أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مروة التجاني - ماذا يحدث في مصحة كوبر ؟ 2














المزيد.....

ماذا يحدث في مصحة كوبر ؟ 2


مروة التجاني

الحوار المتمدن-العدد: 6022 - 2018 / 10 / 13 - 23:40
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


كل كتابة هي امتنان ، لإنها تساعد الفرد في التعرف على قضاياه والمشاكل التي تعيق مسيرة تقدمه في الحياة ، فوق ذلك بالكتابة أولاً يتم كسر التابوهات الكبيرة مثل المرض أو دخول مشفى لتلقي العلاج النفسي . الوصمة الاجتماعية هي أول التابوهات حيث يظل كثير من الأفراد يحملون عبئها ويشعرون بالخجل فيتوارون خلف الانظار ، هنا من واجب مقدمي الرعاية الصحية تعريف المريض بمشكلاته ومساعدته للاندماج في المجتمع بشكل سليم ، لكن للأسف ! .

ما حدث في مصحة كوبر كان ينافي كل ما تقدم ذكره ، وسأورد حواراً دار بيني وبين الممرضة ( ف . ب ) التي كانت تردد عبارات معينة طوال اليوم على شاكلة " انتو اهلكم ديل لو كانوا عايزنكم ما كان جدعوكم هنا " ، " اصلا انتو ما عندكم اهل زاتو ، واهلكم ديل ما بعرفوا التربية زاتو " وكثير غيرها من الالفاط النابية بصوت عالي تسمعه كل المريضات بصمت وخجل من أنفسهن ، هكذا نجحت في كسر ارادتهن ويجوز لي القول أن جميع طاقم التمريض وظيفته الاساسية كانت كسر الارادة قبل مداوة المريضة ، حينها قلت لها سأقدم فيك شكوى لجنابو ( ح ) وهي المسؤولة من العاملين فكان ردها بعد الانتهاء من الشكوى " سأمنعك من الكتابة داخل المصحة لأن الكتابة أسلوب تهديد وعنف " وواصلت بالدارجي " نحن هنا بنكسر عظام وبنربط لمن ينزل دم وما عندنا زول بكتب وبقدر يفتح خشمو " .

لازلت غير قادرة على فهم كيف لجهة تتدعى معرفتها بعلاج العنف وافرادها يمارسون العنف الجسدي واللفظي بجميع انواعه . حين كنت هناك تم ادخال مريضة من جنوب السودان وكان العساكر يجلدونها بقوة داخل المشفى وامام انظارنا ، خلاف ذلك لم اشهد حالات جلد من الرجال للنساء من القبائل العربية ! .

ذكرت في المقال الأول الزنزانة ؛ لايمكن لكلمة أو عبارة أن توصفها ومع ذلك سأحاول الكتابة عنها . حين يأتي طلاب جامعة الرباط الوطني أو أي أفراد آخرين في زيارة خارجية يتم منعهم من مشاهدتها ربما لأنهم يعرفون بشاعتها . القتل هو اكبر الكبائر لكن المكوث لساعة واحدة داخل الزنزانة قتل بطئ ويستحيل علاجه .

الزنزانة الأولى لا تتسع لأكثر من فرد ، وهي عبارة عن مرحاض غير مستعمل ، قديم وتفوح منه رائحة الخراء والبول ، لا توجد بها نافذة ، مصنوعة من الحجر ، مليئة بالحشرات والنمل ، مظلمة ، تنام المريضة فيها عارية حتى لا تمسك الرائحة بملابسها ، ولأن طاقم العمل يخفن أن تنتحر أحداهن في ظل هذه الظروف القاسية يجردونها من الملابس . من يمكث فيها يوماً لن يتمكن من النوم بسبب حرارة الجو ولأن الحشرات ستظل تنهش جلده طوال الليل . في هذه الزنزانة هناك الفتاة ( ر ) من جنوب السودان ، عاشت فيها لشهور رغم معرفة الأطباء : السماح لمريض أن يمكث لأشهر داخل مرحاض ؟، لايتم اخراجها لرؤية الضوء إلا في ساعات الصباح الأولى لتستحم وتعود بعدها إلى ذاك المكان .

الزنزانة الثانية واسعة إلى حد ما ، لا تختلف عن الأولى في شئ ، هي أيضاً مرحاض قديم . قالت إحدى النزيلات " انا خايفة البت الجنوبية دي تموت ، أنتو يا جماعة الناس ديل ما عندهم رحمة " .

الجدير بالذكر أن الدخول للزنزانة آلية تهديد تلجأ إليها الممرضات لتخويف النزيلات واجبارهن على العمل ، قالت واحدة من النزيلات " والله العساكر ديل بدخلونا الزنزانة لأتفه الاسباب " وهذا جزء مما يحدث في مصحة كوبر للأمراض النفسية وسأكمل في الحلقة التالية خفايا هذا المكان الرهيب الذي أقل ما يمكن أن يوصف بأنه نسخة حديثة من معسكرات التعذيب النازية .



#مروة_التجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يحدث في مصحة كوبر ؟ 1
- فارغو .. جمالية الجريمة
- أحكي يا كنفاني عن الحرية
- كيان اللانهائية
- وداعاً لينين
- هل مات بريخت ؟
- تسجيل المتخيل عند لاكان
- نورتي ونهاية التاريخ
- في مفهوم العمارة
- هروب رجل
- غرفة العنكبوت / عن المثلية الجنسية وقضايا أخرى
- نجوت لأرسم
- فنان كازو إيشيغورو
- تيار الرومانتيكية 2
- تيار الرومانتيكية 1
- أن تكتب – مارغريت دوراس
- الرواية الأفريقية .. الكنز المكتوب
- الضحك في السجن
- ريمون كينو كاتباً الهيغلية
- وداعاً ماياكوفسكي


المزيد.....




- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا ...
- -غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
- بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال ...
- في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
- 5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
- قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا ...
- خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة ...
- اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال ...
- اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مروة التجاني - ماذا يحدث في مصحة كوبر ؟ 2