أقل ملل! تبدو أغلب عوامل انخراط النساء الأوروبيات في صفوف داعش أنها أمراض نفسية وبيئية، ولا صلة له بالإسلام أو الدين أو الإيمان، لكن قد تكون مرتبطة لاحقاً بالتدين والإيديولوجيا الملوثة، حالة "حسناء آيت بولحسن" أول انتحارية تفجر نفسها في أوروبا، وهي أبنه مهاجر مغربي ولدت في ضاحية "كليشي لا جارن" في باريس، كانت جانحة، وحسب شهادات الجيران والأقارب، التي أوردتها وسائل الاعلام الفرنسية _ ولم نتأكد من صحة المعلومة والخبر _، كانت "حسناء آيت بولحسن" تحتسي الكحول ونادرا ما ترتاد المساجد، وورد اسمها في قضية اتجار بالمخدرات كذا مرة، ومثيلاتها أنقذن أنفسهن من الانتحار في اللجوء إلى دولة داعش، السؤال: هل وجدت الجهاديات الأوروبيات حياة مستقرة في مناطق التوتر؟ والسبي، ونكاح الجهاد، والاغتصاب، وممارسة الجنس الجماعي هو هاجس وهوّس التنظيم، فلا يعني ذاك الدين مسؤول عن تلك السوابق والجنوحيات قطعاً، وإنما الأفراد أنفسهم، ماذا لو انخرط أولئك الجنوحيين في ديانات غير الإسلام هل سيلتفت إليهم الإعلام الغربي، أو يتعامل معهم بالمثل قياساً لحالة الإسلاموية، هذا ما لم يُثبت صحتهُ حتى اللحظة وما لم يتأكد في ظل هيمنة الثقافة الاستشراقية على العقل الجمعي التي أظهرت سيطرة ثقافية فوقية استقصائية (غربية) على عقلية منغلقة (شرقية) لا تجد إلا الرفض الشكلي عنوان للمانعة، مع أن الممانعة بحد ذاتها أصبح مفهوم أستهلك كلياً وانتفت الحاجة إليه في ظل تشيؤ الشرق ديناً وسياسة.
#حسام_گصاي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطائفة العلوية بعد سقوط الأسد
-
حدثها الآن.. قنوات الأطفال 2025 واستقبل كل الأغاني والمنوعات
...
-
كلمة القائد العام لحرس الثورة الاسلامية في المؤتمر الثاني لل
...
-
مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
-
أجدد تردد .. تردد قناة طيور الجنة الجديد لعام 2025 على الناي
...
-
بابا الفاتيكان يدين وحشية غارات جيش الاحتلال الإسرائيلي
-
زعيم حركة طالبان يأمر بشن حملة صارمة على الاتجار بالبشر
-
المرشد الأعلى الإيراني يتوقع ظهور مقاومة جديدة في سوريا
-
قائد الثورة الإسلامية يؤكد أن الغرب يخلق الفوضى في سوريا..
...
-
كيف يستقبل مسيحيو الشرق أعياد الميلاد هذا العام؟
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|