أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - السبات خارج الوعي وإشكالية التطور














المزيد.....

السبات خارج الوعي وإشكالية التطور


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5787 - 2018 / 2 / 14 - 00:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


السبات التي تعيشه الشعوب الملتصقة بالماضي وخاصة التي تعيش زمنها الماضوي بكل تفاصيله وتنحاز لثقافة أن السلف الفكري والشخصاني حالة لا يمكن أن تتكرر وعليها واجب التمسك وعدم التفريط فيه، والنتيجة أنها ربطت روحها وفكرها برباط مقدس بذلك الحال ووقائعة وأشارت إلى الفاعل الأساسي الذي صنع تلك التحولات أو ساهم في خلقها لعلها تنجح أن تعيده مرة أخرى للواقع، الأسباب الحقيقية لهذا التعلق ليس في نوعية وكيفية فعل الفاعل ذاك بل بالرمزية التي صنعها ونقلها وجسدها حلما أوحدا لها، والحقيقة أن القول جزما وأطلاقا بتحميل الواقع منسوبا للدين تلك المسؤولية هو منهج لتعميق الأزمة وتجذيرها فليس السبات الحالي والمتواصل منذ قرون وقرون من أثر الدين وأثاره الفكرية لوحدهل، بل من نتائج منطق ثقافة التنويم التي أفرزها الفشل الذاتي المجتمعي والفردي في أستحضار عوامل الوعي بالزمن وإدراك ماهيتها على النحو الذي ينتهي فيه في نقطة حرجة فيها القرار محصور بين خيارين أن نكون أو لا نكون.
حتى الشعوب الأخرى وتجاربها الواقعية والمدونة في سجلات الذاكرة الإنسانية والتي أدمنت فيها بمراحل زمنية على الأفيون والمخدرات العقلية والفكرية، نهضت بقوة من كبوتها بعد أن أستحضرت وعيها بالزمن وقوانينه ومن خلال فعل النخبة التي عابت على واقع مجتمعاتها حالة التخلف والإرباك والفوضى، وأجزمت على ان البقاء في حالة محلك سر لم ينتج لهم إلا الفقر والإذلال والجوع والتخلف وتحولوا إلى شعوب حيه ساهمت في النهضة الوجودية بكل قوة وفاعلية بل وأصبحت من المجتمعات الرائدة في تقديم النموذج الحضاري الهام لبقية الشعوب، نحن كشعوب ما زالت تبحث عن خياراته في ذات الدائرة المطغلقة والميتة ذاتها، وأن مصيبتنا الكبرى التي لا نحاول الأقتراب من رؤيتها أن الزمن لدينا لا قيمة له وأن قيمته الصفرية بالرغم من عدميتها تتحكم فينا، لذا ترانا نتصارع ونتقاتل على أحداث وأفكار وروايات حتى الماضي نسيها ولم يعد تتذكرها إلا العقول المتحجرة تقدم لها القرابين وتتوسلها كي تعود.
الإنسان الكائن العاقل المعرفي المدني حسب مصطلحات علم الأجتماع والفلسفة وعلم النفس من الضروري أن يكون بهذه الملكة التكوينية والأساسية في وجوده أن يكون ذا وعي خاص وعام، بمعنى أن وجود العقل لديه وقدرته على بناء ونقل المعرفة وأنتاجها وتوزعيها سيكون ملزما قبل ذلك أن يكون واعيا لوعيه الخاص بهذا التكوين والتكيف كأساس ومستجيب له ومتفاعل به، ومن خلال هذا الوعي الخاص سيكون ملزما أيضا بوعي عام أكبر وأعظم شمولية متعلق بالوجود كله وحركته وأسبابه وعلله، وبالتالي فأن أكتشاف قوانين التطور والتجديد هي من مخرجات ونتائج هذا الوعي وعلاته، وهو يرى أن العالم لم ولن يتوقف على لحظة تاريخية معينة أو مفترضة أو مؤرخة لديه، وأن العالم من حولنا لن يفعلها مهما كانت هذه اللحظة مفصلية ومحورية في حياته، أو تملك ما يمكن أن تحرك به الوجود في ظرفها ومحلها وزمنها الخاص.
الزمن في حياة الفكر حامل ورافع ودافع للتطور وهو محور قياسي ومعياري في تقييم أداء الأفكار والعقائد والقيم ومصدر تجديدها الدائم دون أن يكون ذلك يمعزل عن وعي الإنسان به أو بدوره في تجديد أطر وأهداف وغايات الوجود, فكل تجاهل لهذا القانون الطبيعي أو تغييب لمفاعليه لا يستند إلى وعي إنساني حقيقي بل هو نقييض للحالة الطبيعية التي يجب أن يكون عليها الإنسان في الحال المعتاد ولا أقول الحال النموذجي، وبخلاف ذلك يمكننا أن نصف من يتعمد تغييب هذا الوعي أو تجاهله أنه حال من أحوال خروج الإنسان عن كينونته وماهيته المعرفية العقلية.
من هذه النتيجة ومن خلال ما يمكن أن نفهم منها أهمية الوعي وأهمية الزمن وضرورة التجديد لا بد أن ندين أي حالة سبوت وإسبات في الماضي وفي ظروفه ومعطياته وإن لم ننكر الماضي كواقع حصل، هناك فرق كبير وعظيم جدا بأن تعي الماضي ودروسه وعبره وتسخرها في فهم الحاضر للتقديم للمستقبل، وبين أن تجعل منه قائدا ومحركا وقاعدة لا يمكن التخلص منها أو من أحكامها وتأثيراته على الحاضر، فليس كل الماضي ممكن أن يكون قنطرة للمستقبل ولا كل ما في الماضي نهاية لا يمكن تجاوزها، فالعقل الإنساني الذي صنع الحدث فيه هو ذاته الذي يمكنه وبالقوة أن يصنع ما هو أكبر وأعظم كتجربة وكحقيقية متماهية مع تطوره هو وما يمكن أن تثريه التجارب والتراكم في الخبرة وفي البحث عن مخرجات وحلول.
المشكلة أذن في تقصيرنا في تجديد الوعي وفي تجديد إحساسنا بالزمن وفي عدم قدرتنا على ربطهما معا الزمن والوعي عقليا لمزيد من المعرفة والتتابع والتجديد في قواعد بناء الذات الواعية، لذا لا غرابة حينما نقول أن تغييب الوعي هو علة العلل في التخلف وليس الفكر دينيا كان أم معرفيا بوجوهه المتعددة، العقل الإنساني في مجتمعاتنا النائمة في أوحال الماضي يمكنه مع قليل من الحرية وقليل من الدوافع الحسية أن ينجح في أستنهاض الواقع بمجمله وتحريكه نحو أفاق التطور والتحديث مهما كانت المعرقلات والمعوقات لها حضور فاعل لأن الزمن حليفه هنا والقادر على مساعدته في التخطي والعبور.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمل دراسة في تأمل المعنى
- ساعة القيامة ....... الآن
- حالوب بائع الفحم الطويل
- أسلمة المجتمع أم تديين المجتمع
- السياسة في بلاد النخاسة.
- نعم أنا فاسد... أنا ملحد.... أنا كافر.
- الميل السلفي الديني المزمن في الخشية من التجديد والتغيير
- أنفلونزا السياسة وجنون القيادة
- الأنتخابات العراقية وحساب البيدر
- ثنائية الحب والجنون (رزاق وعالم مخبول) ح14
- ثنائية الحب والجنون (رزاق وعالم مخبول) ح13
- ثنائية الحب والجنون (رزاق وعالم مخبول) ح12
- ثنائية الحب والجنون (رزاق وعالم مخبول) ح11
- ثنائية الحب والجنون (رزاق وعالم مخبول) ح10
- ما هو الطريق لدولة مدنية حضارية؟
- كيف نبني مجتمع قادر على التحول والتجديد؟
- حكايات جان فالجان البغدادي .... ح2
- دين الدولة ح1
- إشكالية الدولة والإنسان مواطن
- حكايات جان فالجان البغدادي .... ح1


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - السبات خارج الوعي وإشكالية التطور