|
الجهاد والقتال في سبيل الله كما جاء في القرآن - الجزء الثالث
نهرو عبد الصبور طنطاوي
الحوار المتمدن-العدد: 1567 - 2006 / 5 / 31 - 10:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الجهاد في سبيل الله ، والحض عليه ، وضوابطه ، وفضله الدفاع والتدافع بين بني البشر سنة بشرية موجودة بينهم منذ أن وجدوا على هذه الأرض ، فليس التدافع والقتال بدعة قد ابتدعها الإسلام ، بل هي سنة بشرية وجدت منذ وجود الإنسان على الأرض وستظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. قال تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض). وقال تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز). وليس كما يظن البعض أن القتال شرع في الإسلام طبقا لظروف الدعوة ، وكما يظن البعض أيضا أن الظروف هي التي تحكمت في التشريعات القتالية، بل كما قلنا إن التدافع والاقتتال بين البشر سنة بشرية موجودة مع وجود الإنسان ذاته في جميع الجماعات البشرية التي وجدت على ظهر الأرض ، وستبقى إلى اليوم الأخير لوجود الإنسان على هذا الكوكب ، فتشريع الله للقتال في الإسلام جاء ملزما باتباع هذه السنة البشرية الموجودة أصلا ، وهي التدافع لمنع الظلم والبغي والاضطهاد ، ولم يكن استحداثا لما هو ليس بموجود. وإن من يطالع آيات القرآن التي تناولت الجهاد والقتال يراها قد عرضته في المحاور التالية: · بيان سبيل الله الذي شرع الجهاد والقتال من أجله . · الحض على الجهاد والترغيب فيه والتحذير من تركه . · أدب الجهاد وضوابطه . · فضل الجهاد . · توبة الأعداء أثناء القتال. وسوف نعرض لهذه المحاور على النحو التالي: الأمر بالجهاد والقتال في سبيل الله : لقد تدبرنا القرآن كما أمرنا الله (أفلا يتدبرون القرآن) حول الجهاد والقتال فوجدنا أن الأمر بالجهاد والقتال ورد في القرآن ست مرات على العموم بدون ذكر من المقصود بالقتال والجهاد ، أربع مرات أمر بالجهاد ، ومرتان أمر بالقتال ، وكما قلنا فقد ورد الأمر بالجهاد والقتال بشكل عام ودون تحديد لفئة معينة أو أشخاص بعينهم وذلك في الآيات الست التالية: آيات الأمر بالجهاد : قال تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاد) وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون) وقال تعالى: (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) وقال تعالى: (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) وهذه الآيات الأربع لا تأمر بالقتال الذي هو بمعنى الإماتة والإذلال ، وإنما تأمر بتحمل المشقة وبذل الطاقة في سبيل الله ومع الكفار والمنافقين. آيات الأمر بالقتال: قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله واعملوا أن الله سميع عليم) وقال تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم) ونرى في هاتين الآيتين أن الأولى: تأمر بالقتال في سبيل الله ، وليس في سبيل أي شيء آخر غير سبيل الله ، على ما سنبينه في السطور القادمة. أما الثانية: فتفرض القتال كشريعة ألزم الله بها المسلمين. هذه الأوامر الست بالجهاد والقتال كلها على العموم دون بيان من هم الذين نجاهدهم أو نقاتلهم فجاءت الآيات الست تأمر بالجهاد والقتال في الله وفي سبيل الله ، والجهاد بالقرآن ، والجهاد بالمال والنفس ، وجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم ، دون بيان مَن مِن الكفار والمنافقين المقصودين بالجهاد والقتال، فتدبرنا كتاب الله كما أمرنا بقوله: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) فوجدنا التالي : أولا: تعريف الجهاد : الجهاد في اللسان العربي مشتق من الجهد والجهد معناه: (المشقة ، والطاقة) قال تعالى: (والذين لا يجدون إلا جهدهم) أي طاقتهم ، إذن نتبين أن الجهاد غير القتال ، أما القتال في اللسان العربي فمشتق من قتل ، والقتل يدل على إذلال وإماتة ، فمن الخطأ أن يطلق على الجهاد معنى القتال ، ومن الخطأ أيضا إطلاق معنى القتال على الجهاد . ثانيا: ما هو سبيل الله الذي شرع الجهاد والقتال من أجله؟ لقد فطر الله النفس البشرية على حب الحياة وكراهية الموت ولكن ليس دائما أن تحي البشرية حياة كريمة ما دام يوجد بين الأحياء أعداء للحياة ، يريدونها فقط لأنفسهم دون غيرهم ، يريدون الأرض وما فيها ، ويريدون الديار لأنفسهم فيخرجون منها أهلها إما بالقتال أو بالقهر أو الإكراه والطرد ، ولا يكتفي أعداء الحياة بذلك بل لا يريدون لأحد أن يرى غير ما يرونه هم ، ولا يريدون لأحد أن يتبنى فكرة أو مبدأ أو عقيدة غير فكرتهم هم ومبدأهم هم وعقيدتهم هم ، والويل لمن خالفهم في شئ من ذلك ، فمن سولت له نفسه أن يخرج عن أفكارهم ومبادئهم أو عقائدهم فليس له حينئذ إلا القيود والأغلال والقتل والتشريد والإخراج من الديار والنفي من الأرض ، وهكذا تسير سنة الطغاة عبر التاريخ في إيذاء الناس واستضعاف الضعفاء من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، ومن الطغاة من يجحدون الناس حقوقهم ويحاربون الله في خلقه ويسعون في الأرض فسادا ، ينقضون العهود والمواثيق ولا يراعون في أحد ذمة ولا حرمة ، ودائما هم البادئون بالظلم والقتل والطغيان والإيذاء ، وجوههم مختلفة وأسمائهم مختلفة وعقولهم مختلة ، قلوبهم غليظة يختلفون في كل شئ إلا عداوة الإنسانية وإهانتها وإذلالها وعداوة الحياة ، وليس لهم سبيل إلا سبيل واحد هو سبيل الشيطان. فالطغاة والمفسدون في الأرض دائما ما تزكم أنوفهم وتقشعر أجسادهم وتسود قلوبهم وتعمى أبصارهم وتضيق صدورهم من الطهارة والنقاء والعدالة والقيم والأخلاق ، فمن طالبهم أو دعاهم إلى شيء من ذلك تثور ثائرتهم وتمتلئ عقولهم وقلوبهم بالغطرسة والكبر والعناد والجبروت والطغيان ، فهؤلاء الطغاة والمفسدون في الأرض يريدون الحياة بلا قيود ، يريدونها بلا قيم ، بلا طهارة، بلا أخلاق ، يريدون أن يعيشونها كما قال تعالى عنهم: (يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم). فكانت وما زالت سنتهم مع من يدعونهم إلى العدالة والطهارة والعفة والإصلاح في الأرض ، الطرد والنفي والقتل والقهر والإذلال ، انظروا ماذا فعلوا مع الرسل وماذا قالوا لهم وماذا قالوا لنبي الله لوط عليه السلام: قال تعالى: (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) 82- 83 الأعراف. وقال تعالى: (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ) 167 – الشعراء. أتعرف عزيزي القارئ ما هي الجريمة التي ارتكبها لوط عليه السلام هو وأتباعه والتي استحق عليها الإخراج والطرد والنفي من قريته ووطنه؟؟ الجريمة هي: (إنهم أناس يتطهرون). نعم الطهارة في نظر الطغاة والمفسدون في الأرض جريمة يطرد من تعاطاها أو دعا إليها من وطنه. ألم يستح هؤلاء الطغاة وهم يقولون لنبي الله لوط وأتباعه (إنهم أناس يتطهرون) ، ولكن من أين يأتيهم الحياء ؟ وصدق من قال: (ما لجرح بميت إيلام). انظروا ماذا فعل الطغاة والمستكبرون والمفسدون في الأرض مع نبي الله شعيب عليه السلام: قال تعالى: (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ * قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ) 88 – 89 الأعراف. انظروا ماذا فعل الطغاة والمستكبرون والمفسدون في الأرض مع رسل الله جميعا: قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) 13 – إبراهيم فمن أجل هؤلاء الطغاة والمستكبرين والمفسدين في الأرض شرع الله القتال، وكما سبق وأن قلنا إن النفس الإنسانية مجبولة على حب الحياة وكراهية الموت وقد يكره الإنسان الموت والقتل ولكن عسى أن يكون في موت البعض حياة للآخرين، قال تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) ثالثا: القتال في سبيل الله كما جاء في القرآن : بعد تدبر كتاب الله كاملا من أوله إلى آخره تبين أن سبيل الله الذي أمر الله بالقتال والجهاد فيه ومن أجله هو كالتالي: · قتال الذين يضطهدون الناس ويخرجونهم من ديارهم وأبنائهم بغير الحق . · قتال الذين يبدءون بقتال المسلمين. · قتال الذين يمنعون من حرية العقيدة والتدين. · قتال الذين يستضعفون الناس ويضطهدونهم. · قتال الفئة الباغية من المسلمين. وهذا ما جاء في القرآن على النحو التالي : * قتال الذين يؤذون الناس ويخرجونهم من ديارهم وأبنائهم بغير الحق . قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي عدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي) قال تعالى: (واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) وقال تعالى: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله) وقال تعالى: (وما لنا ألا تقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبناءنا) وقال تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم) وقال تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير* الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا الله أن يقولوا ربنا الله) وقال تعالى: (ألا تقاتلوا قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة) وقال تعالى: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا* ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا) * قتال الذين يبدءون بقتال المسلمين . قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) وقال تعالى: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) وقال تعالى: (فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم) وقال تعالى: (فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) * قتال الذين يمنعون من حرية العقيدة والتدين: قال تعالى: قال تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين) وقد بينا معنى الفتنة في المقالات السابقة وقلنا هي التعذيب الشديد لتحويل الإنسان عن دينه. قال تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير) قال تعالى: (اقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل) وقال تعالى: (والفتنة أكبر من القتل) وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة) ومعني يلونكم يميلون عليكم أو ينقضون عليكم ، واللوي كما جاء في اللسان العربي من "هو الإمالة" وقد جاء في القرآن معنى ذلك في قوله تعالى: (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً) 102 – النساء ، بمعنى ينقضون عليكم. وقال تعالى: (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) وقال تعالى: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فألئك هم الظالمون) وقال تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) وقال تعالى: (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون ) قال تعالى: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم) قال تعالى: (ألا تقاتلوا قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة) * قتال الذين يستضعفون الناس ويضطهدونهم: قال تعالى: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا) * قتال الفئة الباغية من المسلمين: قال تعالى : (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلي أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين) وهذا ما جاء في القانون الدولي الحالي حول حق المضطهدين في مقاومة المعتدين: (ميزت الأمم المتحدة بين الأعمال الإرهابية والنضال العادل للشعوب الذي تخوضه حركات المقاومة ضد الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والعنصرية، وذلك في القرار الذي اتخذته في كانون الأول عام 1972. واتخذت المنظمة الدولية في كانون الأول عام 1974 القرار رقم (3214) حول تعريف العدوان، وأجاز التعريف حق الشعوب في النضال بجميع الأشكال بما فيها الكفاح المسلح من أجل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير) http://www.qudsway.com/Links/Felisteenyiat/9/Html_Felisteenyiat9/treoris+estshhad/shohda&07.htm رابعا: الحض على الجهاد والقتال والترغيب فيه والتحذير من تركه : وقد ورد فيه عشر آيات وهي على النحو التالي : قال تعالى: (قل إن كان آباؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين) وقال تعالى : (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) وقال تعالى: (أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون) وقال تعالى: (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون) وقال تعالى: (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله غني عن العالمين) وقال تعالى: (ولنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم) وقال تعالى: (قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب) وقال تعالى: (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا) قال تعالى: (وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان) فهذه الآيات السابقة تناولت الجهاد والقتال والحض عليه والترغيب فيه والتحذير من تركه. خامسا: ضوابط الجهاد وآدابه : لقد وردت في القرآن الكريم بعض الضوابط وبعض الآداب التي يجب على المسلم اتباعها أثناء الجهاد والقتال في سبيل الله ، وأغلبها ضوابط موجودة في جميع قوانين الخدمة العسكرية في جميع دول العالم ، نذكرها على النحو التالي: 1 - بذل قصارى الجهد أثناء الجهاد: قال تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاد) 2 - عدم موالاة العدو أثناء القتال (كالتجسس لحساب العدو): قال تعالى: )يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة) وقال تعالى: )إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فألئك هم الظالمون) 3 - أن تكون الغاية الحقيقية في قلب المقاتل رجاء رحمة الله : قال تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله( 4 - لا بد أن يكون الجهاد في سبيل الله لا في سبيل أي شئ آخر : قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم( 5 - عدم الخوف من اللوم أثناء الجهاد : قال تعالى: (يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم) 6 - عدم اتخاذ بطانة أو دخلاء من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين : قال تعالى: (أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) . معنى "وليجة" أي بطانة ، كما جاء في اللسان العربي. 7 - عدم التهرب وعدم الاستئذان بالانصراف عن الجهاد بالمال والنفس : قال تعالى: (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم) وقال تعالى: (وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله أستأذنك أولوا الطول منهم وقال ذرنا نكن مع القاعدين) 8 - الغلظة على الأعداء : وقال تعالى: (وليجدوا فيكم غلظة) 9 - عدم الاعتداء أثناء القتال على أي شئ غير المقاتلين: قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) 10 - عدم الشعور بالوهن والضعف والاستكانة بل لابد من التمسك بالصبر: قال تعالى: (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين) 11 - عدم قتال غير المقاتلين من الأعداء : قال تعالى: (فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) وقال تعالى: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) 12 - عدم قتال أي أحد لإجباره على ترك دينه أو اعتقاده فذلك من عادة أعداء المسلمين: قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) وقال تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) فهذا نص قرآني على أن من قاتل في الدين هم غير المسلمين وليس المسلمون. 13 - عدم قتال المعاهدين أي من لهم عهد مع المسلمين : قال تعالى: (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم) 14 - جوار أي من الأعداء أثناء القتال إذا طلب الاستجارة بالمسلمين وإبلاغه مأمنه: قال تعالى: (وإن أحد من المشركين استجار فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) 15 - قبل القتال وأثناء القتال لابد من التبين والتحقق من العدو ومن ليس بعدو: قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا وعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا) 16 – إعداد العدة والقوة قدر الاستطاعة لردع العدو وإرهابه: قال تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ) سادسا: توبة الأعداء أثناء القتال: إن الله حين أمر المسلمين بقتال الأعداء والمستكبرين ، شرع أثناء القتال فسحة وفرصة للعدو حتى يتجنب القتل ، بمعنى إن المسلمين إذا اندلع القتال بينهم وبين الأعداء والمحاربين فليس للأعداء إلا مصيران لا ثالث لهما: الأول : قتلهم. الثاني : أن ينتهوا ويتوبوا ويسلموا. قال تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم) وقال تعالى: (فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم) وقال تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لكم ما قد سلف) وقال تعالى: (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولو بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ) ومعنى (أولوا بأس شديد) أي ذو قوة وشدة. وقال تعالى : (فإن انتهوا فلا عدوان عليهم) وقال تعالى: (فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير) وقال تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين) قال تعالى: (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم) سابعا: فضل الجهاد وثوابه : وقد ورد في فضل الجهاد ثلاثة عشرة آية على النحو التالي : قال تعالى: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأمواله وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) وقال تعالى: (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض) وقال تعالى: )والذين آمنوا وهاجروا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم* والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شئ عليم) وقال تعالى: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين) وقال تعالى: (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم المفلحون) وقال تعالى: (لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون) وقال تعالى: (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) وقال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم* تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون* يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم) وقال تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أوأنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب) وقال تعالى: (فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما) وقال تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) هذا كل ما ورد في القرآن عن الجهاد والقتال. وللحديث بقية في الجزء الرابع حول (قتال أهل الكتاب وأخذ الجزية منهم).
#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نهرو طنطاوي يرد على الأستاذ مدحت قلادة
-
الجهاد والقتال في سبيل الله كما جاء في القرآن - الجزء الثاني
-
الجهاد والقتال في سبيل الله كما جاء في القرآن - الجزء الأول
-
المثقف ورجل الدين وليس من أحد معصوم
-
الناسخ والمنسوخ بين فتاوي بن باز وعقلانية ذكريا بطرس -الجزء
...
-
الناسخ والمنسوخ بين فتاوي بن باز وعقلانية ذكريا بطرس - الجزء
...
-
طاعة الرسول واجبة في حياته وليست بعد وفاته
-
الله والآخر بين الأوصياء على الدين والكتب المقدسة
-
الاجتهاد الديني تشريع إلهي أم اختراع بشري؟
-
محاولة لقراءة جديدة للإسلام في كتاب نهرو طنطاوي
المزيد.....
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
-
“فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|