راندا شوقى الحمامصى
الحوار المتمدن-العدد: 6187 - 2019 / 3 / 30 - 17:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعْلمُ أكثرُ النفوسِ البشرية بأن الـروحَ التي نشـر عبيرَها حضرةُ بهاء الله في هذا العالمِ تتجلى بدرجاتٍ متفاوتة من القوةِ، إما مباشرةً من خلالِ جهودٍ واعية أظهرها أتباعُ حضرتِه ومؤيدوه، أو بطريقةٍ غير مباشرة من خلالِ بعض المنظماتِ الإنسانية المعنية. هذه الروحُ القدسيةُ لا تستطيعُ أن تنفُذَ وتؤثِرَ في عالم الإمكان ما لم تُجَسَّدْ في قالبِ نظمٍ مشهود ، نظمٌ يحملُ اسمُ حضرتِه ويُثْبِتُ هويتَه وأصولَه بتعاليمِه المباركة ويعملُ وفقا لحدودِه وأحكامِه. لذلك بيَّنَ وشرح حضرة بهاء الله في الكتابِ الأقدس ومن ثم حضرة عبد البهاء في ألواحِ الوصايا ــ وهو السند المؤيِّدُ والمتمِمُ والملازمُ لنصوصِ الكتابِ الأقدس ــ الأصولَ الكلية والعناصرَ الأساسية للجامعةِ البهائية بحيث لن يستطيعَ أحدٌ ممن قرأها أن ينكرَها. وعلى خُطىٰ هذه الأصولِ الإداريةِ المقدَّرةِ من قبل الله فإن شريعةَ حضرة بهاء الله أي سفينةَ نجاةِ العالمِ الإنساني يجب أن تُجسَّدَ و تُصَاغ. ومن تلك الأصولِ يجب أن تتدفقَ وتفيضَ جميعُ المواهبِ في المستقبلِ، وفي نهايةِ المطافِ سوف يستندُ عليهما نفوذُ الأمرِ البهائي المنيع.
يجب أن نقرَّ بأن حضرة بهاء الله لم يغمرْ البشريةَ بروحٍ جديدةٍ ومجدِّدة فحسب ولم يفصحْ عن مبادئَ عالميةٍ معينة فقط أو يأتِ بفلسفةٍ خاصةٍ بليغةٍ وشاملة وذاتِ وقعٍ على النفـسِ، بل إضـافةً إلى كـلِّ ذلك قامَ حضـرةُ بهـاء الله وعلى نحــوٍ مماثـل حضـرة عبد البهاء من بعدِه، وخلافا للأدوارِ والظهوراتِ السابقة، بوضعِ مجموعةٍ من القوانين ، وإنشاءِ مؤسساتٍ محددة ، وتقديمِ أساسياتِ الاقتصادِ الإلهي وبيانِ ما هو أساسي وهام لمجتمعٍ إلهي التنظيم ومقدَّر له أن يكون نموذجا ومثالا لمجتمع آتٍ ، وأسمى وأعلى وسيلةٍ لتأسيسِ الصلح الأعظم ، والقوةِ الوحيدةِ لإتحادِ العالم وإعلانِ حكومةِ العدلِ والقضاءِ العادل.
من الأجدرِ لزعماءِ الدين وممثلي النظرياتِ السياسيةِ ورؤساءِ المؤسساتِ الإنسانية والذين في الوقتِ الحالي يشهدون بالحيرةِ والفزعِ والرهبة الافتقارَ الكاملَ لآرائِـهم وتفكـكَ وفسـادَ ما صنـعوه بأيديـهم أن يحولـوا أنظـارَهم إلى ظهـورِ حضـرة بهاء الله ويتأملوا في النظامِ العالمي المندرجِ في طيات تعاليمِه كيف أنه ببطء وبصورةٍ تدريجية ينمو وسط فوضى واضطرابِ وبلبلة الحضارةِ الحالية. إنه لا يستلزمُ منهم أدنى شكٍ أو قلق بشأنِ طبيعة أو صحةِ منشأ وشرعيةِ المؤسساتِ التي يقومُ ببنائِها معتنقي هذه العقيـدةِ من أهلِ البهاء في جميعِ أنحـاءِ العالـم ، حيث أنها تكمن في صلبِ التعاليم والآثارِ البهائيةِ الجليةِ الواضحةِ التي لم تُغيَّرْ أو تُحرَّفْ بواسطةِ الإستدلالاتِ غير المبررة أو التفاسيرِ غير المجازةِ للكلامِ الإلهي. إن القوى النافذةُ الساريةُ والتي صدرتْ من ظهورين مستقلين ومتعاقبين بصورةٍ اعجازيةٍ وخارقة هي الآن أمامَ أنظارنِا ومن خلالِ الحُماة المصطَفين والمختارين للأمرِ البهائي السريعِ الانتشار تحتشدُ تدريجيا و تنتظم .
تلك القوى النافذةُ تتبلورُ رويداً رويداً في مؤسساتٍ سوف تُجَلّ ويكون لها شرفُ الامتيازِ لعصرٍ نحن مدعوون بأن نؤسسه ونخلِّدَه بإعمالنا ومآثرِنا.
بذلُ الجهدِ للمقارنة بين هذا النظمِ الفريدِ البديع بكونِه إلهي مع أي من النُظُم المتعددةِ الأشكالِ والمتنوعةِ والتي قامت العقولُ البشرية في أدوارٍ مختلفة من التاريخ بابتداعِها واختراعها لإدارة مؤسساتِها الإنسانية سوف يكون مضلِلا برمَّتِه بل وأيُّ محاولةٍ من هذا القبيل في حدِّ ذاتِها تبيِّنُ عدم وجود التقديرِ الكامل لبراعـةِ إنجـازِ خالقِـه ومبدعِـه. كيف يمكـنُ أن نغفـلَ مـن هذا الأمـرِ بأن النظــمَ البديـعَ هو مثالٌ ونمــوذجٌ للمدنيـةِ الإلهيـة التي أوجدتْـها الشـريعــةُ الغــراءُ لحضـــرةِ بهاء الله والتي قد قُدِّر لها أن تتوطدَ وترسخَ في العالم ؟ النُظُمُ المتعددةُ والمختلفةُ والدائمةُ التغيّرِ لإدارةِ أمورِ الإنسان وحقوقِه سواءٌ في الماضي أم الحاضر, وسواءٌ كان منشؤها في الشرقِ أم في الغربِ ، لا تُقدِّم معيارا كافيا يؤهلُها أن تُقيِّمَ قدرةَ النَظْمِ البهائي والفضائلِ المكنونةِ فيه أو أن تُقدِّرَ وتقيسَ متانةَ أسسِه.
الجامعةُ المتحدةُ البهائية في المستقبل ــ الذي يكون فيه النظامُ الإداري البهائي الواسعُ هو هيكلُه الوحيدُ وبنيانُه ــ ليست هي فريدةً من نوعِها في تاريخِ المؤسساتِ السياسيةِ البشريةِ من الجانب النظري أو التطبيقي فحسب بل حتى أننا لا نجدُ لها شبيهاً في سجلاتِ أيٍ من النظمِ الدينيةِ المعترفِ بها في العالم. فإن أيَّ شكلٍ من أشكالِ الحكمِ الديمقراطي ؛ أو النظامِ الاستبدادي أو الديكتاتوري ، سواء كان ملكياً أو جمهورياً ؛ وأن أيَّ مخططٍ وسطي كالنظامِ الأرستقراطي الصِرف أو حتى أيٍّ من أنواعِ الحكومات الدينيةِ المعترَفِ بها سواء كانت الحكومةَ العبرانية أو المنظماتِ المتنوعةَ والمتعددةَ الأشكالِ للكنيسةِ المسيحيةِ أو الإمامةِ أو الخلافةِ في الإسلام , لا يمكنُ لأي منها أن تُماثِلَ أو أن يُقالَ بأنها تتطابَقُ مع النظامِ الإداري البهائي والتي أبدعتْه وابتكرتْه اليدُ الماهرةُ لمهندسِه المعماري الكاملِ والمطلق.
هذا النظمُ الإداري المولودُ حديثا يُجَسِّد في طياتِه وتركيبِه عناصرَ معينةً ومحددة يمكنُ العثورَ عليها في كل من الأنواعِ الثلاثةِ للحكومةِ العلمانيةِ المعترفِ بها دون أيِّ شعورٍ بأنه مجردُ نسخةٍ من أيِّ واحد منها , ودون أن يولجَ داخلَ أجهزتِه أيّاً من الملامحِ والسماتِ المذمومةِ والنقائصِ الذاتيةِ لتلك الحكومات.
النَظمُ الإداري البهائي يُدمِجُ ويوائمُ الحقائقَ المفيدةَ السليمةَ والموجودة بلا شك في تلك الأنظمةِ دون أن يُبطِلَ أو يُتلِفَ نزاهةَ الحقائقِ وكمالَها التي وهبها اللهُ له والتي تأسسَ عليها في نهايةِ المطاف , وهذا أمرٌ لم تستطع أيٌ من الأنظمة البشريةِ أن تُنْجِزَها.
يجب أن لا يُعتَبَرُ النظمُ الإداري البهائي بأي حالٍ من الأحوالِ نظاما ديمقراطياً صرفاً حيث أن الإدعاءَ الجوهري الذي تتطلبه الديمقراطياتُ هو أن تعتمدَ أساسا الحصـولَ على تفويضٍ و توكيــل من الجمهــور والذي لا يوجـدُ كليّاً في الأمـرِ البهائي وهذا الدورِ المبارك. ينبغي أن يؤخَـذَ في الاعتبـارِ كما تُصـرِّحُ بياناتُ حضرة بهاء الله بوضوح بأن أعضاءُ بيتِ العدلِ الأعظم ليسوا مسئولين أمامَ الذين يمثِّلونهم ، كما أنه لا تحكمهم المشاعرَ ولا يقعون تحتَ تأثيرِ الرأي العامِ أو إداناتِ جمهورِ المؤمنين ، أو أولئك الذين ينتخبونهم مباشرة في تسييرِ الشؤونِ الإداريةِ وفي تشريعِ القوانين المتممةِ لأحكامِ الكتابِ الأقدس. بل إنهم يتوجهون إلى ساحةِ عز كبريائِه في أداءِ مهامِهم متّبِعين ما يُملي عليهم وجدانُهم , كما يمكنُهم بل, ويجبُ عليهم أن يطّلعوا على الوضعِ السائد وسطََ المجتمعِ وفي ضمائرِهم بدون أيّ تحيزٍ, يولون الاهتمامَ لأيٍّ من القضايا التي تُقَدَّم لهم ولكن في كلِّ الأحوال يحتفظـون لأنفســهم حـقَّ اتخـاذِ القــرارِ بكامـلِ الحريـة وهذا البيانُ المبـارك لحضـرةِ بهـاء الله والذي يتفضل فيه بأن اللهَ " يلهمهم ما يشاء" تأكيدٌ على ذلك ولا يقبلُ الجدلَ, ويضمنُ اعتمادَ ويؤكدُ اطمئنانَ خاطرِهم. إن أعضاءُ بيت العدل الأعظم هم المتلَقون للهدايةِ الإلهية والتي هي ينبوعُ الحياةِ والحافظُ الجوهري المطلقُ لهذا الأمرِ المبارك, أمّا أولئك الأشخاص الذين ينتخبون أعضـاءَ بيتِ العدل بشكلٍ مباشر أو غيرِ مباشر فإنهم لا يمتلكون تلك الموهبةَ.
لا يمكنُ القولُ بأن النظمَ البديع لحضرة بهاء الله هو نظامٌ صارم, صلبٌ وقاسٍ لحكومةٍ استبدادية أو تقليدٌ لأيٍ من الحكوماتِ المتعسفةِ الدينية, سواء كانت حكومةَ البابا أم الإمامةِ أم أياً من المؤسساتِ المشابهة. والبرهانُ الواضح على ذلك أن حقَّ تشريعِ الفرامين و الأحكامِ غير المنصوصةِ قد فُوِّضَ حصريا إلى الممثلين المنتخَبين من أهلِ البهاء ( بيت العدل الأعظم )* والذين عُيِّنوا بانتخابٍ عالمي ولا يمكن لأحدٍ أن ينتزعَ هـذه السلطـةَ الحياتيـة والنفـوذَ الجوهـري أوأن يتـعـدى على ذلك الحـقِ المقـدس ( أو التعديل في قراراتهم سوى بيت العدل الأعظم بذاته )* سواء كان ذلك ولي الأمر أم أيُّ مؤسسةٍ أخرى. إن إلغاءَ الحرفةِ الكهنوتية وشعائرِها, من قبيلِ غسل التعميد و العشاءِ الرباني والإقرارَ بالمعاصي, وإيجادَ قوانينَ لانتخاب بيوتِ العدل المحليةِ والمركزية والعالمية من قِبَل عامةِ الناس , نسخَ السلطةِ والاختيار الكامل للطبقةِ الروحانية وما تتمتع به من امتيازاتِ و ينطوي على فساد ومضار النزعة البيروقراطية ( نظامٌ يقوم على قوةِ ونفوذ أصحابِ السلطة)* المصاحبة لتلك الطبقة (الروحانية)* , كلُّ هذا مزيدٌ من الأدلة على أن النظامَ الإداري البهائي ليس له سمةُ الاستبدادِ وأنه يميلُ إلى الأساليبِ الديمقراطية في إدارةِ شؤونِه.
كذلك لا يمكنُ الخلطُ بين النظامِ المنسوبِ إلى حضرة بهاء الله وأيِّ نظامٍ لحكومة ارستقراطية محضة لأنه على الرغم من أن النظامََ البهائي يؤيدُ ويدعمُ مبدأَ الوراثةِ ويفوِّضُ ويعهَدُ إلى ولي أمر الله وظيفةَ تبيينِ التعاليم البهائية ولكن من جهةٍ أخرى ينصُّ على انتخاباتٍ حرةً , نزيهةً و مباشرة من بين جمهورِ المؤمنين لهيئةٍ تشكِّلُ أعلى سلطةٍ تشريعية.
وفي حين أنه لا يمكنُ القولُ إن النظمَ الإداري البهائي تمَّ تأسيسُه على غرارِ أيٍّ من تلك الأنظمةِ الحكوميةِ المعترفِ بها ، إلا أنه يُجسِّدُ في إطارِه العناصرُ التي يمكِنُ العثورُ عليها في كلِّ واحدٍ منهم , فمثلا السلطةُ والاختيارُ الموروث واللذان فوِّضا لولـي الأمـرِ المبـاركِ والوظـائـفُ الجـوهريـةُ والحـياتيـة المـهمـةُ التي يُنجِـزُهـا بيـتُ العدلِ الأعظم والأحكامُ المعينة والمخصصةُ والمطلوبة للانتخاباتِ الديمقراطية بواسطة الوكلاءِ المؤمنين , كلُ هذا مبيِّنٌ لحقيقةِ أن تركيبَ هذا النظامِ السماوي لا يُشبِه أياً من أنواعِ الحكوماتِ التي أشارَ إليها أرسطو في آثارِه بل يمزجُ مع الحقائقِ الروحانيةِ التي يستندُ إليها , العناصرَ الصالحةَ والمفيدةَ والتي توجد في كلِّ من تلك الأنظمةِ المشارِ إليها , و يستبعدُ بشكلٍ صارمٍ ودائمٍ الشرورَ الكامنةَ المسلمَ بها في كلٍّ من تلك الأنظمةِ. هذا النظامُ الفريدُ من نوعِه ، مهما استمرَ ومهما كانت انعكاساتُه ونتائجُه واسعةَ النطاقِ ، لا يمكنُ أبدا أن ينحطَّ إلى أيِّ درجةٍ من أشكالِ الحكومات الاستبداديّةِ ، أو إلى سلطةِ طبقةِ الأعيان تلك التي تُبنىٰٰ على أساسِ خداعِ عوامِ الناس, لأن جميع تلك الأنظمةِ عاجلا أم آجلا سوف تكون سبباً في فسادِ آليةَِ المؤسساتِ التي هي من صنعِ الإنسان , خاصةً المؤسساتُ السياسيةُ التي يشوبها النقصُ والخلل.
مهما كان أصلُ ومنشأ البنيانِ القويم لهذا النظم الإداري عظيما وجليلا ومعالمُه فريدةً فالأحداثُ التي يمكن أن يُقالَ بأنها بشّرتْ بولادتِه و إيجادِه وميّزتْ باكورةَ مرحلةِ تطورِه لم تكن أقلَّ مدعاةٍ للملاحظة. فكم هو لافتٌ للنظرِ ذلك التناقضُ بين النظمِ البهائي البديعِ في مرحلةِ ريعانِ فتوَّتِه, حيث كان يتقدمُ ببطءٍ وباطرادٍ وثبات ويزدادُ قوةً, والاندفاعِ المدمِّرِ لقوى الانحلالِ والفساد المهاجمةِ في المؤسساتِ الباليةِ المبتذلةِ الدينية منها والعلمانية في المجتمعِ الحالي.
إن القدرةَ على الحياةِ والنماء التي تُظهرُها المؤسساتُ النابضةُ بالحياة لهذا النظمِ العظيمِ الدائم التوسع, والشجاعةَ والشهامة التي بذلها أتباعُها المتحمسين بعزمٍ راسخٍ للتغلب على العقباتِ وقهرِها ونارَ الجذبِ والشوقِ والحماس الذي يتَّقِدُ في قلوبِ مبلِّغيه المروجين لرسالتِه, وعظمةَ التفاني والتضحيةِ التي فاز بها أبطالُه المبدعون واتساعَ الرؤيةِ والرجاءَ الشديدَ والسرورَ الوافرَ وطمأنينةَ الخاطرِ والعملَ النزيه والانضباطَ التامَ والوحدةَ والتضامن المحكمَ المتين الذي يبديه ويظهره مدافعوه الباسلون وقدرةَ الروحِ النابضةِ لذلك النظمِ لجذبِ العناصر المختلفةِ ضمن نطاقه وتطهيرَ تلك العناصرِ من جميعِ أنواعِ التعصباتِ وصهرَها ودمجَها في بنيانِه الرفيع هي كلُّها أدلةٌ لقوى عظيمةٍ لا يمكنُ للعالمِ الحالي المتزعزع واليائس أن يتجاهلََها وينكرَها.
قارنوا الشواهدَ الرائعةَ العظيمة للروحِِ النابضةِ بالحياة في هيكلِ أمر حضرة بهاء الله بالصراخِ والأسى والغطرسةِ والطيش والمرارةِ والتعصبات والنفاقِ والعداوة والانقسامِ والتشتت لهذا العالمِ العليلِ المتوعكِ المضطرب, شاهدوا الخوفَ والخطرَ الذي يقلقُ قادةَ العالم ويعذبهم ويشلُّ حركةَ السياسيين التائهين الذين قد اُظلِمَتْ بصيرتُهم فكم هو عنيفٌ البغضُ والكراهية, وكم هو زائف طموحُ أبناءِ هذا العالم, وكم هي دنيئةٌٌ مساعيهم, وكم هي عميقةٌ جذورُ الشكِ والريبِ فيهم, وكم هو مقلقٌ ومزعجٌ غيابُ القانونِ وانتشار الفوضى والفسادُ وفقدانُ الإيمانِ الذي يلتهم في مقوماتِ المدنية المتزعزعةِ غير المستقرة.
ألا يمكن القول بأن الفسادَ البشرية يُعَدُ ضرورةً مرافقةً لقدرةِ حضرة بهاء الله ؟ أليست الوقائعُ الخطيرةُ الهامة التي أثارتْ المستمرَ والانحطاط المتواصل الذي يغزو بشدةٍ الكثيرَ من دوائرِ الأنشطةِ والأفكارِ كلَّ قارةٍ من قارات الكرةِ الأرضية إلى حدٍ بعيد هي علاماتٌ منذرةٌ بالسوءِ وتُعلِنُ من جانبٍ آلامَ مدنيّةٍ في حالةِ انحلالٍ وتحطم ومن جانبٍ آخر آلامَ ولادةِ نظمٍ بديع عالمي ــ سفينة نجاة العالم الإنساني ــ النظمُ الذي سوف ينجلي ويرتفعُ فوقَ دمارِ وخرابِ تلك المدنيَّة ؟ شوقي أفندي
#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟