أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايد عواد - الخرافة بين سفر الرؤيا والإسراء والمعراج















المزيد.....



الخرافة بين سفر الرؤيا والإسراء والمعراج


عايد عواد

الحوار المتمدن-العدد: 5421 - 2017 / 2 / 3 - 16:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 4


1 بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ فِي السَّمَاءِ، وَالصَّوْتُ الأَوَّلُ الَّذِي سَمِعْتُهُ كَبُوق يَتَكَلَّمُ مَعِي قَائِلاً: «اصْعَدْ إِلَى هُنَا فَأُرِيَكَ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَصِيرَ بَعْدَ هذَا».
2 وَلِلْوَقْتِ صِرْتُ فِي الرُّوحِ، وَإِذَا عَرْشٌ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ، وَعَلَى الْعَرْشِ جَالِسٌ.
3 وَكَانَ الْجَالِسُ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهَ حَجَرِ الْيَشْبِ وَالْعَقِيقِ، وَقَوْسُ قُزَحَ حَوْلَ الْعَرْشِ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهُ الزُّمُرُّدِ.
4 وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشًا. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخًا جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ.
5 وَمِنَ الْعَرْشِ يَخْرُجُ بُرُوقٌ وَرُعُودٌ وَأَصْوَاتٌ. وَأَمَامَ الْعَرْشِ سَبْعَةُ مَصَابِيحِ نَارٍ مُتَّقِدَةٌ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ.
6 وَقُدَّامَ الْعَرْشِ بَحْرُ زُجَاجٍ شِبْهُ الْبَلُّورِ. وَفِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةُ حَيَوَانَاتٍ مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ وَرَاءٍ:
7 وَالْحَيَوَانُ الأَوَّلُ شِبْهُ أَسَدٍ، وَالْحَيَوَانُ الثَّانِي شِبْهُ عِجْل، وَالْحَيَوَانُ الثَّالِثُ لَهُ وَجْهٌ مِثْلُ وَجْهِ إِنْسَانٍ، وَالْحَيَوَانُ الرَّابِعُ شِبْهُ نَسْرٍ طَائِرٍ.
8 وَالأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ حَوْلَهَا، وَمِنْ دَاخِل مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا، وَلاَ تَزَالُ نَهَارًا وَلَيْلاً قَائِلَةً: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي».
9 وَحِينَمَا تُعْطِي الْحَيَوَانَاتُ مَجْدًا وَكَرَامَةً وَشُكْرًا لِلْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، الْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ،
10 يَخِرُّ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا قُدَّامَ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، وَيَسْجُدُونَ لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، وَيَطْرَحُونَ أَكَالِيلَهُمْ أَمَامَ الْعَرْشِ قَائِلِينَ:
11 «أَنْتَ مُسْتَحِقٌ أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُدْرَةَ، لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ».


تفسير أصحاح 4 من سفر الرؤيا للقمص تادرس يعقوب


الرؤيا 4 - تفسير سفر الرؤيا

المشهد السماوي


الأصحاح الرابع:



هذا الأصحاح بمثابة "مشهد سماوي" يلهب قلب الكنيسة. فبالرغم مما تعانيه من أتعاب، أو تشعر به من ضعف وهوان، إلاّ أن نصيبها هو الثالوث القدوس الممجد من السمائيين، لهذا رأى الرسول:



1. السماء المفتوحة


1.

ولكن من الذي يرى السماوات مفتوحة؟


2. العرش الإلهي


2-3.

3. ما هو حول العرش الإلهي


4-11.

أ. الأربعة وعشرين قسيسًا
ب. البروق والرعود والأصوات الخارجة من العرش
ج. "وقدام العرش بحر زجاج شبه البلور"
د. المخلوقات الحية الأربعة




1. السماء المفتوحة

"بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء،

والصوت الأول سمعته يتكلم معي قائلًا:

اصعد إلى هنا، فأريك ما لا بُد أن يصير بعد هذا!" [1]

كثيرًا ما يكرر "بعد هذا"، وهي لا تعني تعاقبًا في الزمن، وإنما تعني أنه قد انتقل إلى رؤية جديدة. وإننا نجد بعض الرؤى المتعاقبة تتحدث عن فترة زمنية واحدة في رؤى متعددة للتأكيد أو التوضيح أو الكشف عن جانب مُغاير للجانب الأول.

فإذ ختم وصف حال الكنائس بالباب المغلق في وجه الرب، والرب مصمم على عدم مفارقته يسأل مُلحًا ويقرع متوسلًا أن تفتح له النفس قلبها ليدخل ويتعشى معها. تجد الرب يكشف لنا أن باب السماء "مفتوح" على الدوام في وجوهنا. كل من يصعد إليه، يدخل منه، ليعرف أسرار حب الله للبشر، ويدرك مقدار المجد المُعَد له، فتتوق نفسه أن يخلى ذاته عن كل ما هو أرضى، ليبقى على الدوام في السماويات.

ولكن من الذي يرى السماوات مفتوحة؟

يوحنا المنفي في بطمس، ويعقوب الهارب من وجه عيسو (تك 28: 12-13)، وحزقيال المسبي (حز 1: 1) وإسطفانوس المطروح للرجم (أع 7). في وسط الضيقات والمتاعب يكشف الله للنفس تعزياته لتتلذذ نفسه مبتهجة!

وما هي السماوات المفتوحة؟ يقول الأسقف فيكتورينوس: [إنها العهد الجديد الذي هو الباب المفتوح في السماء... إنه مفتوح بما فيه الكفاية، لأن السيد المسيح صعد بناسوته إلى الآب في السماء.]

لقد صعد الرب إلى السماء كغالب ومنتصر، وكما يقول القديس أمبروسيوس[53] صعد متزينًا بغنائم مدهشة، لأن الداخل فيها ليس إنسانًا واحدًا بل دخل المؤمنون جميعًا في شخص المخلص.

لهذا لا يكف الرب عن التبويق بصوتٍ عالٍ قائلًا: "اصعد"...



2. العرش الإلهي

"للوقت صرت في الروح،

وإذا عرش موضوع في السماء،

وعلى العرش جالس" [2].

ما أن نطق الرب بكلمة "اصعد" حتى صار الرسول "في الروح". وهكذا كل نفس تستمع للرب وهو يناديها تصعد في الحال مهما تكن رباطاتها وثقل جسدها.

وماذا رأى الرسول؟ رأى عرشًا وعليه يجلس "العظمة الإلهيّة"، ومن بهاء جلاله لم يعرف ماذا يلقب الله فدعاه "الجالس"، وهكذا فعل ما فعله إشعياء (6: 1) ودانيال (7: 3). إذ لم يقدر أحد أن يلقب الله باسم ما لأنه مبهر للغاية.

وقبل أن ندخل في تفاصيل ما رآه الرسول يجدر بنا أن نتوقف قليلًا لنتأمل وندهش من صنيع الرب العجيب. فإن ما رآه نجد له ظلالًا ورموزًا وأشباهًا في العهد القديم في خيمة الاجتماع وهيكل سليمان. ونجد له ما يطابقه في كنيسة العهد الجديد بكونها عربون السماء!

1. رأى الرسول عرشًا في السماء، وعلى العرش جالس، وكان لهذا رسم في القديم حيث كان تابوت العهد الذي في قدس الأقداس يشير إلى حلول الله.. أما اليوم فإننا نتمتع بالعربون، لأنه قائم وسطنا مذبح يتربع عليه الرب المصلوب هنا، نأكل جسده ونشرب دمه!

2. رأى 7 منائر ذهبيّة تقابل السبع سرج للمنارة في القديم، واليوم نستخدم السرج (القناديل) أمام هيكل الرب، لأنه حال في وسطنا فعلًا!

3. في السماء رأى بحرًا زجاجيًا[6] يقابله بحر النحاس (1 مل 7: 23)، واليوم نجد المعمودية التي بدونها لا يقدر إنسان أن ينال التبني ويرث الملكوت أو يعاينه!

4. في السماء نرى 24 قسيسًا من فئة كهنوتية سماوية. واليوم يفرز الله له كهنة يقدمون له بخورًا وصلوات باسمه!

5. يحمل العرش أربعة مخلوقات حية، يقابلها الكاروبين المظللين للتابوت، واليوم تحمل الأناجيل الأربعة الكنيسة وتصعد بها إلى حيث عرشه، تقدمها له عروسًا مقدسة.
6. في السماء سمع الرسول تسبحة الحمل والثلاث تقديسات وتسابيح متعددة، والكنيسة لا تكف عن الترنم بهذه التسابيح جميعها في كل يوم، بل منها تسابيح تترنم بها كل ساعة من ساعات صلواتها كتسبحة الثلاث تقديسات، لأنها لا تكف عن الاشتراك مع السمائيين في التسبيح!

7. وماذا نقول عن المجامر الذهبيّة والثياب البيض والهيكل والمذبح إلخ. أقول بحق من يحيا في الكنيسة الحقيقية، كنيسة المسيح الرسولية، كما عاش فيها الآباء لن تكون السماء ولا تسابيحها ولا من بها ولا ما فيها غريبًا عنهم، لأنهم ذاقوا هنا واختبروا ورأوا وسمعوا وتمتعوا بعربون ما سيكون وقتئذ.



نعود مرة أخرى إلى الجالس على العرش لنرى:

"وكان الجالس في المنظر شبه اليشب والعقيق

وقوس قزح حول العرش في المنظر شبه زمرد" [3].

إذ بُهر الرائي لم يعرف بماذا يصف أو يعبر، لهذا أكثر من قوله "شبه" أو "كما" أو "مثل". إنها تشبيهات لتعبر عما يختلج في نفس الرائي ما استطاع.

أ. رأى الرب في المنظر شبه اليشب والعقيق، وهما الحجران الكريمان (آخر وأول حجرين) اللذان يرصعان صدرة رئيس الكهنة (خر 28: 20، 17) وهذه الحجارة كانت تشير إلى الأسباط. وكأن الله يضع على صدره أصغر إنسان وأكبر إنسان، كل البشرية محفوظة في قلبه، لأنها عمل يديه.

ب. حجر اليشب غاية الشفافية يرمز لمجد الله (رؤ 21: 11)، ويشير إلى بهاء قداسته، وبساطة محبته للبشر فلن يحمل ضغينة ضد إنسان ولا يود الانتقام.

وحجر العقيق أحمر اللون كالنار يشير إلى رهبته وعدله.

وقوس القزح يحيط بالعرش من كل جانب. أينما تقابلنا مع الله رأينا العهد الذي ارتبط به مع الإنسان (تك 9)، إذ يود على الدوام أن يتصالح الكل معه. لهذا يقول الرسول: "كأن الرب يعظ بنا: تصالحوا مع الله".

هذا القوس له ألوان كثيرة تعلن عن إحسان الله ومواهبه المتعددة التي يمنحها لأولاده. وهو كقوس يشير إلى القوس الذي يستخدم في الحرب مدافعًا عنا، لكن بغير سهم لأنه لا يحب سفك الدم، به نغلب الخطية وندوس على الشيطان.

وهذا القوس شبه الزمرد. وهي في صدرية الحبر الأعظم تشير إلى سبط لاوي، أي يشير هذا القوس المحيط بالرب إلى عمله الكهنوتي يشفع فينا بالدم الكريم.

والزمرد يميل إلى الخضرة لا يتأثر بالشمس أو الظل، وخضرته تبعث في النفس هدوءًا وسرورًا حتى أن نيرون كان يضعه قدامه عند تعذيبه للمسيحيين حتى لا تتأثر مشاعره، وهكذا كلما ارتفعت أنظارنا إلى العرش هدأت نفوسنا وامتلأت سلامًا وأدركنا دوام خضرته في عمله معنا.


3. ما هو حول العرش الإلهي

"وحول العرش أربعة وعشرون عرشًا،

ورأيت على العروش أربعة وعشرون قسيسًا (شيخًا)،

جالسين متسربلين بثياب بيض،

وعلى رؤوسهم أكاليل من ذهب.

ومن العرش يخرج بروق ورعود وأصوات.

وأمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة هي سبعة أرواح الله.

وقدام العرش بحر زجاج شبه البلور" [4-5].



رأى الرسول يوحنا:

1. الأربعة وعشرين قسيسًا:

كلمة "قسيس" أو "شيخ" في النص اليوناني تحمل معنى العمل الكهنوتي. لهذا منذ القرون الأولى لم تختلف الكنيسة في أمر هؤلاء بل أدركت سمو مركزهم كطغمة سمائية كهنوتية، لهذا رتبت لهم عيدًا تذكاريًا ورتبت لهم ذكصولوجية خاصة بهم، وتضعهم في مقدمة السمائيين بعد الأربعة مخلوقات الحية.
ولكن في وقت متأخر جدًا لما بدأت تظهر فكرة اختطاف الكنيسة قبل وقت الارتداد وظهور ضد المسيح، بدأ البعض يحاول تثبيت هذا الفكر بتأكيد أن الأربعة وعشرين شيخًا هم الكنيسة المختطفة وأن ما يصنعونه في السماء إنما هو عمل الكنيسة وقت اختطافها إلى حين عودتها مع الرب لتملك معه الألف سنة على الأرض[54].

لكننا نجد أن إخوتنا البروتستانت أنفسهم لا يهضمون هذا الفكر كقول القس إبراهيم سعيد[55] إن البعض يراهم ملائكة من طغمة ممتازة يقودون العبادة في الأقداس السماوية، خاصة وأن يوحنا الرسول يخاطب أحدهم قائلًا: "يا سيد" (رؤ 7: 14)، وقد دُعي الملائكة شيوخًا كما في (إش 24: 23).

ويمكننا أن نلمس مكانتهم في الكنيسة الأولى مما قاله عنهم القديس كيرلس الأورشليمي:[لقد أمرنا الآباء أن يهتم كل المسيحيين بتذكارهم لما شاهدوه من كرامتهم وعلو مجدهم، هؤلاء غير المتجسدين، لأنهم قريبون من الله ضابط الكل، وهم أمامه في كل حين يشفعون في الخليقة جميعها، صارخين مع الأربعة مخلوقات الحية قائلين: قدوس، قدوس، قدوس.

عظيم هو مجدهم أمام الرب أكثر من الآباء والأنبياء والرسل والشهداء والقديسين، لأن أولئك جميعهم مولودون من زرع بشري، أما هؤلاء الكهنة الروحانيين فسمائيون، ليس لهم أجساد يمكن أن تتدنس بالخطايا كالبشر.

ما أشرف هذه المكانة التي استحقوها! لأن الملائكة وكل بقية الطغمات السمائيّة واقفون أمام الديان العادل، وهؤلاء جلوس على كراسي نورانيّة لابسون حللًا ملوكيّة، وعلى رؤوسهم أكاليل مكرَّمة، وفي أيديهم مجامر ذهبيّة مملوءة صلوات القديسين، وفي أحضانهم جامات ذهبيّة، ويسجدون أمام الحمل الحقيقي، يسألونه غفران ذنوب البشر!

إنهم لا يفترون عن التسبيح والتهليل أمام رب الصباؤوت (الجنود) مع الأربعة المخلوقات الحية.

غير أنه يلزمنا كقول القديس أمبروسيوس[56] ألاّ نتخيل العروش أو الجلوس عليها بصورة مادية، لأن هذه مجرد تعبيرات عن مقدار سموّ الكرامة والسعادة!

أما الثياب البيض فكما يقول ابن العسال تشير إلى بهائهم ومجدهم وبرّهم وقداستهم.

ويرى الأسقف فيكتورينوس أن هؤلاء القسوس هم كائنات سماوية، وفي نفس الوقت يرمزون لأنبياء العهد القديم الذين يحيطون بالرب معلنين بروح النبوة عن تجسده وآلامه وقيامته وصعوده.

والآن نترك الحديث عنهم إلى أن نعود إليهم أكثر من مرة خلال هذا السفر.


2. البروق والرعود والأصوات الخارجة من العرش:

إذ تخرج من العرش الإلهي لا نفهمها بصورة مادية، بل يبرق الله علينا بمواعيده السماويّة التي هي غاية كلمته بل وجوهرها
المواعيد العظمى التي يعلنها بالروح القدس في داخل النفس طولًا وعرضًا، فيتبعها دموع التوبة ورعد انسحاق القلب.

ومواعيد الله أو كلمته كالبرق الذي يراه الناس في حياة الكارز قبل أن يرعد به لسانه.

أمّا الرعود فهي تشير إلى عمل الروح في قلب المؤمن، إذ يبكته فيتزلزل جحوده وينكسر كبرياؤه.

أمّا وقد رعد القلب صارخًا نحو الرب إذا "بأصوات" خارجة من العرش، هي أصوات حنان الله ومحبته المعلنة على فم كاهنه: "الرب قد نقل عنك خطيتك!"

وهذا كله يتم في الكنيسة بالروح القدس، لهذا رأى الرسول وأمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة هي سبعة أرواح الله" [5].إنه روح الله الذي ينير الكنيسة ويعمل فيها خلال الأسرار السبعة من أجل مصالحتهم مع الله ونوالهم المجد الأبدي. هذا كله لن يتحقق إلاّ بالمعمودية، لذلك قال:



3. "وقدام العرش بحر زجاج شبه البلور"

لقد انتهي الرمز وزالت الظلال، فلم يعد "للمرحضة النحاسية والبحر النحاسي" (خر 30: 18-20؛1 مل 7: 39) وجود، وصار لنا "المعموديّة" التي بها ننال التبنّي، وبدونها لا نعبر إلى العرش الإلهي لأنها قدامه كبحر زجاجي شبه البلور، وبغيرها لا يعاين أحد ملكوت الله (يو 3: 5).

يقول الأسقف فيكتورينوس إن هذا البحر يشير إلى المعموديّة، إذ يلزم لكل من يرغب في الالتقاء بالجالس على العرش أن يخوضه، فتخترق نعمة الله داخل نفسه، ويتهيأ للملكوت. أما كونه شبه البلور فلأنه يليق بالمعتمدين أن يكونوا صارمين ثابتين.

إنها كبحر زجاجي لأن من يدخلها تنعكس عليه إشعاعات الجالس على العرش المضيء كالشمس، فيستنير بالرب ويلبس المسيح.

وهي كالبلور التي متى سقطت عليه أشعة شمس البرّ، أعطى ألوان الطيف، واهبًا للمعتمدين ألوانًا متعددة من المواهب والفضائل. تتجمع معًا لتكون لونًا شفافًا هو لون أشعة الشمس. هكذا يجتمع المؤمنون المعتمدون معًا مع اختلاف مواهبهم وفضائلهم، معطين صورة جميلة لمسيح واحد قدوس نقي!

وأكثر الألوان ظهورًا في ألوان الطيف التي تظهر بسبب البلور هي:

أ. اللون الأحمر، إذ بالمعمودية نتطهر بدم المسيح من كل خطايانا.

ب. اللون الأخضر، إذ بها نأتي بثمار خضراء كثيرة وبركات متعددة.

ج. اللون الأزرق، لأننا بها نصير سماويّين كقول القديس مقاريوس الكبير: [يرسل الرب إلى هنا روحه الخفيف النشيط الصالح السماوي وبواسطته يخرج النفس التي غطست في مياه الإثم ويصيرها خفيفة ويرفعها على جناحه تجاه أعالي السماء[57].]



4. المخلوقات الحية الأربعة:

"وحول العرش أربعة مخلوقات حية[58]".

والحديث عن هذه الطغمة السمائيّة حلو ولذيذ للنفس، لأنه حديث عن المركبة الإلهيّة، الحاملة للعرش الإلهي. وهم طغمتا الشاروبيم والسيرافيم اللتان تطلب الكنيسة شفاعتهما على الدوام وتعيد لهما في 8 هاتور كعيد تذكاري، وتدعوهما "الغير متجسدين حاملي مركبة الله[59]".

أ. كرامتهم: يقول عنهم القديس يوحنا الذهبي الفم: [أقول لكم يا أولادي الأحباء إنه ليس من يشبههم في كرامتهم لا في السماء ولا على الأرض، لأنهم حاملون عرش الله، ولا يستطيعون النظر إلى وجه الحي الأزلي: مخلوقون من نور ونار، أقوياء، أشداء جدًا يسألون الله أن يغفر خطايا البشر ويتحنن عليهم... إشعياء النبي رأى مجدهم ونطق بكرامتهم (6: 1-3). وحزقيال النبي نظر مجدهم ونطق بكرامتهم (1: 4-28). وداود العظيم في الأنبياء، أب الأنبياء، أب المسيح بالجسد، رأى كرامة هؤلاء الروحانيّين ونطق بمجدهم قائلًا في المزمور "طأطأ السموات ونزل وضباب تحت رجليه، ركب على كروب وطار وهف على أجنحة الرياح" (مز 18: 9-10).]

ب. بلا عروش ولا أكاليل مثل القسوس، لأن الرب إكليلهم وهم مركبته!

ج. "مملوءة عيونًا من قدام ومن وراء" [6]،وكما يقول ابن العسال إنها تشير إلى إدراكهم الأسرار الحاضرة والمقبلة التي يكشفها الرب.

د. "لكل واحدٍ منها ستة أجنحة"، وكما نسبح الرب قائلين له[60]: [أنت هو القيام حولك الشاروبيم والسيرافيم، ستة أجنحة للواحد وستة أجنحة للآخر. فبجناحين يغطون وجوههم وباثنين يغطون أرجلهم، ويطيرون باثنين. ويصرخون واحد قبالة واحد منهم. يرسلون تسبحة الغلبة والخلاص الذي لنا بصوت ممتلئ مجدًا.]

هكذا يليق بالكاهن أن يتشبه بهم فيغطى وجهه بالحياء والرعدة، ويستر رجليه بالرجاء والثقة، ويطير قلبه بالحب والترنم أمام الرب المذبوح عنا!

وينصحنا القديس يوحنا الذهبي الفم قائلًا: [أنا أبوكم يوحنا المسكين. أسألكم يا أولادي الأحباء القسوس والشمامسة ألاّ تتقدموا إلى المذبح وأنتم غير أطهار، بل احفظوا أجسادكم ونفوسكم أنقياء إذا أردتم التقدم إلى الخدمة الطاهرة، فإنكم مثال السيرافيم السمائيّين، لأنهم لا يجسرون التطلع إلى وجه الله الحي، بل هم قيام ووجوههم إلى أسفل مغطاة بأجنحتهم! أيها الخدام إنكم تنظرون جسد ابن الله ودمه الزكي الموضوعين أمامكم على المذبح الطاهر وتلمسونه وتأكلونه وأنتم عارفون بعظم الكرامة اللائقة بهما، فينبغي عليكم أن تقفوا بوجوه فرحة وقلوب خائفة وأعين مطرقة إلى الأرض ورؤوس منكسة لأنكم مثال الشاروبيم والساروفيم الحاملين كرسي العظمة.]

ويقول أيضًا:[عندما تسمع عن السيرافيم أنهم يطيرون حول العرش في سموه ورفعته، ويُغطّون وجوههم بجناحين، ويسترون أرجلهم باثنين، ويصيحون بصوت مملوء رعدة، لا تظن أن لهم ريشًا وأرجل وأجنحة، فهي قوات غير منظورة... حقًا إن الله حتى بالنسبة لهذه الطغمات غير مدرك، ولا يقدرون على الدنو منه، لهذا يتنازل بالطريقة التي جاءت في الرؤيا، لأن الله لا يحده مكان ولا يجلس على عرش... وإنما جلوسه على العرش واحاطته بالقوات السمائيّة إنما هو من قبيل حبه لهم... وإذا ظهر جالسًا على العرش وقد أحاطت به هذه القوات لم تتمكن من رؤيته ولا احتملت التطلع إلى نوره الباهر، فغطّت أعينها بجناحين ولم يكن لها إلا أن تسبح وتترنم بتسابيح مملوءة رعدة مقدسة، وأناشيد عجيبة تشهد لقداسة الجالس على العرش. فحري بذلك الذي يتجاسر ليفحص عناية له التي لا تقدر القوات السمائيّة على لمسها أو التعبير عنها أن يختبئ مختفيًا تحت الآكام[61]!]

ثانيًا: يرى القديس غريغوريوس النزينزي والعلامة أوريجينوس أن هذه الخليقة الحاملة للعرش تحمل معنى قوى النفس الأربعة التي تتقدس بحمل الله فيها وهي:

أ. القوى الغضبية ويشار إليها بشبه الأسد.

ب. الشهوانية ويشار إليها بشبه العجل.

ج. النطقية ويشار إليها بمن له كوجه إنسان.

د. الروحية ويشار إليها بشبه نسر طائر.



ثالثًا: ويرى القديس إيرونيموس أنها تحمل أيضًا إشارة إلى العمل الفدائي للرب.

أ. فمن له كوجه إنسان يشير إلى التجسد.

ب. ومن مثل العجل يشير إلى الذبح على الصليب.

ج. ومن مثل الأسد يشير إلى القيامة.

د. ومن مثل نسر طائر يشير إلى الصعود.

رابعًا: ويرى القديس إيريناؤس[62]أنها تحمل أيضًا رمزًا إلى العمل الفدائي من جهة:

أ. من له كوجه إنسان يشير إلى التجسد.

ب. من مثل العجل يشير إلى طقس الذبيحة والكهنوت، إذ هو يشفع فينا.

ج. من مثل الأسد يشير إلى قوة عمله وسلطانه الملوكي وقيادته.

د. من مثل نسر طائر يشير إلى إرساله الروح القدس ليرفرف على كنيسته.



خامسًا: ويرى القديس إيريناؤس أنها تشير إلى الأناجيل الأربعة. كذلك الأسقف فيكتورينوس إذ يقول: [المخلوق الحي الذي يشبه الأسد يشير إلى مرقس الذي نسمع فيه صوت الأسد يصرخ في البرية (مر 1: 3). والذي في شكل إنسان هو متى الذي يجتهد في إعلان نسب العذراء مريم التي أخذ منها السيد المسيح جسدًا. ولوقا يروى كهنوت زكريا مقدمًا ذبيحة عن الشعب.. يحمل العجل. ويوحنا الإنجيلي كمثل نسر طائر يرفرف بجناحيه مرتفعين إلى الأعالي العظمى متحدثًا عن كلمة الله.]

وتمتاز هذه المخلوقات بالأجنحة. هكذا تحمل الأناجيل الأربعة أجنحة كثيرة إذ تحمل البشرية وتطير بها أمام العرش الإلهي مقدمة إياها كعروس مرتفعة نحو السماويّات.

إن القسوس حول العرش، أما المخلوقات الحية فحاملة العرش، هكذا كُتب الأنبياء حولنا تخبرنا عن الفداء، لكن الأناجيل ترتفع بنا، وتنقلنا إلى جو السماويات إلى العرش الإلهي. ولا غنى لنا عن هؤلاء أو أولئك[63].



و. تسبيحهم الدائم "ولا تزال نهارًا وليلًا قائلة: قدوس، قدوس، قدوس، الرب الإله القادر على كل شيءٍ الذي كان والكائن والذي يأتي.

وحينما تعطى المخلوقات الحية مجدًا وكرامة وشكرًا للجالس على العرش الحي إلى أبد الآبدين.

يخر الأربعة وعشرون قسيسًا قدام الجالس على العرش، ويسجدون للحى إلى أبد الآبدين، ويطرحون أكاليلهم أمام العرش قائلين:

أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة، لأنك أنت خلقت كل الأشياء، وهي بإرادتك كائنة وخُلقت" [8-11].

يا له من منظر مبدع متى يا رب ننعم به ونراه!

المخلوقات الحية كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم [يصرخون الليل والنهار بلا فتور يسبحون الحي الدائم قائلين قدوس قدوس قدوس.] ويمجدونه من أجل قدرته ومن أجل صنيعه معهم، ومع كل خليقته، خاصة البشر.

ولا يحتمل الأربعة وعشرون قسيسًا هذا المنظر حتى يقوموا من على كراسيهم، وينزعوا أكاليلهم ويطرحونها عند أقدام الرب، ويخروا قدامه من أجل عظمة استحقاقه وقداسته ومحبته وعنايته!

ويتكرر المنظر لا مرة ولا مرتين، ولا ألف ولا ألفين، ولا عشرات الربوات، بل يبقى هكذا إلى الأبد تهيم كل الخليقة في حب الله ولا تعلم ماذا تقدم له من أجل عظم بهائه ومن أجل كثرة صنيعه وحبه لنا.

والعجيب أن موضوع تسبيح السمائيّين هو "الغلبة والخلاص الذي لنا[64]". يا للعجب! لقد كشف لنا سفر الرؤيا مقدار حب السمائيّين لنا، لأنهم يسبحونه عنا، أو يسبحونه لأجل عمله معنا!

كما فتح سفر الرؤيا للكنيسة بابًا جديدًا أخفي كل أعمالها في هذا الباب وهو تعليم أولادها "حياة التسبيح"، لأن هذه هي نغمة سفر الرؤيا، لغة السماء كلها.

لقد ذكر سفر الرؤيا حوالي 20 تسبحة، وكأنه يبوق لنا: "تعلموا لغة السماء... تهيأوا للشركة مع السمائيّين في عملهم".

وإنني لا أكون مبالغًا إن قلت أن ما في الكنيسة هو حمد وشكر وتسبيح:

أ. فلا تسمح بعمل القداس الإلهي الذي هو مكافأة الله لنا ونحن على الأرض، إلاّ بعد تقديم تسابيح طويلة بالليل وفي رفع بخور باكر كمدخل للشركة والثبوت في الرب بالتناول من جسده المحيى وشرب كأس الخلاص.

ب. يقام القداس الإلهي تسبحة شكر إذ هو "سرّ الشكر" نقبل فيه نعمة إلهيّة، بل واهب النعمة، لنثبت فيه وهو فينا. وكل القداس تسابيح متنوعة. لهذا يصرخ الكاهن في نهاية القداس قائلًا: "يا ملاك هذه الذبيحة الصاعد إلى العلو بهذه التسبحة أذكرنا أمام الرب".

ج. يختتم الشعب القداس بالترنم بمزمور التسبيح: "سبحوا الله يا جميع قديسيه".

د. بعد التناول يقول الشعب مترنمًا سرًا: "فمنا امتلأ فرحًا، ولساننا تهليلًا من جهة تناولنا من أسرارك المقدسة".

ه. بعدما يصرف الكاهن الشعب يدخل الكاهن إلى الهيكل، ويّقبل المذبح في قرونه الأربعة قائلًا: "صفقوا للرب يا جميع الأمم، لتباركه كافة الشعوب". وكأنه يدخل مصفقًا بيديه مسبحًا بقلبه، من أجل صنيع الرب مع كل البشرية.

و. في كل ساعة نصلي فيها إنما نقدم تسبحة تهليل للرب وحمد وشكر له، إذ نرنم قائلين مثلًا "تسبحة الساعة... من النهار المبارك، أقدمها للمسيح ملكي وإلهي وأرجوه أن يغفر لي خطاياي"... وماذا نجد في مزامير الأجبية أو السواعي إلا تهاليل وفرح وتصفيق وحمد وترنم!

ز. حتى في طقوس المناسبات الحزينة كأسبوع الآلام والصلاة على المنتقلين، تقدم الكنيسة ألحانًا غاية في الروعة، وتسابيح تبهج النفس الداخلية، وتملأها عزاء وسلامًا رغم حزن نغمتها!

س. وماذا تقدم الكنيسة المنتصرة في الفردوس إلا صلوات وتسابيح الحمد والشكر لله مع طلبات من أجلنا ومن أجل الأجيال القادمة!

إذن لنسلك بروح كنيستنا ولنرفع كل حين تسابيح الحمد التي علمتنا إياها الكنيسة والتي استقتها من الكتاب المقدس بعهديه أو من سفر التهليل والترنيم "المزامير" أو من تسابيح السماء الواردة في سفر الرؤيا أو من وضع الآباء بإرشاد روح الرب[65] إلخ. بهذا لا تكون السماء وتسابيحها غريبة عنا بل نكون قد تدربنا على لغتها ولمسنا روحها وعشنا في جوها.


.....................

الإسلام


من عجائب ما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج
قال الله تبارك وتعالى :
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ
آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }
﴿الإسراء: 1﴾


معجزة الإسراء ثابتةٌ بنص القرآن والحديث الصحيح فيجب الإيمان بأن الله أسرى بالنبي ليلاً من مكة المكرمة
إلى المسجد الأقصى ، وقد أجمع أهل الحق من سلف وخلف ومحدثين ومتكلمين ومفسرين وعلماء وفقهاء على أنّ الإسراء كان
بالجسد والروح .

من عجائب ما رأى الرسول في إسرائه:
الدنيا : رأها بصورة عجوز .
إبليس : رأه متنحياً عن الطريق .
قبر ماشطة بنت فرعون : وشمَّ منه رائحة طيبة .
المجاهدون في سبيل الله : رأهم بصورة قوم
يزرعون ويحصدون في يومين .

خطباء الفتنة : رأهم بصورة أناس تُقْرَضُ
ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار.
الذي يتكلم بالكلمة الفاسدة : رأه بصورة ثور يخرج
من منفذ ضيق ثم يريد أن يعود فلا يستطيع .

الذين لا يؤدّون الزكاة : رأهم بصورة أناس
يَسْرَحون كالأنعام على عوراتهم رقاع .
تاركوا الصلاة : رأى قوماً ترضخ رؤوسهم ثم تعود كما كانت ، فقال جبريل : هؤلاء الذين
تثاقلت رؤوسهم عن تأدية الصلاة .
الزناة : رأهم بصورة أناس يتنافسون على اللحم المنتن ويتركون الجيد .

شاربوا الخمر: رأهم بصورة أناس يشربون من
الصديد الخارج من الزناة .
الذين يمشون بالغيبة : رأهم بصورة قوم يخمشون
وجوههم وصدورهم بأظفار نحاسية .

أما المعراج فهو ثابت بنص الأحاديث الصحيحة ، أما القرآن فلم ينص عليه نصا صريحا.
من عجائب ما رأى الرسول في المعراج وحصل له :

مالك خازن النار: ولم يضحك في وجه رسول الله .فسأل جبريل لماذا لم يره ضاحكا إليه كغيره . فقال: إن مالكا لم يضحك منذ خلقه الله تعالى ، ولو ضحك لأحد لضحك إليك.

البيت المعمور : وهو بيت مشرف في السماء السابعة وهو لأهل السماء كالكعبة لأهل الأرض كل يوم يدخُلُهُ سبعون ألف ملك يصلون فيه ثم يخرجون ولا يعودون أبدا .

سدرة المنتهى : وهي شجرة عظيمة بها من الحسن ما لا يصفه أحد من خلق الله ، يغشاها فَراشٌ من ذهب ، وأصلها في السماء السادسة وتصل إلى السابعة ، ورأها رسول الله في السماء السابعة .

الجنة : وهي فوق السموات السبع فيها ما لا عين رأت ولا أذن سَمِعَتْ ولا خَطَرَ على قلب بشر مما أعده الله للمسلمين الأتقياء خاصة ، ولغيرهم ممن يدخل الجنة نعيم يشتركون فيه معهم .

العرش : وهو أعظم المخلوقات ، وحوله ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله . وله قوائم كقوائم السرير يحمله أربعة من أعظم الملائكة ، ويوم القيامة يكونون ثمانية .

وصوله إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام :انفرد رسول الله عن جبريل بعد سدرة المنتهى حتى وصل إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام التي تنسخ بها الملائكة
في صحفها من اللوح المحفوظ .

سماعه كلام الله تعالى الذاتي الأزلي الأبدي الذي لا يشبه كلام البشر.

رؤيته لله عز وجل بفؤاده لا بعينه : مما أكرم الله به نبيه في المعراج أن أزال عن قلبه الحجاب المعنوي فرأى الله بفؤاده ، أي جعل الله له قوة الرؤية في قلبه لا بعينه ، لأن الله لا يرى بالعين الفانية في الدنيا ، فقد قال الرسول :
[ إنكم لن تروا ربكم عز و جل حتى تموتوا ]
الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2312
خلاصة حكم المحدث: صحيح
مجموعة أملي الجنة الإسلامية ؛


- - -


145405: لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بإخوانه الأنبياء في بيت المقدس بأرواحهم دون أجسادهم
السؤال: عندما أسري بالرسول عليه الصلاة والسلام إلى بيت المقدس أمَّ الأنبياء ، فهل أُحيوا من قبورهم للصلاة ؟ .

الجواب :
الحمد لله

أولاً:

ثبت في السنَّة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلَّم أمَّ إخوانه الأنبياء في رحلته إلى بيت المقدس .

1. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( ... وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّى فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَائِمٌ يُصَلِّي أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَائِمٌ يُصَلِّى أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ – يَعْنِي : نَفْسَهُ - فَحَانَتِ الصَّلاَةُ فَأَمَمْتُهُمْ .

رواه مسلم ( 172 ) .

2. عن ابن عباس قال : فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي فَالْتَفَتَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ .

رواه أحمد ( 4 / 167 ) وفي إسناده كلام ، لكن يشهد له ما قبله .

ثانياً:

اختلف العلماء هل كانت تلك الصلاة قبل عروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء أم بعد أن هبط منها ، والراجح : الأول .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

قال عياض : يحتمل أن يكون صلَّى بالأنبياء جميعاً في بيت المقدس ، ثم صعد منهم إلى السماوات مَن ذُكر أنه صلى الله عليه وسلم رآه ، ويحتمل أن تكون صلاته بهم بعد
أن هبط من السماء فهبطوا أيضاً ... .

والأظهر : أن صلاته بهم ببيت المقدس كان قبل العروج .

" فتح الباري " ( 7 / 209 ) .

ثالثاً:

يجب على المسلم أن يعتقد أن الحياة البرزخية لا تجري عليها سَنن الحياة الدنيوية ، وإذا كانت حياة الشهداء البرزخية عند ربهم كاملة : فإن حياة الأنبياء أكمل ، لذا فعلى المسلم الإيمان بهذه الحياة دون التعرض لكيفيتها وحقيقتها إلا بنصوص من الوحي المطهَّر .

قال تعالى – في حياة الشهداء - : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ) آل عمران/ 169- 171 .

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : ( الأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ ) .

رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 3425 ) وصححه محققه .

وصححه الشيخ الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 621 ) .

وفي " عون المعبود " ( 3 / 261 ) :

" قال ابن حجر المكي : وما أفاده من ثبوت حياة الأنبياء حياة بها يتعبدون ويصلون في قبورهم ، مع استغنائهم عن الطعام والشراب كالملائكة : أمرٌ لا مرية فيه ، وقد صنَّف البيهقي جزءًا في ذلك ....

وورد النص في كتاب الله في حق الشهداء أنهم أحياء يرزقون ، وأن الحياة فيهم متعلقة بالجسد : فكيف بالأنبياء والمرسلين " .

انتهى

قال الشيخ الألباني – رحمه الله - :

ثم اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما هي حياة برزخية ، ليست من حياة الدنيا في شيء ، ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا .

هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد : الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء ، كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادِّعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية ! قال : يأكل و يشرب ويجامع نساءه !! وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى .

" السلسلة الصحيحة " ( 2 / 120 ) .

رابعاً:

هل كان التقاء النبي صلى الله عليه وسلم بإخوانه الأنبياء بأجسادهم مع أرواحهم ، أم بأرواحهم دون أجسادهم ؟ قولان لأهل العلم .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

وقد استشكل رؤية الأنبياء في السماوات ، مع أن أجسادهم مستقرة في قبورهم بالأرض ، وأجيب : بأن أرواحهم تشكلت بصور أجسادهم ، أو أحضرت أجسادهم لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة تشريفاً له وتكريماً .

" فتح الباري " ( 7 / 210 ) .

والراجح : أنه التقى أرواحهم متشكلة بصور أجسادهم ، باستثناء عيسى عليه السلام ، حيث رُفع بروحه وبدنه ، وثمة خلاف في " إدريس " عليه السلام والراجح أنه ملتحق بباقي إخوانه الأنبياء لا بعيسى عليه السلام .

فالأنبياء عليهم السلام أبدانهم في قبورهم ، وأرواحهم في السماء ، فما قدَّره الله تعالى لهم من اللقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم إنما هو بأرواحهم المتشكلة بصورة أجسادهم الحقيقية ، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن رجب وآخرون .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وأما رؤيته – أي : رؤية موسى عليه السلام - ورؤية غيره من الأنبياء ليلة المعراج في السماء ، لما رأى آدم في السماء الدنيا ، ورأى يحيى وعيسى في السماء الثانية ، ويوسف في الثالثة ، وإدريس في الرابعة ، وهارون في الخامسة ، وموسى في السادسة ، وإبراهيم في السابعة ، أو بالعكس : فهذا رأى أرواحَهم مصوَّرة في صور أبدانهم .

وقد قال بعض الناس : لعله رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور ؛ وهذا ليس بشيء .

" مجموع الفتاوى " ( 4 / 328 ) .

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - :

والذي رآه في السماء من الأنبياء عليهم السلام : إنما هو أرواحهم ، إلا عيسى ، فإنه رفع بجسده إلى السماء .

" فتح الباري " ( 2 / 113 ) .

وهو ترجيح أبي الوفاء بن عقيل ، كما نقله عنه الحافظ ابن حجر ، والظاهر أنه قول الحافظ نفسه ، وقد ردَّ على بعض شيوخه في تبنيهم للقول الآخر ، حيث قال – رحمه الله - .

اختلف في حال الأنبياء عند لقي النبي صلى الله عليه وسلم إياهم ليلة الإسراء : هل أسري بأجسادهم لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ؟ أو أن أرواحهم مستقرة في الأماكن التي لقيهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأرواحهم مشكَّلة بشكل أجسادهم كما جزم به أبو الوفاء بن عقيل ؟ واختار الأول بعض شيوخنا ، واحتج بما ثبت في مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رأيت موسى ليلة أسري بي قائماً يصلِّي في قبره ) فدل على أنه أسري به لما مر به .

قلت : وليس ذلك بلازم ، بل يجوز أن يكون لروحه اتصال بجسده في الأرض ، فلذلك يتمكن من الصلاة ، وروحه مستقرة في السماء .

" فتح الباري " ( 7 / 212 ) .

وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه ليس باستطاعة بدن موسى عليه السلام ولا غيره أن ينتقل من مكان لآخر ، بل هذه حال الروح ، فلذا عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام يصلِّي في قبره ، ثم رآه في بيت المقدس ، ثم في السماء السادسة : فليس ذلك الانتقال إلا لروحه عليه السلام دون بدنه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

ومعلوم أن أبدان الأنبياء في القبور ، إلا عيسى وإدريس ، وإذا كان موسى قائماً يصلِّي في قبره ثم رآه في السماء السادسة مع قرب الزمان : فهذا أمر لا يحصل للجسد .

" مجموع الفتاوى " ( 5 / 526 ، 527 ) .



قال الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله - :

والأظهر من القولين عندي : أنَّ ذلك كان بالأرواح دون الأجساد ، خلا عيسى عليه السلام ؛ وذلك أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حين التقى بالأنبياء وصلُّوا معه صلى الله عليه وسلم :

- إما أن يُقال : صَلَّوا معه بأجسادهم ، وقد جُمِعَت أجسادهم له من القبور ، ثم رَجعت إلى القبور وبقيت أرواحُهم في السماء .

- وإما أن يُقال : هي بالأرواح فقط ؛ لأنَّهُ لقيهم في السماء .

ومعلوم أنَّ الرّفع إنما خُصَّ به عيسى عليه السلام إلى السماء رَفْعاً حيّاً ، وكونهم يُرْفَعُون بأجسادهم وأرواحهم إلى السماء دائماً ولا وجود لهم في القبور : هذا لا دليل عليه ، بل يخالف أدلة كثيرة : أنَّ الأنبياء في قبورهم إلى قيام الساعة .

فمعنى كونهم ماتوا ودُفنوا : أنَّ أجسادهم في الأرض ، وهذا هو الأصل .

ومن قال بخلافه قال : هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه بُعِثَتْ له الأنبياء فَصَلَّى بهم ولقيهم في السماء .

وهذه الخصوصية لابدَّ لها من دليل واضح ، وكما ذكرتُ فالدليل التأمُّلي يعارضه .

وعلى كلٍّ : هما قولان لأهل العلم من المتقدمين والمتأخرين .

" شرح العقيدة الطحاوية " ( شريط رقم 14 ) .



والله أعلم !!!!!!!!!!!!



- - -



الموقع الرسمي لسماحة الإمام ابن باز


هل رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ربه ليلة الإسراء والمعراج؟ علماً أني سمعت رجلاً يقول في قوله تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى* عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى[النجم:15] أن جبريل -عليه السلام- لا يستطيع الوصول إلى هذا المكان إنما هو الله سبحانه، أرشدوني جزاكم الله خيراً.

الصواب أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- لم ير ربه ليلة الإسراء والمعراج، وإنما رأى جبرائيل، كما قال الله سبحانه وتعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى هذا جبرائيل عليه الصلاة والسلام ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ذو مرة يعني ذو قوة وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى* ثُمَّ دَنَا يعني جبرائيل فَتَدَلَّى*فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى يعني من محمد عليه الصلاة والسلام فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ يعني أوحى جبرائيل إلى عبده يعني إلى عبد الله الضمير يعود على الله لأنه معروف من السياق فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى*مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى* أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى*وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى*عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (1-14) سورة النجم، كل هذا في جبرائيل هذا هو الصواب، المقام كله في جبرائيل لا في الله -عز وجل- هذا هو الحق. وقد وقع في رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بعض الغلط وذكر ما يدل على أنه هو الله سبحانه وتعالى، ولكن أهل الحق من أئمة الحديث غلَّطوا شريكاً في ذلك، فالصواب أن الآية في جبرائيل وأنه هو الذي رآه محمد عليه الصلاة والسلام، ورآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، فهذا هو جبرائيل عليه الصلاة والسلام، وكان رآه مرتين في صورته التي خلقه الله عليها رآه في الأفق ورآه عند السدرة وله ستمائة جناح كل جناح منها مد البصر! وهذه من آيات الله العظيمة سبحانه وتعالى،
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر -رضي الله عنه– قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- هل رأيت ربك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (رأيت نوراً) وفي اللفظ الآخر قال: (نور أنى أراه؟!) فبين - صلى الله عليه وسلم – أنه لم ير ربه وإنما رأى نورا، وسئلت عائشة عن ذلك فأفادت أنه لم ير ربه وتلت قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ.. (الأنعام:103) يعني في الدنيا، وأما في الآخرة فيراه النبي - صلى الله عليه وسلم – والمؤمنون، يرونه يوم القيامة ويرونه في الجنة كما يشاء سبحانه وتعالى، هذا بإجماع أهل السنة والجماعة أن المؤمنين يرونه يوم القيامة في عرصات القيامة، ويراه المؤمنون أيضاً في الجنة كما تواترت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أنه قال للصحابة: (هل تضارون في رؤية الشمس صحوة ليس دونها سحاب؟) قالوا: لا، قال: (هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟) قالوا: لا، قال: (فإنكم سترون ربكم كذلك) أي ترونه كما ترون هذه الشمس وهذا القمر، يعني رؤية حقيقة، هذا واضح في إثبات الرؤية وأن المؤمنين يرون ربهم جل وعلا يوم القيامة وفي دار الكرامة كما تُرى الشمس وكما يُرى القمر وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية لا بالمرئي، ليس تشبيها المرئي بالمرئي ربنا لا شبيه له سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء سبحانه وتعالى، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم – شبه الرؤية في وضوحها وأنها يقين كرؤية الشمس والقمر، يعني أنها رؤية واضحة ثابتة يقينية لا شبهة فيها، أما المرئي سبحانه فليس له شبيه ولا نظير جل وعلا، وهذا هو قول أهل الحق قول أهل السنة والجماعة،
وقد ثبت هذا في الصحيحين من حديث أبي هريرة ومن حديث جرير بن عبد الله البجلي ومن أحاديث أخرى كثيرة متواترة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في إثبات رؤية الله جل وعلا يوم القيامة، يراه المؤمنون ويراه المؤمنون أيضاً في الجنة أما الكفار فإنهم محجوبون عن الله -عز وجل- كما أخبر بهذا سبحانه في قوله : كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ*كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ (14-15) سورة المطففين، فهم محجوبون عن رؤية الله -عز وجل- لا يرونه، أما أهل الإيمان فيرونه، وهذا معنى قوله سبحانه: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (القيامة:23)، (وجوه يومئذ ناضرة) يعني من البهاء والحسن، ناضرة من النضارة وهي البهاء والحسن والجمال، (إلى ربها ناظرة) إليه سبحانه تنظر إليه سبحانه وتعالى كما يشاء، فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى، وكما قال -عز وجل-: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ (يونس:26) المعنى للذين أحسنوا في الدنيا الحسنى في الآخرة وهي الجنة (وزيادة) وهي النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى. فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة أن يعتقد ذلك وأن يؤمن بذلك وأن يبرأ إلى الله من طريقة أهل البدع الذين أنكروا الرؤية ونفوها كالجهمية والمعتزلة ومن سار في ركابهم، هذا القول من أبطل الباطل وأضل الضلال، وجحد لما بينه الله في كتابه وما بينه رسوله عليه الصلاة والسلام.
نسال الله أن لا يحجبنا من رؤيته وأن يوفقنا وجميع إخواننا المؤمنين لرؤيته سبحانه وتعالى والتنعم بذلك في القيامة وفي دار الكرامة، إنه جل وعلا جواد كريم، ونسأل الله العافية من حال أهل البدع الذين حرموا هذا الخير وحرموا هذا التوفيق، نسأل الله العافية، وحرموا أن يقروا بالحق الذي أقر به المؤمنون، وهم جديرون بأن يمنعوا من هذا يوم القيامة لجحدهم إياه، نسأل الله العافية.


؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


روابط المصادر :


http://st-takla.org/P-1_.html

http://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/27-Sefr-El-Ro2ya/Tafseer-Sefr-Roia-Youhanna-El-Lahouty__01-Chapter-04.html#1

http://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/27-Sefr-El-Ro2ya/Tafseer-Sefr-Roia-Youhanna-El-Lahouty__01-Chapter-04.html#1

http://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?book=76&chapter=4

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=276627

https://islamqa.info/ar/145405

https://www.binbaz.org.sa/noor/9026

.

؛ ؛ ؛ ؛ ؛ ؛ ؛





هل بعد هذا كله يمكن لنا أن نصدق شخصا يزعم أن سبب تنصره واعتناقه المسيحية هو خرافة الإسراء والمعراج !!!!!!!!!!!


.







#عايد_عواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قديسان ومبتدع بين المعجزة والخرافة
- الحمار والمؤمنون بالأديان والحقيقة
- ايدن حسين وعبدالله اغونان والأديان
- داعشيات سعودية حكومية - الجزء الأول
- أرثوذكسيات - الحلقة الثانية
- أرثوذكسيات - الحلقة الأولى
- كشف المستور بين الأرثوذكس والكاثوليك الجزء الرابع
- الأرثوذكس وسلطان الكنيسة والكهنة والخرافة
- كشف المستور بين الأرثوذكس والكاثوليك الجزء الثاني
- كشف المستور بين الأرثوذكس والكاثوليك الجزء الأول
- الزنا الروحي والأرثوذكس وحزقيال نموذجا


المزيد.....




- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايد عواد - الخرافة بين سفر الرؤيا والإسراء والمعراج