الاتحاد العربي بين العراق والاردن

وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5292 - 2016 / 9 / 22 - 17:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

عودة الى كتاب ( عراق نوري السعيد)وهي مذكرات سفير الولايات المتحدة الامريكية في العراق فالديمار غالمان , دراسة وتقديم وتحقيق : البروفيسور سيار الجميل ..

صرح نوري السعيد للسفير الامريكي بانه كان قلقا على الاردن بسبب التدخلات السعودية والمصرية والسورية للتامر على الحكومة الاردنية وان السعودية هي من مولت هذه المؤامرة , وان الاسلحة تهرب الى الاردن عن طريق سوريا , كما ان القطعات السعودية كانت ترابط على الحدود الاردنية , وان الجيش الاردني ليس له القوة الكافية ليعالج الموقف الداخلي المرتبك , مع البقاء في نفس الوقت متهيء لمجابهة اي غزو محتمل .

للاردن الحق ان يطلب المساعدة من العراق في حالة وقوع اعتداء عليه بموجب ميثاق الضمان الجماعي , والمعاهدة العراقية الاردنية للعام 1947 , والعراق لن يتدخل الا اذا طلبت منه الحكومة الاردنية ذلك , بحسب تصريحات نوري السعيد .

علم السفير الامريكي ان العراق غير مهتم بمصير الاردن , فقد قال نوري السعيد انه قليل الثقة بالحكومة الاردنية , ومع ذلك فهو يعد تشريعا لمساعدة الاردن في تمويل مشروعي البوتاس والسوبر فوسفات . المشكلة ان الاردن يحتاج الى مبلغ ستة ملايين دينار على الاقل لاغراض الاعمار , ولكن المعونة الاقتصادية مهما كانت نسبتها ستبدد اذا لم تردع اولا مناورات السعودية ومصر ..
هذا هو موقف نوري السعيد !
حصل نوري السعيد على موافقة البرلمان الملكي العراقي على مشروعه . قال نوري للسفير الامريكي في 20 ايلول – سبتمبر 1956 انه سيرسل مواد تموين الى ثلاث نقاط حدودية مع الاردن من محطات ضخ النفط والى المفرق في الاردن . وان قوة عسكرية صغيرة ستخصص لحراسة هذه الاكداس .وصرح نوري السعيد ان الهدف من مساعدة الاردن هو التخلص من الشيوعية. ورفض نوري ان ينقل السفير الامريكي هذا الكلام الى اسرائيل .

قال نوري للسفير الامريكي ان القطعات العراقية ستدخل الاردن يوم 15 تشرين اول , بموافقة الحكومة الاردنية,وطلب ايصال الخبر الى تل ابيب وانه يتعهد بعدم الاشتباك مع اسرائيل في اعمال عسكرية.وان القوات العراقية ستبقى في وادي الاردن على الضفة الشرقيةمن نهر الاردن وبعيدة عن الحدود مع اسرائيل .

فالمعاهدة العراقية – الاردنية كانت تسمح للعراق ان يهب لمساعدة الاردن في حالة وقوع عدوان خارجي عليه , وكذلك عند وقوع اضطرابات داخلية .
في 17 تشرين الاول – اكتوبر تم الاتفاق على ان يتخذ مجلس الوزارء الاردني قرارا يطلب فيه الابقاء على فرقة عسكريةعراقية واحدة تكون متاهبة قرب الحدود للدخول اذا وقع عدوان على الاردن .وتامل الحكومة الاردنية ان يستمر تكديس المؤونة والعتاد وفق الاتفاقية .لكن نوري السعيد اخبر السفير الامريكي انه لاينوي الاستمرار في تكديس المؤونة في الوقت الحاضر .
في نيسان من عام 1957 طلب الملك حسين شخصيا دخول القطعات العراقية الى الاردن . وقد وصل عددها في اواسط ايار – مايس الى 5000 جندي . واكد نوري انهم هناك للدفاع وليس للاعتداء.

هكذا كان الحال عند تخلي نوري عن الحكم .كانت الحوادث التي وقعت في الاردن والضغط من قبل مصر وسوريا سببا للتقارب بين الاردن والعراق .
في اول شباط –فبراير 1958 اعلنت مصر وسوريا عن تشكيل الجمهورية العربية المتحدة . وفي يوم 11 شباط – فبراير ذهب وفد عراقي برئاسة الملك فيصل الثاني الى الاردن استجابة الى لرغبة الاردن في الاتحاد مع العراق .

وفي اليوم التالي مباشرة اعلنت الاردن والعراق تشكيل الاتحاد العربي , وامكن التوصل الى اتفاقية الاتحاد بسرعة من حيث المبدا لان الاردنيين كانوا مستعدين للقبول بالتسوية حول رئاسة الاتحاد وحول استمرار العراق بعضويته في ميثاق بغداد .

وكان من المقرران تبدا المفاوضات فورا لوضع مسودة دستور الاتحاد , والمؤمل ان يظهر الدستور الجديد ليكون نافذا في اواسط ايار – مايو .لقد تلقى الراي العام العراقي اعلان الاتحاد ببرود , فلم تنظم مظاهرات مؤيدة او معارضة .ادرك نوري والبلاط ان المستقبل سيحمل العراق مسؤوليات كبيرة وتضحيات مادية وغير مادية, وقد راى البلاط ونوري ذلك جيدا .في آذار اصبح نوري رئيسا للوزراء للمرة الرابعة عشرة و الاخيرة وقد تلقى الراي العام ذلك الخبر ببرود ولكن ادخال فاضل الجمالي كوزير للخارجية وعبد الكريم الازري كوزير للمالية اعطى الحكومة مظهر القاعدة الواسعة للائتلاف الوطني كما اراد البلاط .

في 12 ايار- مايس صادق مجلس الامة على الدستور المقترح للاتحاد . وفي يوم 13 ايار قال نوري للسفير الامريكي ان الملك فيصل والملك حسين قد طلبا اليه ان يكون اول رئيس لوزارة الاتحاد .وقد اختار نوري اربعة وزراء لحكومة الاتحاد العربي من العراق وثلاثة من الاردنيين .

فقد اختار من العراق توفيق السويدي , وهو رئيس وزراء سابق وزيرا للخارجية واختار لوزارة المالية عبد الكريم الازري وهو اقتصادي متمرس واختار سامي فتاح وهو فريق متقاعد من القوة الجوية وزيرا لشؤون الدفاع .

عقد مجلس الامة الاتحادي اجتماعها الاول في عمان يوم 17ايار – مايس . تطلب الامر من نوري تدبير مناصب لبعض الشخصيات من الطرفين.
كانت اهم مواد الدستور الاتحادي تنص على مايلي :
تحتفظ كلا من الدولتين بكيانها الدولي الخاص بشكل حكومتها الراهنة ضمن حدودها . وتكون لحكومة الاتحاد رئيس اتحاد له سلطة تشريعية – تنفيذية وسلطات قضائية, وتكون للدولة الاتحاديةمسؤوليات عن الشؤون الخارجية وعقد المعاهدات والدفاع والجمارك وتنسيق شؤون المالية والاقتصادية والعملة والمصارف والمواصلات المشتركة , واخيرا وضعت مادة اخرى لدخول دول عربية اخرى.

تركت صيغة الدستور لرئيس الوزراء حرية واسعة في العمل . في منتصف حزيران 1958 هبطت معنويات نوري كثيرا . ماحدث بالفعل ان اعباء الاردن الاقتصادية والمالية قد القيت على كاهل العراق بتاليف الاتحاد.ومالم تكن هناك ضمانات بمعونات طويلة الامد من اصدقاء العراق لتلافي ذلك فلا مندوحة من الاستقالة .

زار السفير الامريكي نوري السعيد يوم 12 تموز 1958 ووجد نوري منزعجا بسبب الاوضاع في لبنان . في يوم 14 تموز حدث انقلاب 14 تموز 1958 وقد قتل ثلاثة وزراء اردنيين بعد اختطفاهم . وكان احدهم رئيس وزراء الاتحاد ابراهيم هاشم .في يوم 18 تموز الغى عبد الكريم قاسم عضوية العراق من الاتحاد العربي .

الخاتمة:
يقول السفير الامريكي انه ..

لم يكن نوري السعيد متحمسا للاتحاد مع الاردن وكان ينظر للاردن كعبء اقتصادي ولكن حين كلفه ملكان هاشميان هما فيصل الثاني والملك حسين ليكون رئيسا لاول وزارة للاتحاد العربي قبل تلك المهمة الشاقةعن طيبة خاطر فكان يعطي الاتحاد وقته وتفكيره وهكذا صرف انتباهه الى امور العراق وتراخت سيطرته عليها ويبدو ان هذه الحقيقة هي التي باغتت نوري السعيد بالانقلاب يوم 14 تموزولعل استجابته لداعي الولاء للهاشميين جلب عليه وعلى الملك الهاشمي الموت .

مقالات ذات صلة

مقالنا ( عراق نوري السعيد ) - ج 8 والاخير , والمنشور على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=530744

#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات