أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الملف التقييمي - بمناسبة الذكرى الرابعة لانطلاق موقع الحوار المتمدن - نضال نعيسة - مدرسة الحوار المتمدن















المزيد.....

مدرسة الحوار المتمدن


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1394 - 2005 / 12 / 9 - 13:20
المحور: الملف التقييمي - بمناسبة الذكرى الرابعة لانطلاق موقع الحوار المتمدن
    


كان الإبداع دائما في التاريخ البشري والإنساني، قديمه وحديثه، منوطا إلى حد كبير بحالة التكاسل، والعجز، والنمطية التي كانت تصل إليها الأمور، ووليدا حتميا من رحم الشلل والمعاناة، ولذا لم يكن هناك من بد، في كل مرة تلتصق فيه القوانين بالواقع، وتتجمد المفاهيم, وتتكلس تشريعات الحياة في بوتقة من المنع، والحظر، والتحريم، لتصبح عقبة كأداء في وجه رفاهية، وسعادة الإنسان، نكرر، لم يكن من بد لعقل الإنسان سوى الانتفاض، والبحث عن سبل أكثر حداثة، ومواءمة، وعصرنة تتلائم مع مجمل التطورات الحاصلة في السياق العام لمسيرة الحياة المتصاعدة، حتميا نحو الارتقاء. ومن نافل القول أن مجمل هذه التغييرات الحاصلة في مراحل التاريخ المختلفة أفلحت في نقل الإنسان من مراحل متآكلة، لتضعه على أعتاب مراحل أكثر عصرية تصب في النهاية في خدمة الإنسانية بشكل عام. ولقد كان النجاح، والرقي، والازدهار من نصيب جميع الأمم، والشعوب، والمجتمعات البشرية التي وعت أهمية هذه الميكانيكية التاريخية الخلاقة وأخذت بها، فيما كان التكاسل، والنمطية، وربما الانحطاط والاندثار في مراحل لاحقة هو مصير كل من وضع العصي في عجلات التاريخ، وحاول وقف تقدم التاريخ إلى الأمام، وتجاهل عن عمد كل تلك القوانين، والمتغيرات الطارئة على الحياة.

وفي حقيقة الأمر، كان هناك دائما قوى إحباط وتثبيط تقاوم أي تغيير، وتحاول التشبث بما هو قائم ومعترف عليه من تقاليد، وأعراف، ورغم انتهاء صلاحيتها الزمانية والمكانية، ولم يصل الوضع الراهن الذي تعيشه البشرية من تطور وازدهار، إلى ما هو عليه الآن بدون دفع ضريبة غالية راحت ضحيتها خيرة العقول، والعلماء، وتلك الكوكبة النخبوية من بني الإنسان التي لابد أن تظهر في أرذل مراحل الحضارة، والحياة.

وأستميح القارئ الكريم العذر، إذ لم يكن هناك من بد، أيضا، لهذه المقدمة الطويلة قبل الولوج في صلب موضوعنا، نظرا لتشابه الظروف، وتطابق الإسقاطات التاريخية، وتوحد المعطيات في كل ما حصل من إبداع في تاريخ الإنسان، مع موضوعنا الذي نحتفل جميعنا به، وهو الذكرى الرابعة للانطلاقة المباركة للحوار المتمدن. إذ ليس من المعقول أبدا العمل بكل تلك الممارسات البالية، والأساليب البدائية في التعبير، والتفكير، والكتابة في عصر الإنترنت، وغزو الفضاء، واكتظاظ الأثير بآلاف مؤلفة من الفضائيات التي تبث بكل اللغات، وأسقطت معها كل أشكال، الحظر، والمنع، والتابوهات. ومن هنا كان الحوار المتمدن هذا المشروع العملاق، والثورة الجذرية محاولة جادة للخروج من عنق زجاجة الرتابة، والنكوص للوراء، والبقاء أبدا في كليشيهات لم تعد تصلح لمخاطبة العقل، وفاقدة للقيمة المادية والمعنوية والزمانية كعملة أهل الكهف. ومن هنا كان لابد من إحداث تلك النقلة النوعية اللازمة بعد كل ذاك التراكم النمطي الكمي الهائل في سماء الصحافة والإعلام الذي سيطر عليها، ولعقود طويلة، فقه البلاطات، وثقافة المجاملات, وأدب تزويق المافيات، وتراث تأليه الجنرالات، وتكريس عبادة الأوثان والأصنام البشرية المحنطة في القصور، والإهرامات العالية التي بنيت في آخر الزمان.

لقد شكل الحوار المتمدن بما حمله من مضامين، وأساليب جديدة ثورية في النشر والحوار ردا مفحما على الصحافة الصفراء، والسوداء على حد سواء التي حاول أصحابها أن يجعلوا من أطلالها الخربة معابد مقدسة، ومن تراثها المليل، تراتيلا معمدة بالإرهاب تتلى على الرعية والسبايا الأرقاء، صباح مساء، بطقوس من العبودية والطاعة العمياء، مع شعائر احتفالية من الفرح والابتهال لله على هذه النعم الفريدة الثرّاء. وكان الحوار، بفسحة الحرية الواسعة التي امتلكها، متنفسا حقيقيا للكثير من الكتاب الذين لم يجدوا لهم من أوكسجين صالح للاستنشاق سوى في هذا الفضاء الرحب الواسع الأخاذ.

ووجد جمهور القراء، أيضا، فيه واحة غناء معطاء، وزادا، ومنهلا لايشبع منه الرواد يلقي الضوء على الكثير من القضايا بكل شفافية، وتطرح فيه كل تلك التساؤلات الكبيرة، والمسائل المثيرة، التي بقيت قرونا حبيسة المآقي والصدور لاتقوى على الإعلان مخافة فاشيست القمع، وشرطة الجنرالات، ومصادري الآراء الذين حاربوا الحقيقة، والكلمة الصادقة التي بدأت تجد سبيلا لها في مرابع خصيبة كالحوار المتمدن الذي أزهر في بيئة قاحلة جدباء من القحط، والمنع، والخواء الفكري الذي انعكس شظفا عقليا تاريخيا تمثل بخروج مجموعات بشرية كاملة مهزومة من معركة الحياة وقبل أن تطلق رصاصة واحدة في هذا النزال. وشكل هذا الحوار تحديا لكل البني التقليدية القائمة التي حاولت، وما زالت تحاول بشتى السبل التقليدية المتوفاة أن توقف مده الجامح في صفوف الشباب وعقول النخبة النيّرة من سكان هذه المنطقة التي يخيم عليها السواد، والأباطيل، والخرافات. وتفتحت في روضه العطر براعم وئدت طويلا في تربتها الأصلية ومنعت من التنفس والتعبير عن الذات، وشَدَتْ في فضاءه الرحب بلابل عذبة الألحان بعد أن كتمت أنفاسها وحرمت طويلا من التحليق، والتغريد، والطيران، وفاحت في أثيره أطياب من العطر الفواح إنسانية، وألقا، وضياء فضحت كل الممارسات التضليلية وكشفت كل المستورات، والألاعيب، والمخبوءات السلطوية الرعناء في كل مكان من هذه الخريطة المليئة بالآلام والعذابات.

ومن هنا كان التشفير لهذا الموقع الرائد في أكثر من بلد من بلدان المنطقة، والمحاولات الجمة للتضييق عليه وحصاره، وقصفه فيروسيا للنيل منه، وإفشال تلك الرسالة المقدسة التي حملها على كاهله بكل رضا وكبرياء. وما التغييب الأخير الذي تعرض له الحوار المتمدن سوى محاولة يائسة من تلك المحاولات التي تستهدف تقويض هذا الصرح الجبار، للبقاء أسرى في دوائر، وأصفاد الممنوعات، ومستنقعات الماضي الذي يجتر مُرّ الذكريات. ومع ذلك، وبجهود فردية وتطوعية خاصة استمر العمل برفد الحياة الفكرية بكل ما هو جديد من تطورات، وتقديم المزيد من الكتاب، والأدباء، وتعريف الناس عليهم، وإشعال المزيد من الشموع في الدرب القاتم المظلم الحالك السواد. وإلى الآن لن يرعوي الأشرار أو يتراجعوا عن حماقاتهم لوقف تقدم الحياة، وسيرورة التاريخ بالوجهة الصحيحة المتوخاة، وسيبقى هذا الحوار، وأمثاله من بؤر النور والإشعاع، شوكة في حلق عشاق الظلام، وتأسيسا لتيار جديد وصحيح في عالم الكلمة والإعلام.

ولقد أصبح الحوار بإسلوبه الثوري المقدام، وتخطيه لكل الحواجز التي زرعت في درب التطور والنماء مدرسة فكرية تفاعل فيها الآراء، وتضم كل الأفكار، وعلامة بارزة ومضيئة في تطور الصحافة الإليكترونية، والإعلام بشكل عام، وإني لأرى ذلك اليوم الذي يتحول فيه هذا الوليد إلى مشروع إعلامي متكامل مستقل يغزو الفضاء، ويكون له قناته الفضائية الخاصة التي ستقارع فضائيت الإستهبال، وغسل الدماغ. ومن الجريمة تماما التخلي عنه، وخذلانه، واغتياله دون أن نرفع الصوت استنكارا لهذه الحماقات.

أصبح الحوار المتمدن ضرورة يومية وإعلامية للجميع بما فيه القوى التقليدية في الدول التي حاربت حرية التعبير، ومنبرا للجميع لتبادل الأفكار والآراء والتزود بما لذ وطاب من المواضيع والأخبار. إنه كالغادة الهيفاء ساحرة الجمال التي تغريك ولا يمكنك إلا أن تنظر إليها، وتمعن في النظر إليها، وفي كل مرة تراها من جديد تشعرك بأنها تتألق، وتصبح أحلى مع الأيام.

لنبارك جميعا هذا العيد، والمناسبة المباركة لحملة الفكر والأقلام، وهي عيد ميلاد الحوار المتمدن راجين له مزيدا من التألق، والنجاح، والتوسع، والاستمرار. ولنطفئ معه شمعته الثالثة على أمل إطفاء الشمعة المائة في يوم من الأيام، إنها الأمنية الغالية التي يتمناها الجميع لهذا المشروع المارد العملاق.

ملاحظة لابد منها: أحيانا ألوم، وأخرى أشكر الحوار المتمدن بعد أن أغواني بالكتابة، والعودة لهذا الإدمان، والداء العليل، بعد هجر، وصد طويل.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية رجل شجاع
- مُصحف سيادة الرئيس
- عودة الوعي للسوريين
- قناة الشام الفضائية
- الحوار المتمدن ومحنة الأمل الكبير
- فرصة الأخوان التاريخية
- الاستبداد هو الاستبداد
- نجوم خلف القضبان
- شدّوا الحزام
- كلاب أمريكا
- جنازة وطن
- الرسالة
- عرس الدم
- فرنسا الشمولية
- دعاء الجنرالات
- عصافير لا تطير
- ربيع سوريا الواعد
- أيه حكايةالأمراض النفسيةالماشية في البلد اليومين دول؟
- ديبلوماسية الكوارث
- كل عام وأنتم بلجنة للتحقيق


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الملف التقييمي - بمناسبة الذكرى الرابعة لانطلاق موقع الحوار المتمدن - نضال نعيسة - مدرسة الحوار المتمدن